أهدأ محرري «روزاليوسف»، كانوا بين الثوار في ميدان التحرير. وأعترف بأن هذا فاجأني.. وما الذي يحصني من المفاجآت إذا كان نظام الدولة كله قد فوجئ؟ في الأسماء: هاشم عبدالحميد نائب رئيس قسم الترجمة أمنية الصناديلي المترجمة النشيطة حسام محفوظ محرر الديسك في المجلة الذي لا يريد أن ينهي دراسته الممتدة في كلية الهندسة.. وفي المقابل لم أتفاجأ بأن أجد في الميدان مي أبوزيد رئيسة القسم الثقافي.. فلديها ميول يسارية.. أو رحاب لؤي الشابة التي أنهت لتوها دراسة كلية الإعلام، أو أسماء نصار محررة التحقيقات في المجلة التي تؤمن الآن أن علي كل ما في مصر أن يتنظف. كل كانت لديه أسبابه.. وكل قضي في الميدان وقتاً طويلاً أو بعض الوقت. حتي الآن لم أحاول أن أحلل مواقف الزملاء.. حتي لو كنت قد تناقشت معهم.. بطريقة أو أخري.. حادة أو هادئة. وبغض النظر عن أن كثيرين منهم وضعوا بينهم وبيني تحصيناً من الاحترام المتبادل لمن علمهم حرفاً أو أكثر في المهنة.. ذلك أن التحليل يحتاج وقتاً وتريثاً.. أولاً لأنني أضعه في سياقه العام.. وهذه نقطة سوف أشرحها. وثانياً لأنني لا أريد أن أقحم أمور العمل والتفاعلات الشخصية في تحليل ما جري في «روزاليوسف».. ومصر كلها. هناك زاويتان للأمر: فيما يخص «روزاليوسف» كان هناك صحفيون ينزلون إلي الميدان يومياً بغرض المتابعة ورؤية ما يجري.. منهم أيمن عبدالمجيد رئيس القسم السياسي.. وأحمد إمبابي مساعد مدير التحرير.. وحسام سعداوي المتخصص في شئون الإخوان.. وسعد حسين مندوب «روزاليوسف» في وزارة الداخلية.. وكانت هناك كذلك حنان سليمان التي استقالت قبل نحو شهرين وكانت نائبة لرئيس القسم الخارجي.. وديانا الضبع رئيسة قسم التحقيقات في المجلة التي كانت تقوم بمهمة عمل مع جريدة سويدية اختارها مراسلان أجنبيان لكي تساعدهم في جولات مختلفة داخل مصر.. واستفادت مما حصلوا علي مواد صحفية من مصر. حنان سليمان فاجأتني برسالة شخصية معربة فيها عن تقديرها لرئيس تحريرها السابق وطالبتني بأن أعيد النظر في مواقفي.. وهو معني وصلني من بعض الزملاء بطريقة أو أخري.. وكنت أشرح لهم.. بعضاً مما كتبته من قبل. قلت إن من واجبنا أن نستوعب متغيرات المجتمع.. ولكن التحولات لا يمكن أن تحدث هكذا علي طريقة ما فعل الزملاء.. أنا لم أكن أتبني مواقف لها ارتباط بوظيفة.. وإنما برؤية.. ربما تكون خاطئة.. خطئها لا يعني التبرؤ منها.. كيف أحترم نفسي إذا خلعت أفكاري كما أخلع ملابسي.. لا بد من مراجعات يأتي وقتها.. مراجعات لا يمكن اعتبارها تراجعات. الزاوية الأخري.. أو.. السياق العام الذي أريد أن أشرحه.. هو أن هناك ضرورة لإعادة تقييم طبيعة التكوين الديموجرافي لمن خرجوا إلي ميدان التحرير.. والانتماء الاجتماعي.. هل كلهم فريق واحد.. هل كلهم دوافعهم واحدة.. هل الذين خرجوا في يوم 25 يناير هم الذين كانوا في الشارع يوم 11 فبراير.. ما طبيعة علاقة الطبقة المتوسطة العليا بما جري إذا سلمنا بفرضية أنهم هم الذين بدءوا هذا الفعل.. ثم جاء الآخرون حولهم.. ولا أريد أن أقول قفزوا عليهم.. هذه أمور لا بد أن نتعمق فيها.. ولن يجري التعمق دون أن نناقشهم.. ودون أن نستمع إليهم بعد أن يهدأ الغبار.. أي نقاش الآن لن يكون موضوعياً.. فالاستقطاب حاد.. والنفوس تموج بمشاعر ثورية. في غضون الأيام القليلة الماضية تلقيت اتصالات عديدة من كثير من المختلفين معي سياسياً وفكرياً.. ملحن ثائر.. كاتبة صحفية يسارية.. مسرحي شاب.. صحفيين كبار وشباب.. إعلاميين متنوعين.. رجل أعمال.. كلهم يثنون علي أني أتبني موقفاً صريحاً لا التفاف فيه.. وإني أستوعب المتغيرات دون أن أخلع أفكاري.. وأن روزاليوسف لم تمارس الرقص السياسي علي كل الإيقاعات. ومع كامل التقدير لهذه الشهادات التي بدأ بالكشف عنها الأستاذ الكبير وحيد حامد في برنامج «الحياة اليوم».. مسلطاً الضوء علي هذا الموقف.. فإنني بالطبع أفهم منها «هذه التقديرات والشهادات» أن الكل ينظر الآن إلي الكل.. وأن الجميع يتابع الجميع.. وأن التاريخ يرصدنا جميعاً. ونكمل غداً. الموقع الالكتروني : www.abkamal.net البريد الالكتروني : [email protected]