فجر الرئيس الفلسطيني محمود عباس "قنبلته" التي توعد بها أثناء خطبته التاريخية التي ألقاها من منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، مما يؤكد أن كيله طفح، وأن الضغوط الأميركية والتهديدات الإسرائيلية لم تثنيه عن تفجيرها. الرئيس عباس أكد، وبعد شرح طويل لجرائم اسرائيل ومستوطنيها في الأراضي المحتلة، أنه لن يلتزم بالاتفاقات الموقعة، وأن دولة فلسطين أصبحت الآن تحت الاحتلال الذي يحب عليه أن يتحمل مسؤولياته كاملة. عدم الالتزام بالاتفاقات الموقعة مع الاسرائيليين يعني الغاء اتفاقات اوسلو وكل ما تفرع عنه، وخاصة التنسيق الامني، والسلطة الفلسطينية نفسها، فما هي الخطوات العملية التي سيتخذها الرئيس عباس لتطبيق كل ما التزم به امام الشعب الفلسطيني والعالم بأسره على الارض. لا نستطيع تقديم أي إجابة في هذا الصدد، لأن الرجل ما زال في نيويورك، مثلما لا نعرف كيف سيكون الرد العملي الاسرائيلي على خطوته هذه، فهل ستمنعه من العودة الى رام الله، أم أنها سترسل دباباتها لمحاصرة المقاطعة، مقر السلطة، مثلما فعلت عقابا للرئيس الفلسطيني الشهيد ياسر عرفات لاشعاله فتيل الإنتفاضة الثانية المسلحة؟ هناك من يقول ان الرئيس عباس يريد المناورة، وقد لا ينفذ ما جاء في خطابه على الارض، وينتظر، او يأمل تدخلا أميركيًا ، أو دوليا، للضغط على اسرائيل، وتقديم بعض التنازلات، ولكن في المقابل هناك من يؤكد في الدائرة الضيقة المحيطة بالرئيس عباس انه جاد في كلمة قالها، وسيبدأ التطبيق فور عودته الى رام الله، اذا سمحت له اسرائيل بالعودة. الرئيس عباس تحدث عن الوحدة الوطنية الفلسطينية، مثلما تحدث عن مقاومة الاحتلال، واذا كان جادا فعلا في اقواله هذه، فانه يستحق كل الدعم والمساندة، اما اذا كانت تهديداته هذه مثل التهديدات السابقة، وان قنبلته التي فجرها من منبر الأممالمتحدة ستكون "قنبلة صوتية" ونأمل الا يكون الحال كذلك، فإنه يكون قد أنهى حياته السياسية نهاية صعبة وغير مسبوقة. الخطاب جاء تلبية للمطالب الفلسطينية، وان جاء متأخرا أكثر من 15 عاما، ولكنه أن يأتي خير من أن لا يأتي على الاطلاق، واذا جرى ترجمته عمليا على الأرض فان الرئيس عباس يكون قد حجز مكانة له في التاريخ الفلسطيني، ومسح الكثير من اخطائه، وهذا ما نأملة ويأمله الغالبية الساحقة من الشعب الفلسطيني. المصدر."رأي اليوم" هذا المقال لا يعبر الا عن رأي كاتبه