عملية "شبكة العنكبوت"، صور فضائية ترصد خسائر روسيا    مجلس الأمن يصوت اليوم على قرار لوقف دائم لإطلاق النار في غزة    ترامب يضاعف الرسوم الجمركية على الصلب والألومنيوم وسط تحذيرات أوروبية من رد سريع    وزير خارجية إيران: تخصيب اليورانيوم داخل أراضينا هو خطنا الأحمر    زلزال يضرب جزيرة «سيرام» في إندونيسيا بقوة الآن    دوري الأمم الأوروبية، قمة نارية اليوم بين ألمانيا والبرتغال في نصف النهائي    كامل الوزير: انتقال زيزو للأهلي احتراف .. وهذا ما يحتاجه الزمالك في الوقت الحالي    غرفة عمليات الشهادة الإعدادية تسلم أسئلة الامتحانات للجان سير الامتحانات    رابط نتيجة الصف الخامس الابتدائي الترم الثاني 2025 في جميع المحافظات    توافد الحجاج إلى"مشعر منى" لقضاء يوم التروية (فيديو)    سعر الذهب في مصر اليوم الأربعاء 4-6-2025 مع بداية التعاملات    انخفاض أسعار النفط بعد زيادة إنتاج مجموعة أوبك+    اليوم.. السيسي يتوجه إلى أبو ظبي للقاء رئيس دولة الإمارات    كامل الوزير: 70% نسبة تنفيذ الخط الأول من القطار السريع والتشغيل التجريبي يناير 2026    علي الهلباوي يحتفل مع جمهوره بعيد الأضحى في ساقية الصاوي    رشوان توفيق عن الراحلة سميحة أيوب: «مسابتنيش في حلوة ولا مرة»    طقس عيد الأضحى 2025 .. أجواء غير عادية تبدأ يوم عرفة وتستمر طوال أيام التشريق    بكام الطن؟ أسعار الأرز الشعير والأبيض اليوم الأربعاء 4 يونيو 2025 في أسواق الشرقية    النيابة تقرر حبس 5 متهمين بالتنقيب عن الآثار أسفل قصر ثقافة الطفل بالأقصر    ظهور وزير الرياضة في عزاء والدة عمرو الجنايني عضو لجنة التخطيط بالزمالك (صور)    «إنتوا هتجننونا».. خالد الغندور ينفعل على الهواء ويطالب بمنع زيزو من المشاركة مع الأهلي في المونديال    كامل الوزير: تذكرة المونوريل بنصف تكلفة بنزين السيارة    الدولار ب49.62 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأربعاء 4-6-2025    "مايكل وملاكه المفقود" لهنري آرثر جونز.. جديد قصور الثقافة في سلسلة آفاق عالمية    جيش الاحتلال يحذر سكان غزة من التوجه لمراكز توزيع المساعدات    مقتل محامٍ في كفر الشيخ.. ووكيل النقابة: اعتداء وحشي    مصرع وإصابة 17 شخصا في انقلاب ميكروباص بالمنيا    إصابة 14 شخصًا في انقلاب ميكروباص بالطريق الصحراوى الغربى بأسيوط    تنسيق 2025.. هؤلاء الطلاب مرشحون لجامعة "ساسكوني مصر"    رسميا.. رفع إيقاف قيد الزمالك    ليلى علوي تنعى الفنانة سميحة أيوب: "كانت الأم المشجعة دايمًا"    موعد أذان فجر الأربعاء 8 من ذي الحجة 2025.. ودعاء في جوف الليل    «احنا الأهلي».. رد صادم من ريبيرو على مواجهة ميسي    «شعار ذهبي».. تقارير تكشف مفاجأة ل بطل كأس العالم للأندية 2025    دعاء النبي في يوم التروية.. الأعمال المستحبة في الثامن من ذي الحجة وكيفية اغتنامه    «حسبي الله فيمن أذاني».. نجم الزمالك السابق يثير الجدل برسالة نارية    رئيس حزب الجيل: إخلاء سبيل 50 محبوسًا احتياطيًا من ثمار الجمهورية الجديدة    يُعد من الأصوات القليلة الصادقة داخل المعارضة .. سر الإبقاء على علاء عبد الفتاح خلف القضبان رغم انتهاء فترة عقوبته؟    90.1 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال جلسة منتصف الأسبوع    للتنظيف قبل العيد، خلطة طبيعية وآمنة لتذويب دهون المطبخ    تعرف على أهم المصادر المؤثرة في الموسيقى القبطية    الهلال يسعى لضم كانتي على سبيل الإعارة استعدادا لمونديال الأندية    تامر حسني: «زعلان من اللي بيتدخل بيني وبين بسمة بوسيل ونفسي اطلعهم برة»    أبرزهم شغل عيال وعالم تانى.. أفلام ينتظر أحمد حاتم عرضها    مي فاروق توجه رسالة نارية وتكشف عن معاناتها: "اتقوا الله.. مش كل ست مطلقة تبقى وحشة!"    مسلم يطرح أحدث أغانيه "سوء اختيار" على "يوتيوب"    رئيس الأركان يعود إلى مصر عقب انتهاء زيارته الرسمية إلى دولة رواندا    رئيس الوزراء يشهد توقيع عقد شراكة وتطوير لإطلاق مدينة «جريان» بمحور الشيخ زايد    قبل العيد.. ضبط 38 كيلو أغذية غير صالحة للاستهلاك بالمنيا    «الإفتاء» تنشر صيغة دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى    إرهاق جسدي وذهني.. حظ برج الدلو اليوم 4 يونيو    بمكون منزلي واحد.. تخلصي من «الزفارة» بعد غسل لحم الأضحية    رجل يخسر 40 كيلو من وزنه في 5 أشهر فقط.. ماذا فعل؟    "چبتو فارما" تستقبل وزير خارجية بنين لتعزيز التعاون الدوائي الإفريقي    "صحة المنوفية": استعدادات مكثفة لعيد الأضحى.. ومرور مفاجئ على مستشفى زاوية الناعورة المركزي    لأول مرة.. الاحتلال يكشف أماكن انتشار فرقه فى قطاع غزة..صورة    ماهر فرغلي: تنظيم الإخوان في مصر انهار بشكل كبير والدولة قضت على مكاتبهم    هل تكبيرات العيد واجبة أم سنة؟.. أمين الفتوى يُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليلة من أجل الديمقراطية في تركيا!

كثيرون كانوا ينظرون لتألق التجربة الديمقراطية التركية بعيون غير ديمقراطية، وهم يتوزعون ما بين قوى داخلية وخارجية، ليست بالضرورة تتقاسم نفس القناعات الفكرية والاختيارات الإيديولوجية، ولكنها جميعا ملة واحدة في طلب وضع حد لتجربة حزب العدالة والتنمية بقيادة زعيمه رجب طيب أردوغان في حكم الدولة التركية.
ولا شك أن هؤلاء يشعرون الآن بخيبة كبيرة وهو يتابعون مباشرة على الشاشات ومواقع التواصل المختلفة كيف تتساقط، واحدة بعد الأخرى، أوراق المحاولة الانقلابية الفاشلة، التي طربت لها قلوبهم وسعدت بها خواطرهم، بعدما عجزت عناصرها على وضع يدها على رموز الدولة التركية، ممثلا في رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، ورئيس البرلمان، بالإضافة إلى وزراء الخارجية والدفاع والأمن، الذين كان الجميع يتابع تصريحاتهم المنظمة والمتسلسلة، مما يعني أن يد الانقلابيين لم تطل أي واحد منهم، وأنهم يتواصلون فيما بينهم وينسقون بطريقة جيدة.
ومن دون الوقوف عند الثغرة الأمنية الكبيرة التي قد تكون وراء عجز السلطات التركية على التفطن إلى هذه العملية الانقلابية الكبيرة قبل وقوعها، فإن عين المراقب لا يمكن أن تخطئ عدم تمكن الجهة الانقلابية من وضع يدها على أي واحد من رموز الدولة هؤلاء، وتتساءل على الطريقة الأمنية التي حمت بها القيادات السياسية التركية ذاتها.
إن من المثير للانتباه هو أن كل السياسيين الأتراك، خاصة المستهدفين من قبل الانقلابيين، كانوا في مواقع آمنة، فهل هذا يعود إلى شعور مسبق بالخطورة تمت معه كل تدابير الحيطة والاحتياط، أم إلى ضعف في المعلومات الاستخباراتية عند الانقلابيين التي لم تمكنهم من الوصول إلى الرموز المستهدفين، علما أن كل عملية انقلابية لا تضع يدها على من يحكم الدولة وتقوم بتحييده وعزله، وخلعه، ستبقى عملية من دون جدوى ولا فائدة .. الخ؟
أسئلة كثيرة ستبقى مطروحة على هوية من يقف وراء هذه العملية الانقلابية الفاشلة، ومدى علم السلطات المنتخبة بها، وكيفية تأمين القيادات السياسية لنفسها بطريقة ملفتة للانتباه، إذ لم يقع أي قائد سياسي، حزبي أو حكومي، السابقين والحاليين، في قبضة الجهة العسكرية الانقلابية، نتركها للمتخصصين والباحثين في الدراسات الأمنية، حتى نوجه اهتمامنا للقضية الأساسية التي تشغل بالنا وهي: الانتصار للديمقراطية.
إن الديمقراطية قيمة بشرية مشتركة، وهي إما أن تكون بمواصفات إنسانية كونية أو لا تكون، وإما أن نكون ديمقراطيين أو لا نكون، إما أن نقبل الديمقراطية حتى لو جاءت نتائجها على غير ما تهفو إليه عواطفنا، أو تنشده عقولنا، أو نعلن صراحة ومن دون أدنى زيف أو نفاق أننا لسنا ديمقراطيين !
أعرف أن الكثيرين ممن قضوا ليلة الجمعة سهرا لم يكن كل همهم الديمقراطية، فقد كان بعضهم، ولا شك، ينتظر بشغف اللحظة التي يتم فيها تعليق السيد رجب طيب أردوغان وصحبه في مشانق الانقلاب، ومنهم، من كان كل همه هو أن يحافظ هذا الأخير وحزبه على السلطة في بلده بأي ثمن، وبأي شكل، وبأي وسيلة، المهم بالنسبة لهؤلاء هو المحافظة على السلطة أولا وأخيرا.
هؤلاء وأولئك، يعبرون في كل مناسبة على سقطة أخلاقية وأزمة في المنهج وبؤس في الرؤية، فالديمقراطية، حتى ولو كانت نظاما سياسيا تشوبه الكثير من العيوب والسوءات، فإنه يبقى أقل الأنظمة السياسية سوءا، ليس بعده إلا القمع والاستبداد والاحتراب والاقتتال في الميادين والساحات.
فلا عجب إذن أن كل القوى المدنية التركية قد تكتلت من أجل هدف واحد وهو حماية تجربتها الديمقراطية، فسكتت كل الخلافات العميقة، والنزاعات القائمة بين مختلف مكوناتها، وتجندت في وحدة وطنية متميزة دودا على الإرادة الشعبية، وانتصارا للمؤسسات الوطنية المنتخبة.
هكذا، وعلى خلاف ما وقع في أقطار عربية شقيقة، لم تستطع الزمرة الانقلابية تضليل الناس وحشدهم لتأييده عملية اغتصابها للإرادة الشعبية، ولم تتبع وسائل الإعلام العمومية والمستقلة، باستثناء من أجبر منهم على ذلك، تحت تهديد القوة والسلاح،أهواء القوة المنقلبة، كما أن زعماء الأحزاب السياسية المعارضة، عبروا على رفضهم التام لأي مس بالعملية الديمقراطية.
لقد كان ملفتا للانتباه عدم ظهور تلك الفئة البئيسة التي أطلق عليها كذبا وبهتانا في منطقتنا العربية ب"المواطنيين الشرفاء" ورجال الشرطة "الشرفاء" الذين يصطفون إلى جانب الزمرة الانقلابية، بل رأينا شرفا أصيلا وحقيقا تجسد فعليا في الكيفية التي حمت بها الشرطة التركية مؤسساتها الوطنية ببسالة بطولية ناذرة، معززة بكثافة جماهيرية نزلت بقوة إلى الشوارع والساحات دفاعا على إرادتها وكرامتها وإنسانيتها وحقها الأصيل في اختيار من يحكمها.
وحدها جماعة السيد عبد الله كولن التي لم تعبر عن إدانتها للعملية الانقلابية، مما يعزز الشكوك في إمكانية ضلوعها في العلمية أو وقوفها وراءها تخطيطا وتوجيها وتنفيذا، ولسنا ندري فعلا هل اتهام القيادة التركية لهذه الجماعة، أو "الكيان الموازي" كما يسمونه، وليد معلومات دقيقة أم هو انتهاز الفرصة لتصفية الحسابات السياسية مع هذه الجماعة، ورغبة في الدفع بعيدا نحو عزلها داخليا وخارجيا؟
مهما يكن الأمر، فإن الثابت أن الانقلاب قد حصل، وأن نتيجته كانت الفشل الذريع، وأن جماعة كولن وقوى عربية ودولية، لا تطيق بقاء السيد أردوغان وحزبه في السلطة، وكانت ترغب أن ترى يوما تدحرجه خارج مربع الحكم بأية وسيلة، مشروعة أو غير مشروعة، ولا شك أيضا أنها هللت لمحاولة الأمس، سرا أو علنا، علما أن جماعة كولن أو القوى الغربية المعادية للتجربة التركية أكثر ذكاء من القوى العربية التي احتفلت مبكرا بنجاح العملية الانقلابية، وبدأت تتشفى في رموز الدولة التركية المنتخبة، معبرة على انحطاكها إلى أسفل درك في سلم النذالة القيمية والأخلاقية !
أجل، إن الدفاع عن الديمقراطية مسألة مبدأ، وتعتبر واجبا إنسانيا عينيا وليس كفائيا، ملقى على عاتق كل فرد إنساني، بصرف النظر عن جنسه أو لونه أو طائفته أو ملته. إنها قيمة للإنسان، يعبر بها عن رقيه وتحضره وكماله البشري، الذي من دونه يجده ذاته في مرتبة أدنى من مرتبة الإنسان.
إنها الحالة الوحيدة التي يكون فيها الفرد مواطنا، حرا مستقلا، سيد قراراته، لا يترك الآخرين يتخذونها من دون مشاركته وإرادته، في تحديد من ينوب عنه في تجسيد تلك الإرادة، ويسحب ثقته فيه متى شاء، سيدا في وطنه وليس رقما في قائمة من القطيع والرعايا، التي لا تحسن إلا الخضوع والطاعة والاتباع.
من أجل كل ذلك، حبس كل الديمقراطيون الحقيقيون أنفاسهم ليلة الانقلاب، وساهموا كل من موقعه في التنديد بهذه المحاولة البائسة في اغتيال إرادة الإنسان، في هذه الرقعة الجغرافية من العالم، وكان يمكن أن تكون أي رقعة أخرى، ليس دفاعا على أردوغان، ولا عشقا في في بقاء "الإسلاميين" في السلطة، خاصة وأن الاحتمال الأكبر أن الجهة المنقلبة هي جهة "إسلامية" أيضا!.. وإنما دفاعا عن المبدأ والقيمة: الديمقراطية، كل عام والديمقراطية بالف خير.
هذا المقال لا يعبر الا عن رأي كاتبه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.