طائرات تحلق في سماء المعتصميين وتبعث رسائل لناظريها، ومنشورات تتساقط كالمطر، وأخبار مفبركة، وشائعات هنا وهناك منها ما يستهدف التشويه، وأخرى تخلق من الأوهام بطولات .. مشاهد أصبحث جزء من حياة المصريين وكأننا في العصر النازي ودعاية جوبلز لهتلر، أو نعيش زمن الحرب الباردة، ولكن في الحقيقة لم تعلن الحرب بعد لذا يمكن أن نصفها بالحرب الخفية أو بالأصح الحرب النفسية (حرب غسيل الأدمغة، وتحطيم المعنويات) كما يسميها علماء النفس. بدأت ملامح تلك الحرب تظهر قبل 30 يوينو كسلاح يستخدمه كلا من مؤيدي ومعارضي الرئيس المعزول محمد مرسي كوسيلة لإحراز الأهداف مثل شاعات المؤيدين عن حالات تحرش بالتحرير، وقيادة فلول النظام السابق تظاهرات التحرير، وكذلك شائعات المعارضيين عن الأسلحة الكثيفة المتواجدة مع جماعة الإخوان المسلمين، ومحاولات اعتداء الجماعة على متظاهري التحرير بالتعاون مع حماس، إلا أنه بعد بيان الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي للفريق عبد الفتاح السياسي، وزير الدفاع، أخذت الأمور تتزايد بشكل كبير ومضاد لمؤيدي مرسي بالأساس مستهدفة تشويهم، ومتجاوزة حدود الأخلاق، خاصة بعد غلق القنوات الخاصة بهم واعتقال العاملين بها، فالسماء أصبحت مفتوحة لشائعات عن تواجد عناصر أجنبية مع متظاهري رابعة العدوية المؤيدين، وعن جهاد النكاح، وحديث آخر عن المتظاهرين المأجورين والتظاهر الجبري تحت سلاح التهديد بالقتل وغيره. " أكذب أكذب حتى يصدقك الناس" هكذا قالها جوزيف جوبلز، وزير الدعاية النازي، ورفيق هتلر، وأخذتها عنه وسائل الإعلام التي لم يطولها سيف متخذي القرار بالغلق، وسد الأفواه، حتى أصبحت تلك الشائعات حقائق منتشرة وراسخة في الأذهان لا تقبل النكران وأن ما عداه درب من الخيال، كما بدأ الأمر في أحداث مجزرة الفجر التي طالعنا خلالها متحدثي الداخلية والجيش يؤكدنا أن قوات التأمين الحرس الجمهوري كانت في حالة دفاع عن النفس تجاه اعتداء عليها بالسلاح من قبل االمعتصمين رغم الشواهد التي دلت على أن المعتصمين كانوا عزل يصلون حتي راح منها العشرات وأصيب المئات، وكذلك الحال في الرواية الكاذبة التي رواها المتحدث العسكري عن الطفلة التي وجدت مصابة في سيارة كانت تستهدف قائد الجيش الميداني، والتي سرعان ما كذبها شهود العيان بأن الجيش هو الذي أخذ بالضرب حتي استهدفت النيران الطفلة وماتت، وغيره من الحقائق التي عزف الناس عن تصديقها وسط ألة الكذب المدعومة بالفيديوهات المفبركة التي تشحن المواطنين كل يوم بالعداء للآخر ليس من رافضي الانقلاب فقط بل اللائجين من السوريين والمقيمين من الفلسطينين. ويبقي السؤال هل ستبقي تلك الشائعات كالسوس الذي ينخر في الخشب حتي يتلفه، وتتحقق أهداف مروجيه، والتي يظن الكثير من العقلاء أنها ستدفع البلاد إلى مالا يحمد عقباه، وهل سيتمكن الطرف الآخر المستهدف من الشائعات من إثبات زيفها للجموع الكثيرة، وهل يكف هو الآخر عن إطلاق الشائعات مع توظيف ما هو ضده في صالحه، وهل ستنجح وسائل التواصل الإجتماعي، والقنوات المفتوحة التي يملك الضئيل منها الحقيقة في إقناع الناس أم فات القطار؟.