أذهلنى موقف بعض الناس.. وأحسست بنوع من الصدمة من نوعية ما قالوه، فى أكثر من موضع، ومنها مواقع التواصل الاجتماعى، حين راحوا يكتبون ما يشى بموقف عدائى تجاه حسام حسن، المدير الفنى للمنتخب الأردنى لكرة القدم، ودار كثير مما قيل حول أن الأردنيين، سوف يكتشفون قريبا، حجم "المقلب" الذى تعرضوا له بالتعاقد مع حسام حسن، الذى هو فى الأساس مواطن المصرى، قبل أن يكون نجم كرة القدم، ولاعب الأهلى والزمالك السابق، والمدير الفنى لنادى الزمالك، والنادى المصرى البورسعيدى، وربما أننى أتناول الأمر بشكل مثالى، أو أننى أتعامل بكثير الاحترام.. الذى يصل إلى درجة المبالغة، وعلى ما يبدو أن المسألة لم تعد هكذا فى الزمن الغريب، الذى نعيش فيه!. أعلم جيدا أن هناك من مشجعى الكرة فى مصر، من هم ليسوا على وفاق مع حسام حسن، ويسكن فى أعماقهم نوع من عدم الرضا عنه، والأسباب وراء ذلك قد تكون مختلفة ومتعددة، ومنها كثير مما قاله بعد رحيله عن النادى الأهلى، وانتقاله إلى نادى الزمالك، ومنها أيضا ما قاله وهو مدير فنى للزمالك فيما بعد، وهو مدير فنى فى النادى المصرى، ولكن لا يعنى هذا أن تبقى العداوة قائمة، ومستمرة بهذه الصورة، لأنه فى هذه الحالة أى حسام حسن وهو يتولى تدريب منتخب عربى سبقه إليه الراحل العظيم محمود الجوهرى، يكون قد خرج من دائرة الخلاف الداخلى، إلى ساحة أخرى مختلفة تماما، وينبغى هنا الفصل بينهما بشكل كامل، ويتعين كذلك، أن يقف الجميع من خلفه، أو على الأقل أن يتمنى له النجاح فى مهمته، وإن لم يستطع، فأقل القليل أن يلتزم الصمت، أما أن يكون هناك من هو غير قادر على هذه.. ولا تلك، فأعتقد أننا صرنا فى أزمة أخلاقية حقيقية، بعد أن تحولت كراهيتنا إلى مستويات قياسية، لا نرى فيها إلا ما بيننا من خلافات.. وفقط، ودون أى اعتبارات أخرى مهما تكن! من لا يفهمون مثل هذه المعانى، هم فى الأساس لا يدركون معنى الوطن؟ ولا يفهمون ماذا يعنى أن ينجح مصرى فى أى مكان فى العالم؟ ولا ماهية أن يأخذ مدرب كرة بيد منتخب أجنبى ويفوز وينتصر معه ويحقق له ومعه ما يحلم به جمهوره؟ لقد عايشت هذا المعنى حين سافرت إلى الأردن نفسه.. قبل سنوات، واكتشفت فى كل مكان أذهب إليه، كيف تحول الكابتن محمود الجوهرى إلى بطل قومى، بعد النجاحات التى حققها مع منتخب كرة القدم حتى وصل الأمر إلى حد أن يحدثك سائق التاكسى عن عظمة الرجل وعبقريته وقيمة البلد الذى جاء منه، أى أن الرجل كان يخدم مصر خدمة تاريخية بكل معنى الكلمة، وربما صنع له من المجد ما لم تفعله الدبلوماسية مثلا، طوال تمثيلها لمصر فى المملكة.. رحم الله الكابتن محمود الجوهرى، ورحم الله أخلاق الناس!. مناسبة هذه السطور.. لقاء منتخب الأردن مع منتخب أوزبكستان فى جولة الملحق للتصفيات الآسيوية المؤهلة لنهائيات كأس العالم فى البرازيل، والتى يلتقى فيها الفائز مع خامس تصفيات قارة أمريكا اللاتينية.. لحسم مقعد التأهل للنهائيات بشكل نهائى. ** سأظل أنادى.. ولآخر لحظة فى عمرى.. ولو بقيت وحدى كما هو الحال الآن، ومنذ وقت طويل.. بأن تبقى الرياضة بعيدة عن السياسة، وبأن أحرص الناس على عدم تسييس الرياضة، يتعين أن يكونوا هم أهل الرياضة نفسها، وليس العكس!. واقع الأمر.. والمخجل بحق، هو أن هناك محاولات لا تتوقف من جانب بعض الرياضيين، وبالتحديد من لاعبى كرة سابقين، لجر ساحة الرياضة للدخول فى معترك السياسة، وهم فى ظنى يدركون جيدا ماذا يفعلون؟ وهم أيضا أول من يعلم حجم ما يعود عليهم.. ونوعيته من تسييس الرياضة، فقد فعلوها من قبل، ولا يزالون يفعلونها الآن، وليس هناك بمستفيد من هذا الأمر غيرهم، فلا فائدة، ولا ميزة، ولا مغنم تحققه الرياضة من سحبها إلى دهاليز السياسة، بينما هم من يحبون خلط هذه بتلك يقتربون من صناع القرار، ويعتقدون فى اكتسابهم لأهمية وقيمة من وراء ذلك، ولتذهب الرياضة للجحيم، المهم أن يستفيدوا، ويجنوا المنافع، ويحققوا الثروات.. كفاكم ما فعلتم، فلم يعد فى قوس الصبر منزع.. قرفتونا والله. ** إذا كان الدورى الإنجليزى قد سجل رقما قياسيا، فى صفقات الانتقال الصيفية للموسم الكروى الجديد، بقيمة 630 مليون جنيه إسترلينى، رقم يقترب من 7 مليارات جنيه، ومازلنا نتكلم عن أن عندنا كرة، وعندنا صراعات، وعندنا كلام كتير.. المفروض نصمت قليلا، ونستحى شويتين، لأن الواضح أن الجنازة حارة.. والميت كرة مصر! القصة هناك مختلفة عن قصتنا.. تماما مثل كل شىء فى الحياة، فوارق هائلة بين دولة متقدمة، ودولة نموذجية فى التعبير عن حال العالم الثالث، فهم لم ينفقوا هذا الرقم من فراغ، ولم يسجلوا الرقم القياسى لمجرد الرغبة فى الفرقعة، فمثل هذه البطولة الأسطورية، التى تأتى بكل الإبهار والعظمة للمشاهد فى كل مباراة، يتطلب الإنفاق.. وببذخ، ولكنه إنفاق فى محله، وربما يكفى أن نعلم "جزءًا" من حجم العوائد الضخمة، التى يحققها الدورى الإنجليزى، ففى تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية "بى بى سى"، قالت إن شركة بريتيش تيليكوم دفعت 738 مليون جنيه إسترلينى، لمدة ثلاث سنوات، مقابل حقوق بث 38 مباراة على الهواء مباشرة فى الموسم، بينما دفعت شركة سكاى 2.3 مليار جنيه إسترلينى مقابل حقوق بث 116 مباراة فى الموسم، وهو ما لا يزيد على نصف عدد مباريات البطولة، أى أن هناك مزيدًا من عوائد بيع حقوق بث المباريات من مصادر أخرى، أليس منطقيا هنا أن ينفقوا المليارات، لتعود عليهم بمليارات أخرى؟ بالطبع نعم.. المشكلة عند من ينفقون الملايين ولا يحققوا إلا ملاليم، وكأنهم يتاجرون فى الخسارة.. يا ألف خسارة!!