يعرض رئيس الحكومة الإيطالي الجديد انريكو ليتا برنامجه في خطاب يلقيه بعد ظهر اليوم الاثنين ويثير ترقباً شديداً بين شركاء إيطاليا الاوروبيين والأسواق وسط مخاوف من ان يغرق الاقتصاد الثالث في اوروبا في الانكماش. ومن المنتظر ان يلقي ليتا خطابه أمام البرلمان قرابة الظهر بحسب ما جاء بالوكالة الفرنسية وسيعطي فيه بصورة خاصة مؤشرات الى السياسة الاقتصادية التي ستتبعها حكومته القائمة على تحالف غير مسبوق بين اليمين واليسار، قبل طرح الثقة في الحكومة. وستفرض تدابير أمنية مشددة على قصر مونتيسيتوريو مقر البرلمان غداة قيام عامل بناء عاطل عن العمل و”يائس” بعدما خسر كل مدخراته في العاب الميسر باطلاق النار الاحد على رجال درك متمركزين امام مقر الحكومة. وأعربت رئيسة مجلس النواب لاورا بولدريني عن تضامنها مع الدركيين اللذين اصيبا في الحادث لكنها تساءلت عن “الاسباب التي تدفع الى هذا القدر من اليأس” معتبرة ان “الازمة تحول الضحايا الى جلادين”. وكان ليتا اشار الى اولويات حكومته الاربعاء عندما كلفه الرئيس جورجيو نابوليتانو تشكيل الحكومة، فاعتبر انه على الصعيد الاوروبي فان “سياسات التقشف لم تعد كافية”. ودعا رئيس الوزراء السابق الاشتراكي جوليانو اماتو الاحد في افتتاحية طويلة نشرتها صحيفة “سولي 24 اوري” الاقتصادية الى “كسر حلقة التشدد” المالي مشددا على ضرورة “ان يبدل الخبراء الاقتصاديون والمفوضية الاوروبية النغمة”. وراى اماتو ان المهلة الاضافية التي منحت لبعض الدول مثل اسبانيا من اجل الامتثال للمعايير الاوروبية، يمكن استخدامها لاتخاذ تدابير “فورية” تهدف الى تحفيز الاقتصاديات الاوروبية. وفي دليل على احتمال ان توافق الاسواق على مثل هذا الهدف، اكدت وكالة موديز الاميركية للتصنيف الائتماني الجمعة تصنيف الدين الايطالي في فئة بي ايه ايه 2، مع التشديد على ان هذا البلد يتمكن رغم ضعف اقتصاده من تسجيل فائض في حساباته العامة قبل سداد استحقاقات ديونه. وتعهد ليتا، وهو من القادة الاوروبيين الاصغر سنا، بمعالجة مشكلة البطالة التي تطاول حوالى 12% من السكان في سن العمل واكثر من ثلث الشباب. وحذر فابريتزيو فوركيت كاتب الافتتاحيات في “سولي 24 اوري” من انه “سيحكم على حكومة ليتا بناء على قدرتها على الاستجابة للوضع الطارئ في سوق العمل ووقف النزيف في قطاع التصنيع الايطالي” مع اغلاق الاف الشركات المتوسطة والصغرى. وتوجهت وكالة الانباء الكاثوليكية “سير” الى رئيس الحكومة الجديد وهو مسيحي ديموقراطي يساري مؤكدة أن “البلاد تنتظر احلال عدالة اجتماعية من خلال توزيع عادل للتضحيات ورعاية خاصة للعديدين الذين انزلقوا الى الفقر”. غير ان هامش التحرك المتاح للسلطة التنفيذية يبقى محدودا ازاء جسامة الدين الايطالي الذي يزيد عن الفي مليار يورو. ووعد وزير الاقتصاد والمالية الجديد الذي كان يتولى حتى الان منصب مدير البنك المركزي الايطالي فابريتزيو ساكوماني في صحيفة ريبوبليكا الاحد ب”اعادة ترتيب النفقات” العامة بهدف تحفيز النمو من خلال “ميثاق” بين المصارف والمستهلكين والشركات. واكد ساكوماني الذي يوصف بانه متعاطف مع مسالة بطالة الشباب انه يعتزم مساندة “الشركات والطبقات الاكثر ضعفا” من السكان في وقت يعاني الايطاليون من تبعات خطط التقشف الصارمة التي اتبعتها على التوالي حكومتا برلوسكوني ومونتي. غير ان ساكوماني لم يشرح التدابير التي يعتزم اتباعها، سواء من خلال توزيع جديد للضرائب او غيره، لتحريك الاقتصاد بعدما سجل ستة فصول متتالية من الانكماش وحيث يتوقع تراجع اجمالي الناتج الداخلي بنسبة تتراوح بين 1,5% و1,6% خلال العام 2013. وفي المقابل تواجه حكومة ليتا ضغوطا شديدة من جناحها اليميني مصدرها معسكر سيلفيو برلوسكوني من اجل تخفيف الضغوط الضريبية من خلال الغاء الضريبة على المسكن الرئيسي التي اعادت فرضها حكومة مونتي، ولو ان ذلك سيحرم ميزانية الدولة من 4 الى 8 مليارات من العائدات التي سيترتب البحث عنها في مجالات اخرى. وتبدو هذه المهمة صعبة في وقت تم تخفيض ميزانيات قطاعات مثل الصناعة والبنى التحتية والثقافة والتربية وغيرها الى ان وصلت الى حدها الادنى.