كتبت : شيماء حفظي على مدى سبع سنوات، هدفت لتجديد شريان الثقافة المصرية دماءه، ولأن التاريخ لا يبنى فقط بالآثار والزخارف المعمارية، ولأن حضارة 7 آلاف سنة لم تكن لتصل إلينا شفاهية، تأتي الألفية الثانية بافتتاح صرح جديد للمعرفة العلمية الدولية والشاملة، ليفتح المبنى المكون من 11 دورًا أبوابه على مصراعيها لكل من أراد ان ينهل علمًا أو يزداد معرفة أو حتى يبدأ في تكوين ملامح شخصيته الثقافية. في العام 2002، قررت مصر إعادة إحياء أكبر مكتبة في عصرها "مكتبة الإسكندرية القديمة "، وبحضور عالمي تم افتتاح مكتبة الإسكندرية الجديدة، مشروعًا ضخمًا ساهمت فيه قامت به الأممالمتحدة. تزينت "مدينة الإسكندر" ببحر هو الأجمل على الإطلاق، فكانت وجهة المصريين المفضلة للترفيه وإعادة الحياة إلى الأرواح المنهكة، إلا أن المشروع الذي لاقى انتقادات بدايته، إلا أنه أثبت جدواه بعد أن أصبحت "عروس البحر المتوسط" منبرًا ثقافيًا عالميًا يفتح نوافذ العقل على كل ما يمكن ان يحتاجه إنسان لمعرفة اي شيئ عن كل شيئ حول العالم. «العالم يحتفل بمكتبة الإسكندرية» كان الهدف من إنشاء "مكتبة الإسكندرية الجديدة" أن تكون مركزًا للتفاعل بين الشعوب والحضارات، وتحتوي المكتبة ب 2 مليون كتاب مختارة من كتب بلغات أوروبية أخرى مثل الألمانية والإيطالية والإسبانية ولغات أخرى نادرة مثل الكريبولية ولغة هايتي وزولو، وتتضمن المجموعة الحالية مصادر من المانحين من جميع أنحاء العالم في شتى الموضوعات. وبالطبع لن تقتصر المكتبة على الكتب العلمية، فذوق العلوم الأدب، وروح الإنسان شعر، ومسرح ونثر، فأثرت فرنسا "المكتبة" بهدية وصلت إلى نصف مليون كتاب باللغة الفرنسية في عدة موضوعات مختلفة (علوم- آداب- تاريخ- جغرافيا- انثربولوجيا)، في أكبر صفقة ثقافية في تاريخ المكتبات، لتكون مكتبة الإسكندرية المكتبة الفرانكفونية الثانية في العالم بعد مكتبة نيويورك في ثراء مجموعاتها باللغة الفرنسية بعد المكتبة القومية الفرنسية ومكتبة جنيف ومكتبة ليون بفرنسا ومكتبة لافال بكندا. وتتفوق مكتبة الإسكندرية في مقتنياتها الفرنسية على جامعة مونتريال في كندا والتي تحتوى على 534 ألف كتاب ومكتبة الكونجرس التي تحتوى على 433 ألف كتاب ومكتبة هارفارد التي تحتوى على 509 ألف كتاب وجامعة اواتا بكندا، والتي تحتوى على 296 ألف كتاب والمكتبة القومية الكندية والتي تحتوى على 365 ألف كتاب والمكتبة الوطنية الفرنسية والتي تحتوى على 305 ألف كتاب. وأيضا تكون مكتبة الإسكندرية بهذا الإهداء المكتبة الرئيسية الأساسية للكتاب الفرنسي للشرق الأوسط والقارة الأفريقية. «مكتبة بنظرة تكنولوجية» هي ليست مجرد أرفف خشبية، تستند فوقها أغلفة امتلأت بأتربة المكان، سعت مكتبة الإسكندرية لمجاراة تطورات التكنولوجيا الحديثة، لتضم أرشيف إنترنت يحتوي لقطة لشبكة المعلومات العالمية منذ عام 1996 حتى الآن، وأكثر من 10 بلايين صفحة، نصوص أكثر من تلك الموجودة في مكتبة الكونجرس. وتحتوي مكتبة الإسكندرية، مكتبة للمواد السمعية والبصرية، ومكتبة للمكفوفين "مكتبة طه حسين"، و مكتبة للكتب النادرة والمجموعات الخاصة مكتبة الخرائط. كما تشتمل مكتبة الوسائط المتعددة على أنواع مختلفة من الوسائل السمعية والبصرية. وتغطي المواد السمعية والبصرية موضوعات متنوعة: تعليمية، دينية، ثقافية، سياسية، تسجيلية، سينمائية، بالإضافة إلى وسائل ذاتية لتعليم اللغات المختلفة وبرامج الكمبيوتر وغيرها من وسائل التعليم الذاتي في شتى المجالات، هذا وبالإضافة إلى تسجيلات لجميع المؤتمرات والحفلات الموسيقية والفنية والمعارض التي تتم في مكتبة الإسكندرية. « مزيج من العراقة والحداثة والفن» في داخل أروقة المكتبة المشبعة بروائح التفاعلات الكيميائية، ومحفوفة بقوانين الفيزياء المجردة، يقف متحف الآثار ، شاهدًا على روعة عصور مختلفة للحضارة المصرية، بدءا من العصر الفرعوني حتى العصر الإسلامي مرورا بالحضارة اليونانية التي جاءت إلى مصر مع غزو الإسكندر، وما أعقبته الحضارة الرومانية ثم القبطية قبل دخول الإسلام إلى مصر. وتعرض المجموعة حوالي 1079 قطعة. وكذلك متحف المخطوطات، الذي يضم قسم الأوعية النادرة وهي: المخطوطات الأصلية، الكتب النادرة، الخرائط، العملات القديمة، المقتنيات الشخصية للمشاهير، الإهداءات النفيسة المقدَّمة للمكتبة، الوثائق.. وغير ذلك. وقسم العرض المتحفي وهو قاعة العرض المتحفي التي تقع بمستوى B1 في قلب مكتبة الإسكندرية، وتُعرض فيها نفائس المخطوطات، والكتب النادرة، وغيرها من مقتنيات المكتبة النادرة. متحف تاريخ العلوم الذي يعرض تطور العلوم في مصر على مدى ثلاث فترات تاريخية متعاقبة تتكون منها الأقسام الرئيسية للمتحف وهي: القسم الفرعوني، والقسم اليوناني وقسم العلوم العربية والإسلامية. وفي زخرف بديع، نرى القبة السماوية وهي قاعة عرض مخصصة للعروض العلمية ومتحف تاريخ العلوم الذي يقع داخل الهرم ألمقلوب أسفل القبة السماوية. بالإضافة إلى قاعة استكشافات ومعارض علمية للأطفال هي مركز تعليمي يحتوي علي مجموعة من الأدوات العلمية بهدف إبراز دور التقنيات الحديثة في تطوير القدرات البشرية، وبتم ذلك بإجراء بعض التجارب العلمية التي يتم من خلالها تطبيق القوانين الأساسية لعلمي الفيزياء والفلك. وتبقى مكتبة الإسكندرية الجديدة بعد 13 عامًا من افتتاحها، شاهدًا على أنه مازال للعلم دور ترتقي به الأمم، في حال اهتمت به شعوبها، وأن العالم أصغر مما تتخيل، وأنه لا حاضر بلا ماض ولكن لا دولة تقوم على حواديت أسلافها.