دعا عدد من الخبراء المصرفيين إلي ضرورة التحوط من مخاطر تصاعد وتيرة «حرب العملات» خلال الفترة المقبلة عبر قيام دول الاقتصادات الرئيسية مثل أمريكا والصين ودول الاتحاد الأوروبي بتخفيض قيمة عملتها و تقديم ميزات نسبية لمنتجاتها لتشجيع وزيادة حركة الصادرات إلي دول الاقتصادات الصاعدة ومنها مصر والتي سوف ينتج عنها العديد من السلبيات ومنها حدوث طفرة في تدفقات رءوس الأموال الأجنبية وتراجع معدلات الصادرات في مقابل زيادة الواردات وتزايد العجز في الميزان التجاري وتزايد معدلات التضخم وارتفاع معدلات البطالة. وأكد المصرفيون ضرورة اتباع إجراءات وسياسات من شأنها تقليل التأثيرات السلبية لحرب العملات بين الدول ومنها زيادة معدلات الصادرات عبر تشجيع البنوك علي تمويل القطاع الزراعي حيث إن حجم وارداتنا مع السلع الغذائية يتجاوز 60% إلي جانب التوجه لتمويل المشروعات متناهية الصغر لزيادة معدلات الإنتاج وإيجاد فرصة لفتح أسواق جديدة للتصدير بالخارج إلي جانب قيام البنك المركزي بوضع ضوابط للتحكم في حركة رءوس الأموال الساخنة وفرض ضرائب علي أرباحها للحد من تأثيراتها السلبية إلي جانب استهداف خفض معدلات التضخم. أكدت بسنت فهمي المستشار المصرفي لبنك البركة أن الفترة المقبلة سوف تشهد تصاعد وتيرة «حرب العملات» التي اندلعت عقب حدوث الأزمة المالية العالمية ما بين الاقتصادات الرئيسية وبعضها متمثلة في الولاياتالمتحدةالأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي والصين وتأثر الاقتصادات الصاعدة سلباً بتداعيات هذه الحرب ومنها مصر وأوضحت أن مصطلح «حرب العملات» ويعني تدخل الدول في أسواق العملات بغرض زيادة ميزاتها التنافسية في مجال التجارة عبر تخفيض قيمة عملاتها مما يساعد علي زيادة حركة الصادرات والحد من الاستيراد وتحسين الميزان التجاري..وأكدت أن حرب العملات سوف تؤدي بطبيعة الحال لفوز أطراف وتحقيق مزيدا من الانتصارات في مقابل الحاق الخسائر بأطراف أخري لاسيما أن جميع الدول تحاول زيادة معدلات صادراتها إلي الخارج الأمر الذي يصعب بدون فرصة إيجاد سوق جديدة تستوعب صادرات الدول. وحذرت فهمي من تأثر الجهاز المصرفي سلباً بتداعيات حرب العملات لاسيما أن مصر تعاني من ارتفاع معدلات البطالة والتضخم وزيادة عجز الموازنة وانخفاض قيمة الجنيه في مقابل العملات الأخري مع تثبيت البنك المركزي لأسعار الفائدة دون القدرة علي تخفيضها تجنباً لارتفاع أسعار الدولار. ولفتت الانتباه إلي ضرورة اتباع عدد من السياسات لتجنب التأثيرات السلبية لحرب العملات علي مصر ومنها العمل علي زيادة معدلات الصادرات وفتح أسواق جديدة بالخارج في مقابل تقليد حجم الواردات لتحسين الميزان التجاري وزيادة معدلات الإنتاج إلي ضرورة توجيه البنوك لتمويل قطاع الزراعة أو السماح لأحد البنوك الخارجية الأجنبية المتخصصة لدخول السوق المصرفية وتمويل القطاع لاسيما أن أكثر من 60% من وارداتنا من السلع الغذائية الأمر الذي يحد من معدلات الاستيراد إلي جانب حث البنوك علي تمويل المشروعات متناهية الصغر لزيادة معدلات الإنتاج وخفض معدلات البطالة. ويتفق معها أحمد آدم الخبير المصرفي مؤكداً أن هناك عجزاً في الميزان التجاري للولايات المتحدةالأمريكية لصالح الصين يقدر بنحو 11 تريليون دولار إلي جانب اتجاه أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي والصين لخفض أسعار عملاتها لتشجيع صادراتها واتباع سياسة التيسير الكمي بإضافة ميزات نسبية للسلع المنتجة لخفض أسعارها وتشجيع عمليات التصدير الأمر الذي يؤثر بدوره سلباً علي الاقتصاد المصري والجهاز المصرفي تباعاً ويستطرد فهناك تزايد لعجز الميزان التجاري وفجوة ما بين الصادرات والواردات حيث انخفض إجمالي حجم الصادرات إلي 23.9 مليار دولار خلال العام الماضي 2009-2010 في مقابل 25.2 مليار دولار خلال العام 2008-2009م و29.4 مليار دولار خلال عام 2007-2008م فيما بلغ إجمالي حجم الواردات 52.8 مليار دولار خلال العام الماضي 2009-2010م في مقابل 50 مليار دولار خلال العام 2008-2009م و49 مليار دولار خلال العام 2007-2008م وأشار إلي انخفاض حجم الصادرات لأسواق الولاياتالمتحدةالأمريكية نتيجة لحرب العملات وسياسة أمريكا نحو غلق أسواقها للمنتجات المستوردة وحث المستهلكين علي استخدام المنتجات المحلية حيث انخفضت صادراتنا للولايات المتحدةالأمريكية إلي 4.4 مليار دولار خلال العام الماضي في مقابل 9.3 مليار دولار في العام قبل الماضي بما يمثله 30.6% من إجمالي قيمة الصادرات والتي انخفضت بمعدل 5 مليارات دولار خلال العام الماضي فيما انخفضت صادراتنا لدول الاتحاد الأوروبي حيث بلغ إجمالي حجم الصادرات 8.5 مليار دولار خلال العام الماضي في مقابل 9.8 مليار دولار في مقابل زيادة نسبة الواردات إلي 34.1% قبل حدوث الأزمة المالية العالمية وصلت إلي 36.5% بعد حدوث الأزمة، وارتفع حجم الواردات من الدول الآسيوية غير العربية مثل الصين ودول شرق آسيا إلي 10.5 مليار دولار. وأشار إلي أن بعض الدول العربية استطاعت مضاعفة حجم صادرتها من 10% إلي 20% قبل حدوث الأزمة العالمية ومن 3.2% إلي 4.8% عقب حدوث الأزمة. وأكد الخبير المصرفي أن غلق الأسواق الخارجية أمام صادراتنا والناجم عن حرب العملات بين دول فائض الميزان التجاري الذي تقوده الصين ودول عجز الميزان التجاري الذي تقوده أمريكا سوف يؤثر سلبًا علي الجانب المصرفي المصري نتيجة لزيادة التعثر بقطاع التصدير ودفع البنوك لتكوين مخصصات كبيرة لمواجهة هذا التعثر في مقابل نشاط حركة الاعتمادات المستندية نتيجة لتزايد معدلات الاستيراد بما يحقق انتعاشًا لمحافظ البنوك وينعكس علي تحقيق إيرادات وصافي أرباح مرتفع حيث يمثل الغطاء النقدي للواردات ودائع غير مكلفة مما ينعكس علي منح البنوك مزايا لأسعارها المدينة والدائنة وتزايد العائد علي الخدمات المصرفية وحذر آدم من تزايد معدلات تدفقات رءوس الأموال الساخنة والتي تزايدت خلال عشرة أشهر ماضية من 10 مليارات جنيه إلي 60 مليار جنيه والتي تزيد من حجم مخاطر خروجها بشكل مفاجئ إلي الخارج ويشكل عبئاً علي البنك المركزي والاحتياطات الأجنبية لديه ويدفعه للتحوط بتكوين احتياطي فراغ خروج تلك الأموال مما يزيد الطلب علي العملة الأجنبية ويرفع أسعارها داخل السوق.. موضحًا أن أمريكا وأوروبا والصين باتت من المناطق الجاذبة للاستثمارات طويلة الأجل وطاردة في الوقت نفسه للاستثمارات قصيرة الأجل والتي تضر أكثر من نفعها لا سيما مع اتباعها لسياسة تخفيض سعر الفائدة مما يؤدي لتوجه رءوس الأموال بالخارج إلي الأسواق الصاعدة ومنها مصر للاستفادة من فرق سعر الفائدة المرتفع وتحقيق أرباح طائلة في وقت قصير وسحب أموال إلي الخارج مرة أخري. فيما طالب محمود عبدالعزيز رئيس البنك الأهلي المصري واتحاد المصارف العربية سابقًا بضرورة قيام البنك المركزي المصري بوضع ضوابط للتحكم في حركة رءوس الأموال الساخنة إلي جانب فرض ضريبة علي أرباح تلك الأموال للحد من تأثيراتها السلبية علي الجهاز المصرفي والاقتصاد الحقيقي إلي جانب استهداف الحد من تزايد معدلات التضخم . وأكدت عنايات النجار مستشار التمويل والاستثمار أنه علي الرغم من قيام كل الدول للدخول في حرب تجارية عبر خفض قيمة عملاتها لدعم صادراتها إلا أن خفض قيمة العملات ليس كافيا لدعم الصادرات فالدولة التي لديها سوق محلي قوي وزيادة في معدلات الإنتاج تلك التي تتجاوز التأثيرات السلبية الناجمة عن حرب العملات.