لم أندهش كثيرًا لما قالته الفنانة "بدرية طلبة" وأثار كل هذ القدر من الغضب والجدل بين رواد مواقع "السوشيال ميديا"، ودفع نقابة المهن التمثيلية لإحالتها للتحقيق، ومنعها من الإدلاء بأي تصريحات، حتى ينتهي التحقيق معها. لكن ما يدهشنى حقيقة هو كم التجاوزات والتصريحات المستفزة التي انزلق إليها عدد كبير من الفنانات والفنانين خلال الفترة الأخيرة، واحتلوا بسببها صدارة "الترند"، وأصبحوا مثار الانتقادات والتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي. إن "بدرية" لم تكن الأولى التى تصدم الناس بهذا القدر غير المسبوق من التعالي والنرجسية والإحساس بالتفوق على بقية البشر من خلال عبارات مستفزة مثل: "آه إحنا الفنانين أسيادكم.. وبنقبض ملايين وبنعيش فى فيلات.. وانتوا اللي بتجروا ورانا علشان تتصوروا معانا"! ومهما كانت درجة الاستفزاز التي تعرضت لها، ووصلت إلى درجة اتهامها بقتل زوجها، فما كان لها أن تتجاهل نصائح أقرب المقربين لها، وتخرج فى بث مباشر لتتحدث بمنتهى الانفعال والعصبية، وتقع فى المحظور وتحقق لمن تعتقد أنهم أعداءها مرادهم وتجبر الجميع على نبذها وإدانتها، بعد ما كان البعض يتعاطفون معها، ويرون أنها تتعرض لظلم حقيقي واتهامات مجحفة. وصحيح أننا كنا نفاجأ بين وقت وآخر بتصريحات شاذة وخارجة عن الإطار القيمى والمجتمعى لبعض الحالمين بالشهرة أو الراغبين فى لفت الانتباه بعد انحسار الأضواء عنهم مثل المخرجة الشهيرة وتصريحاتها "الجريئة"، أو الفنان المتباهي بالثروة المفاجئة التي هبطت عليه من الفن، ويخرج من وقت لآخر ليتفاخر بسياراته الفارهة وقصوره وحيواناته، أو الفنانين الذين تلتقطهم عدسات الفضوليين وهم يتعاملون مع معجبيهم بمنتهى الغرور والعنجهية ويرفضون التقاط الصور التذكارية معهم. إلا أننا لم نصل إلى قمة الاستهتار بمشاعر الناس، إلا فى الآونة الأخيرة، لنفاجأ بمطرب شهير يصفع شاباً على وجهه، وفناناً كوميدياً كان محبوباً يعاير أحد مشاهدي مسرحيته بأنه مصري، ويقول له إنه بالتأكيد مدعو للعرض ولم يدفع ثمن التذكرة، حتى ولو كان ذلك على سبيل المزاح، وحتى ولو كان هذا الشخص صديقا له وهو الذي دعاه لحضور العرض، لأن من شاهدوا الفيديو المسيء لا يعلمون تلك التفاصيل، ولذلك لم يكن غريباً أن تخرج ممثلة درجة ثالثة، لتقول للجمهور "نحن أسيادكم"! وإذا لم يكن هناك عقاب رادع لمثل تلك التجاوزات، وتم الاكتفاء بإعلان النقابات الفنية عن إحالة المخطئين والمتجاوزين إلى التحقيق، لمجرد تهدئة الرأي العام الغاضب، والعمل بمبدأ الانحناء للريح حتى تمر، مع الاكتفاء بالاعتذارات الفارغة من أي مضمون، وعدم اتخاذ أي قرار صارم أو عقوبات حقيقية لردع كل من تسول له نفسه أن يتفوه بألفاظ أو تصريحات تسيء لنا كمصريين، مهما كانت درجة شهرته وشعبيته، فلا يعلم أحد إلى أي مدى يمكن أن تصل بنا هذه الفوضى المهينة؟!