التحدى معجزة تحول دولا مدمرة إلى دول كبرى، والتحدى يجعل من الضعفاء أشخاصًا عظامًا، فهذه ألمانيا خرجت من الحرب العالمية الثانية أشبه بمن أوشك على الموت، ولم يستسلم أبناؤها ونساؤها، وتحدوا الحصار والدمار، وحاليًا تحتل المرتبة الثالثة عالميًا اقتصاديًا، وتلحق بها اليابان ويستيقظ المارد الآسيوى من تحت الرماد، بفضل عزيمة شعب ألقى عليه قنابل نووية، ويتحدى شعبها طبيعتها القاسية، فهى عبارة عن مجموعة جزر، والزلازل تثور فيها من وقت لآخر، واستطاع شعبها إعادة بنائها من جديد على أسس علمية، واستغلت حكوماتها الطاقة البشرية لديها فى نهضتها والحفاظ على مكتسباتها، هكذا حال الأبطال من الرجال أو النساء، وكم من أشبال قادوا جيوشا، وهزموا أعداءهم. وكما قال أجدادنا: فمن رحم الألم يولد التحدى، وإنه لفوز عظيم لمن يذوقه، وأشخاص حرمت نفسها من لذته، وخارت قواها بسرعة، وامتنعت عن محاولة الوقوف مرة ثانية للتغلب على الألم، فقد نلتمس العذر لقلة منهم أقعدها الألم وشل حركتها، لكننا عهدنا عن أصحاب العزيمة عدم استسلامهم بسهولة للألم، وعلى مدار التاريخ حمل متحدو الألم السحاب إلى الأرض البور، برغم أن الألم كان كبيرًا وأوجع الكثير منهم، وتوماس أديسون صاحب الألف اختراع، عانى من مشاكل فى الحفظ والتركيز غير ضعف سمعه فى سن مبكرة، وقهرها بإرادة فولاذية، وكانت لاختراعاته فضل كبير على البشرية، ورغم مشقة وفقدان بصر عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين نال مكانة عظيمة. ويذكر التاريخ الحديث معجزة الأدب العربى مصطفى صادق الرافعى، الذى أصابه مرض التيفود منذ صغره وأفقده سمعه، مما حجبه عن مواصلة التعليم النظامى، وحصل فقط على الشهادة الإبتدائية، ولم يصبه الإحباط، وعكف على القراءة والتعلم مستخدما إمكانياته الذاتية، وتحتوى المكتبة العربية على العديد من المؤلفات الأدبية المهمة، وأشهرها حديث القمر وديوان النظرات ووحى القلم، وكتب النشيد الوطنى لتونس المعروف بحماة الحمى. ومسيرة الرسل والسلف الصالح مفعمة بالشدائد والابتلاءات، يلقى أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام فى النار، ويخرج منها سالما، ليتحدى النمرود ويناظره، ويبث الشيطان الروع فى نفس إبراهيم، لكى يثنيه عن إتمام ذبح ابنه، فيرجمه إبراهيم بالحجارة، ثم يواصل هو وابنه عملية بناء الكعبة المشرفة فى ظل ظروف قاحلة، واليوم نجنى ثمار دعوته، التى تهوى إليها أفئدة الملايين من المسلمين، ولم يفزع قطز من ذبح الآلاف على أيدى المغول والتتار، وكانت الدولة فى أضعف حالاتها، بعد انهيار الأسرة الأيوبية ويصر على محاربتهم، وينتصر عليهم فى موقعة عين جالوت، ويوقف زحف المغول والتتار إلى أوروبا.