إذا أردنا أن ننجح فى وضع خارطة طريق لتطوير الإعلام المصرى (صحافة وإذاعة وتليفزيون) لتتواكب مع متغيرات العصر وعلى رأسها مواجهة الشائعات.. فلابد أن تتواكب سياستها مع نفس النهج التى تنتهجه "السوشيال ميديا" والمنصات الرقمية، التي تعتمد على سرعة نشر المعلومات من مصادرها وتوضيح للحقائق؛ لأن للأسف الأخبار الكاذبة دائمًا ما تنتشر بسرعة "كالهشيم فى النار".. وهذا يتطلب وسائل إعلام تعمل بنفس السرعة لهذه المنصات الرقمية. .. ولكى يتحقق هذا فإنه يتطلب وجود إعلام وطنى له القدرة على التحليل.. وإرساء الحقائق وشرحها لتحقيق الاقتناع للمواطن ومساعدته على التفريق بين ما هو حقيقى وكاذب.. وبين الأخبار الصحيحة والأخرى الكاذبة الممثلة فى الشائعات المغرضة. وهذا لكى يتم تحقيقه فإنه يلزم بتوفير المعلومات والبيانات للصحفيين ووسائل الإعلام المرئية والمسمومة لتحقيق إعلامًا يمنع "اللعب فى الدماغ".. وفى نفس الوقت يزيد من وعى المواطن. فإتاحة المعلومات والبيانات لوسائل الإعلام هى أحد الأوراق المطلوبة فى خارطة الطريق للإعلام الجديد.. لأن لو أتيحت المعلومات مسبقا للرأى العام لأغلقنا الباب تمامًا أمام الكثير من الشائعات والمغالطات والأكاذيب التى تتعرض لها مصر هذه الأيام بشكل غير طبيعى بين الحين والآخر. فإننا نريد إعلامًا فى خارطة الطريق الجديدة يستبق الأحداث ولا يقتصر دوره على الرد على الشائعات وتصحيح المعلومات.. فعلى سبيل المثال موضوع مثل إدخال نظام البكالوريا الجديد للمنظومة التعليمية فإنه يحتاج لإيضاحات مسبقة حتى نغلق الباب أمام الشائعات والقيل والقال. فسيادة الرئيس كان على حق عندما طالب بأهمية إتاحة المعلومات والبيانات لوسائل الإعلام.. ورغم أن الدستور يكفل هذا الحق إلا أن بعض المسئولين لا يقدمون الإيضاحات المسبقة للإعلام التى تغلق الطريق أمام الشائعات. وأتذكر أنه كان "زماااااان" وقبل الثمانينيات كان المسئول أو الوزير هو الذى يدلى بالأخبار ويرد على استفسارات الإعلام بنفسه إلا أن الأمر اختلف فى ال25 سنة الأخيرة وأصبح المسئول أو الوزير ينيب عنه متحدثا رسميا واثنين وثلاثة ليدلوا بالمعلومات والرد على استفسارات الإعلام.. وهذا يفقد المصداقية. ففى عصر الرقمنة تصبح عملية تداول المعلومات فرضا أساسيا ولكنها يمكن أن تصبح عائقا إذا لم تنظم بشكل يضمن حرية تدفقها بتوازن وبما يحمى مصالح الدولة الاستراتيجية كالمعلومات الحساسة والبيانات الأمنية.. فضمان الحق فى المعرفة يشمل عدم تعريض أمن الدولة للخطر. وتبقى ورقة التحديات المالية التى تواجه المؤسسات الإعلامية والتى تتطلب التفكير فى إيجاد حلول خارج الصندوق لمواجهتها مثل إيجاد بعض المشروعات المناسبة والمحترمة كإنشاء مؤسسات تعليمية وغيرها لمساعدة المؤسسات الإعلامية فى القيام برسالتها.