الفنان وأحد أعماله فنان مصري أصيل, اهتم بالنحت البارز كما فعل أجداده الفراعنة من قبل, يدرس النحت في كلية الفنون ويسقيه لتلاميذه بعشق .. هو الفنان الدكتور إيهاب عبد الله الأسيوطي الذي يطلعنا على أحدث أعماله الفنية في معرضه الأخير بجاليري جوجان بالزمالك.
محيط - رهام محمود
انقسم معرضه إلى أربعة مراحل, كل مرحلة وكأنها معرض منفصل يجمعهم أنامل ووجدان فنان واحد, وقد ساعده في ذلك مساحة القاعة التي ضمت هذه الأعمال. يتناول د. إيهاب النحت البارز ما بين الماضي والحاضر والمستقبل في معرضه الأول, الذي ضم عشرة أعمال ذات أحجام تتراوح ما بين 18, و28سم, استخدم فيها خامة البوليستر. مجموعة من أعمال هذه المرحلة تحاكي الفن الفرعوني, ومجموعة أخرى مزج الفنان فيها ما بين الفن الفرعوني والفن المعاصر, ومجموعة أخيرة هي رؤى مستقبلية لتناول النحت البارز.
أما المرحلة الثانية فهي تضم إحدى عشر لوحة بخامة الجبس, طرح فيها الفنان العلاقة بين النحت البارز والألوان, التي ظهرت جديدة ليست كما تعودنا أن نراها من قبل, فمن المتعارف علية أن النحاتين يستخدمون لونا واحدا في أعمالهم, ولكن الفنان استخدم مجموعة لونية مغايرة في أعماله, فقد نجح بأن يغير مفهومنا السائد باستخدام لون واحد للمنحوتة , وهو يقول في ذلك أن استخدامه للألوان لم يكن جديدا؛ لأن المصري القديم لون النحت البارز من قبل, والفنان يسترجع الماضي ليستخدمه ويعالجه في الحاضر.
يتناول الفنان الأشخاص في هذه المجموعة التي لا يقصد بها إظهار الرجل والمرأة, بل أراد أن يظهر الإنسان بوجه عام, فلم يكن اهتمامه حول موضوع معين, بل كان لتقديم النحت البارز والشخوص, وكيفية تناول شكل الإنسان ووضعه بداخل مجموعات. اهتم بالحركة التي كانت من العناصر الأساسية في العمل, فمن بين هذه الأعمال "السقوط, بين الصعود والهبوط, المهللون, اكروبات, فرحة الولادة", وقد ظهرت هذه الشخوص برؤية جديدة تتميز بانسيابها وليونة حركتها.
من أعمال الفنان د. إيهاب عبد الله أتجه الفنان للناحية الدينية والآخرة في المرحلة الثالثة "الفخار الملون" التي طرح بها النحت البارز وعلاقته بالآنية الفخارية, حيث عرض خمسة أعمال فخارية عن الحياة والموت ويوم الحساب. يقول الفنان أن المصري القديم أيضا كان ينحت على الآنية, فهو ينبش في الماضي, لكن الجديد في أعماله أنه يتناول الأشخاص برؤيته بعد معالجتها تشكيليا, وبالصدفة من يدخل المعرض يلاحظ تأثر الفنان بالفن اليوناني, وفي بعض أشخاصه نجدها تشبه رسومات مايكل أنجلو "بأسقف الكنائس" في حركتهم وتكوينهم.
وفي آخر مجموعاته التي ضمت أربعة أعمال من مختارات معرض سابق له, نراه يتناول موضوع الموسيقي, والتي من بينها عازف الأكورديون, البيانو, التشيلو, الجيتار, الهارب, الربابة, وقد تم اقتناء أغلب هذه الأعمال بمتحف الفن الحديث, وهي بخامة البوليستر, وتعد هذه المرحلة من أوائل مراحل الفنان.
من حيث اللون استخدم الفنان في أعماله الباتينة الخاصة بتلوين الأعمال الفنية بالألوان الزيتية, وأحبار الطباعة, والصبغات, والبلاستيك.
يضيف الفنان لأعمال المعرض أثنى عشر تمثالا مجسم ذات الأحجام الصغيرة ما بين الجبس والبوليستر, وهؤلاء كانوا ضمن معرض خاص أقامه الفنان بكلوج نابوكا في رومانيا, تدور هذه الأعمال حول المرأة وأوضاعها المختلفة كالراحة, التأمل, الرغبة, الأمومة, جلسة القطة, جزع امرأة, فالفنان هنا يتناول شكل المرأة ببساطة وتلخيص غير مهتم بالتفاصيل الدقيقة, فبعض هذه الأعمال يميل إلى المدرسة التشخيصية, والبعض الآخر إلى المدرسة التكعيبية.
وفي إحدى جنبات القاعة التقينا الفنان وكان لنا هذا الحور:
محيط: لماذا تهتم بفن النحت البارز في معارضك, بالرغم من أنك ساهمت في عمل جداريات بمترو الأنفاق, وتماثيل بميادين عامة؟
الأسيوطي: لأني منشغل بموضوع النحت البارز, فانا يخيل لي أنني الوحيد المهتم بالنحت البارز, وممكن أن يرجع السبب في ذلك, هو أنني أدرس هذا المجال بكلية الفنون, وأنه بني عليه أبحاثي. لكن بين معارضي للنحت البارز يوجد لي مجموعة من المعارض تمثل التماثيل المجسمة من الحجر والبرونز والخشب, كما أنني شاركت في عدد من السومبوزيوم للنحت في أماكن متعددة.
من أعمال الفنان د. إيهاب عبد الله محيط: ما هو الفرق بين السومبوزيوم في مصر أو بلد أجنبي؟
الأسيوطي: هو كالفرق بين الشارع المصري والشارع الأجنبي, ففي الخارج يتم تنفيذ البرنامج بشكل جيد, والالتزام بالمواعيد, والمصداقية في الوعود, توفير الخامات والمساعدات الإنسانية الوفيرة جدا, فيكاد يكون للسومبوزيوم مجموعة من المساعدين عليهم أن يلبوا طلبات الفنانين.
محيط: هل الرسائل الأكاديمية يمكن أن تعطل أستاذ الجامعة عن إبداعه؟
الأسيوطي: نعم من الممكن أن تعطله لسببين هو أن كلية الفنون الجميلة تخضع للنظام الجامعي في الدرجات العلمية كالماجستير والدكتوراه, فمن وجهه نظري أن التجميع لمادة علمية مسألة روتينية تقيد الفنان, فهو يضيع فيها أكثر من عشر سنوات من عمره يكون غير منتج للفن, وبعد حصوله على شهادة الدكتوراه يبدأ بأن يتفرغ للفن؛ لأنه يطلب منه عمل مجموعة من المعارض للترقية إلى درجات علمية أخرى, لكن إلى حد ما تكون مقيدة ومشروطة؛ لأن المعرض لابد أن يكون خاضعا لموضوع أو فكرة أو تكنيك معين, وهذا من شأنه أن يقيد الفنان فلم يكن حرا. واعتقد أنه داخل النظام الجامعي البداية الحقيقية للفنان عندما يصل إلى درجة أستاذ, فيستطيع أن يفعل ما يشاء.