منحوتات إسحق دانيال.. فن شعبى بمسحة غربية

كتب - أحمد سميح
بقاعة «راغب عياد» بمركز الجزيرة للفنون افتتح مؤخرا معرض لأعمال الفنان اسحق دانيال فى مجال النحت، تدور معظم أعمال «دانيال» فى إطار الموضوعات الشعبية والتى يستقى منها رموز وموتيفات أعماله والتى استأثر بها وتملكته على الرغم من تنقلات الفنان المختلفة بين مصر والدول الأوروبية وخاصة فرنسا ومشاهداته المختلفة للمعارض الحداثية، تلك الزيارات التى تركت فى أعماله الفنية روحا من الحداثة.
تتميز أعمال دانيال بالتمكن فى توزيع الكتل داخل تماثيله مابين مصمت ومفرغ، وتوزيع محكم للأشكال والرموز تارة فى إطار حدودها الخطية وتارة فى بناء مستقل، واستغل حركتها تلك فى التأكيد على فكرة البناء فى الفراغ واتزان عناصره، وكأنه يصنع من تداخلها لوحة تشكيلية مكتملة الأركان، وقد اختزل الفنان شخوص تماثيله من بنائها الشكلى معتمدا على الخطوط المجردة التى تهيمن وتسيطر على هيكل تماثيله، كما اختزل أطراف وأصابع شخوصه الأقرب لمخلوقات آدمية مجردة مع جانب كبير من المبالغة تارة والاختزال الخطى تارة أخرى، فى حين ترسم الخطوط و الرموز معادلا بصريا مكملا لتلك الشخوص.
يلعب الفنان دانيال فى تماثيله على البناء المحكم للتماثيل وعلاقتها بما يحيطها من عوالم ترسمها وتحكم بنائها موتيفاته والتى تعددت أشكالها ومعانيها، فنرى الطائر والحصان والقط والسمكة وغيرها تتعدد حركاتها وأدوارها متناثرة على أنحاء تماثيله، وهو ما يؤكد على تأثره البالغ بالفن الشعبى المصرى بدأ من الحضارة المصرية ورموزها ودلالاتها، فقد اختار الفنان أن تظهر وجوه بعض شخوصه من منظور جانبى، لتضطر معظم وجوه تماثيله على النسق الفرعونى من خلال النظرة الجانبية للوجه ولكل بشكل مختزل أكثر حداثة من خلال تكرار وتعدد زاوية النظر والرؤية لها.
تتميز أعمال «دانيال» الفنية بالبساطة والاختزال سواء من حيث الكتلة أو تداخل الأشكال وهو ما استدعاه الفنان باختياره لخامة البرونز كخامة فى التعبير عن شخوصه الرمزية، لتتداخل خطوط وكتل البرونز المنفذة على شكل خطى مضفية نوعا من الثراء على ملمسها وأثرها البصري، وقد تناول فى أعماله راقصى السيرك ولاعبى الاكروبات وراكبى الخيل وغيرها من موضوعات لاعبا على فكرة الحركة السلسة لشخوص منحوتاته، والتناغم الذى تخلفه تلك الحركة، وقد اختار للخطوط والتكوينات أن تتحرك بتوازن كالذى يتمتع به لاعبو الاكروبات.
يذكر أن دانيال حصل على بكالوريوس كلية الفنون الجميلة القاهرة 1976، ثم ماجستير فى فن النحت القبطى عام 1988، وحصل على دكتوراه الفلسفة فى الفنون الجميلة فى النحت عام 1996، وله العديد من المشاركات فى المعارض المحلية والدولية.