لم أندهش كثيراً لما قالته الفنانة انتصار فى برنامجها "نفسنة" وأثار كل هذه الهجمة ضدها وضد القناة الخاصة التى تعرض البرنامج وضد صاحب القناة رجل الإعلانات الشهير، لدرجة اتهامه بمحاولة هدم قيم المجتمع من خلال برامجه وقناته، لكن ما أدهشنى حقيقة هو عدم وجود أى قانون أو رادع لمنع تلك الحملة الغريبة لتجاوز كل الخطوط الحمراء فى السينما والدراما التليفزيونية وبرامج القنوات الفضائية. إن انتصار لم تكن الأولى التى تصدم الناس بهذه الجرأة فى الحديث عن أشياء كنا نعتبرها حتى وقت قريب من الآثام التى تدين صاحبها أخلاقيا وتجعله منبوذاً وغير مرغوب فيه أو فى التعامل معه. وصحيح أننا كنا نفاجأ بين وقت وآخر بتصريحات شاذة وخارجة عن الإطار القيمى والمجتمعى لبعض الحالمين بالشهرة أو الراغبين فى لفت الانتباه بعد انحسار الأضواء عنهم مثل المخرجة إيناس الدغيدى وتصريحاتها الكثيرة المستفزة، أو الممثلة الشابة التى قالت فى أحد البرامج إنها لا ترى عيبا فى وجود علاقة بين رجل وامرأة بدون زواج مادام الحب ثالثهما، وهو ما آثار ضدها عاصفة من الانتقادات تشبه إلى حد ما عاصفة الهجوم على "انتصار"، لكن تلك المواقف كانت دائماً نادرة الحدوث ولا تخرج عادة عن كونها مجرد "زلات" لسان، على عكس ما نراه فى السنوات الأخيرة من هجمة تكاد تكون منظمة لهدم كل الثوابت والقيم فى المجتمع والهجوم على الدين والتشكيك فى التراث باسم حرية الرأى والتعبير. والأمر لا يقتصر فقط على الفضائيات الخاصة التى أتحفتنا مؤخرا ببرامج من نوعية "أبلة فاهيتا" و"مع إسلام بحيرى" وبرامج الدكتورة هبة قطب وبرنامج المذيعة المثيرة للجدل ريهام سعيد ، وبرنامج المذيعة منى عراقى الممنوع من العرض الآن والذى تسبب فى انتحار أحد المتهمين فى قضية "حمام رمسيس"، ولكنه يمتد ليشمل كل أنواع الفنون، بداية من السينما التى سيطر عليها فى الفترة الأخيرة عائلة اشتهرت بإنتاج أفلام العرى والعنف والسطحية ، ومرورا بالدراما التليفزيونية التى باتت مشغولة بقصص تجارة المخدرات وتعدد الزوجات وسير حياة الراقصات ولم تعد تراعى حرمة البيوت التى تدخلها بلا استئذان. وإذا لم يكن صناع تلك البرامج والدراما يملكون الوازع الأخلاقى والحس الإنسانى الذى يمنعهم من التعدى على ثوابت المجتمع، فلابد من تدخل قوى من منظمات المجتمع المدنى والرقابة على المصنفات الفنية والنقابات المهنية لوضع حد لذلك التردى والتصدى لهؤلاء العابثين بكل حزم.