رسم الفنان رضا عبد الرحمن لوحة كبيرة عبر خلالها عن شهداء الثورة، قام بعرضها في المظاهرة المليونية التي أقيمت في ميدان التحرير يوم الثلاثاء الذي سبق جمعة "الحسم"، وصل حجمها ثلاثة أمتار عرض، في مترين ونصف المتر طول، وقّع عليها عدد كبير جدا من نجوم السينما والمسرح ونخبة من الفنانين التشكيليين والمثقفين، بالإضافة إلي عدد من المتظاهرين. قال الفنان الدكتور رضا عبدالرحمن: عندما خرجت للمظاهرة يوم 28 يناير وحدثت المواجهة مع الشرطة، شعرت أنني غير مؤهل للمواجهات البدنية، فأنا في النهاية فنان تشكيلي، لم أكن فتوة أو بلطجياً، وخصوصا أن الشرطة "صدرت البلطجية للناس"، رأيت وقتها أنني أمتلك وسيلة أخري للتعبير عن الثورة، وعن حزننا علي شهدائنا الذين فقدوا في المواجهات، فسهرت ثلاثة أيام في مرسمي حتي انتهيت من رسم اللوحة صباح يوم الثلاثاء في المظاهرة المليونية، وكان يحرس المراسم شباب المنطقة بعد تخلي الشرطة عن الشعب وهروبها، وسهروا علينا طوال الليل، وخرجت باللوحة في نفس اليوم «الثلاثاء»، واستطعت أن أجمع عدداً كبيراً من الشباب الثوريين، الذين وقعوا علي اللوحة، وكتبوا عبارات غاية في الحرية، إلي جانب مجموعة كبيرة من الفنانين والسينمائيين بظروف تواجدي بجانب تجمعهم؛ حيث تحمسوا جدا للفكرة، وبدأ البعض منهم مطالبتي بالعمل مجددا لإنتاج أعمال جديدة عن الثورة، كما وقع علي اللوحة معظم فناني مصر الشرفاء الذين أيدوا الثورة، والذين تجمعوا في ميعاد عرض اللوحة، بالأخص بعد أن اتخذ بعض الفنانين موقفا متراجعا من الثورة بعد خطاب مبارك الثاني. وأكد عبدالرحمن أن هذه اللوحة تحمل تعبيرا رمزيا لمشاركته في الثورة، وأن هدفه من رسم هذه اللوحة هو أن تكون متاحة للجمهور ليعبر كل شخص عن مشاعره تجاه الثورة بحرية، وتجاه شرعية النظام لأنه لم يسقط في هذا الوقت بخط يدهم؛ ولذلك فاللوحة تعد وثيقة للثورة؛ لأن العبارات المكتوبة عليها تسجل نماذج مما كان يردده المتظاهرون، ك«النصر للثوار، المجد للثورة وشهدائها، بحبك يا مصر ويسقط مبارك»، ويوجد عبارات لطيفة كتبها ناس بسطاء ك«أهم من الأكل أن الواحد بكرامته يعيش»، إلي جانب توقيع عدد من الفنانين المشاهير علي اللوحة كجيهان فاضل وخالد الصاوي ومني زكي وآسر يس وبسمة ومفيد عاشور والفنان الكبير عبدالرحمن أبو زهرة ورضا حامد والمخرجة مريم عزت أبوعوف والمخرج كمال عطية والمنتج محمد العدل والشاعر إبرهيم عبد الفتاح والمذيعة مني الشاذلي، كان يوجد تجمع كبير جدا من المثقفين والمؤيدين للثورة من الفنانين الموسيقين والمنتجين كالمنتج إيهاب أيوب، ومن الطريف توقيع أحد الشباب علي اللوحة مشاكلهم الشخصية بأسلوب فكاهي ك«ارحل بقا عايز أتجوز»، كما أعجبت جدا بإحدي اللافتات قمت بتصويرها نصت علي «خبر عاجل.. الشعب أسقط النظام». وأضاف عبدالرحمن: كان مقرراً أن يفتتح معرضي في قاعة «إبداع» أول فبراير الجاري، ونظرا لظروف الثورة لم يفتتح المعرض، وبالتالي فأنا استعد حاليا لعمل مجموعة من الأعمال جميعها من وحي الثورة، فأنا في الأيام الماضية رسمت بعض الاسكتشات من ميدان التحرير، سوف تتحول لاحقا إلي لوحات كبيرة، كما أنني رسمت لوحة أخري بعد لوحتي الأولي التي عرضتها بالميدان، سميتها «مصر تبكي الشهداء»، ولم أستطع حتي الآن أن أبتعد من التفكير في الثورة، فجميعنا حاليا نمتلك طاقة كبيرة للعمل ولم نعد ننشغل بأي موضوعات أخري كالرومانسية الحالمة أو الطبيعة التي أراها كانت «مضيعة» للوقت، وأنا أري أن هذه الثورة ستفجر الكثير من الإبداع المصري في كل المجالات، فبالفعل الفنانون التشكيليون يتحدثون طوال الوقت فيما يجب أن نفعله في الأيام القادمة؛ فالثوة هي مفجر للإبداع. أما عن ملاحظات عبد الرحمن عن المظاهرات فقال: ما لاحظته هو حرص المتظاهرين علي اللوحة وحمايتهم لها؛ حيث أقاموا حولها كردوناً بشرياً حتي لا يصطدم بها الجمهور، ثم تفاجأت بعد بيان تنحي الرئيس والاحتفالات أن الناس تتفق معنا لتنظيف الميدان، كانت مشاعر رائعة تنم عن الحضارة والجمال، فالشباب ظل طوال يوم السبت الماضي ينظفون ميدان التحرير، وسألوني لأنني فنان تشكيلي عن كيفية دهان أرصفة الشوارع دون أي أخطاء، فنصحتهم بأن يقوموا بالدهان علي مرحلتين، أحدهم يتم فيه تحديد الرصيف باللون بالفرشاة، والمرحلة الأخري تملأ فها المساحة المتبقية ب«الرول»؛ ولذلك سنري أرصفة الميدان في الأيام المقبلة مميزة جدا، وفي نفس الوقت بها إحساس الحب الذي نبع من الشباب الذين قاموا بدهنه.