في ظل منظومة الفساد المنتشر من حولنا، وفي ظل ما تقاسيه شمال سيناء من مقاومة وتطهير من الأجرام، ووسط دماء شهدائنا الذين يدفعون الثمن من شبابهم وأرواحهم، وفي ظل جموع الجرائم البشعة التي يرتكبها الأرهابيين في كل ركن من أركان مصر لإحباط عزيمة الشعب المصري، إلا أنه دائمًا تظهر لنا طاقة نور تشع نفوسنا بالأمل، لتطل علينا وزراة الثقافة بأنشطتها المتنوعة والمتفرعة من الهيئات الثقافية، التابعه لها مثل قصورالثقافة المنتشرة في انحاء الجمهورية، والمجلس الأعلى للثقافة وغيرها، في ثوب التراثيات وإحياء ليالي رمضان الثقافية في عدة محافظات، رغبة في ترسيخ الفن الشعبي احياءًا للتراث وتذكرة للاجيال الحديثة بتراثهم القديم. فالثقافة أحد المكاسب الرئيسية التي لا تنفصل عن بقية عناصر الحياة تعبيرًا عن الديمقراطية، إذ أن الثقافة لن تؤتي ثمارها ما لم نشارك جميعنا مثقفون وأجهزة قومية في تاكيد الإنتماء للوطن ودفع عجلة التنمية الشاملة، خاصة أن خطة التنمية الأقتصادية والأجتماعية تظل قاعدتها هشة مالم تستند إلى تنمية ثقافية جذرية، ولعل التجديد والإبتكار في الفن خاصة يكمن جماله في أنه المتمرد الدائم على قواعده، لكن تظل العقبة الرئيسية في مواجهة العمل الثقافي هو الجانب الأقتصادي، والقدرة على تمويل الأنشطة الثقافية، لذا وجب البحث عن طرق بديلة ومتعددة للبحث عن رؤؤس أموال وطنية تساهم في التطور الثقافي. لكن يظل السؤال يطرح نفسه، هل وزير الثقافة الأسبق أو الحالي مسئولين عن هذا الجانب المادي الضعيف، أم أن مسئولية الثقافة تقع على عاتق عدة أجهزة تبدأ من وزارة التعليم، ووزارة الشئؤن الأجتماعية، مرورًا بوزارة المالية، حتى المسئولية الوطنية التي يتجاهلها المواطن مطالبًا بالمزيد من عطاء الدولة دون أي مقابل من الإنتاج الذي يرقى بالمجتمع وثقافته. وبما إننا نتحدث عن الثقافة وترسيخ التراث الشعبي، فمن أشهر الأمثلة الشعبية "اللي مالوش ضهر ينضرب على بطنه"، فإذا لم تكن الدولة بموقفها وقوتها بالدفع لغرس الثقه في نفوس أصحاب رؤوس الأموال الخاصة بمواردها وامكانياتها سندًا لأجهزتها، فمن الذي يساند ويدعم في تلك الحالة، فالفجوة الكبيرة المتواجده بين مؤسسات الدولة والمؤسسات الخاصة هي من أهم العناصر المؤثرة في ضعف الرقي التعليمي والثقافي معًا، فبدلًا من إنفاق أموالهم في الأعلانات والدعاية الأعلامية والمساهمة في انتاج أفلام ومسلسلات هابطة، تسببت في تدهور الأخلاق الثقافية والأجتماعية، مقارنة بما تنفقه وزارة الثقافة على انشطتها لترسيخ الثقافة والرقي الأجتماعي، فلماذ نفقد حلقة التواصل السلس مع تلك المؤسسات الخاصة، ورجال الأعمال الذي اكاد اؤكد أنهم على درجة عالية جدًا من الحب والوطنية. ولكني هنا سأؤكد على جبروت الشعب المصري والذي يتوائم مع الظروف وقلة الأمكانات، ويتفاعل بروعة حبه للفن والثقافه لتمتلأ ساحات الأنشطة الثقافية، والتي تقوم بها وزارة الثقافة ونجحت في استقطاب الشعب المصري بالتعاون مع بقية هيئاتها المتفرعة إحياءًا لليالي رمضان الثقافية 2016، والتي شملت عدة أركان رئيسية من كتب ومطبوعات وأمسيات شعرية وندوات ثقافية وخيم شعبية تعبرعن تنوع الثقافات في مصر، وشد انتباهي التزاحم في إتجاه المسرح والغناء من فنون ثقافية للاطفال وغيرها من التراث الشعبي كأحد أكثر الأنشطة المبعثة للبهجة والأقبال، مما يثبت حب الشعب المصري للحياة بابسط الأمكانات وعلى قدر الطاقة المبذولة دون تأفف أو تعسف. وهنا أشد على يد وزير الثقافة حلمي النمنم، ورجاله من الوزارة وهيئاتها، ممتنين للمجهود المبذول والمتواضع لكنه مؤثر في نفوس الشعب البسيط، وايضًا لائمين عليكم ضعف تواصلهم مع رجال الأعمال المصريين من حولهم، فهل يعقل أن يرفض رجل أعمال يعلم جيدًا أن السواد الأعظم من هذا الشعب البسيط هو مصدر رزقه، ليشاركهم للوصول إلى المستوى المرجو من انتشار الثقافة لحماية ابنائنا جميعًا، من ضعاف النفوس من البسطاء، وتضييق الفجوة الطبقية بين طبقات الشعب لتجنب أي تفرقه عنصرية أو الطبقية، والتي كانت سببًا رئيسيًا في اشتعال الفتن والثورات. هذا ما يجب الآن من وزارة الثقافة، بتوطيد صلاتها بمن ينتمون إلى الوطن لمزيدًا من الدعم والانتماء، وهذا هو الهدف الرئيسي، توحيد صفوف الشعب وترسيخ حب الوطن والأنتماء عن طريق الفن والثقافة، فالقوى الناعمة أشد قوة وتأثيرًا على تطوير النفوس، وإقبالها على الحياة، فالأيام القادمة هي للأجيال الحديثة، أجيال العلم والتكنولوجيا الحديثة، ولا مفر من مجاراتهم للأفضل بسبب تقدمهم في استقبال الثقافة، عن طريق شبكات التواصل والعالم الإفتراضي المتطور علميًا وتكنولوجيًا وألا نكون بقلة حيلتنا سببًا في قتل الأنتماء وحب الوطنية.