يعيش العالم ومنه مصر أسبوعين مثيرين في عالم الرياضة عندما تبدأ دورة الألعاب الاوليمبية لندن 2012 يوم 27 يوليو الجاري في العاصمة البريطانية وملاعبها الجديدة التي كلفتها مليارات الجنيهات الاسترلينية وأبرزها استاد ويمبلي الجديد.. مصر تشارك في الدورة بأكثر من 100 لاعب ولاعبة يقودهم وفد اداري كبير يصل عدده إلي أكثر من نصف هذا العدد، تكلف عشرات الملايين من الجنيهات، وتحلم الادارة المصرية المسئولة عن الرياضة ممثلة في المجلس القومي للرياضة واللجنة الاوليمبية المصرية في تحقيق انجاز مشابه لما حققه كرم جابر وثلاثة من الملاكمين ولاعب التايكوندو في دورة أثينا عام 2004. تعود مشاركات مصر في الدورات الاوليمبية الحديثة التي بدأت عام 1896 إلي العام 1912 عندما اشتركت بشكل رمزي بلاعب واحد هو أحمد باشا حسنين الذي كان يجيد لعبة المبارزة، وعلي مدار مشاركات مصر حققت 10 ميداليات ذهبية ومثلها من الفضة وعشر برونزيات. ومن الناحية العملية والرياضية وبمفاهيم الرياضة الحديثة فإن ميدالية كرم جابر الذهبية في المصارعة التي فاز بها في أثينا 2004 هي الأبرز والأهم كونها في واحدة من أصعب الرياضات الأوليمبية ولكونها في وزن 84 كيلو جراما الصعب من الناحية الفنية. وتأتي مشاركة مصر في الدورة المقبلة في ظل ظروف لا نحسد عليها كون الحركة الرياضية شبه متوقفة في ظل أحداث ثورة 25 يناير من العام الماضي، أما الجانب الايجابي من المشاركة فيتمثل في كونها فرصة للتعبير الحقيقي عن مدي حداثةوتحضر مصر وشعبها. السلوك والتصرفات المتعمق فكرياً في المشاركة المصرية يصل إلي حقيقة مهمة يجب أن تسود جموع أعضاء الوفد في لندن، إذ يجب أن السلوك السوي والراقي يجب أن يكون العنوان الرئيسي للمشاركة ابتداء من المشاركة في طابور عرض حفل الافتتاح، نظرا لأن انظار وانتباه وعيون العالم كله ستكون مفتوحة ومراقبة لتصرف وفد بلد قام بثورة سلمية أبهرت الدنيا بتحضرها وتجنبها لأساليب همجية اتبعتها ثورات أخري في بلدان قريبة أو بعيدة زمنيا أو مكانيا. كنت اتمني أن تتاح الفرصة لجميع أعضاء الوفد المصري أن يسافروا علي طائرة واحدة، ويشاركوا في طابور العرض جميعاً، ويلتزموا النظام مثلما تفعل وفود الدول الكبري، وبأزياء وألوان مختارة بعناية، فدائما في مثل هذه المحافل العالمية ما يدوم الانطباع الأول ، ويؤثر فكرياً ووجدانياً علي جموع المتابعين في ملعب الحدث والمشاهدين وهم بالمليارات عبر شاشات التليفزيون وتسجيلات الحدث علي المواقع الالكترونية.ولا يفوتنا هنا التحذير من أخطاء كتلك التي وقعت فيها بعثات مصرية سابقة وتركت انطباعات سلبية، وأبرزها ما حدث في دورة سيدني عام 2000، يومها تسبب بعض لاعبي مصر في أزمة عالمية عندما ألقوا ب »سرنجات« طبية تعاطوا بها عقاقير مغذية »فيتامينات« في سلال المهملات بغرف الاقامة بما يخالف التعليمات المشددة والتوجيهات المعلنة!! عظماء الرياضة المصرية ورغم تواضع مستوي الرياضة المصرية بين المستويات العالمية، إلا أنها تضم بين ثناياها بعض النجوم التي يمكن أن تحدث مفاجآت في شكل ميداليات مثلما فعلنا في اثينا 2004 بالفوز ب 5 ميداليات منها ذهبية كرم و3 فضيات في الملاكمة وواحدة في التايكوندو.. ويضم قوام البعثة المصرية الحالية ما نسبته 10٪ يمثلون النخبة المنتقاة أو عظماء الرياضة المصرية يمكن الاشارة إليهم وتسميتهم علي ضوء تصنيفاتهم في قوائم أفضل رياضيي العالم، وأبرزهم المصارع اسلام الشهابي في الجودو الذي يلعب في وزن فوق الثقيل، هو لاعب يتمتع بخبرة أوليمبية، شارك في بكين 2008، يبلغ من العمر 30 عاما ولا يقل فنيا عن زميله هشام مصباح الفائز بميدالية بكين قبل أربع سنوات، ويرافقه مدرب وطني مخضرم هو باسل الغرباوي، عالم بدهاليز وطرق تدبير الفوز. بنات مصر الذهبيات وتضم البعثة نخبة من بنات مصر الذهبيات القادرات علي المنافسة القوية ويتمتعن بمقدرة وخبرة تؤهلهن لتحقيق الميداليات في مقدمتهن آية مدني لاعبة الخماسي الحديث التي كانت قاب قوسين أو أدني من ميدالية في بكين، تتميز في مسابقات السباحة والرماية والجري، ونقطة ضعفها الفروسية إذ حال جوادها دون تحقيق الميدالية قبل 4 سنوات، فرضتها للتعويض هذه المرة والتجربة والخبرة يلعبان معها ولا ينقصها سوي التوفيق والحظ. وتعود الرباعة الاسكندرانية نهلة رمضان لتكرار محاولتها خطف ميدالية تسطر بها اسمها في التاريخ الأوليمبي بعد أن اخفقت في دورة اثينا 2004 لخطأ فني يتحمله مدربها واتحادها والفنيين المرافقين، وبعد غيابها عن دورة بكين 2008 لأسباب اعتبرها اتحاد اللعبة سلوكية، ومفضلا ترجيح كفته في الصراع علي حساب الوطن.. نهلة تشارك هذه المرة في وزن 75 كيلو جراما وبمجموعة قدرها 290 كيلو جراما. وتعد لاعبة التايكوندو الصاعدة هداية ملاك وهبة - 19 سنة - من نادي الصيد بين الوجوه الواعدة في الرياضة النسائية المصرية، ستلعب في لندن يحدوها الأمل في أن تحقق ما انجزه زميلها تامر صلاح قبل 8 سنوات عندما فاز بميدالية مفاجئة، ويسافر معها بآمال كبيرة سهام الصوالحي صاحبة الانجازات التي لا يمكن تجاهلها علي صعيد افريقيا ولمستوي الناشئات قبل الصعود للعمومي، يعضد من فرص التايكوندو مدرب وقيادي مصري متفهم هو محمود شلبي المتفرغ للمنتخب مع المدرب الكوري لي. خبرة المصارعة المصرية ويلعب عنصر الخبرة دورا كبيرا مع المصارعة المصرية في لندن إذ يضم فريقنا النجم الكبير كرم جابر الذي يشارك أوليمبيا للمرة الرابعة، وقد يلعب الحظ دوره في طريق سهل نحو أحدي الميداليات التي فقدها في بكين، ومعه محمد عبدالفتاح الشهير ب »بوجي« غير المحظوظ في أثينا 2004، والغائب عن بكين 2008 بسبب اتهامه بتعاطي المنشطات، تجربته في لندن قد تكون الأخيرة مما يعطيه حافزا لمحاولة الفوز الذي استعد له بدنياً وفنياً ونتمني له التوفيق.. ولا يقل أشرف الغربللي في وزن 66 كيلو حظا عن زميليه ومشاركته الاوليمبية هي الرابعة علي التوالي. أمجاد حلقة الملاكمة ويحاول الملاكم »المخضرم« محمد هيكل ما فاته في 3 دورات أوليمبية سابقة، كان قاب قوسين أو أدني من ميدالية في دورة أثينا 2004 التي حصد فيها زملاؤه 3 ميداليات تاريخية، واليوم هو الوحيد المتبقي ليلعب البطولة بعد غياب المرشح الكبير حسام بكر الذي أصيب قبل أشهر بمرضي التهاب الكبد الوبائي »أ« فقضي علي برنامج اعداد شاق استمر 3 سنوات. أمجاد الملاكمة الأوليمبية المصرية في عهدها الذهبي بقيادة المرحوم اسماعيل حامد والدكتور عبدالعزيز غنيم يواصلها اليوم نخبة من الصاعدين بقيادة سعيد السيد حسن الذي ساعد غنيم علي مدي 15 سنة علي الحلقة التي توجت بفضية أثينا لمحمد رضا وبرونزيتين لمحمد الباز وأحمد اسماعيل.