أثار قول الدكتور فاروق الباز في الندوة التي نظمتها نقابة الصحفيين: "جيل الشباب حقق ما لم نستطع تحقيقه، حيث فشل جيلنا في تحقيق أي تقدم يذكر، لأننا اعتمدنا علي مؤسسات "خربانة" وأهملنا الاهتمام بالفرد". ردود أفعال واسعة في صفوف الأدباء والنقاد، رصدتها "روزاليوسف" في هذا التحقيق: علق الروائي محمد البساطي علي مقولة الباز قائلا: أرفض هذه المقولة، فجيلنا تحمل الكثير من المصائب والابتلاء في سبيل المباديء التي يؤمن بها من سجن وتشريد واضطهاد وتضييق في حرية الرأي والتعبير وشراء ذمم المثقفين ..إلخ ما اضطر بعضهم للهجرة خارج البلاد ومن بقي استطاع أن يتواءم مع الواقع بانتقاد الوضع القائم في الكتابة واستخدام الكتابة كقناع للتعبير عن أفكاره ومبادئه التي يؤمن بها وخوفا من بطش السلطة. وأشار البساطي إلي أن ثورة "25 يناير" ثورة شعبية قادها الشباب، وأتمني أن أتناولها في أعمالي القادمة. أما الروائي يوسف القعيد فانتقد الباز بشدة متسائلا: لماذا رجع الباز إلي مصر الآن في حين أنه لم يستطع أن يفتح فمه أثناء النظام السابق، وأنا أرفض هذه المزايدة واستغلال نجاح الشباب لتحقيق نصر لمشروعه، الذي انتهز فرصة وضع البلاد الحالي لإقناع الحكومة بتنفيذ مشروع ممر التنمية، ولا تجوز المقارنة بين جيلنا: جيل الورقة والقلم والأحلام الكبري، وجيل الإنترنت والعولمة والانفتاح علي العالم. ووصف القعيد الثورة بأنها تحرك شبابي احتضنه الشعب وحماه الجيش. وعلي عكس الرأيين السابقين، اعترف الدكتور عبد المنعم تليمة بفشل جيل الستينيات في تحقيق أهدافه، لأن كل شيء كان مراقبا، وكان مقص الرقيب يعدل في المقالات كيفما يشاء، كما أن هذا الجيل عاني من البيروقراطية والهاجس الأمني ونظرة الاحتقار الكاملة لكل توجه نحو حرية الفكر والتعبير والتفسير والتأويل، وغرقت البلاد في بيروقراطية جاهلة، ومراقبة أمنية باطشة. وأضاف تليمة: الثورة قام بها الشباب، لكن الشعب جزء لا يتجزأ منها، فشاهدنا حفلات الخطوبة وعقد القران والسبوع وأعياد الميلاد، فهم شباب ناضجون التف حولهم الشعب، واهتدوا إلي المطالب الشعبية العامة بدليل أن الشعارالرئيسي للثورة كان: "الشعب يريد إسقاط النظام"، ويكفي إشادة المجتمع الدولي بهذه الثورة. ورأي الروائي فؤاد حجازي أن كل جيل وله ظروفه، فجيلنا عاني من القمع والسجون والمعتقلات، وكانت التليفونات مراقبة تسجل المكالمات، أما اليوم فنحن في عصر "الشات" والموبايل، وأصبحت التكنولوجيا في صالح الجيل الجديد، ولا يمكن إنكار دور جيل الستينيات في زرع الأفكار الثورية من خلال كتاباتهم في جيل "25 يناير"، ولا أزعم أن كاتبا معينا أثر فيهم، ولكن هناك حالة من التراكم فجرت هذا المارد، كما أن جيلنا عاني من حروب عديدة أبرزها 1956، 1967 و1973 وكانت مصر مستعمرة ولم يكن في مقدورنا المطالبة بما طالب به شباب 25 يناير فالسياق مختلف. واعترف حجازي أن الثورة شبابية انضم إليها جموع مختلفة من الشعب بمختلف طوائفه قائلا: النجاح الحقيقي لثورة الشباب ليس تغيير الأشخاص بتغيير مبارك، وإنما التغيير الحقيقي أن النظام تغير، وتغيير الدستور وإنشاء جمهورية برلمانية يكون فيها رئيس الوزراء مسئولا أمام البرلمان، ويكون رئيس الدولة قادما من حزب الأغلبية أو ائتلاف من عدة أحزاب يكون لهم تواجد في البرلمان، ويكون رئيس الوزراء هو المسئول عن إدارة شئون البلاد، ويكون منصب رئيس الجمهورية شرفيا كما في الهند وألمانيا وإسرائيل، وعندئذ نضمن أنه لن يأتي رئيس مستبد آخر. الدكتور محمد عبد المطلب أنا أخجل من الانتماء إلي جيل الستينيات الجيل الذي استمرأ الكسل، كنا نحب أن نغير أيام الشباب ولم نصنع شيئا وكذلك أيام مبارك وجاء الشباب وكسروا حاجز الخوف وتحملوا مسئولية التغيير بشجاعة ويبدو أن الركون إلي الرضا بعد رحيل عبد الناصر عودتنا الكسل السياسي وجاء السادات وقضي علي منجزات ثورة يوليو فالسادات كسر القومية المصرية وحولها إلي خادم للعولمة الأمريكية، وتم التخلص منه بالقتل وأنا ضد القتل، وكان يجب عزله واستبعاده وجيلنا عاش الرضا منذ عام 1970، واستمر حتي اليوم. وأضاف: المذهل أن الشعب يقوم بثورة ينضم إليها الشباب، والآن الشباب يقوم بثورة ينضم إليها الشعب، فالثورات يقوم بها الجيش ينضم إليهم الشعب أو يقوم بها الشعب ينضم إليها الجيش، أما ثورة الشباب فانضم إليها الشعب والجيش، فهي ثورة غير مسبوقة. ويري الكاتب محمد الراوي أن المقارنة خاطئة لأن ما حدث في هذه الأيام يصعب التنبوء به من كبار المفكرين في العالم، فالعالم مذهول من هذه الثورة التي حققت أحلام وتطلعات الشعب المصري لكن جيل الشباب له قضاياه المرتبطة بموجة العولمة، ولكن في جيلنا ظهر أدباء يكتبون الرواية السياسية، وهناك من لهم منحي اجتماعي. وفي السويس حيث أعيش أول ضحايا هذه الثورة كانوا من الشباب الذين كان لهم رؤية سياسية تبناها موقع "الفيس بوك". واتفق الروائي فؤاد قنديل مع رأي الدكتور تليمة ولو بشكل غير كامل وقال: جزئيا كلام فاروق الباز صحيح لأنه كانت هناك محاولة لتطوير المؤسسات كالإصلاح الزراعي وغيرها، لكن الفشل الحقيقي يرجع إلي غياب الضمير وفساد الإدارة وتزوير الانتخابات وتفضيل أهل الثقة علي أهل الخبرة، ونهب أموال البلاد، كل ذلك كان أبرز معوقات تحقيق التقدم، لكن جيل الشباب جيل منفتح علي جميع الثقافات التي ألهبت ثورته. وأضاف: هذه ثورة شباب لأنهم هم الذين أطلقوها، ثم سرعان ما انضم إليهم الشعب بمختلف طوائفه.