تحل اليوم الذكرى الأولى لرحيل الفنان الكبير حسن يوسف، أحد رموز الزمن الجميل وواحد من أبرز نجوم السينما المصرية الكلاسيكية، الذي ترك بصمة لا تنسى في قلوب جمهوره وأرشيف الفن العربي. بدايات متواضعة وحلم كبير ولد حسن يوسف حسن عام 1934 في حي السيدة زينب بالقاهرة، لأسرة مصرية بسيطة تنتمي إلى الطبقة المتوسطة؛ كان والده مديرًا عامًا بالمطابع الأميرية، ووالدته ربة منزل تمتعت بذكاء فطري وثقافة حياتية وكان حسن الابن البكر بين ستة أشقاء. أنهى دراسته الجامعية وحصل على بكالوريوس التجارة عام 1955، ثم نال دبلوم المعهد العالي للفنون المسرحية – قسم التمثيل – عام 1962، بعد أن خطف الفن قلبه منذ أيامه الأولى في فريق المسرح المدرسي، تحت إشراف الفنان عبد البديع العربي، الذي كان يسكن بالقرب من أسرته. من المسرح إلى السينما بدأ حسن يوسف مشواره على خشبة المسرح، حيث اكتشفه الفنان الكبير حسين رياض، وشاركه في عدد من الأعمال المسرحية من أبرزها «زواج الحلاق». وفي إحدى الليالي، فاجأه حسين رياض بخبرٍ غير متوقع: ترشيحه للمشاركة في فيلم «أنا حرة» عام 1959 إلى جانب لبنى عبد العزيز وشكري سرحان كان حينها طالبًا بالمعهد، لكن هذا الدور فتح أمامه أبواب السينما ليبدأ رحلته كنجم صاعد بلقب «الولد الشقي». نجومية الستينيات وثنائيات النجاح برز اسم حسن يوسف سريعًا بفضل المخرج الكبير حسن الإمام، الذي رسخ صورته كرمزٍ للشقاوة والمرح في أفلام مثل «التلميذة»، ثم منحه فرصة ذهبية في فيلم «الخطايا» إلى جانب العندليب عبد الحليم حافظ. تألق بعدها في سلسلة من الأفلام التي أصبحت من علامات السينما المصرية في الستينيات، وشكل ثنائيًا فنيًا ناجحًا مع سعاد حسني، التي كانت تلقب ب«توأمه الفني». كما جمعته علاقة فنية قوية بصديقيه يوسف فخر الدين ومحمد عوض، ليكونوا معًا ثلاثيًا خفيف الظل قدم أعمالًا كوميدية محبوبة ظلت في الذاكرة. من أمام الكاميرا إلى خلفها في منتصف السبعينيات، قرر حسن يوسف أن يخوض تجربة الإخراج والإنتاج السينمائي بعد سنوات من النجاح كممثل، فأخرج عددًا من الأفلام المهمة منها: «الجبان والحب»، «ليلة لا تنسى»، «القطط السمان»، و«عصفور له أنياب». كما أخرج فيلم «2 على الطريق» عام 1984 دون أن يظهر فيه كممثل، وكان من بطولة زوجته الفنانة شمس البارودي والنجم عادل إمام، وهو آخر أفلام شمس قبل اعتزالها الفن نهائيًا. مرحلة الدراما والتألق التلفزيوني مع بداية الثمانينيات، انتقل حسن يوسف إلى الدراما التلفزيونية، وشارك في أعمال خالدة مثل: «زينب والعرش»، «برديس»، «ليالي الحلمية»، «الشراع المكسور»، و«عطشان يا صبايا». وفي عام 1990 أعلن اعتزاله المؤقت، بعد فيلم «الشقيقتان»، لكنه عاد مطلع الألفية ليقدم أحد أنجح أدواره الدينية في مسلسل «إمام الدعاة» عام 2002، مجسدًا شخصية الشيخ محمد متولي الشعراوي، التي أحبها الجمهور وارتبطت باسمه لسنوات طويلة. توالت بعد ذلك أعماله الدينية والاجتماعية، من أبرزها: «الإمام النسائي»، «الإمام المراغي»، «أنوار الحكمة»، «زهرة وأزواجها الخمسة»، «مسألة كرامة»، و«كلمة سر». تكريمات مستحقة حصل الفنان حسن يوسف خلال مسيرته على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، وكرمه الرئيس عدلي منصور في «عيد الفن» بدار الأوبرا المصرية. وفي عام 2023، كرمه قصر السينما برئاسة الفنان تامر عبد المنعم، وتسلم درع الهيئة وشهادة تقدير من وزارة الثقافة. الرحيل وقصة «القلب المكسور» في 29 أكتوبر 2024، رحل حسن يوسف عن عمر ناهز التسعين عامًا، بعد فترة من الحزن العميق إثر وفاة ابنه الأصغرعبد الله غرقًا في الساحل الشمالي عام 2023، وهي صدمة شديدة أثرت في صحته حتى أصيب بما وصفه الأطباء ب «متلازمة القلب المكسور».