تنسيق الثانوية العامة 2025.. كليات المرحلة الثالثة من 50% أدبي    فلكيا.. موعد المولد النبوي الشريف 2025 في مصر وعدد أيام الإجازة الرسمية للموظفين والبنوك    عيار 21 الآن.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الأربعاء 20 أغسطس 2025 بالصاغة بعد آخر انخفاض    6 رسائل مهمة من مدبولي أمام مجلس الأعمال المصري الياباني بطوكيو    الاسكان توضح موقف قرار سحب الأرض المخصصة لنادى الزمالك    بينها إعادة تفعيل اتفاق 1974.. تفاصيل لقاء وزير الخارجية السوري ووفد إسرائيلي في فرنسا    رسالة نار المعاداة لن تمر دون رد.. شرارة حرب بين نتنياهو وماكرون بسبب فلسطين    سخط متصاعد بين جنود الاحتياط في إسرائيل مع استمرار حرب غزة    «عايزين توصلونا ل إيه؟».. مدرب بيراميدز ينفجر غضبًا ضد الحكام    دغموم المتصدر.. ترتيب هدافي الدوري المصري قبل بداية مباريات اليوم الأربعاء 20 أغسطس 2025    هشام نصر يكشف كواليس أزمة سحب أرض الزمالك بأكتوبر: "قرار مفاجئ خلال 24 ساعة ونحن جاهزون للتفاوض"    مفاجآت نارية.. ثلاثي الأهلي بين أبرز المستبعدين من معسكر منتخب مصر وإصابات تهدد آخرين    تعديل موعد جنازة والد محمد الشناوي.. اعرف السبب    «مفتوحة ومجانية».. تردد قناة ثمانية الناقلة لمباراة الأهلي والقادسية في السوبر السعودي    أول بيان من «الداخلية» بشأن إجراء شخص مكالمة إباحية والادعاء بكونه مساعد وزير    كتم أنفاسها 10 دقائق بمعاونة شريكه.. كيف أنهى القاضي حياة زوجته شيماء جمال ؟ (قصة كاملة)    محافظ شمال سيناء يلتقى رئيس جامعة العريش    إدانة أممية: إسرائيل تقوّض العمل الإنساني وتقتل 181 إغاثيًا في غزة    مصطفى قمر يهنئ عمرو دياب بألبومه الجديد: هعملك أغنية مخصوص    جولة ميدانية لنائب محافظ قنا لمتابعة انتظام عمل الوحدات الصحية    ارتفاع الصادرات المصرية بنسبة 22% في النصف الأول من 2025    والدة شيماء جمال بعد إعدام القاضي أيمن حجاج وشريكه: كدا أقدر آخد عزاها وهدبح عجل    شديد الحرارة، الأرصاد تعلن حالة الطقس اليوم الأربعاء    تأجيل الجمعية العمومية لشعبة المحررين الاقتصاديين ل26 أغسطس    ب 3 رصاصات غادرة، نهاية مأساوية ل "ملكة نيويورك" عن عمر يناهز 33 عاما (صور)    محافظ دمياط يترأس اجتماع لجنة اختيار القيادات    أكلة لذيذة واقتصادية، طريقة عمل كفتة الأرز    بالزغاريد والدموع.. والدة شيماء جمال تعلن موعد العزاء.. وتؤكد: ربنا رجعلها حقها    دفاع قاتل الإعلامية شيماء جمال يكشف تفاصيل تنفيذ حكم الإعدام للمتهمين    المقاولون يهنئ محمد صلاح بعد فوزه بجائزة أفضل لاعب فى الدوري الإنجليزي    البيت الأبيض: بوتين أبلغ ترامب استعداده للقاء زيلينسكي قريبا    1 سبتمر.. اختبار حاصلى الثانوية العامة السعودية للالتحاق بالجامعات الحكومية    نقابة الصحفيين تعلن المرشحون للفوز بجائزة محمد عيسى الشرقاوي «للتغطية الخارجية»    «كنت بفرح بالهدايا زي الأطفال».. أنوسة كوتة تستعيد ذكريات زوجها الراحل محمد رحيم في عيد ميلاده    أحمد العجوز: لن نصمت عن الأخطاء التحكيمية التي أضرت بالإسماعيلي    ملخص وأهداف مباراة الريال ضد أوساسونا فى الدوري الإسباني    رئيس وكالة «جايكا» اليابانية مع انعقاد قمة «التيكاد»: إفريقيا ذات تنوع وفرص غير عادية    «مصنوعة خصيصًا لها».. هدية فاخرة ل«الدكتورة يومي» من زوجها الملياردير تثير تفاعلًا (فيديو)    أسعار الفراخ البيضاء والبلدي وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الأربعاء 20 أغسطس 2025    حملة مسائية بحي عتاقة لإزالة الإشغالات وفتح السيولة المرورية بشوارع السويس.. صور    شاهد.. رد فعل فتاة في أمريكا تتذوق طعم «العيش البلدي المصري» لأول مرة    بعيدًا عن الشائعات.. محمود سعد يطمئن جمهور أنغام على حالتها الصحية    هشام يكن: أنا أول من ضم محمد صلاح لمنتخب مصر لأنه لاعب كبير    تخريج دفعة جديدة من دبلومة العلوم اللاهوتية والكنسية بإكليريكية الإسكندرية بيد قداسة البابا    تنفيذ حكم الإعدام في قاتل المذيعة شيماء جمال وشريكه    حدث بالفن| سرقة فنانة ورقص منى زكي وأحمد حلمي وتعليق دينا الشربيني على توقف فيلمها مع كريم محمود عبدالعزيز    السيطرة على حريق بأسطح منازل بمدينة الأقصر وإصابة 6 مواطنين باختناقات طفيفة    كاتس يجتمع مع زامير للتصديق على خطة احتلال مدينة غزة    الرقابة على الصادرات: 24.5 مليار دولار قيمة صادرات مصر في النصف الأول من 2025    تحتوي على مواد مسرطنة، خبيرة تغذية تكشف أضرار النودلز (فيديو)    رئيس الرقابة على الصادرات: معمل اختبار الطفايات المصري الثالث عالميا بقدرات فريدة    هل الكلام أثناء الوضوء يبطله؟.. أمين الفتوى يجيب    تعدّى على أبيه دفاعاً عن أمه.. والأم تسأل عن الحكم وأمين الفتوى يرد    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    أمين الفتوى ل الستات مايعرفوش يكدبوا: لا توجد صداقة بين الرجل والمرأة.. فيديو    الشيخ خالد الجندى: افعلوا هذه الأمور ابتغاء مرضاة الله    بالصور- افتتاح مقر التأمين الصحي بواحة بلاط في الوادي الجديد    «100 يوم صحة» تقدم 52.9 مليون خدمة طبية مجانية خلال 34 يومًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترامب والفالنتاين: من البيت الأبيض إلى "داعش" مع كل الحب
نشر في شبكة رصد الإخبارية يوم 15 - 02 - 2017

يتأهل ترامب ليكون أسوأ رئيس أمريكي في التاريخ، إلا أن الفوضى التي ستشعلها إدارته في الشرق الأوسط ستكون أحط الحضيض.
كان جورج دبليو بوش قد حطم الرقم القياسي بالفوز بلقب أسوأ رئيس أمريكي في التاريخ.
فقد كان قبل الحادي عشر من سبتمبر قد تجاهل تحذيرات وصلته بأن الهجمات كانت وشيكة، وفشل في التعامل مع إعصار كاترينا، وانسحب من اتفاقية "كيوتو" التي كان الهدف منها تقليص انبعاث الغاز المسبب للاحتباس الحراري، ووضع الولايات المتحدة على سكة تقودها لا محالة نحو التصادم مع روسيا من خلال تمزيقه لمعاهدة منع انتشار الصواريخ الباليستية التي وقعت في عام 1972، وأبطل مفعول مواد معاهدة جنيف التي تحظر اللجوء إلى التعذيب، ناهيك عن أن غزوه للعراق بناء على معلومات استخباراتية مكذوبة أشعل النيران في المنطقة، وما زالت هذه النيران تستعر وتحرق الأخضر واليابس حتى يومنا هذا.
إلا أن الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية أثبت منذ اللحظات الأولى أنه منافس جيد على اللقب، فقد أصدر أمرا تنفيذيا ما لبثت المحاكم أن أبطلته، وقرر إلغاء برنامج الرعاية الصحية الذي أنجزه أوباما دون أن تكون لديه أدنى فكرة عن البديل، وأصدر أوامره بشن هجوم على قرية صغيرة في اليمن تمخض عن مقتل 23 مدنيا بما في ذلك طفل حديث الولادة وأودى بحياة أحد عناصر القوة الخاصة التي قامت بالإنزال وأهلك طائرة كلفت الخزينة الأمريكية سبعين مليون دولار.
ثم ما لبث أحد أهم الشخصيات التي عينها في إدارته، وهو مستشاره للأمن القومي مايكل فلين، أن استقال بعد أن ثبت أنه كذب على نائب الرئيس بشأن تواصله مع السفير الروسي في واشنطن. ولا يزال سيف الديمقراطيين مشرعا يلوح فوق رأس رئيس موظفي البيت الأبيض رينس بريباس الذي تنقصه الكفاءة، وكذلك فوق رأس شون سبايسر المتحدث باسم البيت الأبيض الذي تنقصه اللياقة. ولعل سبايسر صاحب الفضل في تصاعد شعبية البرنامج التلفزيوني الساخر الذي تقدمه ميليسا مكارثي على الهواء مباشرة مساء كل سبت والذي أصبحت مشاهدته إجبارية، وخاصة بالنسبة لترامب ذاته.
وشهدت الأيام الأولى من استلامه للسلطة استقالة جموع من موظفي الدولة، وبات مجلس الأمن القومي في حالة من الفوضى التامة. ناهيك عن أن ترامب أهان رئيس المكسيك، وأهان القضاة الذين أبطلوا قراره حول المهاجرين، كما أنه أهان كلاً من جون ماكين وآرنولد شوارزنيغر وميريل ستريب، بالإضافة إلى ما يزيد على ثلاثمائة شخصية أخرى أوردت صحيفة "النيويورك تايمز" قائمة بأسمائها.
وهذا إنجاز ليس بالبسيط خلال أول 26 يوما فقط من وجوده على رأس عمله. ولكن، ما من شك في أن استقالة فلين التي فرضت عليه رغما عنه تسبب إشكالًا كبيرا بالنسبة لأفراد طاقمه من قادة عسكريين عفا عليهم الزمن وعنصريين يعتقدون بتفوق البيض على سواهم من البشر ومسيحيين تبشيريين وزمر من المهللين والمروجين لماركة ترامب.
تحطيم جميع القوالب؟
حتى يتمكن خليفة فلين من إعادة توجيه السفينة ووضعها في مسارها الصحيح فإنه بحاجة إلى أن يكون ذا خبرة سياسية جيدة وإلى التحلي بدرجة معقولة من البراغماتية –وهي نفس المواصفات التي يدعي منظرو ثورة ترامب ستيف بانون وستيفين ميلر أنها هي التي لوثت مستنقع واشنطن. وبناء على هذه المعطيات، فإن أكثر المرشحين حظا هو مدير السي آي إيه (وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية) السابق دافيد بيترايوس الذي بدأ بإطفاء ألسنة نيران الطائفية التي أشعلها الجيش الأمريكي في العراق، فهو الذي رعى تشكيل الصحوات بالتعاون مع زعماء العشائر السنية في العراق.
إلا أن مشكلة بيترايوس تكمن في البضاعة التي يحملها معه، فهو من الناحية السياسية قريب من هيلاري كلينتون، وكان اسمه قد ورد كمرشح لمنصب وزير الخارجية في إدارتها لو فازت بالرئاسة، كما أنه مازال يتعافى من انتكاسة كبيرة تعرض لها نالت من سمعته ومن مكانته. ومع ذلك، فإن طموح بيترايوس لا يعرف الحدود والرجل مفطور على المنافسة. من الناحية البدنية، حجمه صغير ووسطه دقيق، وكان ذات مرة قد تفاخر بأنه تمكن من التغلب على جندي من جنود البحرية كان مرافقا له بينما كان يؤدي رياضة الركض اليومية حول حديقة هايد بارك رغم أنه لم يتجاوز نصف عمره.
منافسه في ذلك هو نائب قائد القوات الخاصة الأمريكية "سينتكوم" السابق روبرت هوارد. على النقيض من بيترايوس، يفضل هوارد البقاء في ما وراء الكواليس.
في تصريح لموقع بوليتيكو، قال السفير السابق كريس هيل واصفا هوارد: "إنه شخص يحسن تقديم التقارير، وبإمكانه أن ينسق بشكل جيد أعمال عدة وكالات، ويجيد العمل مع الآخرين، وليس من النوع الذي يرى نفسه أكثر أهمية من كل الآخرين".
كم هو مستغرب أن تولي الإدارة الأمريكية تلك الأهمية للخصال المشكلة للقوالب، رغم أن ديدنها هو تحطيم القوالب. ولعل عودة ظهور بيترايوس كرجل محنك وصاحب خبرة ينبئ بالكثير عن طبيعة ما يجري اليوم من تنافس.
كان بيترايوس قد توصل إلى قناعة بأن إلحاق الهزيمة بالقاعدة في العراق يتطلب عزل المجموعة ليس فقط عن قاعدتها السنية العشائرية ولكن أيضا عن غيرها من الجماعات الإسلامية، والتي كانت دوافعها لقتال الغزاة قومية أكثر منها كونية أو دينية.
في تلك الأثناء تعلم بأن يرى القاعدة كما لو كانت عبارة عن ائتلاف من القوى المختلفة، ووضع استراتيجية لتفكيك الإسلام الراديكالي وعزل مكوناته، وأدرك أن أهم جزء في هذه المهمة لا يمكن إنجازه سوى بأيدي الإسلاميين أنفسهم.
الدكتاتورية أو "داعش"
أما الآن فإن العكس تماما هو الذي يسعى إلى تطبيقه أولئك الذين يحاولون ملء خزان ترامب الخاوي لمعالجة الفضلات بمختلف السموم الصادرة عن كل واحد منهم. ديدنهم هو الخلط بين الإسلام السياسي والإسلام الراديكالي، وبين من يمارسون العنف ومن لا يقرونه، ويسعون إلى سحق المعتدلين الذين يشكلون تهديدا سياسيا حقيقيا لتوجهاتهم السلطوية.
دوافعهم شخصية بحتة، وتتمثل في الرغبة في الإبقاء على الأنظمة التي تمارس التعذيب والقمع والقهر والاستبداد من خلال الخوض في لعبة ذات محصلة صفرية: فإما الدكتاتورية وإما "داعش". وهذه صيغة مجربة ووقعت ممارستها من قبل القادة العسكريين الميدانيين لما يزيد على سبعين عاما، إلا أنها لن تحل أيا من مشاكل المنطقة.
هؤلاء هم الطغاة والحكام المستبدون المهيمنون في الشرق الأوسط والذين أوصلوا أربعة من الأقطار العربية إلى الفشل الذريع. لقد سعى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى تحويل تمرد محلي في سيناء إلى صراع ذي طابع دولي، ومن خلال سحقه للإسلام السياسي في بلاده فإنه يعمد الآن إلى تنشئة جيل جديد من عناصر القاعدة داخل سجونه.
وكان ترامب قد أقنع السيسي نيابة عن إسرائيل بسحب مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يتعلق بالمستوطنات الإسرائيلية.
يكمن من وراء السيسي محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي، تلك الإمارة التي يوجد فيها ملعب الغولف التابع لترامب. يعتقد محمد بن زايد أنه في حرب مقدسة هدفها تدمير الإخوان المسلمين حيثما استطاع الوصول إليهم وضربهم: في اليمن وفي مصر وفي ليبيا وفي تونس. لم يزل ذلك هو الهدف المركزي للسياسة الخارجية التي تنتهجها دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو هدف يتقدم على كل هدف سواه بما في ذلك الوقوف في وجه إيران وصدها أو حتى محاربة تنظيم الدولة الإسلامية ذاتها.
وفي ليبيا، يتركز كل المجهود الحربي للجنرال الليبي المنشق خليفة حفتر، والمدعوم من قبل مصر والإمارات، على القتال ضد المليشيات الليبية المنافسة، ولم يحصل أن مس بسوء أيا من عناصر تنظيم الدولة في سرت، بل على العكس من ذلك تماما، فقد بادرت قواته كلما استطاعت إلى ذلك سبيلا بتوفير سبل الخلاص والفرار لمنتسبي التنظيم وفك ضائقتهم. وفي اليمن، تتمثل سياسة الإمارات في حرمان التجمع اليميني للإصلاح، المرتبط بجماعة الإخوان المسلمين، من قطف ثمار حرب التحرير، وهذا الهدف بالنسبة للإماراتيين أهم بكثير من إسقاط حكم الحوثيين أنفسهم.
وأخيرا، لدينا عاهل المملكة العربية السعودية الملك سلمان الذي يمسك ابنه الشاب محمد بن سلمان بكافة مقاليد الأمور. ومحمد بن سلمان هذا هو الذي وضع اسم جماعة الإخوان المسلمين في المرتبة الثالثة ضمن قائمة أعداء المملكة العربية السعودية، وذلك بعد إيران وتنظيم الدولة الإسلامية، كما صرح بذلك في لقاء له بمجموعة من الصحفيين.
حماية لأنفسهم أولا وأخيرا
كل هؤلاء يحثون ترامب ويحرضونه على إصدار أمر تنفيذي يصنف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، وذلك على النقيض مما تنصح به وكالة الاستخبارات المركزية (السي آي إيه)، بحسب ما ورد في مذكرة نشرها موقع بوليتيكو. ينبغي على الواقعيين ضمن عصبة ترامب المحاصرة إدراك أن السيسي وسلمان ومحمد بن زايد إنما يسعون إلى إنقاذ أنفسهم وحماية عروشهم وأنهم إنما يخشون "الإخوان المسلمين" لأنها، وكما ورد في الافتتاحية الرسمية لصحيفة "نيويورك تايمز" هي "الجماعة الإسلامية الأكبر نفوذا والأعظم تأثيرا في الشرق الأوسط".
وبحسب ما قدم من وثائق في سياق التحقيق الذي أجرته لجنة الخارجية في البرلمان البريطاني بشأن الإخوان المسلمين يقدر عدد أعضاء الجماعة في مصر وحدها بما لا يقل عن مليون عضو، وهذا يزيد على ضعف عدد أعضاء حزب العمال في بريطانيا، والذي يعتبر أكبر الأحزاب السياسية في أوروبا على الإطلاق.
ينبغي على ترامب أن يتعلم من تجربة دافيد كاميرون أن مصلحة الإمارات والسعودية ومصر ليست في محاذاة المصلحة البريطانية. وكان كاميرون قد خضع لابن زايد الذي حرضه على حظر جماعة الإخوان المسلمين، فلجأ في مخاض عسير ومؤلم إلى فتح تحقيق في الجماعة برئاسة سفير المملكة المتحدة السابق لدى المملكة العربية السعودية السير جون جينكنز. ولعل من الشهادات التي أحبطت المشروع تلك الإفادة التي تقدم بها جهاز المخابرات البريطانية المعني بالشؤون الخارجية "MI6" والذي أكد عدم وجود أي ارتباط لجماعة الإخوان المسلمين بالإرهاب في مصر.
لم ينشر النص الكامل لتقرير جينكينز حتى الآن، وكل الذي نشر عنه كان ملخصا من إحدى عشرة صفحة، وذلك بسبب خوف الحكومة من الملاحقة القانونية أمام القضاء البريطاني. على ترامب أيضا أن يتوقع نشوب معركة في أروقة المحاكم الأمريكية إذا ما أقدم على اتخاذ قرار بحظر الجماعة.
أضف إلى ذلك أن جينكنز رفض الإدلاء بشهادته أمام لجنة التحقيق المستقلة التي شكلها البرلمان البريطاني، ما أفضى إلى رفض ما زعمه جينكنز من أن جماعة الإخوان المسلمين كانت بمثابة الجسر الذي عبر من خلاله أمثال أسامة بن لادن، وخلص التحقيق البرلماني بدلاً من ذلك إلى التأكيد على أن جماعة الإخوان المسلمين تظل واحدة من أقوى السدود المانعة في وجه انتشار التطرف.
نشاطات اللوبي
يوجد لدى زمرة ترامب من الأسباب الخاصة ما يجعلها تستهدف جماعة الإخوان المسلمين على الرغم من أنه لا يوجد لها تنظيم داخل الولايات المتحدة الأمريكية، وهدف هذه الزمرة في نهاية المطاف هو شن حرب على المنظمات الإسلامية القائمة والتي يتهمونها دونما دليل على الإطلاق بتشكيل واجهة للجماعة، وإغلاقها الواحدة تلو الأخرى.
يقول داود وليد، المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير)، وهي إحدى المنظمات الإسلامية الأمريكية التي تستهدفها عصابة ترامب: "ليست جماعة الإخوان المسلمين في عرف العنصريين اليمينيين المتحاملين على المسلمين سوى رمز يقصد به كل ما هو مسلم".
يمكن بكل بساطة أن يكون حظر جماعة الإخوان المسلمين في أمريكا مجرد سبيل آخر لتوسيع نطاق الحظر الصادر ضد المواطنين وضد اللاجئين من البلدان الإسلامية السبعة، وهو قرار الحظر الذي علقت تنفيذه المحاكم الأمريكية.
أعيد مؤخرا التقدم بمشروع قانون الحظر الذي بادر به السيناتور الجمهوري تيد كروز، كما أن وزير الخارجية الجديد ريكس تيلرسون كان قد وضع جماعة الإخوان المسلمين مع القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في سلة واحدة حينما أدلى بشهادته أما الكونغرس قبيل إقرار تعيينه في منصبه.
لم يدخر الإماراتيون بشكل خاص جهدا في مغازلة إدارة ترامب، فقد كانوا هم الذين حرضوا تيد كروز على التقدم بمشروع قانون الحظر، وبادر يوسف العتيبة، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى الولايات المتحدة الأمريكية، بفتح علاقة مهمة مع زوج ابنة ترامب، جاريد كوشنر. ولقد أورد موقع بوليتيكوفي تقريرا له يفيد بأن الاثنين في تواصل مستمر عبر الإيميل وعبر الهاتف.
لربما فاق قرار حظر جماعة الإخوان المسلمين فيما لو حصل من حيث سوء تداعياته ومساهمته في مفاقمة الأوضاع في الشرق الأوسط ما ادعاه جورج بوش من أن صدام حسين كان يمتلك أسلحة دمار شامل. فبمجرد إصداره سينجم عن ذلك القرار إغلاق باب السياسة في وجه ما تبقى من أكبر جماعة سياسية تنتشر في معظم البلدان العربية سواء تعرضت للاضطهاد من قبل أم لم تتعرض. هل يخدم ذلك المصالح الأمريكية؟ هل تريد الولايات المتحدة إخماد السياسة بشكل تام في منطقة الشرق الأوسط؟ هل تفضل التفاوض مع فاعلين عقلاء أم مع فاعلين غير عقلاء؟ على ترامب وإسرائيل أن يفكروا مليا في هذا الأمر. من يفضلون أن يكون حاكما في غزة، حماس أم داعش؟
مثل واحد من مستبدينا
سوف تتعرض علاقة الولايات المتحدة الأمريكية بأكبر ثاني جيش ضمن حلف الناتو -والذي يقوده إسلامي آخر هو رجب طيب أردوغان، إلى أن توضع تارة أخرى على المحك، ونفس الشيء سينطبق على علاقات الولايات المتحدة بما تطلق عليه لقب المعارضة السورية المعتدلة، والمكونة ولو جزئيا من إسلاميين. ناهيك عما سيكون عليه الحال مع إندونيسا وماليزيا والبلدان الأخرى ذات الأغلبيات المسلمة.
سوف يتلقى تنظيم الدولة الإسلامية أكبر هدية فالنتاين من ترامب، وهي هدية لم يكن ليخطر بباله أن يحصل عليها منذ الانقلاب العسكري الذي قاده عبد الفتاح السيسي في مصر في عام 2013، وهي السنة التي شكلت نقطة تحول في غاية الأهمية بالنسبة للتنظيم.
ورد في تغريدة بثها الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية ما يأتي: "غادرت فلوريدا للتو. الحشود الكبيرة والمؤيدون المتحمسون يصطفون على جانب الطريق، وهو ما ترفض وسائل إعلام الأخبار الكاذبة ذكره. غاية في الخداع".
بالنسبة للعيون العربية، يبدو حاكم أمريكا الجديد والمهووس بنفسه أمرا مألوفا جدا.
في مقال لها في صحيفة "نيويورك تايمز" بعنوان "سيسي أمريكي"، كتبت منى الطحاوي تقول إن صديقة لها في القاهرة قالت لها: "يبدو لي كما لو كان واحدا من مستبدينا". ويرى آخرون أن وعده بإعادة السلطة إلى الشعب يكاد يكون صورة طبق الأصل عن "سلطة الجماهير" التي رفع شعارها القذافي. بل لقد شوهد ترامب يرفع ذراعه لتحية الجماهير في كابيتول هيل قابضا يده في ما يشبه إلى حد كبير تلك التحية التي ألفها الناس من القذافي.
إلا أن ترامب يوشك أن يحاكي أفعال مستبدي الخليج كما يحاكي أقوالهم، وما من شك في أن ذلك سيصيب المنطقة في مقتل.
هذا المقال لا يعبر الا عن رأي كاتبه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.