تجتاح العالم حالياً فوبيا «الوثائق السرية»، تلك التي بدأت بوثائق ويكيليكس ثم وثائق الخارجية البريطانية، وأخيراً وثيقة جديدة من ملفات الشرطة السرية الألمانية خلال الفترة النازية، تكشف بما لا ديدع مجالاً للشك عن حجم التعاون الصهيوني في ألمانيا مع هتلر ومساعدته علي الوصول للسلطة مقابل الحصول علي الدعم المناسب في مشروعهم الكبير الرامي إلي إيجاد وطن قومي لليهود في إسرائيل. حيث تعرض كريستوفر سيمپسون في كتاب باسم " ضربه عقبنشيني - ضربة خلفية" إلي وثيقة من ملفات الشرطة الألمانية السرية (جستاپو) خلال فترات النازية، تكشف عن تعاون خفي للشرطة السرية الألمانية مع هاجانا - منظمة يهودية شبه مسلحة، وكانت نواة الجيش الإسرائيلي خلال عمليات احتلال فلسطين- في الفترة 1920 - 1948 . وبحسب الوثيقة عهدت الشرطة السرية الألمانية لأحد قادة هاجانا بالتأمينات المالية، في المقابل حصل علي تصريح بإقامة معسكر تعليمي داخل ألمانيا يهتم بتعليم وتثقيف شباب اليهود. وبعد طردهم وغيرهم من يهود ألمانيا قُدم لهم التحفيز المناسب للهجرة إلي الأراضي المحتلة. وشرع المؤلف في بيان ذلك والكشف عن الخيانة التي تعرض لها اليهود الأوربيين من جانب زعماء الصهيونية، بالمشاركة في الاعداد لعملية الهولوكوست - محرقة اليهود- والتي كانت سبباً رئيسياً في دعم مشروع إقامة وطن لليهود. بمعني آخر لو لم يكن هتلر موجوداً لأوجد الصهاينة شخصاً آخر يقوم بالعمل ذاته. لقد شهد العام 1927 تكوين الحركة الصهيونية بمشاركة 15 الف يهودي ألماني، ولم يكن عددهم يتجاوز نسبة 2% من مجموع اليهود الموجودين في ألمانيا البالغ آنذاك 550 الف يهودي. وبحسب أحد المؤرخين اليهود، فقد عارض المجتمع اليهودي في ألمانيا ظهور الحركة الصهيونية، واعتبروها عدواً داخلياً. ولم يكن في العالم بأجمعه من يعارض هذه الحركة كاليهود المقيمين في ألمانيا. ومع عمليات تهجير اليهود إلي فلسطين، أعد الألمان أنفسهم بالترويج للأيديولوجية القومية والعنصرية ضد الصهاينة. وفي الواقع أسس جوليوس استريچر - أحد أبرز قادة الحركة النازية- وغيره من أعضاء الحركة فكرة تأجيج الأيديولوجية العنصرية ضد اليهود. وبهذا ساهمت الصهيونية والنازية في إيجاد جيش ومنظمات سرية، وترسانة نووية في إسرائيل. وكذلك شاعت دعوات البحث عن هيكل سلميان في بيت المقدس. وأنهت ادعاءات الهولوكوست الأبحاث اليهودية حول إسرائيل. وأدت ذريعة توطينهم إلي شيوع نظرية أنه من مكان يمتاز بالآمان بالنسبة لليهود سوي أرض إسرائيل. وبناءً علي هذه الرؤية يتعين علي اليهود الإقامة في وطن اليهود القومي بالأراضي الفلسطينية، وحمايتها بكل الطرق، وكانت هذه الذريعة كافية لإجبار اليهود علي الهجرة. بعبارة أخري وضع اليهود أنفسهم تحت ضغوط النازيين الصهاينة الروحية والنفسية. ثم تتعاقب الأجيال اليهودية المستعدة للتضحية حتي بأرواحها في سبيل هذا المشروع القومي الكبير.