أمين البحوث الإسلامية: قمة السلام بشرم الشيخ فرصة لتأكيد صوت الاعتدال والرحمة    خبير تربوي يكشف أسباب التعدي على المعلمين وكيفية معالجته    حسين هريدي: القمة المصرية السودانية بحثت جهود وقف حرب السودان والتحضير لاجتماع واشنطن    ارتفاع سعر جرام الذهب مساء اليوم الأربعاء، عيار 21 وصل لهذا المستوى    خلال أيام يبدأ صرف معاشات شهر نوفمبر 2025 لملايين المستفيدين    المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف يكشف حقيقة تقليص دوره في ملف غزة    حلف الناتو يبحث تعزيز القدرات العسكرية وتنفيذ الأهداف الجديدة    أوكرانيا تأمر بقطع الكهرباء بشكل طارئ ردا على الهجمات الروسية    بعد كشف جماعة أبو شباب، ظهور ميليشيا جديدة متعاونة مع الاحتلال في شمال غزة (فيديو)    الجيش الإسرائيلي يقتحم مدينة نابلس شمال الضفة الغربية    ريال مدريد ينافس برشلونة على ضم نجم بايرن ميونيخ    ترامب يهدد بنقل مباريات كأس العالم من مدن أمريكية «غير آمنة»    مفاجأة كاب فيردى ودرسها    تعليمات خاصة من ديفيز للاعبي يد الأهلي قبل مواجهة البوليس الرواندي    إيقاف إنزو ماريسكا وتغريمه بسبب احتفاله في مباراة ليفربول ضد تشيلسي    حبس شخصين بتهمة غسل 50 مليون جنيه حصيلة الاتجار بالمخدرات في القليوبية    أحكام تتراوح من عام للمؤبد على المتهمين بقتل شخص وإصابة آخرين في مشاجرة بطوخ    «التعليم»: 88% من طلاب الصف الأول الثانوي اختاروا نظام البكالوريا المصرية 2025-2026    بتهمة قتل صغيرتها والقائها في صندوق قمامة.. السجن المشدد 15 عاما لربة منزل بقنا    دنيا سمير غانم تحتل المرتبة الثانية كأعلى بطلة نسائية بسينمات مصر    هل أصيب أحمد عبد العزيز بالاكتئاب؟ الفنان يجيب    المتحف القومي للحضارة المصرية يحتفي باليوم العالمي للتراث الثقافي غير المادي بفعالية «حضارة وشعوب»    «أولاد الراعي» يجمع أحمد عيد بماجد المصري وخالد الصاوي في رمضان 2026    «نكديين ومش بيحبوا السهر».. 4 أبراج تفضل الهدوء على الخروج في عطلة نهاية الأسبوع    تعرف على أحدث إصدارات دار الكتب والوثائق القومية    الصحة العالمية: نموذج برنامج التطعيم الإجباري فى مصر يحُتذى به على مستوى العالم    «تجهز في 5 دقايق».. حضري طبق «السبانخ بالكريمة» وتمتتعي بالمذاق الشتوي (الطريقة والخطوات)    محافظ أسوان يشهد مراسم توقيع بروتوكول تعاون بين المحافظة والهيئة العامة للكتاب    برشلونة يعلن تمديد عقد دي يونج حتى 2029    انطلاق الدورة السادسة عشر من مهرجان المسرح العربى من 10 ل 16 يناير    هل يجوز شراء شقة بنظام التمويل العقارى بقصد الاستثمار؟.. أمين الفتوى يجيب    بعد دعوته للانعقاد.. تعرف على الضوابط التنظيمية للجلسة الافتتاحية لمجلس الشيوخ    حازم هلال: فخور بالانضمام لقائمة الخطيب.. ونسعى لاستكمال مسيرة الإنجازات    محافظ جنوب سيناء يبحث آليات البدء في تنفيذ مشروع محطة إنتاج الطاقة والهيدروجين الأخضر بمدينة الطور    الشيخ خالد الجندي: جنات عدن في القرآن رمز للخلود وتمام الأجر الإلهي    جامعة قناة السويس تنفذ برنامجًا تدريبيًا توعويًا بمدرسة الجلاء الابتدائية    ضبط 850 كيلو لحوم وأسماك غير صالحة للاستهلاك الآدمي بكفر الشيخ    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 15-10-2025 في محافظة الأقصر    صحة المنوفية تواصل استعداداتها للاعتماد من هيئة الاعتماد والرقابة    شفاء المرضى أهم من الشهرة العالمية    وزيرة التضامن: مصر قدمت نحو 600 ألف طن من المساعدات لقطاع غزة    وزير العمل يلتقي رئيس غرفة تجارة وصناعة قطر لتعزيز التعاون بالملفات المشتركة    شريف حلمي: الأكاديمية العربية شريك أساسي في إعداد كوادر مشروع الضبعة النووية    رفع كفاءة المنشآت لخدمة الشباب..محافظ الجيزة يتفقد مركز شباب المناجم بالواحات البحرية    وزير المالية: تحسن أداء الاقتصاد المصرى خلال الربع الأول من 2025-2026    الجامع الأزهر يقرر مد فترة التقديم لمسابقة بنك فيصل لذوى الهمم حتى 20 أكتوبر الجارى    بعد تعيينه شيخاً للمقارئ أحمد نعينع: أحمد الله على ما استعملنى فيه    إيفاد: الحلول القائمة على الطبيعة تحسن رطوبة التربة وتزيد كفاءة أنظمة الري    متحدث الحكومة: تمويل 128 ألف مشروع بالمحافظات الحدودية ب4.9 مليار جنيه    سلوك عدواني مرفوض.. «خطورة التنمر وآثاره» في ندوة توعوية ل«الأوقاف» بجامعة مطروح    حكم تشغيل القرآن الكريم عبر مكبرات الصوت قبل الفجر والجمعة    أول تعليق من وزير الشئون النيابية على فوز مصر بعضوية مجلس حقوق الإنسان    ب 20 مليون جنيه.. «الداخلية» توجه ضربات أمنية ل«مافيا الاتجار بالدولار» في المحافظات    عاجل- مجلس الوزراء يشيد باتفاق شرم الشيخ للسلام ويؤكد دعم مصر لمسار التسوية في الشرق الأوسط    الكرملين: بوتين سيجري محادثات مع الرئيس السوري اليوم    أسرة سوزي الأردنية تساندها قبل بدء ثاني جلسات محاكمتها في بث فيديوهات خادشة    رمضان السيد: ظهور أسامة نبيه في هذا التوقيت كان غير موفقًا    عمقها 30 مترًا.. وفاة 3 شباب انهارت عليهم حفرة خلال التنقيب عن الآثار بالفيوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رهانات التغيير الفاشلة في مصر - خليل العناني

لا تحتاج الأنظمة السلطوية إلى أكثر من معارضةٍ مفتتةٍ، ومنقسمة على نفسها، من أجل الاستمرار في السلطة. واستمرارها هذا، وإن كان يستند إلى القمع والقهر أكثر من أي شيء آخر، يكتسب قوة دفع متواصلة، باستمرار حالة التخبط والفشل التي تعيشها المعارضة. وهو وضع يزداد سوءاً كلما طرحت المعارضة، من دون أن تدري، طوق نجاة للمستبد، يمكن من خلاله إطالة أمد استبداده.
شيء من هذا القبيل يجري الآن في صفوف المعارضة المصرية التي يترواح أداء فصائلها، منذ انقلاب الثالث من يوليو 2013، ما بين المراهقة السياسية من جهة، والتناحر والتلاسن والانقسام من جهة أخرى. وينضوي تحت الأولى ما طرحه قبل أسابيع عصام حجي، المستشار العلمي السابق لرئيس الجمهورية المؤقت، عدلي منصور الذي لعب دور "المحلّل" للانقلاب العسكري في مصر عام 2013، تحت ما تسمي مبادرة "الفريق الرئاسي 2018"، والتي أعلن عنها في أحد البرامج التلفزيونية، قبل أن ينشر ملامحها العريضة على صفحته على "فيسبوك". لن أخوض في نيات حجي وهدفه من إطلاق مبادرته، وإنما سأركز على مضمون المبادرة، وما تهدف إلى تحقيقه، وما إذا كانت تستحق أخذها على محمل الجدية أم لا.
تتضمن المبادرة أهدافاً وشعارات عامة، لا تخلو من رومانسية واضحة، حيث تستهدف "محاربة الفقر والجهل والمرض، ويكون العدل والتعليم والصحة الأساس لتحقيق طموحات المصريين في أن تصبح مصر دولةً مدنيةَ ذات اقتصاد قوي، تستطيع من خلاله أن تحفظ كرامة الجميع". وعن كيفية تحقيق هذه الأهداف، يطرح حجي تشكيل "فريق رئاسي"، من أجل خوض الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها عام 2018. ويشير إلى أن مبادرته سوف "تنسق مع جميع أطراف القوى المدنية القائمة حالياً، للتوافق على أن تكون المحاور المذكورة أعلاه على رأس مهام الفريق الرئاسي المتفق عليه لخوض انتخابات الرئاسة في أقل من عامين حتى 2018، كما سيتم أيضا ترشيح تشكيل وزاري معلن مرافق للفريق الرئاسي كجزء من المبادرة".
أثارت مبادرة عصام حجي ردود فعل واسعة بعد صدورها، وانقسمت الآراء حولها إلى فريقين، الأول متحمس لها، ويراها تستحق النظر والتعامل معها بجدية وعدم رفضها بشكل مبدئي، وذلك وفق قاعدة "ليس في الإمكان أفضل مما كان". وينطلق هذا الفريق من أن المبادرة تمثل الطريق الأكثر واقعيةً للتعاطي مع النظام السلطوي القائم في مصر، وذلك من خلال اللعب بأدواته نفسها. أما الفريق الثاني فقد رفض المبادرة، سواء بشكل مبدئي، كونها لا تنسجم مع طموحاته، ولا تحقق أهدافه، أو بشكل موضوعي، باعتبارها غير واقعية، وأنها لن تغير كثيراً من الأوضاع، بل قد يستغلها النظام الحالي، لكسب شرعية ناقصة.
تواجه المبادرة أربع مشكلات رئيسية، بشكل يفقدها مبرّر طرحها ويقلل جدواها. يتعلق أولها بشرعية الطرح. فإلى أي شرعيةٍ تستند المبادرة ومن طرحها؟ فإذا كان من حق حجي، باعتباره مواطناً مصرياً، أن يطرح ما يشاء من أفكار ومبادرات لحلحلة الوضع الراهن في مصر، فإن المبادرة، بوصفها وثيقة سياسية، تفتقر لأي دعم أو قبول أو تأييد من القوى السياسية المختلفة التي أبدى معظمها تحفظه وتوجسه منها، وكأنها فخ منصوب لهم. ناهيك عن رفض بعضهم أن تأتي هذه المبادرة من شخصٍ كان، ولو رمزياً، ولكن سيسجّله التاريخ، جزءًا من نظام "3 يوليو" الذي أغلق المجال العام في مصر، وأمّم الحياة السياسية، وارتكب من المجازر ما لم يرتكبه المحتل البريطاني خلال سبعة عقود، وهو ما يطعن في مصداقية الرجل السياسية، ويجعل مبادرته تبدو كأنها محاولة لإعادة تسويق نفسه وتقديمها للجمهور.
ثانيها، رومانسية الطرح وسطحية المضمون. يغلب على لغة المبادرة ومضمونها الطابع الرومانسي السطحي الذي لا يدرك حجم المأساة السياسية والاجتماعية التي تعيشها مصر منذ أكثر من ثلاثة أعوام. فالمبادرة تتحدث وكأننا لا نزال نعيش في عصر مبارك الذي شهد مبادرات وتحركات عديدة خلال نصف العقد الأخير من حكمه، حتى جاءت ثورة يناير، لكي تهيل التراب على كل هذه المبادرات. وبافتراض أن النظام الحالي لن يقمع من يشاركون في هذه المبادرة، فإنه على يقينٍ بأنها لن تنجز شيئاً مما تطمح إليه، بسبب عموميتها وسطحيتها الشديدة.
ثالثها، السقف المنخفض للمبادرة. من الواضح أن المبادرة لا تهدف إلى تغيير النظام الحالي أو تحدّيه. بل على العكس، هي تقع ضمن قواعد اللعبة التي وضعها النظام السلطوي، وتلعب وفق شروطه. لذلك، لم تتعرض لقضايا كثيرة ملحة، واضطرت للقفز عليها، مثل كيفية التعاطي مع العسكر وموقعهم في الحياة السياسية، وملف المتورّطين في دماء مئات من المصريين، وهل ستتم محاسبتهم أم لا، وكيفية تحقيق المصالحة الاجتماعية، وإنهاء حالة الاحتقان الحالية. والأهم كيفية إعادة دمج من تم إقصاؤهم سياسياً طوال الأعوام الثلاثة الأخيرة. وهي ملفات لا يمكن لأحد القفز عليها، لو أراد أن يحقق تغييراً حقيقياً، وليس مجرد مناوشة النظام الحالي.
رابعها، معضلة التنفيذ. يرى حجي أن تنفيذ أهداف المبادرة سوف يتم من خلال "فريق رئاسي". وحقيقةً، لا أدري ماذا يقصد؟ فهل يقصد أن هذا "الفريق الرئاسي" سوف يخوض الانتخابات الرئاسية في 2018 مجتمعاً، أم من خلال شخص يمثله؟ وإذا كان الأمر كذلك، فمن هو هذا الشخص، وإلى أي الفصائل سوف ينتمي، وكيف سيتم اختياره، وما هي الكتلة الشعبية التي يمكن أن تدعمه؟ وبافتراض أن النظام الحالي سوف يسمح لهذا "الفريق الرئاسي" أن يتشكّل، ما هي خلفياته وانتماءاته السياسية والإيديولوجية؟ وهل هناك مجال أصلاً كي يلتقي هذا الفريق علي هدف واحد؟....إلخ.
أسئلة كثيرة تجعل من مبادرة عصام حجي مجرد حلم رومانسي صعب التحقّق، بل سيكون بمقدور النظام الحالي توظيفها من أجل شرعنة ممارساته السياسية، وهي حتما سوف تساعدة في إيجاد "كومبارس" جديد، ينافسه ظاهرياً في مسرحية هزلية، تُسمي مجازاً "الانتخابات"، على غرار ما حدث المرة الماضية.
هذا المقال لا يعبر الا عن رأي كاتبه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.