تفاعلات قضية جاسوس الموساد الإسرائيلي، بن زغيير، الذي وجد ميتا في زنزانته بسجن إسرائيلي عام 2010،مازالت تحظى باهتمام الصحف الإسرائيلية. وسلطت صحيفة يديعوت أحرونوت الضوء اليوم على إخفاقات جهاز الموساد في كل مرة تحاول فيها أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية كتم قضية ما، وإخفاءها عن وسائل الإعلام المحلية والأجنبية، حيث يزيد بذلك اهتمام العالم وتفضح، ثم تأتي بنتيجة عكسية. وتحت عنوان “دُفن بن ولم تُدفن قصته” استعرض الصحفي رونين بيرغمان -الذي كان من أوائل من علموا بقصة بن زغيير، المهاجر من أستراليا، عام 2010- عددا من محاولات الإخفاء لاعتقال أشخاص للاشتباه فيهم بتسريب معلومات لجهات أجنبية طوال عقود. ويقول الصحفي إنه من الصعب الفهم كيف أن النيابة العامة والموساد لم يتعلموا من قضايا سابقة حاولوا في كل واحدة منها كف الأنباء المنشورة وحصلوا على اهتمام دولي شديد جدا. وتساءل “لماذا لم يكف رئيس الوزراء -المسؤول عنهم والذي يفهم شيئا ما في الإعلام- جماحهم ولم يقل لهم لسنا في ستينيات القرن الماضي؟”. مضيفا أنه “سيضطر شخص ما في المستويات العليا إلى الإجابة عن الأسئلة بعد اضطرار جهة ما إلى تقديم أجوبة عن جملة الأسئلة الصعبة جدا التي تثيرها قضية زغيير في الشؤون العملياتية والقضائية”. وتطرق الكاتب إلى حالات إخفاء سابقة، منها قصة ألكسندر إيبور إسرائيل الذي كان ضابطا في سلاح البحرية وعلم الموساد بأنه يحاول بيع أحد الملحقين العسكريين الأجانب وثائق سرية، ثم اختطف في باريس بعملية معقدة وتم تنويمه ووضع في صندوق كبير، ونُقل جوا إلى إسرائيل كي يُحاكم محاكمة سرية على تجسس خطير، لكنه مات بحقنة زائدة من المنوّم، وأمر رئيس الموساد بإلقائه في البحر. واعتبرت صحيفة هآرتس في افتتاحيتها أن “إخفاء” الناس من المؤشرات الواضحة على أنظمة الظلام والطغيان، التي لا تحترم حقوق الإنسان وترى في مواطنيها ملكا للدولة. وأضافت أن إسرائيل ليست روسيا السوفياتية أو الأرجنتين أو الصين، بل “ديمقراطية ملتزمة بحقوق الإنسان لمواطنيها” وتسمح بحرية التعبير والنشر “ولكن أحيانا تضحي الدولة بحقوق المواطن باسم اعتبارات الأمن”. واستحضرت الصحيفة حالات مشابهة منذ الخمسينيات حيث ألقي القبض على إسرائيليين مشتبه في تجسسهم وفي جرائم أمنية أخرى وحبسوا لسنوات طويلة، بعد أن أدينوا في محاكمات سرية بحضور حفنة من الشركاء في السر. ويرى جدعون ليفي في الصحيفة نفسها أن سلوك إسرائيل لا يزال ظلاميا قمعيا كما كانت الحال في خمسينيات القرن الماضي، في حين أن ما يعرفه الجمهور عن خبايا السياسة والأمن أقل من قليل. وعبر ليفي تحت عنوان “أُخفي إنسانا في إسرائيل” عن شكره للتلفاز الأسترالي الذي قال إنه أعاد للذاكرة “الدولة الظلامية التي نعيش فيها”، كما وجه شكره لثلاثة من أعضاء الكنيست زهافا غلئون وأحمد طيبي ودوف حنين الذين قال إنهم “أنقذوا كرامتها”. ويؤكد الكاتب أن زايغر “ليس هو الأول ويبدو أنه لن يكون الأخير، وقد لا يكون الوحيد أيضا في هذا الوقت”، مضيفا أن المعلوم عن القضية “ضئيل جدا، لكن الضئيل أيضا لا يمكنه أن يُسوّغ إخفاء إنسان”.