تشهد الليرة التركية نزيفا متواصلا، منذ بدء العام الحالي، أمام الدولار الأميركي، فقدت خلاله 21% من قيمتها، جعل مستثمرين يخشون تأثير الأوضاع السياسية والانتخابات المقبلة على الوضع الاقتصادي للدولة، فيما حذرت الحكومة من تلاعب «جهات» بالليرة من أجل التأثير على الناخبين. وشدد الحكومة التركية، على قدرتها على تحمل كل التبعات، ومواجهة التحديات التي تتطلبها المرحلة، لافتة إلى أنها تمكنت من تخطي كل الصعوبات التي وضعت أمام مسيرتها وتطورها منذ 2014 ولغاية اليوم، المتمثلة في تنظيم 4 انتخابات خلال عامي 2014 و2015، ومحاولة انقلاب فاشلة، وإرهاب تنظيمي «الدولة الإسلامية» «بي كا كا»، والتطورات في سوريا، وعمليتي «درع الفرات» و«غصن الزيتون». تراجع الليرة التركية وتواصل الليرة التركية تراجعها خلال الفترة الحالية، لتسجل أدنى مستوى وصلت إليه، وبلغت قيمتها أمام الدولار اليوم 4.92 ليرة للدولار الأميركي. كانت العملة التركية قد سجلت تراجعا في الساعات السابقة وصلت إلى 4.7500 ليرة للدولار الأميركي، مقلصة خسائرها بعد أن لامست مستوى منخفضا قياسيا عند 4.8450 خلال الليل، وفقدت العملة 21 بالمئة من قيمتها منذ بداية السنة. وتوقعت وكالة «بلومبيرغ»، في تقرير لها، أمس الثلاثاء، أن تصل الليرة التركية، بحلول الأسبوع المقبل، إلى مستوى 4.75 ليرات مقابل الدولار الأميركي، في حال عدم اتخاذ إجراءات اقتصادية لدعم الليرة، ولكن الواقع فاق توقعات الوكالة. «فيتش» تحذر وحذرت وكالة فيتش بشأن مسعى الرئيس التركي لتعزيز السيطرة على البنك المركزي، قائلة إن خطاب الرئيس قد يفرض مزيدا من الضغوط على تصنيف الدين السيادي التركي. وكان أردوغان صرح، الأسبوع الماضي، خلال زيارة إلى لندن، بأنه يريد فرض سيطرة أكبر على السياسة النقدية بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر أن تُجرى في 24 يونيو. وقالت فيتش إن «السياسة النقدية في تركيا تخضع منذ وقت طويل لقيود سياسية، لكن التهديد الواضح بكبح استقلالية البنك المركزي يزيد المخاطر التي تحدق بمناخ صناعة السياسات وفعاليتها»، بحسب رويترز. وأضافت «تزايد التآكل في استقلالية السياسة النقدية سيفرض مزيدا من الضغوط على التصنيف الائتماني السيادي لتركيا». وتخالف الحكومة التركية بعض سياسات البنك المركزي؛ حيث يرى الأخير، ضرورة رفع سعر الفائدة حتى يتم السيطرة على معدلات التضخم التي وصلت إلى 13%، وهي أعلى نسبة منذ 10 سنوات، وهو ما يخدم مصالحهم في رفع حجم الودائع، فيما ترى الحكومة أن رفعها سيؤثر سلبا على خطط الحكومة الاستثمارية والتوسعية. التأثير على الانتخابات ونفت الحكومة التركية، أن يحقق ما اعتبرته «التلاعب في العملة التركية» النيل من العملية الانتخابية المقررة في يونيو 2018، والتي أعلن عنها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخرا. وقال المتحدث باسم الحكومة التركية، بكر بوزداغ، إن «من يعتقد أنّ التلاعب بسعر صرف الليرة سيغير من نتائج الانتخابات المقبلة مخطئ؛ فالشعب كشف اللعبة ومن يقف وراءها، ولن يسمح لأحد بالنيل من تركيا». وأضاف بوزداغ: «ندرك جيدا وجود إرادة تسعى للتأثير على الناخبين الأتراك عبر رفع سعر الدولار أمام الليرة التركية، قبيل انتخابات 24 يونيو المقبل. نعرف قواعد الاقتصاد، ونؤكد أن اقتصادنا قوي». وحذر بوزداغ من أن الجهات التي تقف وراء رفع سعر صرف الدولار أمام الليرة التركية «ستقوم بعمل الكثير من المؤامرات» قبيل الانتخابات، دون أن يحدد الجهة المقصودة، مؤكدا على الثقة في تخطي البلاد كل الصعوبات كما نجحت في السابق. لماذا تتراجع الليرة التركية أحد الأسباب التي دفعت الليرة التركية للتراجع أمام الدولار الأميركي، ونزيفها المتواصل، قرار الفيدرالي الأميركي، لزيادة أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة بشكل عاجل، وهو ما اعتبره خبراء واقتصاديون، أن اتخاذ هذا القرار سيؤثر سلبا علي الأسواق العالمية، خاصة الناشئة منها. وفي تصريحات سابقة ل«رصد»، أكد خبراء أن إقدام الولاياتالمتحدة على رفع الفائدة، خلال الفترة المقبلة، سينتج عنه تسجيل أعلى معدلات لعائدات السندات الأميركية خلال الثلاثة عقود الماضية، ومن ثم جذب أنظار أكبر قدر من المستثمرين على مستوى العالم للاستفادة من معدلات الفائدة المرتفعة تلك، ومن ثم سحب الاستثمارات من دول أخرى، وهو ما يدفع إلى خفض عملاتها أمام الدولار. ومن أهم العوامل المؤثرة على سعر العملة، هو «ميزان المدفوعات» التركي، وأمس، قالت وكالة ستاندرد آند بورز جلوبال للتصنيف الإئتماني إن هناك قلقا من أن وضع ميزان المدفوعات يتدهور، وأنه بدأ فعلا في إلحاق ضرر بالنمو والمالية العامة بوتيرة أسرع. وأحد الأسباب المهمة التي تؤثر في العملة المحلية لأي دولة، الاستقرار السياسي، وتمر حاليا تركيا، بأوقات حرجة، بعد أن أعلن أردوغان تقديم موعد الانتخابات التركية لتحل في 24 يونيو، بعد طلب قدمه أحد الأحزاب المعارضة، كما أن التدخل التركي في سوريا، من أجل حماية حدودها من الجماعات والحركات الكردية، أسهم في عدم استقرار الوضع السياسي للدولة.