عقد الكثيرون مقارنات عديده ، ضمنيه اوصريحه ، بين (الضباط الاحرار) الذين قاموا بتغيير وجه مصر فى يوليو 1952 ، وقيادات القوات المسلحه الذين يغيرون وجه مصر منذ فبراير 2011 . اهم نقطه يجب ان ترصد فى هذه المقارنات هى ان ضباط 1952 سعوا الى السلطه ..وقيادات الجيش فى 2011 لم يطلبوا السلطه ..بل جائتهم ( مهمه) . كان ضباط 1952 تنظيما سريا دبروا عملا تحرريا عن طريق الانقلاب . كانوا مجموعه من الجيش وليسوا كله . لكن ضباط 2011 هم تعبير عن الجيش كله . لم يقوموا بعمل تدبيرى ولكن جائتهم الامانه بتكليف من الجمهور الذى نادى عليهم فى الشارع. كان ضباط 1952 شباب فى مقتبل العمر . يتصدرون مؤسسه لم تكن محترفه بالمعنى العصرى . لكن قيادات 2011 تمتعو بخبرات 60 عاما اضيفت الى عمر الجيش المصرى الحديث والمتطور ..وهم من جيل مخضرم اعترك الحياه وشئون الدوله طموحهم وطنى وليس شخصيا . وكان ضباط 1952 قليلى الخبره . فى عالم اقل تعقيدا . بينما قيادات 2011 يتمتعون برصيد مهول من استيعاب الحقائق ..فى عالم شديد التشابك ..توازناته هشه ..وعلاقاته متعدده الابعاد .. وكان الفريق الاول يدير شئون بلد لايزيد عدد سكانه عن 30 مليون نسمه ..بينما فريق 2011 معنى بشئون امه قوامها 85 مليون نسمه ..لكل مواطن فيهم رؤيته وثقافته وتطلعه ..ويالها من مهمه. فى ضوء هذه الحقائق ، نثق فى (زهد) رئيس واعضاء المجلس العسكرى الاعلى فى السلطه ، وفى تعاملهم مع الموقف الدقيق الذى يديرونه باعتباره ( تكليف وطنى) ، و( امانه) يجب ان ترد فى اقرب وقت . ومع كامل اليقين فى هذا فاننا نطلب ، كما يريد ذلك الكثيرون فى المجتمع ..او للدقه الاغلبيه الجارفه ..ان يتريث القاده العسكريون فى تسليم الامانه الوطنيه الى سلطه مدنيه منتخبه ..والا يقوموا بذلك الا حين يثقوا تماما فى ان الامانه قد سلمت وفق شروط موضوعيه . نحن لانطلب امدا زمنيا بعيدا . لكن السته اشهر لاتكفى بالتاكيد . ومن مواصفات (اداء الامانه) ان يكون المتسلم على نفس القدر من المسئوليه الوطنيه المتوقعه ..بحيث لاتنجرف البلد الى غياهب تستوجب ان ينادى الشارع من جديد على الجيش لكى ياتمنه على البلد . نؤمن باهميه صندوق الاقتراع من حيث كونه وسيله الديموقراطيه للتعبير عن اراده الناس ..لكن الديموقراطيه ليست هى فقط الصندوق . والاراده تحتاج الى مناخ موات واجواء تضمن التصويت الحقيقى . ان بعض الارادات يمكن ان تبتز ..وان تختطف ..وان تضلل . ومن واجب الجيش ان يستمع الى المطالبات الشعبيه باعطاء فرصه للمناخ السياسى ان ينضج بعد 30 عاما من الظروف المختلفه . فى مرات كثيره اختلفت مع منهج واشنطن فى اداره الملف الديموقراطى .. غير انى اجدنى اليوم اعثر فى التصريحات التى ادلت بها وزيره الخارجيه الامريكيه هيلارى كلينتون قبل ان تصل مصر معنى لابد من التوقف عنده ..اذ قالت : ( الديموقراطيه تحتاج وقتا . الانتقال اليها محفوف بالصعاب .الوظائف وفرص العمل لايمكن بلوغها بين عشيه وضحاها .والاحلام الديموقراطيه يمكن ان يسحقها حكام شموليون جدد او عقائديون يستخدمون العنف والخداع فى الوصول الى السلطه) . واستنادا الى تقرير وكاله رويتر ، التى فسرت كلام كلينتون من عندها ووفقا الى مصدر امريكى ، فان لدى واشنطن مخاوف من الجماعات المتطرفه التى يمكن ان تستغل الديموقراطيه ، وقالت الوكاله ان اعضاء الكونجرس غاضبون جدا من تحدى الاخوان المسلمين . ولايهمنى هنا مما يغضب الامريكيون ، ولكن المعنى الذى قالته كلينتون ولاشك ان بعضا من المسئولين قد سمعوه منها فى مصر بالامس طالما انها قالت به قبل ان تات الى القاهره ، يلفت النظر الى مساله حيويه جدا مؤثره فى مناخ الديموقراطيه ..الا وهى : ظروف الاقتصاد . وقد ضربت مصر فى الايام الاخيره بعد احداث 25 يناير مصاعب عديد هادت الى اغلاق البورصه على سبيل المثال حتى الان . واستدعت ارتفاع نسبه العجز فى الموازنه . وصعود التضخم مع انخفاض سعر العمله وتوقف التصدير وتعطل ماكينات الانتاج قبل ذلك ..والوصول الى مستوى خطر جدا من الديون التى تكبل الموقف المالى ..فضلا وهذا هو الاشرس عن احتمالات حاده بخصوص السلع الاساسيه : الزيت والدقيق والارز والسكر . ان القوى المختلفه ، مع استثناءات نادره ، تتحدث عن ضرورة وجوب توفير مزيد من الوقت لكى تتمكن من ترسيخ وجودها فى الشارع ولمله اوراقها ..وحشد شملها . وهناك من يطلب وقتا للحديث عن دستور جديد وقواعد محسنه فى التفاعل الديموقراطى .. فليقل كل منهم مايشاء ..ولكن وجه نظرى هى ان الديموقراطيه الناضجه تحتاج الى امرين اشارت الى احدهما كلينتون : الاقتصاد الفعال والامن الضامن . لايمكن للجوعى ان تكون ارادتهم قادره على الاختيار الصحيح . كما انه لايمكن للصناديق ان تعبر عن اتجاهات الناس فى مناخ من الخوف والاضطراب . وكلاهما يحتاج الى مزيد من الوقت لكى نتاكد من انه قد توافر الحد الادنى منهما وبما يوفر بيئه صحيحه لانتخابات معبره حقا عن الناس . علما بانه لايمكن توقع ان تؤدى بضعه اشهر اضافيه او حتى سنه كامله الى ضمان ان يختفى الفقراء من البلد ..او تنعدم الجريمه . نحن نتحدث عن الحد الادنى . المساله الجوهريه هنا ، والتى لاتتعلق بما نطالب به الجيش ، هى ان الولاياتالمتحده باعتبارها حليف عريق لمصر ، ونصير معلن ل( 25 يناير ) ولها مصالح معقده على المستويات الثنائيه والاقليميه والدوليه ، وفى ضوء التحديات الاقليميه المتصاعده ..التى لاشك انها لاتسر واشنطن ابدا ..انما يجب ان تنتبه الى امرين : الاول : ان الاقتصاد المصرى يحتاج الى دفعه لابد ان تدعمها واشنطن بوضوح ..وليس بالكلام المسهب واللطيف . مطلوب اجراءات عمليه . الثانى : ان الجيش المصرى ، ضامن الديموقراطيه ، وقائد مرحله التحول والانتقال ، لايجب ابدا ان يتعرض لبعض الكلام الاعلامى غير الموات فى الصحافه الامريكيه ( الحره) .