كان أشرف أبوالريش نائب رئيس قسم الأخبار (في الجريدة) يتابع ما يجري من تفاعلات في الشارع منذ ظهيرة يوم 25 يناير.. عند هذه اللحظة كان عدد المتظاهرين في الشارع لا يزيد علي بضع مئات.. بعضهم في شبرا.. بعضهم عند دار القضاء العالي.. وبعضهم عند نقابة الصحفيين.. وأماكن أخري.. قال لي مصدر مهتم برصد الأرقام إنهم مئات.. في الساعة الثالثة تقريبا كانت قد بدأت الأعداد تزيد بوضوح شديد.. وخرج إلي ساحات القاهرة نحو عشرة آلاف في غضون وقت قصير.. ثم تضخم العدد ضعفي هذا بعد نحو ساعتين. في تمام الساعة الثانية عشرة عند منتصف الليل قبل أن يحل يوم 26 يناير بلغني خبر أن قوات الأمن تنوي فض الاعتصام الذي تبلور في ميدان التحرير.. وهو ما كان.. في صباح اليوم التالي كان لدي موعد مع وزير الداخلية السابق حبيب العادلي.. حوار متفق عليه قبل ذلك بأربعة أيام.. الموعد كان في الساعة الحادية عشرة.. لكنني لم ألتق الوزير إلا بعد ذلك بنصف الساعة.. دخلت عليه فوجدته مكفهراً تمامًا.. تقريبا لم ينم.. فيما بعد عرفت أنه قد عاد إلي مكتبه وزار مقر أمن الدولة في القاهرة نحو الواحدة والنصف بعد منتصف ليلة الثلاثاء. تماسك الوزير حين بدأنا اللقاء.. وبدا مبتسما.. أجريت حواري.. وطرحت عليه أسئلتي بخصوص مجريات الأمور ليلة أمس.. وتوقعاته ليوم الجمعة التالي (28 يناير).. ومضيت في الهدف الأصيل من الحوار وموضوعه وهو الحديث عن جريمة الإسكندرية التي وقعت ليلة رأس السنة. كان حوله عدد من الضباط في إدارة الإعلام.. بينهم مساعد الوزير اللواء حمدي عبدالكريم.. والعميد هاني عبداللطيف.. بعضهم كان يرتدي قبل أن يدخل مكتب الوزير ملابس خفيفة.. لم يعودوا إلي بيوتهم.. فاجأني الوزير وأنا أخرج من مكتبه بأن وقف إلي (بانبونيرة) مليئة بقطع الشيكولاتة الفخمة.. وقد وجد أن ما فيها كثير للغاية.. فقرر أن يعطيني منها كميات.. وعبأ يدي بنحو عشر قطع.. لم أرفضها.. وأخذتها بصنعة لطافة.. وبمجرد أن خرجت أعطيت منها لعامل الأسانسير وبعض الجنود وأفرغت ما في جيوبي منها. في مساء نفس اليوم كانت قد بدأت تتوافد علي أخبار متنوعة المصادر.. مراسلين وأعضاء في الحزب وقراء عاديين ومسئولين في محافظات مختلفة.. هناك حشد منظم لمظاهرة يوم الجمعة.. أبناء وشباب من كل الفئات تتم دعوتهم إلي الاحتشاد في ميدان التحرير.. وكانت هناك معلومات كثيفة عن توترات عميقة في السويس.. وبلغني فيما بعد أن المحافظ سيف الدين جلال قد قرر أنه لابد من الاستعانة بقوات الجيش.. وأنه أبلغ ذلك إلي الرئاسة.. وأنه لا يمكنه السيطرة علي الأمر.. وأن قوات الشرطة أقل قدرة من استيعاب الموقف. توقفت عن متابعة صفحاتي علي موقعي تويتر وفيس بوك.. انشغلت تماما بالأمر.. وبدأت في تنبيه المحررين مجددا إلي أن الموقف لن يكون كما كانت عليه الأمور في المظاهرات العادية.. واستخلصت خبرًا من حوار وزير الداخلية المقرر نشره في المجلة كي أنشره في الجريدة.. وقال الوزير في هذه القصة الخبرية: نظام مصر ليس هشاً.. تسانده الملايين ولا تهزه الآلاف. في صباح يوم الخميس 27 يناير كنت أتناقش مع زميلي وصديقي محمد هاني مدير التحرير.. وأخذنا قراراً بتأخير أولوية حوار وزير الداخلية.. وكتبت مقالا رئيسياً عنوانه (احتووا غضب الشباب).. وكتب زميلي هاني: (سقوط الحكومة والمعارضة).. وتم طبع العدد في صباح يوم الجمعة.. بينما كانت الحشود تتجمع في ميدان التحرير من أجل مشهد لم يكن أي أحد يتوقع أنه سيتسغرق كل هذا الوقت. في مساء نفس اليوم علمت أن عدداً من محرري «روزاليوسف».. الجريدة والمجلة.. كانوا بين المعتصمين في الميدان. ونكمل غداً الموقع الالكتروني : www.abkamal.net البريد الالكتروني : [email protected]