داخل المتحف المصري، وأثناء تجولك بين ردهاته، تجذبك تلك اللوحة المصنوعة من الحجر الرملي، وعلى أحد جوانبها نقش لقرص الشمس الذى تخرج منه الأشعة المصورة على شكل الأيادي، والتى ترمز للمعبود «آتون» الذى عبده الملك «أمنحتب الرابع» أو «إخناتون» ونشر عبادته بين المصريين، أما الجانب الثانى فيظهر فيه الملك «حورمحب» وهو يقدم القرابين للمعبودات. تشير البطاقة الشارحة الموضوعة أمام اللوح الحجرى إلى أن الجانب الخاص بإخناتون طُمست أغلب النصوص التى تحويه، فيما عدا أسماء المعبود «آتون» والملك وزوجته «نفرتيتى» وابنته الأميرة «مِكِت آتون»، وأضافت البطاقة أنه على غرار العديد من الآثار التى تعود لعصر العمارنة فقد أُعيد استخدام هذه اللوحة فى عهد الملك «حورمحب»، حيث ظهر فيها وهو يُقدم القرابين للمعبودات «آتوم» و«حتحور». هذه اللوحة تم نقلها إلى المتحف المصرى الكبير عام 2016 ضمن 117 قطعة أثرية ترجع للأسرة 18 عصر الدولة الحديثة، وذلك من المتحف المصرى بالتحرير، حيث خضعت لأعمال التعقيم والصيانة اللازمة قبل وضعها بموقعها على الدرج العظيم، وقد تمت عملية النقل تحت إشراف كامل من آثاريى ومرممى المتحف الكبير وبالتنسيق مع شرطة السياحة والآثار، حيث تم تخصيص سيارات مجهزة يتم التحكم من خلالها فى درجات الحرارة والرطوبة ومزودة بأحدث التقنيات المضادة للاهتزازات. والمعروف أن «إخناتون» هو الملك «أمنحتب الرابع» ابن الملك «أمنحتب الثالث» والملكة «تي» وحفيد «يويا» و «تويا» أصحاب المجموعة الأثرية الرائعة المعروضة بالطابق الثانى بالمتحف المصرى بالتحرير، واشتهر «إخناتون» فى التاريخ المصرى بأنه أول من وحد الآلهة المصرية القديمة فى «آتون» الذى يعنى «القوة التى خلف الشمس»، وقد حكم «إخناتون» البلاد لمدة 17 عاما انشغل خلالها بنشر الديانة الآتونية ما أدخله فى صراع مع كهنة «آمون» فى «طيبة»، الأمر الذى دفعه إلى نقل عاصمة «مصر» إلى مدينة جديدة بناها فى «المنيا» أسماها «أخيتاتون» والمعروفة حاليًا ب «تل العمارنة». وأدى انشغال «إخناتون» بالصراع الدينى فى بلاده إلى إغفال الكثير من الملفات المهمة مثل تأمين الحدود الأمر الذى أدى إلى انفصال أجزاء من الإمبراطورية المصرية عنها، وقد تزوج «إخناتون» من «نفرتيتي» التى ساندته فى نشر الديانة «الآتونية» حيث ظهرت معه إلى جانب بناته الستة فى عدد من الجداريات وهم يقدمون القرابين لآتون ويتعبدون له، كما تزوج من سيدة أخرى أنجبت له «توت عنخ آمون» الذى تولى حكم البلاد فيما بعد. وبعد وفاة الملك «إخناتون» تولى حكم مصر رجل يُدعى « سمنخ كا رع» والذى لم يستمر حكمه سوى ثلاث سنوات، ثم جاء من بعده الفرعون الذهبى الملك «توت عنخ آمون» الذى لم يستمر فى حكم مصر سوى 9 سنوات ليتولى من بعده الوزير «آي» الذى حكم لمدة 4 سنوات فقط، حيث قام «حورمحب» بالاستيلاء على السلطة ليكون هو آخر ملوك الأسرة 18، ووصفه المؤرخون بأنه القائد الذى أعاد مجد مصر بعد سنوات من الضعف. حكم «حورمحب» البلاد قرابة ثلاثين عامًا، عمل خلالها على إجراء كثير من الإصلاحات مثل تعيين القضاة وتقسيم السلطة القانونية بين مصر العليا والسفلى وإعادة تنظيم القوى العاملة فى دير المدينة، وقد تم تسجيل تلك الإصلاحات فى لوح حجرى يُعرف باسم «مرسوم حور محب العظيم» والموجود فى الصرح العاشر من معبد «الكرنك». وللملك «حورمحب» مقبرتان الأولى فى سقارة، وقد بناها عندما كان قائدا للجيش لكنه لم يُدفن فيها، أما الثانية فتقع فى وادى الملوك بالأقصر، وهى التى دُفن فيها بعد وفاته، وقد خلفه الملك «رمسيس الأول» مؤسس الأسرة 19 أعظم الأسر التى حكمت مصر القديمة.