لا تزال قضية "تحرير" العلاقة بين المالك والمستأجر تستحوذ على الاهتمام العام، لأنها تتعلق بحقين دستوريين.. الأول: "حرية المالك فى التصرف فيما يملك"، والثانى: التزام الدولة بتوفير "المسكن" الآمن والصحى والمناسب للمواطنين. والمعنى أن "الموضوع" ليس بالبساطة التى تخيلها "المشرع المجهول"، عندما وضع مشروعًا سابقًا لتنفيذ "حكم" الدستورية قبل إنهاء الدورة البرلمانية الحالية. ومن ثم أعادت "الحكومة" الكرّة وقدمت مشروعًا جديدًا وافقت عليه "لجنة الإسكان" بمجلس النواب، تمهيدًا للعرض على الجلسة العامة للمناقشة والإقرار. من جهة أخرى كشفت الندوة التى عقدت مؤخرًا، بالمركز المصرى للدراسات الاقتصادية، أن المشروع الجديد لا يصلح أيضا للتطبيق الفورى، ويحتاج لإعادة نظر كاملة لأنه يفتقد المنهجية الصحيحة ولم يعتمد على بيانات مدققة تميز بين أطراف المشكلة، وما يترتب على ذلك من تعويضات تتحملها الدولة! فقد عرضت باحثة شابة بالمركز تحليلاً شاملاً عن القضية وتطورها وأطرافها، مع تقييم المشروع الجديد وسيناريوهات الحل. واتضح أن "المشكلة" تتعلق بحوالى مليون و600 ألف أسرة – طبقا لتعداد 2017 – وهناك توقعات بانخفاض العدد إلى 300 ألف عام 2032، وهى نهاية المهلة لتحرير العلاقة بين المالك والمستأجر. الطريف أن أكثر من 35% من هؤلاء يدفعون إيجارًا شهريًا لا يتعدى 50 جنيه، وأن عددًا كبيرًا منهم يملكون أكثر من وحدة سكنية، والمشكلة أن عددًاكبيرًا من المستأجرين من أصحاب المعاشات، أو الذين يستفيدون من برامج حياة كريمة، وتكافل وكرامة. من جهة أخرى، أكد المتحدثون فى الندوة على مجموعة من المبادئ الأساسية، منها ما أوضحه د. زياد بهاء الدين من ضرورة سد الفجوة بين العدالة القانونية والعدالة الاجتماعية، مشيرًا إلى أن المشروع المقدم استند على نوعية العقارات وليس على أوضاع المقيمين فيها. البرلمانى م. إيهاب منصور أشار إلى أن 33% من مستأجرى القانون القديم يستحقون المساندة من الدولة، وأن البرلمان لديه مشكلة فى الوقت والمعلومات الحديثة المدققة. د. ماجد عثمان، وزير الاتصالات الأسبق، أشار إلى ضرورة الاستفادة من قواعد البيانات الحكومية لعلاج التضارب فى الأرقام الحالية حول المشكلة. أما د. عبلة عبد اللطيف، مدير المركز، فقد لخصت الموضوع بأن المطلوب ليس تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر فقط، بل ضرورة توافر حزمة سياسات متكاملة تضمن تحقيق العدالة للجميع، مع حماية الفئات الأكثر تضررًا، مقترحه إنشاء صندوق خاص للتعويضات ودعم المستحقين.