شهد يوم الأحد الموافق 31 أغسطس 2008 اجتماعًا هامًا بقاعة المؤتمرات بالمتحف الزراعى بالدقى برئاسة الدكتور عادل البلتاجى – رئيس مجلس البحوث والتنمية الزراعية (وزير الزراعة واستصلاح الأراضى الحالى) ، وبحضور معظم علماء مصر المتخصصين فى مجالات الزراعة المختلفة من جميع الجامعات المصرية ومركز البحوث الزراعية بجميع معاهده البحثية ومركز بحوث الصحراء بالإضافة إلى علماء المركز القومى للبحوث وبعض المتخصصين من الوزارات المعنية ذات الصلة .. وذلك لمناقشة الخطوط الرئيسية لتحديث الاستراتيجية الزراعية حتى عام 2030. ومن أهم الموضوعات التى تم مناقشتها واستعراضها خلال الاجتماع هى زيادة المساحة الزراعية (التوسع الأفقى) لتوفير الغذاء من المحاصيل المختلفة لمجابهة الزيادة السكانية المتوقعة عام 2030 والتى ستصل إلى حوالى مائة مليون نسمة .. كما أوصى الاجتماع بضرورة الاهتمام بنوعية المحاصيل الزراعية كهدف استراتيجى يجب تحقيقه بناءاً على الدراسات والإحصائيات التى اعدها الاتحاد الدولى للأسمدة IFA والتى تشير الى الحقائق التالية: (1) ملايين الاشخاص خاصة فى الدول النامية يعانون من نقص العناصر الغذائية الصغرى ( ظاهرة الجوع الخفى ). (2) حوالى نصف الأراضى التى تزرع على المستوى العالمى بها عجز فى عنصر الزنك ( حيث يؤدى نقصه فى الغذاء إلى تقليل كفاءة القدرة الذهنية لدى الأطفال والتلاميذ فى مراحل التعليم المختلفة). (3) 30% من الاراضى على مستوى العالم بها عجز فى عنصر الحديد ( يؤدى نقص الحديد فى الغذاء إلى ظهور حالات الانيميا المرضية). (4) أثبتت الدراسات والبحوث أن المحاصيل الزراعية التى تعانى من نقص عنصرى الزنك والحديد ، يمكن أن تحتوى على عناصر غير مرغوب فيها مثل الكادميوم الضار بصحة الإنسان. ولتحقيق التوسع الافقى كهدف رئيسى للاستراتيجية الزراعية حتى عام 2030.. وذلك باستصلاح وزراعة أربعة ملايين فدان موزعة فى معظم محافظات الجمهورية ذات الظهير الصحراوى ومناطق توشكى وترعة السلام وشرق العوينات ودرب الأربعين وسهل الطينة.. فإنه يلزم توفير العديد من المدخلات الزراعية والتى من اهمها توفير الاسمدة المعدنية (عناصر كبرى–عناصر صغرى ) والأسمدة العضوية والأسمدة الحيوية. وإذا كان المقرر هو البدء فى استصلاح واستزراع مليون فدان كمرحلة أولى من الأربعة ملايين فدان المشار إليهم فى الاستراتيجية الزراعية حتى عام 2030 .. فإن الاحتياجات السمادية من الأسمدة النتروجينية والفوسفاتية والبوتاسية لمساحة مليون فدان يمكن تقديرها بناءاً على التوصيات السمادية للمعاهد البحثية المتخصصة لمركز البحوث الزراعية . مع ملاحظة إن كميات التسميد النتروجينى والبوتاسى قد تقل بنسب تتراوح ما بين 10-30% حسب نظام الرى لمثل هذه المناطق الجديدة والتى يحظر فيها الرى بالغمر ولا يفضل تقليل المقرر الفوسفاتى نظراً لدور سماد السوبرفوسفات فى تحسين الخواص الطبيعية للتربة لانه يعمل كمصلح تربة فى مثل هذه الاراضى الجديدة. وبناءاً على المقررات السمادية بالجدول السابق فإنه يلزم لزراعة مليون فدان من الأسمدة المعدنية الكميات الآتية: (1) الاسمدة الازوتية : 968 الف طن سماد أزوتى 15.5% ن أو ما يعادلها ( 326 ألف طن مترى يوريا 46% ن أو 448 ألف طن مترى نترات أمونيوم 33.5% ن ) (2) الأسمدة الفوسفاتية: 350 ألف طن مترى سوبرفوسفات الكالسيوم 15% فو2أ 5 (3) الأسمدة البوتاسية : 100 ألف طن مترى سلفات بوتاسيوم 48% بو 2 أ ومما هو جدير بالذكر أن الأسمدة البوتاسية يتم استيرادها من الخارج نظراً لعد وجود ترسيبات نقية من هذا العنصر فى الأراضى المصرية ، وإن كانت بعض المصانع فى مصر قد بدأت فى تحويل كلوريد البوتاسيوم المستورد (والغير مرغوب فى استخدامه فى الاراضى المصرية) إلى سلفات بوتاسيوم 48% أكسيد بوتاسيوم المفضلة فى الاستخدام الأرضى للزراعات المصرية.. وبالنسبة للأسمدة الفوسفاتية ؛ فإن إنتاجها يحتاج إلى طاقة أقل كثيراً من تلك المستخدمة لإنتاج الأسمدة الازوتية المرتبطة دائماً بمشاكل نقص الطاقة. وهنا تجدر الإشارة إلى أن إنتاج الأسمدة الازوتية فى مصر يبلغ حوالى 18 مليون طن 15.5% ن سنوياً ، يصدر منها أكثر من عشرة ملايين طن ويوجه للسوق المحلى فى حدود 7 مليون طن عن طريق مصانع الشركات الحكومية وهى أبوقير – الدلتا – النصر – كيما أسوان ، وباقى انتاج تلك الشركات يوجه للتصدير فى صورة يوريا أمونيوم نترات وغاز الأمونيا ونترات الأمونيوم الصناعى 34.5% .. أما شركات الأسمدة الأستثمارية وهى السويس – الاسكندرية – المصرية – موبكو – حلوان ، فيوجه معظم إنتاجها للتصدير بناءاً على التعاقدات المبرمة مع الشركات الاجنبية .. وإن كانت بعض هذه الشركات الاستثمارية قد بدأت فى المساهمة بجزء من إنتاجها للسوق المحلى. وحيث أن الموجه للسوق المحلى من الأسمدة الأزوتية فى حدود 7 مليون طن 15.5%ن واحتياج الزراعات المصرية يقدر بحوالى 9 مليون طن 15.5%ن لعام 2014 ، فإنه يوجد عجز حوالى 2 مليون طن 15.5%ن ويتوقع أن يزيد هذا العجز بسبب التوسعات الزراعية والطلب المتزايد لمصانع انتاج الاسمدة المركبة وأيضاُ بسبب مشاكل الطاقة المتكررة ومشاكل التوزيع وغيرها. وبالنظر إلى صناعة وانتاج الأسمدة الأزوتية فى مصر وكيفية تنفيذ الاستراتيجية الزراعية حتى عام 2030 ، فإنه يلزم لزراعة 4 مليون فدان جديدة و 9 مليون فدان بالأراضى القديمة (الوادى والدلتا) الوصول بالانتاج السنوى الموجه للسوق المحلى إلى 13 مليون طن سماد ازوتى 15.5%ن .. ولتوفير مثل هذه الكميات المتزايدة من الأسمدة الأزوتية بعيداً عن مشاكل الطاقة التقليدية المتكررة ، فقد شدد أجتماع تحديث الاستيراتيجية الزراعية حتى عام 2030 على ضرورة إيجاد حلول غير تقليدية لتوفير الأسمدة الأزوتية لمجابهة التوسعات الزراعية المتزايدة .. ومن أهم هذه الحلول هو استغلال الميزة النسبية لمصر وهى وجود طاقة الرياح البديلة النظيفة ووجود حزام ضخم من رواسب صخر الفوسفات يمتد لمسافة 750 كيلومتر طولاً من ساحل البحر الاحمر شرقاً حتى الواحات البحرية غرباً ، حيث يعتبر الصخر الفوسفاتى الذى يصل تركيز خامس أكسيد الفوسفور فيه إلى 22% فى بعض المناطق مثل المحاميد بإدفو من افضل أنواع الصخر الفوسفاتى على سطح القشرة الأرضية. وقد قدر الجيولوجين كمية الصخر الفوسفاتى فى مصر بأكثر من 3 مليارات طن فى هذا الشريط الصخرى .. وبالرغم من وجود هذا المخزون الضخم من الصخر الفوسفاتى فى مصر، إلا أن انتاج الأسمدة الفوسفاتية ينتج من ثلاثة مصانع فقط وهى : أبو زعبل – المالية والصناعية – السويس للاسمدة ، بطاقة انتاجية تصل إلى 1.8 مليون طن سوبرفوسفات أحادى وحوالى 50 ألف طن فوسفات ثلاثى سنوياً ، وتوجد توسعات محدودة لانتاج 500 ألف طن من السماد الفوسفاتى الأحادى والثلاثى سنوياً لشركة الخرافى الكويتية. فالاتجاه إلى زيادة انتاج الأسمدة الفوسفاتية ذات الميزة النسبية الكبيرة المتمثلة فى توافر عناصر الانتاج مع انخفاض الطاقة اللازمة بالمقارنة بالأسمدة الأزوتية ذات الاحتياج العالى من الطاقة ، قد يكون هو الحل الغير تقليدى لحل مشكلة الاسمدة الازوتية فى مصر نهائياً … وذلك من خلال دراسة احتياج السوق العالمى والافريقى والعربى من الاسمدة الفوسفاتية ، وايجاد صيغة للتبادل الدولى التجارى ما بين الأسمدة الازوتية المتوفرة فى بعض الدول وبين الأسمدة الفوسفاتية التى تنتج فى مصر ، حيث أن النسبة بين سعر الاسمدة الازوتية ( اليوريا 46%) والأسمدة الفوسفاتية ( سوبرفوسفات الكالسيوم 15%) فى حدود ( 2.68 : 1) أى أن سعر الطن المترى من اليوريا 46%ن يساوى سعر 2.68 طن مترى من سوبرفوسفات الكالسيوم 15% .. ومن هنا تجدر الاشارة إلى ضرورة التوسع فى إقامة مصانع انتاج الاسمدة الفوسفاتية من خلال الاتفاقيات والعروض الدولية الخاصة يالاستثمار الصناعى فى مصر. "أ.د محمد عبد الحميد نوفل - رئيس الإدارة المركزية للأراضى والمياه والبيئة الأسبق"