بعد قليل مؤتمر للهيئة الوطنية حول اليوم الثانى من انتخابات النواب بالدوائر الملغاة    الإدارية العليا تتلقى 298 طعنًا على نتائج المرحلة الثانية من انتخابات النواب    كيف تحجز وحدة سكنية بمشروعات ظلال وديارنا وسكن مصر وجنة مصر؟    بعد غد.. فصل التيار الكهربائي عن مناطق وقرى بالرياض في كفر الشيخ لمدة 5 ساعات    شي وماكرون يعلنان شراكة إستراتيجية موسعة ومساعدات ب100 مليون دولار لغزة    تشكيل مانشستر يونايتد لمواجهة وست هام في البريميرليج    ضبط شبكة دعارة تروج لنفسها عبر تطبيق إلكتروني في أكتوبر    الإدارية العليا تتلقى 298 طعناً على نتائج المرحلة الثانية من انتخابات النواب    نيللي كريم تفاجئ محبيها رفقة جاكي شان في أحدث ظهور | صور    البورصة تسجل قفزة في سوق الصفقات بقيادة شارم والخليج الإنجليزية    ننشر الجدول الزمنى للإجراءات الانتخابية بالدوائر الملغاة بانتخابات النواب    سوريا ضد قطر.. التعادل السلبي ينهى الشوط الأول بكأس العرب 2025    تحولات الدور التركى فى الساحل الإفريقى    أستاذ قانون دستوري: انتخابات مجلس النواب أكثر انضباطا في المرحلة الثانية    محافظ قنا ل إكسترا نيوز: غرفة عمليات لمتابعة الانتخابات على مدار الساعة    دار الإفتاء: البشعة ممارسة محرمة شرعا ومنافية لمقاصد الشريعة    فوز قطاع الطب الوقائى والصحة العامة بالمركز الأول بجائزة التميز الحكومي العربى    منذ الساعات الماضية .. مجلس الزمالك فى اجتماع مفتوح لإنقاذ النادى من أزماته الحالية    بانوراما مصغرة ل«المتحف المصري الكبير» بإحدى مدارس كفر الزيات    حفل جوائز التميز الصحفى الإثنين |تكريم «الأخبار» عن تغطية افتتاح المتحف الكبير    هنو يكرم خالد جلال «صانع النجوم»    محافظ الدقهلية يقدم العزاء في وفاة الحاجة «سبيلة» بميت العامل بمركز أجا| صور    الأزهر للفتوى يوضح: اللجوء إلى البشعة لإثبات الاتهام أو نفيه ممارسة جاهلية    خالد الجندي يكشف الحكمة من تناثر القصص القرآني داخل السور وعدم جمعها في موضع واحد(فيديو)    توقيع بروتوكول تعاون مشترك بين وزارة الخارجية ومحافظة كفرالشيخ لإتاحة خدمات التصديقات داخل المحافظة| صور    جولة تفقدية لوكيل صحة القليوبية بمراكز شبين القناطر الطبية ويوجه برفع كفاءة الأداء    دير شبيجل: ماكرون حذر زيلينسكي وميرتس من خيانة أمريكية    وزارة الشباب والرياضة تنهى تقاريرها عن وفاة السباح يوسف محمد    تأثير الموسيقى.. كيف تغير المزاج وتزيد التركيز؟    وفاة معلم أثناء طابور الصباح في القاهرة    إجراءات التقديم لامتحان الشهادة الإعدادية 2026    بيان من نادي كهرباء الإسماعيلية بسبب الشائعات بين المرشحين على مواقع التواصل    ياسمين الخيام تكشف التفاصيل الكاملة لوصية والدها بشأن أعمال الخير    الكرملين: الهند شريك رئيسي لروسيا.. والعلاقات بين البلدين متعددة الأوجه    تحويلات مرورية في القاهرة.. تعرف عليها    نائب رئيس الوزراء: القيادة السياسية تضع الملف الصحي على رأس الأولويات الوطنية    السفيرة الأمريكية بالقاهرة: نسعى لدعم وتوسيع الشراكة الاستراتيجية مع مصر    «التجاري الدولي» يحصد جائزة بنك العام في مصر من مؤسسة The Banker    كرة طائرة - تواجد الصفقات الجديدة وغياب مريم مصطفى في قائمة سيدات الزمالك بمونديال الأندية    العمل" تُوفر 10 وظائف للشباب في" الصناعات البلاستيكية الدقيقة بالجيزة    الداخلية تضبط شخصا يوزع أموالا على الناخبين بطهطا    الاحتلال الإسرائيلي يعلن مقتل ياسر أبو شباب على يد مسلحين فى غزة    أبو الغيط: جائزة التميز الحكومي رافعة أساسية للتطوير وتحسين جودة حياة المواطن العربي    الطقس غدا.. تغيرات مفاجئة وتحذير من شبورة كثيفة وأمطار ونشاط رياح وأتربة    لجان لفحص شكوى أهالي قرية بالشرقية من وجود تماسيح    في غياب الدوليين.. الأهلي يبدأ استعداداته لمواجهة إنبي بكأس العاصمة    وفاة الشاعر والإذاعي فوزي خضر وتشييع جثمانه اليوم بعد صلاة العصر    رئيس الوزراء يصدر 10 قرارات جديدة اليوم    "آثار القاهرة" تنظم ندوة علمية حول النسيج في مصر القديمة واتجاهات دراسته وصيانته    ضبط شخص بحوزته عددا من بطاقات الرقم القومي للناخبين في قنا    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى أوسيم دون إصابات    «الأوقاف»: تعديل القيمة الايجارية لأملاك الوقف    موعد صلاة الظهر..... مواقيت الصلاه اليوم الخميس 4ديسمبر 2025 فى المنيا    الحقيقة الكاملة حول واقعة وفاة لاعب الزهور| واتحاد السباحة يعلن تحمل المسئولية    الصحة: مباحثات مصرية عراقية لتعزيز التعاون في مبادرة الألف يوم الذهبية وتطوير الرعاية الأولية    استقرار أسعار الذهب اليوم الخميس.. والجنيه يسجل 45440 جنيهًا    دولة التلاوة.. المتحدة والأوقاف    كأس إيطاليا – إنتر ونابولي وأتالانتا إلى ربع النهائي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطيب صالح.. صانع الأساطير و«عبقرى الرواية العربية»

اقتربت ذكرى مرور أربعة أعوام على وفاة الروائى السودانى الطيب صالح (1929 - 2009)، الذى استطاع الانطلاق بالرواية السودانية من المحلية إلى العالم العربى والدولى عبر روايته الأولى «موسم الهجرة إلى الشمال» 1966 التى ناقش فيها إشكالية الشاب السودانى الأفريقى «مصطفى السعيد» مع الثقافة البريطانية الغربية وطرح من خلالها علاقة الشرق بالغرب، أطلق عليه بعض النقاد لقب «عبقرى الرواية العربية» بعدما أحدثته رواياته من نقلة نوعية للأدب السودانى، قضى صالح طفولته بمسقط رأسه بإقليم مروى بشمالى السودان لينتقل فى شبابه إلى الخرطوم لدراسة العلوم بالجامعة ومنها سافر إلى إنجلترا لإتمام دراسته لكنه غير تخصصه إلى الشئون الدولية السياسية، عمل لسنوات طويلة من حياته فى القسم العربى لهيئة الإذاعة البريطانية, وترقى بها حتى وصل إلى منصب مدير قسم الدراما، وبعد استقالته من ال«بى بى سى» عاد إلى السودان وعمل لفترة فى الإذاعة السودانية، ثم هاجر إلى دولة قطر وعمل فى وزارة إعلامها وكيلا ومشرفا على أجهزتها. عمل بعد ذلك مديرا إقليميا بمنظمة اليونيسكو فى باريس، وعمل ممثلا لهذه المنظمة فى الخليج العربى. هذا التنوع فى الخبرات الحياتية والانتقال تجلى فى أعماله الأدبية التى وظف فيها خبراته وخبرته بقضايا أمته، تطرقت كتابته عموما إلى السياسة، وموضوعات أخرى تتصل بالاستعمار والمجتمع العربى والعلاقة بينه وبين الغرب. توفى الطيب صالح فى 18 فبراير عام 2009 فى أحد مستشفيات لندن وشيع جثمانه فى 20 فبراير فى السودان حيث حضر مراسم العزاء عدد كبير من الشخصيات البارزة والكتاب العرب والرئيس السودانى عمر البشير والسيد الصادق المهدى المفكر السودانى ورئيس الوزراء السابق، والسيد محمد عثمان الميرغنى، ولم يعلن التليفزيون السودانى ولا الإذاعات الحداد على الطيب صالح لكنها خصصت الكثير من النشرات الإخبارية والبرامج للحديث عنه.

عبر السطور التالية نكتشف جوانب مختلفة من شخصية وإبداع الروائى الراحل الطيب صالح من خلال شهادات عدد من المثقفين والنقاد الذين عاصروه ودرسوه وكتبوا عنه.

كاريزما وحضور خاص

تقول الدكتورة شهيدة الباز ما لاحظته فى شخصيته أنه كان إنسانا صادقا بلا حدود! فهو صادق مع نفسه أولا، فيستحيل أن يفعل شيئا ضد رغبته أو إرادته، لكنه كان شديد التواضع رغم شهرته الواسعة ولديه اعتزاز رائع بذاته، الطيب كان إنسانا حرا جدا من داخله، وهو ما ساعده على خلق فلسفته الخاصة وانفتاحه على العالم وخياله الطليق، فكتابته العبقرية لروايته «موسم الهجرة على الشمال» كانت خير دليل على هذه الطاقة الداخلية من الحرية.. أيضا فى تعامله مع أولاده كان يبدو وكأنه طفل مثلهم فكان متعاونا وديمقراطيا.. الطيب كان لديه حضور خاص وكاريزما خاصة فكان كالمغناطيس الجاذب لكل من حوله، بدون أدنى جهد يذكر فى ذلك، فكان يعكس نفسه بمنتهى الصدق.

معظم أعماله حصلت على نجاح كبير إنما تبقى رواية «موسم الهجرة إلى الشمال» هى Master piece كما يقال فى الإنجليزية، أيضا كتاباته كانت تتميز بميزة غريبة جدا! فلا يستطيع القارئ أن يترك الرواية إلا عند لحظة الانتهاء منها!

الطيب حقيقة كان يحلم أن يعود للمنطقة العربية، لذا كان يقضى الشتاء دوما هنا بمصر فى السنوات الأخيرة من حياته، فلقد عاش فى انجلترا وعاش فترة بفرنسا وقطر لكنه بالرغم من ذلك كان لديه انتماء عربى جدا.

«صانع الأسطورة الطيب صالح»

أصدر الدكتور أحمد شمس الدين الحجاجى أستاذ الأدب الشعبى بكلية الآداب جامعة القاهرة، كتابا مهما عن الطيب صالح تحت عنوان «صانع الأسطورة الطيب صالح» 1990 وهو دراسة جادة فى الأنواع الأدبية الشفهية والمكتوبة، طبق دراسته على أعمال الطيب صالح «عرس الزين» و«مريود» و«بندرشاه» و«دومة ود حامد»، يقول الحجاجى عن أسطورة الطيب : لم يكتب الطيب صالح كلمة إلا وكانت أسطورة أو وراءها أسطورة، ف«عرس الزين» و «دومة ود حامد» أساسا هى أسطورة الولى، ولكن أيضا الطيب صالح صنع أسطورة النيل فى «مريود» و«بندر شاه» وحتى فى «موسم الهجرة إلى الشمال»، وإذا أردنا أن ندرس الطيب صالح لا يمكن أن ندرسه بعيدا عن الأسطورة، وقد خلق من النيل إنسانا يعيش ثم يموت فيه وحتى فى القصتين القصيرتين «نخلة على الجدول» و«حفن التمر» صنع فيهما أسطورة للضمير، التى نجد فيها الطفل يتقيأ بعد أن رأى جده يحاول أن يسرق التمر والنخيل، الطيب صالح كاتب حساس حى له ضمير قادر على أن يلتقط الحكاية والصورة ويرسمها لتدخل فى أعماقنا عقيدة.. أسطورة.. تراثا، كان القصّاص الوحيد الذى استطاع أن يصنع أسطورة بمعنى أن ينقل التجربة الإنسانية والدينية للإنسان فى روايات.. كان خالقا وصانعا ومبدعا لا نظير له، قد يقال إن أعماله قليلة ولكنها حية ولن تموت، فهناك أناس كثيرون كتبوا قصصا وكتباً ومقالات لكنها فجة وماتت سريعا.



لم تنل تجربته الإبداعية احتفاء حقيقياً

فى نبرة تحمل بعضا من اللوم والعتاب يقول الناقد الأدبى الدكتور حسين حمودة أستاذ النقد الأدبى بالجامعة الأمريكية: الطيب صالح واحد من أهم الكتاب القصاصين والروائيين العرب. لعل اسمه يأتى تاليا لإسم نجيب محفوظ عند كثيرين من المهتمين بالأدب العربى وأتصور أن روايته الكبيرة «موسم الهجرة إلى الشمال» قد لعبت دورا كبيرا فى ظلم أعماله الأخرى المهمة ومنها رواياته «عرس الزين» و«مريود» و«ضو البيت» وأيضا مجموعاته وخصوصا «دومة ود. حامد».

أتصور أن الطيب صالح أضاف إضافة مهمة للكتابات الروائية والقصصية العربية التى حللت علاقة الشرق والغرب والتى مرت بسلسلة طويلة من الأعمال، تناول الطيب صالح لعلاقة الشرق والغرب لم تقف عند حدود روايته «موسم الهجرة إلى الشمال» بل تعدت هذا العمل لأعمال أخرى منها قصص قصيرة مثل «سوزان وعلى» و«لك حتى الممات»، وبوجه عام فكتابات الطيب صالح بما فيها أعماله الفردية غير القصصية والروائية، مثل كتابه «منسى» تمثل درسا رفيع الشأن فى الحساسية اللغوية يعبر عن ذائقة رفيعة، ورغم أن الطيب صالح نالت كتاباته اهتماما ملحوظاً ورغم أنه حصل على بعض الجوائز، بل رغم أن اسمه نفسه تحول إلى عنوان جائزة أدبية، فإن تجربته الأدبية لم تنل ماتستحقه من احتفاء حتى الآن.



نقد النقد لأدب الطيب صالح

فى دراسة نقدية أعدتها الدكتورة أمانى فؤاد عن درة أعمال الطيب صالح رواية «موسم الهجرة إلى الشمال» اتكأت فيها على أبرز الدراسات النقدية السابقة للرواية من مناظير نقدية مختلفة ومقاربات متنوعة، حيث بدأت مع النقد المقارن الذى تتبعه الدكتور محمد شاهين مخلقا قراءات موازية للنص مع روايات «رحلة إلى الهند» لفورستر و«مرتفعات وذرنج «لإميلى برونتى و«القرمزى والأسود» لستندال، و«قلب الظلام» لكونراد و«عصفور من الشرق» لتوفيق الحكيم، الذى أخذت عليه فؤاد أنه يعرقل تواصل القارئ العربى لأنه على الأغلب لم يقرأ هذه الأعمال التى لم يقرأها حتى كل المتخصصين، إضافة إلى أنه بالرغم من قدرة شاهين على إيجاد التوازيات والتقاطعات بين النصوص إلا أنه لجأ أحيانا إلى المغالاة فى إيجاد هذا التقارب وكأنه قاربهم قسرا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.