محافظ الدقهلية يتفقد شوارع حي شرق المنصورة وقرار عاجل بشأن النظافة والإشغالات    محمد سويسي رئيسًا لمجموعة المنتجات والخدمات الإلكترونية بالبنك الزراعي المصري    أولى ثمار اتفاق شرم الشيخ.. 400 شاحنة وقود وغذاء ودواء تدخل غزة    سبورت: برشلونة لن يجدد مع ليفاندوفسكي ويبحث عن البديل    الداخلية تكشف ملابسات فيديو تعدي فتاة على قائد سيارة بالقاهرة    مهرجان القاهرة السينمائي يكرم محمد عبد العزيز بالهرم الذهبي في دورته ال46    الرئيس السيسي: يجب على المجتمع الدولي مواجهة تهور إثيوبيا في ملف سد النهضة    وسط احتفالية التأهل.. منتخب مصر يواجه غينيا بيساو في ختام مشوار تصفيات كأس العالم    الضرائب: الفاتورة الالكترونية والإيصال الإلكتروني شرط أساسي لإثبات التكاليف ورد ضريبة القيمة المضافة    مديرية تعليم القليوبية تطلق مسابقة "أجمل مدرسة" لتعزيز الإبداع والنظافة بين الطلاب    المؤشر الرئيسي للبورصة يواصل تراجعه بمنتصف التعاملات بضغوط هبوط أسهم قيادية    وفاة طفل بأزمة قلبية خوفا من كلب فى أحد شوارع قرية كلاحين أبنود بقنا    فرانس برس عن مصدر في حماس: الحركة لن تحكم قطاع غزة في المرحلة الانتقالية بعد انتهاء الحرب    محافظ الدقهلية يتفقد مديرية الصحة ويؤكد التعامل الفوري مع جميع البلاغات    بني سويف: تجهيز قسم العلاج الطبيعي بوحدة قمن العروس بالواسطى تمهيدا لافتتاحه    مواعيد مباريات اليوم الأحد 12-10-2025 في تصفيات أوروبا لكأس العالم والقنوات الناقلة    مستوطنون إسرائيليون يقتحمون المسجد الأقصى    المفوض الأممي لحقوق الإنسان يدين استمرار قتل وإصابة المدنيين في الفاشر بالسودان    ضبط 106074 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    بالأرقام.. جهود الداخلية خلال 24 ساعة لتحقيق الأمن ومواجهة الجريمة    ضبط دجال بالإسكندرية بتهمة النصب على المواطنين بادعاء العلاج الروحاني    «التضامن»: 121 زيارة رقابية لدور الرعاية وتحرير 8 محاضر ضبط قضائي خلال سبتمبر    امير كرارة ومصطفى قمر وشيكابالا في العرض الخاص لفيلم «أوسكار عودة الماموث»    مي فاروق: «ألبومي الجديد تاريخي.. والتكريم الحقيقي حب الجمهور»    بدء توافد النجوم على مؤتمر مهرجان القاهرة ولبلبة والعدل وأحمد مجدى أول الحضور    تعرف على مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم فى كفر الشيخ    رئيس الوزراء الباكستاني يدين استفزازات أفغانستان ويتوعد برد قوي    هولندا في مواجهة قوية أمام فنلندا ضمن تصفيات المونديال    محافظ أسوان يتابع استكمال تشغيل المراكز الطبية ضمن منظومة التأمين الصحي الشامل    وزير الصحة يشهد حفل توزيع جائزة «فيركو» للصحة العامة في ألمانيا    رئيس«المؤسسة العلاجية» يتفقد مستشفى دار الولادة لمتابعة جودة الخدمات الطبية    «التضامن» تقر قيد 4 جمعيات في 3 محافظات    مصر تواصل نهضة النقل والمواصلات.. استثمار 2 تريليون جنيه لتحقيق نمو اقتصادي شامل.. طفرة غير مسبوقة في الموانئ المصرية.. وتصنيفات عالمية جديدة تعزز الاستثمار    أسبوع الانتصارات    رحيل فارس الحديث النبوى أحمد عمر هاشم.. مسيرة عطاء فى خدمة السنة النبوية    حرق الرموز وصناعة النجوم: تسريب وترويج وتشويه وتريند    مصر تتسلم رئاسة المنظمة الدولية للتقييس "أيزو" لمدة 3 أعوام بعد فوز مشرف ومستحق    لليوم الخامس .. فتح لجان تلقى أوراق طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 12اكتوبر 2025 فى المنيا    وزارة التعليم تحدد 3 امتحانات بالفصل الدراسى الواحد .. اعرف المواعيد    مواعيد مباريات اليوم الأحد 12-10- 2025 والقنوات الناقلة لها    الرئيس السيسى : حماية المياه تمثل قضية مصيرية ولم تعد شأنا محليا أو إقليميا    تعرف علي أسعار البنزين والسولار صباح اليوم الأحد 12 أكتوبر 2025 فى محطات الوقود    كلية الإعلام جامعة القاهرة تحصل على تجديد الأيزو في جودة الجهاز الإداري    بتهمة نشر أخبار كاذبة والإنضمام لجماعة إرهابية.. محاكمة 56 متهمًا اليوم    باسم سمرة ينضم إلى «شمس الزناتي 2» مع محمد إمام    قيادي ب فتح يدعو حماس لإجراء مراجعة وإنهاء حكمهم في غزة.. ويطالب مصر باحتضان حوار فلسطيني-فلسطيني    العظمى في القاهرة 28 درجة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الأحد 12 أكتوبر 2025    سفارة قطر بالقاهرة تعرب عن بالغ حزنها لوفاة ثلاثة من منتسبي الديوان الأميري في حادث    «كفى ظلمًا».. حسام المندوه: أدخلنا للزمالك 800 مليون جنيه    نجم الأهلي السابق: توروب سيعيد الانضباط للأحمر.. ومدافع الزمالك «جريء»    أسعار الأرز والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الأحد 12 أكتوبر 2025    مثقل بمشاكل العائلة.. حظ برج الدلو اليوم 12 أكتوبر    السيسي يستقبل «العناني»: الفوز الساحق بمنصب مدير عام «يونسكو» إنجاز تاريخي يعكس المكانة الرفيعة لمصر    مسلسل لينك الحلقة الأولى.. عائلة ودفء وعلاقات إنسانية ونهاية مثيرة    تركيا تكتسح بلغاريا بسداسية مدوية وتواصل التألق في تصفيات كأس العالم الأوروبية    رئيس جامعة الأزهر يوضح الفرق بين العهد والوعد في حديث سيد الاستغفار    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرتزقة الجدد.. ‬الجيوش الخاصة وما تعنيه للنظام الدولي

تأسس النظام الدولي الراهن في مجمله علي فكرة السوق الحر،‮ ‬والتي كان من ضمن ما أدت إليه أنها مهدت الطريق لخصخصة الأمن، وبزوغ‮ ‬الشركات العسكرية الخاصة.
‬فالدولة في صورتها الحالية لم تعد هي وحدها التي تحتكر استخدام القوة العسكرية، ومن ثم،‮ ‬بدت الشركات العسكرية الخاصة في الكثير من الأحيان أكثر قدرة علي إدارة الحروب،‮ ‬والإسهام في تكوين الجيوش‮. ‬وقد ساعد في التكريس لهذا الدور تنامي حدة التهديدات الأمنية، وتراجع قدرة الدولة منفردة في مواجهة تلك التحديات.
وفي هذا السياق، يتناول شون ماكفيت‮ -‬الزميل البارز في مجلس الأطلسي ‮ ‬Atlantic Council- ‬ظاهرة خصخصة الحروب والأمن في النظام الدولي المعاصر‮. ‬ويقدم ماكفيت رؤية يمتزج فيها الجانب الأكاديمي،‮ ‬واستعراض تطور ظاهرة المرتزقة،‮ ‬عبر التاريخ، مع الخبرة العملية المستمدة من فترة عمله كمتعاقد عسكري بشركة داين كورب الدولية "‮ ‬DynCorp International" .‮
ينطلق ماكفيت في كتابه من فرضية رئيسية،‮ ‬مفادها أن ملامح النظام الدولي الراهن، والخلفية الفلسفية للنظام الرأسمالي ستعززان في المستقبل أدوار القطاع الخاص في المجال العسكري‮.‬
أدوار المرتزقة الجدد‮:‬
شهدت السنوات الأخيرة،‮ ‬ولاسيما في مرحلة ما بعد الحرب الباردة،‮ ‬تعاظم أدوار الشركات العسكرية الخاصة التي باتت توفر للمستهلكين مجموعة واسعة من الخدمات العسكرية والأمنية،‮ ‬البعض منها ينحصر في نطاق أعمال الأمن الداخلي،‮ ‬والبعض الآخر يشمل عمليات عسكرية خارجية‮.

وفي هذا الإطار، يميز ماكفيت بين عناصر المرتزقة التي تنفذ العمليات العسكرية،‮ ‬وتستعرض القوة، والمقاولين العسكريين الذين يضطلعون بمهام تدريب وتطوير قدرات الجيوش والقوات الأمنية‮. ‬وثمة نوع ثالث يتمثل في الشركات التي تقدم الخدمات العامة،‮ ‬علي‮ ‬غرار الخدمات اللوجيستية،‮ ‬والصيانة،‮ ‬والنقل،‮ ‬والبناء،‮ ‬والخدمات‮ ‬غير القتالية الأخري التي لا ترتبط مباشرة بالعمليات القتالية‮. ‬وبالرغم من هذا التمييز، فإن هذا لا ينفي إمكانية التداخل بين النماذج الثلاثة،‮ ‬بحيث تكون الشركة منخرطة في كافة هذه المهام.
ويفترض ماكفيت أن الطلب علي تلك الخدمات العسكرية والأمنية المتنوعة ارتهن بعاملين جوهريين، أولهما‮: ‬طبيعة الأزمات التي يواجهها المجتمع الدولي، وتعويل الكثير من الفاعلين علي الحلول العسكرية في تسوية المشكلات‮. ‬وتجلي هذا الأمر كثيرا في نمط إدارة الولايات المتحدة لعلاقاتها مع العراق وأفغانستان‮.‬ فقد اتخذت الولايات المتحدة قرارها بغزو كلتا الدولتين‮.‬
ومع تطورات الحربين،‮ ‬تزايد اعتماد الولايات المتحدة علي الشركات الخاصة في العمليات العسكرية هناك، خاصة مع الاعتقاد المسيطر علي القيادة الأمريكية آنذاك بأن الشركات العسكرية الخاصة ستساعد الولايات المتحدة في توسيع وجودها العسكري بوتيرة متسارعة وبتكلفة أقل‮. ‬ويدلل ماكفيت علي هذا الأمر بالإشارة إلي تعاقد إدارة جورج دبليو بوش مع نصف المقاتلين في العراق من الشركات الخاصة، فيما وصلت نسبتهم في أفغانستان إلى 70%.
‬ويرتبط العامل الثاني والأخير بالسمات الذاتية للشركات العسكرية الخاصة، إذ إن هذه الشركات تتسم بدرجة عالية من الاحترافية والانضباط تجعلها تتفوق علي بعض الجيوش النظامية،‮ ‬حيث تتم هيكلة هذه الشركات وتكوينها ككيانات متعددة الجنسيات،‮ ‬مشاركة في النظام المالي العالمي،‮ ‬وهو ما يجعلها مختلفة عن الصورة النمطية التقليدية للمرتزقة في العصور القديمة‮. ‬كما أن هذه الشركات تقدم للدول بديلا عسكريا ذا تكلفة أقل‮ ‬مقارنة بالجيوش النظامية‬،‮ ‬وهو ما يرجعه ماكفيت إلى حرية تلك الشركات في الابتكار،‮ ‬والقدرة علي التطوير في‮ ‬غضون وقت قصير، فضلا عن تحررها من الجمود البيروقراطي الذي تعانيه بعض الدول‮.‬
تجارب دولية‮:‬
يستدعي ماكفيت تجربتي ليبيريا والصومال للتدليل علي الدور الذي تقوم به الشركات العسكرية الخاصة‮. ‬فعقب انتهاء الحرب الليبيرية الثانية عام‮ ‬2003،‮ ‬استعانت الولايات المتحدة بالقطاع الخاص لتأسيس جيش وطني لليبيريا يتسم بدرجة من الكفاءة،‮ ‬وعدم الانخراط في الصراعات، وتم اختيار شركة‮ "‬داين كورب‮" ‬لإعادة تأسيس الجيش الوطني الليبيري‮.‬ حيث ذكر الكاتب أن‮ "‬الشركة كانت المصمم الرئيسي لبرنامج تأسيس الجيش‮". ‬ويضيف أن‮ "‬هذا القرار كان بمنزلة أول مرة خلال مئتي عام تستأجر فيها دولة ذات سيادة شركة مقاولات خاصة لتكوين القوات المسلحة لدولة أخري ذات سيادة‮".‬
ويشير ماكفيت إلى أن البرنامج أثبت نجاحه بدرجة كبيرة في تكوين جيش يحافظ علي السلام والاستقرار الداخلي‮.‬ وقد أسهم في نجاح هذا البرنامج الإجراءات التي اتخذتها الشركة،‮ ‬ومن ضمنها الضغط علي الحكومة الليبيرية لإصدار أمر تنفيذي بتسريح الجيش القديم، والتأكد من عدم اشتراك المجندين الجدد في أي انتهاكات لحقوق الإنسان في الماضي، بالإضافة إلى إدراج التربية المدنية بجانب التدريب الأساسي في البرنامج‮.‬
وعلي النقيض من هذه التجربة،‮ ‬تبدو التجربة الصومالية، التي تعرضت للكثير من الإخفاقات،‮ ‬حيث لعبت الشركات العسكرية دورا في التكريس للفوضي هناك‮.

فعقب انسحاب قوات حفظ السلام من الصومال في عام‮ ‬1995،‮ ‬تداخل في المعادلة الأمنية الكثير من الفاعلين، لاسيما مع‮ ‬غياب فكرة الدولة،‮ ‬وبالتالي لم يكن من الممكن تشكيل جيش وطني موحد‮ علي‮ ‬غرار ليبيريا‮. ‬ومن ثم،‮ ‬وجدنا أن إقليمي صوماليلاند وبونتلاند يتعاقدان مع شركات أمن خاصة للمساعدة في مواجهة عمليات القرصنة‮.‬ كما تعاقدت الحكومة المركزية الضعيفة مع شركات عسكرية وَّردت الأسلحة والمعدات العسكرية إلى داخل الصومال،‮ ‬فيما استأجرت الإدارة الأمريكية‮ -‬بحسب ماكفيت‮- ‬شركة‮ "‬داين كورب‮" ‬لتدريب وتسليح قوات حفظ السلام من أوغندا وبوروندي،‮ ‬ونشرها في الصومال‮.

تلك الحالة الفوضوية التي عاناها الصومال، ومن بعده العراق،‮ ‬والجرائم التي تورطت فيها شركة‮ "‬بلاك ووتر‮" ‬هناك، أثارت الإشكاليات التي يمكن أن تؤدي إليها الشركات العسكرية الخاصة‮.‬ إذ إن إنخرط تلك الشركات في الصراعات يفضي إلى تعاظم معدلات العنف، وتنامي اعتماد الحكومات علي نمط الحروب بالوكالة في التفاعل مع السياقات السياسية، وبالتبعية المزيد من الفوضوية داخل النظام الدولي بصورة قد تجتر معها مشاهد العصور الوسطي‮ ‬أو ما يطلق عليها ماكفيت العصور الوسطي الجديدة‬،‮ ‬عندما‮ "‬كان المحاربون الخاصون هم من يقرر نتائج الصراعات‮". ‬وهكذا،‮ ‬سيصبح التحدي الرئيسي للدول هو التعاطي مع تحدي الشركات العسكرية الخاصة،‮ ‬عبر إيجاد صيغة مواتية تقلل من مخاطر أنشطة تلك الشركات، وتتيح الاستفادة منها،‮ ‬خاصة فيما يتعلق بدور المقاولين العسكريين في تكوين الجيوش بدلا من قيادتها‮.‬
هذا المقال لا يعبر الا عن رأي كاتبه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.