تبحث البعثة المصرية عن ميداليات الساعات الأخيرة في أوليمبياد ريودي جانيرو.. وهي في بحثها تتنقل من ملعب إلي ملعب »كعب داير».. لاتفوت إدارة البعثة مباراة خاصة لو كانت مبشرة بميدالية ولايترك خالد عبد العزيز وزير الشباب والرياضة صالات الدورة إلا مع آخر لاعب مصري.. البحث جارعلي قدم وساق عن الميداليات المحتملة الباقية.. عين علي المنافسات وعين علي »التربص» في القاهرة.. تسير المحاولات فوق الأشواك ولايبقي إلا الرباعي المنقذ عمرو الجزيري وهداية ملاك وكريم الزغبي وحسام بكر الذي خاض مباراة دور الثمانية في ساعة متأخرة مساء امس.. ولا مانع أن يشم البعض رائحة »المفاجأة السارة »من المصارعة.. هنا في ريودي جانيرو منافسة محتدمة مع الحظ الذي ابتسم لمحمد إيهاب وعبس في وجه عزمي محيلبة.. ومهما انتظر المنتظرون الكبوات وشمتوا وشككوا وشوشروا.. فإن الحقيقة التي يقسم عليها كل أفراد البعثة أنها الأوليمبياد الأولي التي ارتدت فيها الرياضة المصرية ثوب الجدية في الدورات الأوليمبية وتجرأت وتوقعت لنفسها ميداليات وذهبت إلي كل ملعب تنتظر الفوز بعد أن ظلت لعشرات السنوات تتجرأ ولاتشعر بالخجل وهي تعلن صراحة أنها ذاهبة للتمثيل المشرف.. علي الأقل الآن تنتظر ميداليات وإذا لم تأت فإنها تكون قد قاتلت بشرف.. وهذا حدث مثلا مع الرباعة شيماء التي كانت ضحية لتغيير أوزان الرباعين الصينيين في غياب الروس ودخولهم في منافسات وزن شيماء.. لو ظلت الأوزان كما هي بدون تغيير لنجحت في إحراز ميدالية وإن كانت الموضوعية تقتضي الاعتراف بأن اللاعبة خطفها »الخطف» وباعد بينها وبين المنافسات ولم يكن سهلا التعويض في النطر.. كانت مجموعة من الدبابات تتبادل الظهور علي البساط وتشتبك بشراسة إلا أن قوة وثبات الصينية سيوينج الأولي والكورية الشمالية هيانج مينج الثانية والأمريكية إليزابيث الثالثة كان أكبر من قدرة وطاقة شيماء وطموح البعثة.. ميداليات فردية صحيح عادت الميداليات المصرية في آخر دورتين لكنها كانت في إطار حالات فردية.. أما هذه المرة فإن الإجادة جماعية ومبشرة وتعطي مؤشرات لإنجازات أوليمبية قادمة.. هي دورة لتثبيت أقدام الرياضة المصرية في الدوات الأوليمبية ويجب البناء عليها.. وهو ما أكده مثلا ياسر إدريس رئيس اتحاد السباحة الذي أقسم علي أنه للمرة الأولي يشعر أن لمصر بعثة اوليمبية حقيقية في الجدية والطموح وشدة المنافسة.. مؤكدا أن السباحة ستحقق أول ميدالية أوليمبية لها في دورة بكين القادمة.. من خلال الثنائي أحمد أكرم وفريدة عثمان والصاروخ القادم الناشئ الصغير علي خلف الله »19 سنة» الذي أصبح من أسرع 23 لاعبا في العالم في 50 متر حرة.. وأجيال جديدة في كل الألعاب. ترشيح الفارس وبعد أن كان الفارس كريم الزغبي بعيدا عن قائمة الترشيحات لإحراز ميدالية هاهويقترب منها بعد تألق مذهل تخطي به الجولة الأولي بلا أخطاء.. وإن كان هشام حطب رئيس اللجنة الأوليمبية »وهو فارس سابق» لايستبعد أن يكون منافسا علي ميدالية مع إشارة إلي أن مشكلته في الحصان حتي لو وصل سعره إلي 4.5 مليون يورو.. صحيح هو تدرب معه 4 سنوات إلا أن الأحصنة المنافسة قد تساعد فرسانها أفضل.. ومن مظاهر الثقة تأكيد بطلة التايكوندوهداية ملاك أنها تنتظر أن تلعب لكي تتوج بميدالية وعندما قلت لها انتبهي لتجارب المرشحين الذين سبقوك ولم يحالفهم الحظ أظهرت ثقة أكبر مستوحاة من تأهيل جيد علي الصعيدين الفني والنفسي وأعلنت التحدي وهي تقول سوف أبحث عنها »أي الميدالية» بكل قوة.. .. بينما يبدو عمرو الجزيري بطل الخماسي الحديث معتكفا وهو يطالع ويراقب كل من تخلي عنه الحظ ليستفيد من الدروس.. وفد برلماني للمعايشة وبالموازاة مع جدية المنافسة في الملاعب يأتي الجديد الذي يحدث لأول مرة.. يصل وفد برلماني من خمسة نواب أرسلتهم لجنة الشباب والرياضة بمجلس الشعب ليتعايشوا مع المشاركة المصرية ويتعرفوا عن قرب علي الحقائق التي تاهت وسط حملة التربص المعلنة في القاهرة والتي لم تصبر حتي تنتهي المنافسات وحكمت علي الرياضيين المصريين بالفشل قبل ان تكتمل كل الصورة ربما تأتي ميداليات فلا يكون للتربص مصداقية.. هو الاستعجال الذي عزف علي أعصاب البعثة وكأن الرياضة المصرية تعودت علي ملء خزانها بعشرات الميداليات في كل دورة أوليمبية.. ضم الوفد النواب: فوزي متي وصلاح حسب الله ومحمود حسين ومني الشبراوي ونجوي خلف.. وجاءوا إلي ريودي جانيرو بقوة دفع حملة التربص وتكرار الاتهامات بإهدار المال العام علي صناعة أبطال !.. إيه المانع وبالموازاة أيضا.. نري الوزير وكأنه »يذاكر» الأوليمبياد ويحفظ كل دروسها.. يتنقل ليساند اللاعبين المصريين ويذهب إلي إسماعيل الشافعي للاتفاق علي أكاديمية للتنس ويرصد الشوارع ويعلق علي المنشآت والملاعب ويتأمل القرية الأوليمبية ويسأل عن كل كبيرة وصغيرة.. يفعل ذلك لأن المصريين يسألون أنفسهم مادامت البرازيل نظمت دورة أوليمبية فما هو المانع أن تفكر مصر في تنظيمها.. سؤال مطروح كل يوم لأن أوجه شبه كثيرة تجمع بين أحوال البرازيل وأحوال مصر.. ويقولون » والعهدة علي علاء جبر سكرتير عام اللجنة الأوليمبية» إن اللجنة الأوليمبية الدولية تتمني لو نظمت دولة أفريقية الأوليمبياد بعد أن »دارت» في كل قارات الدنيا وظلت بعيدة عن أفريقيا.. وأن توماس باخ فكر في ذلك عندما عرف ببناء عاصمة إدارية جديدة مدعمة بمنشآت أوليمبية. الإفلات من المأزق وببراعة شديدة تؤكد القدرة علي التخلص من داء التهور والعشوائية وثقافة الفهلوة والصوت العالي.. أفلتت البعثة من مأزق وتوابع واقعة إسلام الشهابي مع اللاعب الإسرائيلي ورفض مصافحته بهدوء ودبلوماسية وتعقل وتخطيط قبل الحوار والاستجواب في لجنة القيم التابعة للجنة الأوليمبية الدولية.. وكانت هناك مخاطر حقيقية أن يتم اعتبار تصرف اللاعب عنصرية وأن يثبت في يقين اللجنة أن اللاعب تعرض للتحريض.. ولم يتهور الوزير وإدارة البعثة وهما يركزان علي إقناع اللجنة بأن التصرف فردي بنسبة 100%.. وتغيرت الصياغات كثيرا في الخطاب الأخير لأن شعرة رفيعة جدا فصلت بين انفراد اللاعب باتخاذ قرار عدم المصافحة وبين كيفية إثبات ذلك للمحققين وماظهر أحيانا كما لوكان تقليلا من شأنه عند الإشارة إلي أن ثقافة اللاعب ليست متسعة لأن يستوعب خطورة مايفعله.. وتم تعديل الصياغة احتراما له وعدم المساس بتركيبته الشخصية.. وهم في البعثة يقدرون ويحترمون فيه الصدق ورفض الكذب حتي وهو في التحقيق.. فكان يصمت إذا لم يرغب في قول الحقيقة لتجنب تصعيد المشكلة.. بل ظل صامتا أمام كل تساؤلات البعثة نفسها وربما حتي لم يرد علي زملائه ومدربيه وإدارييه.. وكان هذا الصمت قاتلا للبعثة ومثيرا لمخاوفها.. تكرار التصيد نجاح مؤكد في استصدار أقل عقوبة وهي توجيه اللوم للشهابي علي فعلته وتذكيره بالروح الرياضية والمواثيق الأوليمبية واحترام المنافسين.. وهي واحدة من الأحداث التي اصطاد بها المتربصون البعثة ومسحوا بها الأرض.. لماذا؟ لانعرف !.. وهو تكرار للصيد بعد ردود فعل رفع العلم السعودي وبعد استلام اللاعبين للزي الجديد الرسمي ولما سارت البعثة في طابور العرض وقالوا »الشكل حاجة تكسف».. ليه يكسف ؟ لانعرف.. حتي السفير المصري في البرازيل واكب الجديد الذي قدمه المصريون.. هو الوحيد بين كل السفراء الذي لم يظهر مرتديا بدلة.. كان متواجدا كل يوم تقريبا بالقميص والبنطلون وبتفاعل صادق واستعداد تام لتقديم الخدمة.. .. هو السفير الذي ظهر في كل المشاكل لحلها.. وهو الذي غادر أمس وجاء إلي القرية الأوليمبية لمصافحتنا والتوجه إلي برازيليا.. وقال لي إنه سيتابع تصويت البرلمان البرازيلي علي إقالة الرئيسة السابقة المقالة الآن مؤقتا.. ثم سيعود مع وصول بعثة مصر المشاركة في الدورة البارالمبية..