فيما يحتفل العالم أجمع بالمرأة في اليوم العالمي، تعيش المرأة المصرية مأساتها في ظل نظام عسكري قهر حقها، فمنهن المعتقلة والمطاردة والمفصولة، ومنهن من تقف على أبواب السجون لزيارة ذويها، وأخريات يكابدن للحصول على لقمة عيشهن في نقل الأنابيب أو العمل بالمنازل أو بيع المناديل، لمحاولة توفير لقمة عيش لها ولأبنائها، لينساها العالم من احتفالاتهم. استطاعت شبكة "رصد" التواصل مع سيدات مصريات، عشن يومهن بغير احتفاءٍ أو تتويج كما باقي النساء.. "ليلى مصطفى" تعمل في المنازل كخادمة تؤكد أنها تتعرض للكثير من الإهانات في مهنتها تلك، فضلًا عن تعبها الشديد لضعف بصرها، بسؤالها عن أمنيتها في يومها العالمي، ضحكت باستهزاءٍ قائلة: "الأفضل يسموه يوم المهانة العالمي للمرأة، أو يوم الشقاء العالمي". قابلت "رصد" أيضًا السيدة "إسعاد يونس"، والتي تعمل في نقل الأنابيب للمنازل مقابل المال، قالت إنها امتهنت تلك المهنة لكونها امرأة مطلقة لم تجد حقوقها في المجتمع غير الإهانة، وأن أطفالها الأربعة سببٌ آخر لسعيها لطلب الرزق بأي طريقة. وتابعت: "اشتغلت الشغلانة دي بعد اللي لقيته من إهانة من الناس والمجتمع، ومحدش بيتقبل المرأة المطلقة، المرأة الكادحة منسية من المجتمع والدولة". المرأة بالصعيد هي الأخرى لاقت ما لاقته من المعاناة، فبين السيدات المطلقات والأرامل اللاتي يسعين لتوفير لقمة عيشهن لهن ولأسرهن، وبين الفتيات اللاتي يحاولن مساعدة أهاليهن بالعمل، وأخريات يحاولن إثبات أنفسهن في مجتمع صعيدي لا يأبه بدور المرأة كثيرًا، قالت طالبة تدعى "سماح حمزة": "المجتمع الصعيدي اللي احنا عايشين فيه بيعاملونا إننا جواري، وإن البنت ملهاش لازمة غير في بيت جوزها، وأنا لا يمكن أستسلم لده، آه هتعب في الشغل بس أثبت نفسي، واللي بيكسر القاعدة يبقى عيب ولازم يتستر". وبسؤال سيدة أخرى عن اليوم العالمي للمرأة وماذا تود القول فيه، قالت إنه لا يجب أن ننسى ضحايا "الكوامل" ال 15 شهيدة وال 5 مصابات، اللاتي تناساهم الإعلام كما تناستهم الدولة. طوال عام ونصف من الانقلاب كانت نساء مصر بين الشهيدة والمعتقلة والمطاردة والمفصولة دراسيًا، ومن لها شهيد أو معتقل، تجاوز عدد المعتقلات منذ الانقلاب وحتى الآن 3000 امرأة وفتاة ما زال 56 منهن قيد الاعتقال، فيما ارتقت نحو 90 شهيدة، ووقعت كذلك قرابة ال50 حالة اغتصاب، مع مئات حالات الفصل من الجامعات والحرمان من استكمال الدراسة، فضلًا عن سعي مئات الآلاف من السيدات وراء أكثر من 40 ألف معتقل بسجون العسكر. عانت بيومها العالمي كما عانت طوال العام والنصف، فقالت زوجة أحد المعتقلين: "النهارده كنت في زيارة جوزي، وشفت في الزيارة اللي بتحكي همومها ومسؤولياتها مع اعتقال أهلهم، وشفت اللي مشغولة في الشارع بتقضي حاجة بيتها، وفي آخر اليوم اتفاجئت إن النهارده اليوم العالمي للمرأة!". كانت المرأة كذلك في السوق تبيع الجبن والخبز والطيور الأرانب والخضر والفاكهة، وتكابد للقمة عيشها في ظل عزوف عن الشراء بسبب غلاء الأسعار، أجرت "رصد" مقابلات مع عدة سيدات بالسوق عن اليوم، ففوجئن بأن هناك يومًا عالميًا للمرأة، وأكدت أنهن منسياتٌ منه. قالت سيدة تجلس على الرصيف وابنتها لبيع الجبن: "إحنا منعرفش حاجة، إحنا نازلين من صباحية ربنا نبيع إن كان حتة جبن ولا كام رغيف عيش علشان العيال دي هنصرف عليهم منين". بينما قالت أخرى: "المعايش غليت وأنا بشتغل علشان أصرف على ولادي ملهمش غيري"، وتابعت: "الستات مظلومة يعني الراجل يتجوز ويطلق ويرمي العيال، أمهم اللي تصرف عليهم ومتبقاش عارفة تروح فين ولا تيجي منين". فيما قمنا بسؤال إحدى السيدات العائدات من عملها بإحدى الشركات فصرحت لمراسلنا قائلةً: "لو حد المفروض فعلًا يتم الاهتمام بيه وتكريمه فهما الستات الغلابة اللي في الشارع دول اللي بيقدموا كل أنواع التضحيات اللي محدش يتوقعها.. الستات دي فعلا تعبانة ومظلومة ومقهورة ومحدش حاسس بيهم.. نتمنى لو ياخدوا بعض الاهتمام". فيما قالت إحدى بائعات الخضراوات: "إحنا مش عايزين حاجة غير لقمة عيش نضيفة لينا ولعيالنا، يعني هو إحنا عايزين إيه تاني"، وقالت أخرى: "معرفش حاجة عن اليوم.. بس يرخصولنا الحاجة علشان نعيش ده المهم". وتابعت سيدة أخرى قولها: "أنتو لو بتعرفوا إحنا بنتعب قد إيه، والله هتعملوا لنا السنة كلها يوم عالمي".