»إن أهم شيء في الألعاب الأوليمبية ليس الانتصار بل مجرد الاشتراك».. هي الكلمة الأشهر للبارون الفرنسي بيير دي كوبرتان مؤسس الألعاب الأوليمبية الحديثة.. كلمة لم تعد تتذكرها أي دولة، فالجميع يذهب إلي دورة الألعاب الأوليمبية كل أربع سنوات، من أجل البحث عن الذهب ورفع اسم بلده عالياً.. الكل باستثناء مصر التي شاركت في دورة ريو دي جانيرو ببعثة ضخمة هي الأكبر في تاريخها، كلفت دافعي الضرائب 130 مليون جنيه، والمحصلة في النهاية العودة بثلاث برونزيات فقط لاغير. عادة ما تعرف الدول المشاركة في الدورات الأوليمبية ماذا تريد، وفي أي لعبة يتفوق أبناؤها الرياضيون طبقاً للموقع الجغرافي والظروف الاجتماعية ودراسات دقيقة في علم الطب الرياضي، فأثيوبيا علي سبيل المثال تقع علي هضبة ترتفع آلاف الكيلو مترات عن سطح البحر، لذا فإنها تنجب عدائين موهوبين بالفطرة في المسافات الطويلة، وتحديداً الخمسة آلاف وعشرة آلاف متر وماراثون ال42 كم، الذي تطلب قدرة عالية علي التحمل، وهو ما يمنحهم إياه تكيفهم علي العيش والتدريب في ظل نقص الأوكسيجين، والشيء ذاته ينطبق علي عدائي كينيا الذين لا يخسرون أبداً في سباقي 800 متر و3000 متر موانع، حيث تقول الأسطورة الأفريقية إن الكينيين وتحديداً أبناء قبائل الماساي هم أسرع البشر، إذ كان أجدادهم ينامون بعين مغلقة وأخري مفتوحة، مع استعداد للجري في أي وقت خوفاً من هجمة أسد جائع أو وثبة فهد مفترس. . والشيء ذاته ينطبق علي دول مثل بلغاريا وتركيا وعدد من دول حوض البحر الأبيض، التي تنجب رباعين موهوبين بالفطرة، حيث تتميز أجسادهم بالتناسق العضلي وقوة هائلة في عضلات الفخذين والأكتاف، ومن هنا ليس غريبا أن تركز هذه الدول علي إعداد وتجهيز لاعبي رفع الأثقال والمصارعة، وأن يستقيل رئيس اللجنة الأوليمبية الرومانية لأن بعثة بلاده لم تحقق في ريو دي جانيرو سوي 4 ميداليات فقط من بينها ميدالية ذهبية، وهو ما يدفعنا للتساؤل لماذا تُرسل مصر لاعبين في لعبة لم يسمع عنها 99% من الشعب المصري اسمها الكانوي، ولماذا ننفق منذ عشرات السنين علي لاعبي ألعاب القوي لا سيما عدائي المسافات الطويلة والقصيرة والمتوسطة، فمهما كان حجم الإنفاق علي إعدادهم من المستحيل أن نصنع منهم من يضاهي عدائي كينيا أو ينافس القدرات الخارقة لرجل من عينة الجامايكي أوزين بولت، الذي لا تشارك بلاده سوي في ألعاب القوي فقط، توفيراً للإنفاق فيما لا طائل منه. . مشاركة مصر في البرازيل تكشف افتقادنا لفن صناعة الأبطال، فمن غير المعقول الاستعداد لمثل هذا الحدث العالمي الذي يقام كل أربع سنوات، قبل انطلاقته بشهور لا تتجاوز الثلاثة كحد أقصي، فيما استعد الآخرون طوال السنوات الأربع وجاهدوا طوال سنوات لكسر أجزاء من الثواني.. الخبراء في مختلف الألعاب الفردية يجمعون علي أن هذا يتطلب فترة تتراوح بين 5 إلي 8 سنوات أو أكثر من الإنفاق علي معسكرات خارجية ومشاركات في مختلف دول العالم، مع الاهتمام بتوفير بيئة اجتماعية ومادية مناسبة للاعب البطل، حتي يتفرغ فقط لتحقيق الإنجازات، وضرورة الاهتمام بتجهيز بنية تحتية تساعد علي رفع أعداد الممارسين للألعاب الفردية الرقمية، علي غرار ألعاب القوي والسباحة والتايكوندو.