ماذا لو صدقت التوقعات بخفض سعر الدولار إلي 530 قرشا وما تأثير ذلك علي دخل مصر من قناة السويس وصادراتها البترولية؟ يؤكد خبراء الاقتصاد أنه في حالة صدق التوقعات بانخفاض الدولار ليصل إلي 530 قرشا فإن ذلك سوف يكون له آثار سلبية علي الاقتصاد القومي. فبالنسبة لدخل مصر من قناة السويس وصادراتها من المواد البترولية والغاز الطبيعي أوضحوا انها سوف تقل عن القيمة الحالية للدولار، مؤكدين أنه بالنسبة لدخل مصر من القناة فإنه يصعب تعويض الخسارة عن طريق رفع الرسوم وإلا كان ذلك من شأنه تنشيط البدائل المتاحة للمرور بعيدا عن القناة. أما بالنسبة لصادرات مصر من المواد البترولية فأكدوا أن الاتجاه لرفع أسعارها في السوق العالمي قد يعوض بعض الشيء الخسارة الناتجة عن انخفاض سعر صرف الدولار. واقترحوا ربط قيمة الصادرات بسلة من العملات الرئيسية منها الدولار واليورو والين بحيث إذا انخفضت إحداها عوض الخسارة الارتفاع في العملة الأخري. وفي المقابل رأي آخرون أن الدولار عملة قائمة بذاتها فكما نصدر بها نستورد بها.. وأيضا وبالتالي فلن يكون هناك تأثير يذكر. تقرير عبير عبد الرحمن: يري د. بكري عطية العميد السابق للأكاديمية العربية للعلوم المالية والمصرفية أنه إذا صحت التوقعات بانخفاض سعر الدولار ليصل إلي 530 قرشا فإن ذلك سيكون له آثار سلبية علي الاقتصاد القومي فإذا ما نظرنا إلي دخل مصر من قناة السويس فإننا نجد أن قيمة رسوم المرور من القناة سوف تكون أقل. وأرجح د. بكري انخفاض قيمة الدولار محليا إلي انخفاض العملة الأمريكية في السوق العالمي. ويؤكد د. بكري أن انخفاض سعر الدولار قد يكون في ظاهره جيد ولكن حقيقة الأمور لا تعني ذلك علي الإطلاق خاصة وأن الانخفاض ناتج عن زيادة الحصيلة الدولارية وعدم استغلالها وليس نتيجة لزيادة حصيلة الصادرات إلي السوق الخارجي، موضحا أن الاقتصاد المصري بطئ في النمو وفي الوقت ذاته زيادة حركة البيع للأجانب أدت إلي زيادة المعروض من الدولار وبالتالي فإنه يمكن القول بأن انخفاض الدولار لم يكن دليلا علي صحة الاقتصاد. وأوضح د. بكري أنه بالنسبة لدخل مصر من قناة السويس فإن الدولة قد تضطر إلي زيادة رسوم المرور ولكن ذلك ليس بالأمر السهل لأننا لا نستطيع فعل ذلك فالرسوم يتم تصديرها كل عام. أما بالنسبة لدخل مصر من تصدير الغاز والبترول فيري د. بكري أن هناك اتجاها عالميا لرفع أسعار البترول والذي وصل إلي 93 دولارا للبرميل وهذا الاتجاه في استمرار خاصة مع استمرار تصاعد لهجة التهديدات بضرب إيران وتوتر الأوضاع في الشرق الأوسط وبالتالي فإن البترول سوف يعوض خسارته الناتجة عن انخفاض سعر صرف الدولار بارتفاع سعره. في حين يري د. أحمد السمان أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ووكيل كلية الاقتصاد والإدارة بجامعة 6 أكتوبر أن مشكلة مصر انها تقيم صادراتها ووارداتها بالدولار، وفي حالة خفض سعر صرفه ليصل إلي 530 قرشا فإن ذلك من شأنه خفض قيمة الصادرات المصرية من البترول والغاز الطبيعي وكذلك لدخلها من رسوم المرور في قناة السويس، وهو ما يؤكد أن هناك تأثيرا سلبيا سوف يشمل دخل مصر من الدولار. وأوضح د. السمان أن انخفاض الدولار في السوق العالمية خاصة أمام اليورو والين ومع ارتباط صادرات وواردات الدول بصفة عامة بالدولار فإن ذلك يعني أن القيمة الحقيقية للصادرات سوف تنخفض. وبالنسبة للصادرات والواردات من الولاياتالمتحدة فلن تكون هناك مشكلة لأن الدولار واحد ولكن نظرا لأن الشريك الرئيسي للصادرات المصرية سواء البترولية أو غيرها من الصادرات هو الاتحاد الأوروبي ومع ربط عملتنا بالدولار فإن ذلك من شأنه أن ندفع أعلي من القيمة الحقيقية للواردات وفي نفس الوقت انخفاض قيمة الصادرات وبالتالي فإننا نخسر من الناحيتين الأمر الذي يؤثر سلبا علي الميزان التجاري وبالتالي ميزان المدفوعات. ويري د. السمان أن الحل يكمن في عدم ربط قيمة الصادرات بالدولار وإنما بمجموعة من العملات وهي ما يطلق عليه وحدة السحب الخاصة والتي تعبر عن متوسط الأسعار لمجموعة من العملات الرئيسية منها الدولار واليورو والين بحيث إذا تحققت خسارة نتيجة انخفاض سعر صرف إحدي العملات يتم تعويضه من الارتفاع في سعر صرف عملة أخري. أما بالنسبة لدخل مصر من قناة السويس ومدي تأثيره إذا صدقت التوقعات بخفص سعر صرف الدولار إلي 530 قرشا أوضح د. السمان أنه لا يمكن لنا رفع اسعار المرور في القناة لأنه يتم الاتفاق عليها مسبقا، كما أن رفع أسعار المرور من شأنه تنشيط البدائل المتاحة خاصة وأن هناك بعض الدول التي لا تفضل المرور من قناة السويس والاتجاه إلي طريق رأس الرجاء الصالح، كما أن ناقلات النفط يمكنها أن تفضل نقل البترول عن طريق ضخ البترول في أنابيب من الخليج لتستقبله في سوريا علي البحر المتوسط مباشرة. وأوضح د. السمان أن السياسة الخاصة بتحديد رسوم المرور بالقناة مستقرة ولا يجب أن تتغير فجأة حتي لا يضطر عملاء القناة إلي تغيير خططهم بالنسبة للمرور عبرها. وعلي النقيض من الآراء السابقة يري د. أحمد غنيم رئيس مركز الدراسات الأوروبية وأستاذ مساعد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية أن دخل مصر من قناة السويس وكذلك تصدير البترول والغاز الطبيعي لن يتأثر بانخفاض سعر صرف الدولار أمام الجنيه، في حالة صدق التوقعات بوصوله إلي 30.5 جنيه وذلك لأن الدولار في حد ذاته لم تتغير قيمته فهو وحدة قائمة بذاتها. وأوضح أن البنك المركزي هو الذي يحدد قيمة الدولار داخل مصر وانخفاض الدولار قد يكون دليلا علي أن الجنيه أصبح قويا لما أنه يدل علي أن المعروض من الدولار أكبر بكثير من الطلب عليه وهو ما سمح بتخفيضه إلي السعر الذي أعلنه المركزي وهو 550 قرشا. وأكد د. غنيم أن انخفاض الدولار قد يؤدي إلي تشجيع الواردات وفي نفس الوقت تقليل الصادرات لأن انخفاض الدولار سوف يؤدي إلي رفع سعر الصادرات في السوق العالمي وجعلها غير منافسة. وشدد علي أنه في حالة انخفاض الدولار ليصل إلي 530 قرشا فإن لذلك عواقب سلبية علي الميزان التجاري ومن ثم علي ميزان المدفوعات. وأوضح د. غنيم أن سعر صرف الدولار يتحدد وفقا لسياسات نقدية ولا تعبر بالضرورة عن تحسن العملة المصرية أو تحسن الاقتصاد المصري بدليل قيام بعض الدول بخفض قيمة عملتها حتي تحافظ علي تنافسية صادراتها، مؤكدا انه في أحيان كثيرة يكون تخفيض سعر الصرف قرارا سياسيا بحت أكثر منه معاملات اقتصادية.