بعد 11 فبراير جري حديث عميق في «روزاليوسف» حول سياسة التحرير.. اللغة بين بعض محرري الجريدة كانت مختلفة عنها بين بعض محرري المجلة.. في الحالتين وأيا ما كانت مستويات النقاش فإن «روزاليوسف» تميزت بأنها كانت ولم تزل مختلفة عن بقية الصحف القومية، لسنا في «روزاليوسف» من هذا النوع الذي ينقلب علي عقبيه.. أو صحفًا كانت تتزيد في امتداح الرئيس مبارك.. ثم قررت أن تكون صوت ميدان التحرير. الأستاذ الكبير، والكاتب المخضرم، مكرم محمد أحمد، وأمام رئيس الوزراء أحمد شفيق.. وفي حضرة ما لا يقل عن أربعين رئيس تحرير وكاتبًا ومذيعًا قال: كيف يمكن أن يتمسك الجيش بالشرعية حتي اللحظة الأخيرة.. بينما صحيفة قومية محافظة ورصينة تنقلب علي النظام قبل أن يتخلي الرئيس عن الحكم بأيام؟! فيما بعد أحداث يوم أول يناير.. انفجار كنيسة القديسين.. كنا بصدد إعادة تموضع ل«روزاليوسف».. ناقشت زملائي في أن علينا أن ننتبه إلي المظاهرات التي خرج فيها شباب الأقباط الغاضب ضد الدولة.. وأن علينا أن نستمع إليهم.. وأن نستمع إلي غيرهم.. وأعددت ورقة لمجموعة من الندوات.. الأولي يكون فيها الضيوف هم من شباب الأقباط.. والثانية من المدونين.. والثالثة.. واعترض عليها بعض الزملاء.. لشباب من السلفيين.. والرابعة اقترح زميل أن تكون لشباب الحركات الاحتجاجية. رتب مايكل عادل لندوة الشباب الأقباط، حضر نحو عشرة منهم إلي «روزاليوسف».. عشرة آخرون لم تسعفهم التأخيرات كي يأتوا.. كانت المظاهرات قد بدأت يوم 25 يناير.. واعتذرنا لمن حضر علي وعد بلقاء آخر.. بحيث يكون الجميع موجودًا.. ونستمع إلي كل الرؤي.. فقد رتبنا الحضور بحيث يعبر عن اتجاهات قبطية مختلفة.. لكن الوقت لم يسعفنا.. وإن كانت الفرصة قائمة. لا أدعي استشرافًا مؤداه أننا كنا نتوقع ما سوف يجري.. لكن متغير خروج مظاهرات شباب الأقباط المتكرر كان لا بد من التوقف أمامه.. ومن ثم انتقلنا بالتفكير إلي بقية ما يجري بين أجيال الشباب من متغيرات.. وكانت الخطة هي أن يكون هذا علي مدي شهرين. ذكرت زملائي بهذا.. اهتممت بأن أوضح الموقف للذين وجدوا أنفسهم في ميدان التحرير متابعة أو اشتراكًا في الأحداث، أو بقية الزملاء الذين لم يفعلوا.. وفي أحد أيام تفاعلات الأحداث قلت في اجتماع بالجريدة: إن علينا أن نستعد لأن نكون معارضة.. ومازحت زملائي: ألستم تريدون أن تكونوا نقادًا للحكومة طوال الوقت؟! أحد الزملاء في المجلة اعتبر أن حديثي عن المعارضة قد يكون تعبيرًا عما أسماه ب(الثورة المضادة)، وقال لي: إن مصر بعد 25 يناير ليست هي قبل ذلك.. نسي الزميل الشاب أن هذا التعبير كتبه في صدر مقاله مدير التحرير محمد هاني في عدد يوم 29 يناير من المجلة.. أي قبل أن تتبلور أمامه أحداث يوم 28 يناير، وكان عنوان مقاله (سقوط الحكومة والمعارضة). لم تكن المسألة هي أن استوعب المتغيرات التي جرت في مصر وانعكست علي شباب «روزاليوسف».. وإنما أن أحفظ من موقع القيادة.. التوازن بين الرؤي المختلفة للأجيال.. فينا من قاربوا الستين.. وبيننا من لم يكملوا دراستهم بعد.. وحيوية «روزاليوسف» تكمن في أنها تضفر كل هذا وتستوعب مكوناته. قلت لزملاء في أكثر من اجتماع: إن أساليب التحرير لا يمكن أن تستمر بنفس الطريقة.. روزا نفسها كانت ولم تزل مختلفة عن أي صحيفة قومية، جريدة أو مجلة.. هذه طبيعتنا.. لكن المهم هو كيف ندير تغير أساليبنا بطريقة متوازنة لا تفقدنا احترام القارئ الذي انزعج من انقلاب صحف علي عقبيها في لحظة؟! وقلت: إن الأهم هنا ليس هو أن نستوعب متغيرات المجتمع وإنما أن ندرك أن ما سوف نقوم به خلال الأشهر المقبلة هو الذي سوف يحدد طبيعة دورنا في السنوات التالية. الموقع الإليكترونى: www.abkamal.net البريد الإليكترونى: [email protected]