أكدت القاضية تهاني الجبالي نائبة رئيس المحكمة الدستورية أن قرار الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية بالانسحاب من الجمعية التأسيسية للدستور يزيد من احتمالات حل التأسيسية خلال الجلسة المحددة في شهر سبتمبر المقبل أمام القضاء الإداري، وأضافت الجبالي أنه علي الرئيس المنتحب د.محمد مرسي الالتزام بأحكام القضاء جميعاً وخاصة فيما يتعلق بالأحكام المتوقعة ببطلان تأسيسية الدستور الحالية، وكذلك الدعوة المقامة بحل جماعة الإخوان المسلمين منتقدة الصراع المبكر حول مكان أداء اليمين الدستورية بين الرئيس والمجلس العسكري، وإلي نص الحوار:
■ بداية قضت محكمة القضاء الإداري بتأجيل الحكم في الطعون المقدمة ضد اللجنة التأسيسية للدستور إلي شهر سبتمبر من العام الجاري في حين أن اللجنة المشكلة حاليا تصارع الوقت في إنجاز مهمتها بصياغة الدستور الجديد، فماذا لو صدر الحكم ببطلان اللجنة المشكلة حالياً؟
- لابد من احترام أحكام القضاء واستقلاله ونزاهته وفي حالة صدور الحكم ببطلان الجمعية التأسيسية من القضاء الإداري فيتحتم حل هذه الجمعية حتي وإن كانت قد أنجزت مهمة صياغة الدستور.. لأنها في هذه الحالة تكون باطلة وبالتالي فالدستور الذي ينتج عنها يكون باطلاً هو الآخر ونحن بالتأكيد لم نصل في هذه الحالة إلي المربع صفر.. لأن البديل لهذه الجمعية محدد في الإعلان الدستوري الصادر بتشكيل لجنة أخري محدد تشكيلها في الإعلان.
■ في تقديرك كقاضية هل هناك مخالفة قانونية واضحة في تشكيل هذه الجمعية تعرضها للبطلان؟
- بالتأكيد وهذا ما جعل المحكمة الدستورية تعلن انسحابها من الجمعية التأسيسية بقرار جماعي تم اتخاذه بأغلبية خلال اجتماع الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية التي أجريت يوم الخميس الماضي، ولا يجوز التعليق علي قرار مثل هذا.. لأنه ملزم لجميع أعضاء المحكمة الدستورية.
■ الفترة المقبلة ستشهد نظر قضية تاريخية، وهي دعوي بحل جماعة الإخوان المسلمين، هل تحتاج هذه الدعوي إلي قرار سياسي أم أن الأمر قضائي بحت؟
- هذه الدعوي يجب أن تنظر بشكل قضائي بحت، لأن القضاء طلما أصبح طرفاً في قضية فعلي الجميع الالتزام بأحكامة أياً كانت ولا يجوز لأي سلطة مهما كانت أن تتجاوز أحكامة أو تتقاعس عن تنفيذها وبالطبع علي السلطة التنفيذية في البلاد أن تنفذ ما يحكم به القضاء وبصفة رئيس الجمهورية علي رأس الدولة فعليه احترام القانون وسيادته علي كل مؤسسات الدولة وأفراده.
■ في ظل رئيس ذي خلفية منتمية إلي جماعة الإخوان المسلمين بحكم النشأة هل تعتقدين أنه سيفعلها؟
- غير وارد علي الإطلاق انحياز الرئيس المنتخب الي فصيل بعينه لأنه منتخب كرئيس لكل المصريين وعليه الالتزام بأسس الدولة الوطنية ومعاييرها والمشروع الجماعي للأمة مما يحقق التوازن ويتفق مع طبيعة وجود الرئيس ودوره علي رأس الدولة ولا يجوز لرئيس الجمهورية أن يكون رهينة في يد جماعة أو حزب أو مجموعة.. لأن هذا بالتأكيد سيفقده حياديته علي رأس مؤسسة الرئاسة وسيبدأ في إحداث حالة من الانقسام وهو ما يخالف وجود رئيس علي رأس السلطة ووحدة الأمة مرهونة بهذا الأمر .
■ هناك سيناريو سيئ لا نغفله وهو حال تقاعس السلطة التنفيذيه المتمثلة في الرئيس عن تنفيذ هذا الحكم؟
- لا نستطيع أن نقول إنه لن يحدث فكل الاحتمالات واردة لكنه بالطبع سيخلق صراعاً في المجتمع بين القوي السياسية وقوي اجتماعية ومن جانب آخر صراعًا بين أجنحة السلطة في الدولة، وفي الحقيقية هذا الصراع بدأ بالفعل علي خلفية الجدل والصراع المبكر المتعلق بمكان أداء اليمين الدستورية، حيث سعي الرئيس لإيجاد بدائل لحلف اليمين بخلاف المحدد في الإعلان الدستوري وجرت محاولات بالفعل بذلك.. لكن الأمر في النهاية انتهي إلي لا شيء .
■ بالعودة إلي أزمة الجمعية التأسيسية لوضع الدستور ماذا لو أصدر القضاء الإداري حكمه ببطلان تشكيل التأسيسية الحالي وتقاعست السلطة التنفيذية عن حل تلك الجمعية ؟
- المحكمة الدستورية حسمت أمرها من الجمعية التأسيسية للدستور وانسحبت من تلك الجمعية بقرار حاسم وفي هذه الحالة فالجمعية التأسيسية أول اختبار حقيقي للرئيس المنتخب فيما يتعلق بالتزامة بأحكام القضاء وإعلاء دولة القانون والشرعية الدستورية.. وكما ذكرت.. فالإعلان الدستوري حسم أمر الجمعية التأسيسية لوضع الدستور.
■ في دولة القانون إذا لم يلتزم الرئيس بتنفيذ أحكام القضاء، كيف تسير الأمور آنذاك؟
-السلطة التنفيذية مقيدة بالسلطة القضائية ورئيس الجمهورية موظف عام في الدولة بما في ذلك رئيس الوزراء سيعرض نفسه لعقوبة قانونية منصوص عليها وهي الإعفاء من منصبه، وبصفة عامة التطور في أي أمة مرهون بمدي احترام وإعلاء دولة القانون وأن تخضع كل مؤسسات الدولة للشرعية الدستورية
■ هل انسحاب المحكمة الدستورية من الجمعية التأسيسية للدستور يعزز من إمكانية بطلان تلك الجمعية ؟
- بالتأكيد فالتأسيسية يجب أن يمثل فيها جميع أطياف المجتمع وتكون انعكاسًا لها وهذا يمنحها مصداقية لكن عندما تنسحب أغلب قطاعات المجتمع من التمثيل فيها مثل الأحزاب والنقابات العمالية والمهنية والمحكمة الدستورية يضعف من موقفها ويجعلها أكثر بطلانًا.
■ هل تتوقعين صدور عفو صحي عن الرئيس المخلوع حسني مبارك؟
- لا أتوقع.. ولكن فيما يتعلق بمعايير حقوق الإنسان ومعاملة السجناء وخاصة حالات تقدم السن ووجود مرض الموت كل هذه عوامل مستقرة في أطر معاملة السجناء، لكن بالطبع حدوث أمر مثل هذا وارد في الوقت الحالي وخاصة مع تدهور صحة مبارك والأمر كله متعلق بإرادة الرئيس محمد مرسي لأنه من يملك الحق في هذا.
■ هل تعتقدين أن هناك احتمالات لاندلاع أزمة بين رئيس الجمهورية والبرلمان المنحل من جانب والمحكمة الدستورية؟
- لا أعتقد ذلك فالمحكمة الدستورية ليست طرفاً في أي صراع سياسي علي السلطة والمحكمة أمامها قوانين وتصدر أحكامها بشكل نزيه وغير سياسي؟ والمحكمة الدستورية أكدت قبل ذلك بطلان مجلس الشعب ومخالفته لقانون انتخابات المجلس والأمر لا يتعلق بمشكلة أو تحيز المحكمة ضد نواب مجلس الشعب، المحكمة الدستورية لم تكن يوماً أداة في يد طرف من السلطة حتي قبل الثورة حيث أصدرت المحكمة حكماً ببطلان مجلس الشعب 2010 وفقاً لوقائع التزوير الموجودة.
■ هل هناك فرصة أو إمكانية لإلغاء الإعلان الدستوري المكمل الصادر من جانب الرئيس المنتخب؟
بالطبع لا، لأنه لا يجوز لرئيس أن يأتي بشرعية دستورية ثم ينقلب عليها، وهذا إن حدث سيفجر الوضع في مصر وأول تصحيح لمسار المرحلة المقبلة سرعة إنجاز مهمة صياغة دستور متوازن تسير وفقاً له الأوضاع في مصر حتي يحدث استقرار دستوري وتشريعي.
■ بالعودة إلي فكرة صدور حكم بحل جماعة الإخوان المسلمين هل تعتقدين أن الفترة المقبلة في الحكم ستشهد انفصالاً بين الرئيس وجماعته؟
مرسي أصبح رئيساً لكل المصريين ويتحتم عليه إدراك ذلك وحال عدم انفصاله فوراً عن جماعة الإخوان المسلمين ستكون هناك إشكالية كبيرة خلال المهلة المقبلة، كما أن المسئولية التاريخية والسياسية تستدعي له الانفصال التام وعدم السعي إلي أخونة البلد فهناك تخوف من وصول عناصر الإخوان إلي المواقع والهيئات السيادية وخاصة في الشرطة والجيش والخارجية.
■ ماذا حدث في كواليس أداء الرئيس اليمين الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا؟ وما أسباب اعتراضه علي إذاعة القسم علي الهواء مباشرة؟
- الرئيس أراد تسجيل أدائه القسم الدستوري وعدم إذاعته علي الهواء مباشرة مما أثار حفيظة عدد من أعضاء المحكمة الدستورية وانسحبت مع اثنين من المستشارين من وقائع أداء اليمين.
■ وما سبب اعتراضكم علي تسجيل أداء القسم؟
- سبب اعتراضنا أن القسم الذي أداه الرئيس في ميدان التحرير كان مذاعاً علي الهواء مباشرة ونقلته جميع وسائل الإعلام في وقته في حين أن القسم الأساسي والذي يأتي ضمن مراسم تسليم السلطة سيكون مسجلاً ومن ثم اعترضنا علي الأمر، ثم إن شرط العلنية في أداء القسم ملزم أن يكون علي الهواء مباشرة ولذلك أصرينا علي موقفنا مبدين استعجابنا واستياءنا من هذا الموقف وفي النهاية وافق الرئيس بعد ضغط منا وإصرار وفي الحقيقة لا أفهم لماذا كان هذا التعتيم علي أداء القسم أمام المحكمة الدستورية.
■ وفي اعتقادك لماذا هذا الموقف الغريب؟
أعتقد أن هناك بعض الدوائر الحزبية سيطرت عليه وجاء الأمر بضغط منها.
■ ماذا حدث في كواليس أداء الرئيس اليمين الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا؟ وما أسباب اعتراضه علي إذاعة القسم علي الهواء مباشرة؟
- الرئيس أراد تسجيل أدائه القسم الدستوري وعدم إذاعته علي الهواء مباشرة مما أثار حفيظة عدد من أعضاء المحكمة الدستورية وانسحبت مع اثنين من المستشارين وهما د.عادل عمر شريف والمستشار حسن بدراوي، فكان سبب اعتراضنا علي التسجيل أنه أدي اليمين في ميدان التحرير بشكل غير رسمي في إذاعة علي الهواء مباشرة في حين أنه يرغب في إذاعة قسمه الرسمي أمام المحكمة الدستورية مسجلاً وهو ما يخل بالأمر وكنا أوضحنا للرئيس أن هدفنا هو حماية لشرعية القسم والرئيس المنتخب، فلا يجوز أن يكون القسم الذي أداه بميدان التحرير مذاعاً علي جميع القنوات والقسم الرسمي مسجلاً.
■ لكن الوقت تأخر في إذاعته عن الوقت الذي كان محدداً له فما الأسباب؟
- النقاش حول إذاعته استغرق وقتاً طويلاً حتي اقتنع مرسي ووافق علي إذاعة القسم علي الهواء مباشرة، ثم تطرق الحديث حول الحكم ببطلان مجلس الشعب ولماذا نصت حيثيات حكم بطلان ثلث المجلس علي بطلان تشكيل المجلس وإعادة الانتخابات، وأوضحنا له الجدل القانوني حول بطلان البرلمان.
■ هل الرئيس اقتنع بالسند القانوني لحل مجلس الشعب؟
- لا أعرف لكننا أطلعناه تفصيلاً علي حيثيات حكم حل البرلمان والوجه والسند القانوني لهذا الحكم وتناقشنا معه بشأن أحكام الدستورية؟ وفي تقديري أن الصورة اتضحت بالنسبة له بعد تفسير السند القانوني من وجهة نظر المحكمة الدستورية لأنه كان مطلعاً علي تفسيرات قانونية بعيدة عن السند القانوني الأصلي الذي وضعته المحكمة الدستورية.
■ حدث تجاوز من جانب مرشحي جولة الإعادة في الانتخابات حينما استبق كلاهما إعلان نتيجة الانتخابات رسمياً.. فما رأيك؟
- كل هذا من جراء الصراع الدائر علي السلطة في مصر وإذا لم ينته هذا الصراع قريباً سيقضي علي كل شيء في مصر ويضعف من حالة الاستقرار التي نسعي إليها حيث كان المستهدف من وراء هذا هو إرهاب مشاعر الجماهير والتأثير علي نتائج الانتخابات لكن النتائج أعلنت بنزاهة.