أكدت الحكومة التونسية المؤقتة أنها ستلاحق الرئيس المخلوع زين العابدين بن على فى الدول العربية وأنها ستحاكم أقاربه وأصهاره بعد اعتقال 33 منهم داخل الأراضى التونسية، ومن بينهم عماد الطرابلسى ابن شقيق زوجة ليلى الطرابلسى زوجة الرئيس الهارب بعد أن كان قد أعلن مقتله، وشددت الحكومة، فى الوقت نفسه، على الحفاظ على مكتسبات تونس الاقتصادية والاجتماعية وعدم العودة إلى الوراء وإلغاء جميع القوانين غير الديمقراطية بينما تعهد رئيس الوزراء محمد الغنوشى بترك منصبه بعد إجراء انتخابات حرة ونزيهة. وفى الوقت نفسه، ساد الهدوء أنحاء العاصمة التونسية أمس ومدن البلاد، بينما تظاهر آلاف المواطنين مجددا فى العاصمة وعدة مدن مطالبين باستقالة الحكومة، وشاركت معهم قوات الأمن لأول مرة.
وقال الغنوشى إن تونس سترسل مبعوثين إلى الدول العربية أخرى لملاحقة الرئيس الهارب، وأضاف أن هؤلاء المبعوثين سيوضحون للدول العربية حقيقة ضرورة تعقب بن على وأضاف "نحن على ثقة بأن الدول العربية الشقيقة تقف مع الشعب التونسى لأن ما وقع فى تونس وثورة حقيقية وليس عملية بسيطة أو انتقال سلطة إلى سلطة"، بينما أكدت وزيرة الخارجية الفرنسية ميشال أليو مارى أن بن على لم يطلب اللجوء إلى فرنسا.
وتعهد الغنوشى بالتخلى عن كل نشاط سياسى بعد الفترة الانتقالية التى تنتهى مع إجراء أول انتخابات ديمقراطية فى تونس منذ استقلالها فى 1956، وقال خلال مقابلة مسجلة بثها التليفزيون أمس الأول "ما أتعهد به هو أنى سأغادر كل نشاط سياسى مسئوليتى وقتية حتى يتم تواصل الدولة، ولننقذ البلاد من الفوضى، ولترجع للبلاد مكانتها".
وأعلن أنه سيتم العمل مع الجميع لإلغاء القوانين غير الديمقراطية التى كانت موضع انتقادات واسعة فى الداخل والخارج، وأن عملية الاصلاح التى بدأت "ستضم كل الاطراف فى الحكومة أو خارجها، أحزابا معترفا بها أو غير معترف بها ومؤسسات المجتمع المدنى لاقتراح الإصلاحات السياسية حتى يقع إلغاء جميع القوانين غير الديمقراطية كقانون الصحافة والانتخابات والقانون ضد الإرهاب الذى استعملت بعض فصوله فى غير محلها".
وأشار إلى أنه "بإمكان التونسيين أن يضربوا موعدا مع التاريخ"، ودعا جميع الأطراف إلى "مصالحة مع تاريخ تونس". وتعهد الغنوشى للتونسيين بأنه لن يتم المساس بمكاسب تونس الاجتماعية والحداثية، من بينها قانون حرية المرأة الذى يحظر تعدد الزوجات، وقانونا مجانية التعليم والصحة.
وزعم الغنوشى، الذى عمل منذ 1999 رئيس وزراء النظام السابق أنه كان "خائفا مثل كل التونسيين" فى عهد الرئيس المخلوع، وقال "انا كنت أعيش مثل التونسيين، وأفكر مثل التونسيين، وخائف مثل التونسيين"!، وكاد الغنوشى يبكى 3 مرات خلال المقابلة، وقال إنه كان مستعدا للرحيل، وإنه كان يهتم فقط بتنسيق عمل الحكومة فى المسائل الاقتصادية والاجتماعية، وأن المسائل السياسية الحساسة كانت تدار من القصر الرئاسى.
من جانبه، أكد وزير الداخلية أحمد فريعة أن فرار أقارب الرئيس المخلوع وزوجته خارج تونس لن يفيدهم، لافتا إلى أن الهروب من تونس لا يعنى الإفلات من الملاحقة القضائية، وأضاف أنه تم اعتقال 33 من أقارب بن على وزوجته وأنه تتم محاكمتهم، من بينهم عماد الطرابلسى، أكبر رموز الفساد فى النظام السابق، الذى كان أعلن وفاته متأثراً بجروح إثر تعرضه للطعن، وقال "إن الطرابلسى على قيد الحياة وهو رهن التحقيق".