في محاولة لتهدئة المتظاهرين المطالبين باستقالة الحكومة الانتقالية تعهد رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي بالانسحاب الكامل من الحياة السياسية بعد الفترة الانتقالية التي تمر بها البلاد والتي ستنتهي مع إجراء أول انتخابات ديمقراطية خلال ستة شهور. وقال الغنوشي في حوار بثه التليفزيون التونسي مساء أمس الأول «ما أتعهد به هو إنني سأغادر كل نشاط سياسي.. مسئوليتي وقتية حتي يتم تواصل الدولة ولننقذ البلاد من الفوضي مشيرًا إلي أن هناك الكثير من الشباب والكفاءات القادرة علي تحمل المسئولية في تونس. ودعا جميع الأطراف السياسية إلي «مصالحة مع تاريخ تونس» مؤكدًا أنه بإمكان التونسيين أن يكونوا علي «موعد مع التاريخ» كما تعهد بإلغاء جميع القوانين غير الديمقراطية خلال الفترة الانتقالية منها قانون مكافحة الإرهاب وقانون الصحافة والقانون الانتخابي. وقال الغنوشي في الحوار الذي كاد يبكي خلاله «أنا كنت أعيش مثل التونسيين وأفكر مثل التونسيين وخائف مثل التونسيين» ولفت إلي أنه كان يضع باستمرار في ركن بمكتبته أوراقه الشخصية استعدادًا للرحيل من السلطة. وأوضح أن عملية الإصلاح التي بدأت في تونس ستضم كل الأطراف في الحكومة وخارجها سواء من الأحزاب المعترف بها أو المحظورة إلي جانب مؤسسات المجتمع المدني وشدد الغنوشي علي أنه لن يتم المساس بمكاسب تونس الاجتماعية لاسيما قانون حرية المرأة الذي يحظر تعدد الزوجات وقانوني مجانية التعليم والصحة. وبينما يتخذ الاتحاد الأوروبي حاليا مجموعة إجراءات لمساعدة تونس في مرحلتها الانتقالية ودعم عملية الانتخابات وبناء الديمقراطية في البلاد التي رأت وزيرة خارجية الاتحاد كاترين اشتون أنها وصلت إلي نقطة اللاعودة رحبت منظمة العفو الدولية بإطلاق حكومة الغنوشي سراح بعض السجناء السياسيين الذين اعتقلوا إبان حكم الرئيس المخلوع زين العابدين علي مطالبة الإفراج عن باقي السجناء. وفي حين نفت فرنسا علي لسان وزيرة الخارجية ميشيل اليوماري أن يكون الرئيس بن علي طلب اللجوء إلي باريس أبدت الولاياتالمتحدة شكوكا حيال إمكانية تمدد الانتفاضة الشعبية التونسية إلي دول أخري في المنطقة علي رغم أوجه الشبه بين المجتمعات العربية. وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية فيليب كراولي تعليقا علي الأحداث في تونس «اشك في أن يكون لذلك مفعول كرة الثلج». وأضاف «هناك بلا شك اتجاهات واسعة في المنطقة من الخليج إلي شمال إفريقيا، وعلي القادة ايجاد السبيل لخلق مزيد من الفرص الاقتصادية والسياسية للشعوب التي هي بمجملها من الشباب. لكنني اشك في أن يتبع كل بلد المسار نفسه». وفي الوقت الذي استعاد فيه عشرة مزارعين تونسيين مزرعة واقعة شمال غرب العاصمة كان استولي عليها سفيان بن علي نجل شقيق الرئيس بن علي، طالبوا باستعادة جميع الممتلكات التي صادرها سفيان. ذكرت صحيفة «تليجراف» البريطانية ان الحركة الإسلامية التونسية كان لها دور كبير في الإطاحة بالرئيس زين العابدين. وأشارت إلي أن المواطنيين التونسيين قلقون من خطر اسلمة البلاد ناقلة عن مواطنة تونسية ناقلة عن قولها ان اغلب التونسيين منفتحون ويعتبرون الدين مسألة شخصية. من جانبها ذكرت صحيفة «لوس انجلوس تايمز» الأمريكية أن الإعلام التونسي تنفس الحرية بعد الاطاحة بالرئيس بن علي وأصبح قادرا علي التعبير بحرية عن قضايا شعبه بعد أن كان يتعرض للتنكيل إذا انتقد النظام وحاكمه. في وقت تظاهر مئات التونسيين في وسط العاصمة التونسية للمطالبة باستقالة الحكومة التي يهيمن عليها رموز نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وفي محاولة لتهدئة المتظاهرين.