مخطط أمريكى إسرائيلى شرس، يتعرض له حاليا قطاع غزة، تحت غطاء ما تسمى بمؤسسة غزة الإنسانية "GHF"، والتى تهدف ظاهريا إلى إدارة المساعدات التى تصل لسكان القطاع من دول العالم بحجة حجبها عن حركة حماس، بينما يشير واقع الحال إلى أن هذه المؤسسة تواجه تهما بالفساد، وفقا للمرصد الأورو متوسطى، وهو ما يكشف عن المخطط الشيطانى الصهيونى الذى يهدف فقط إلى فرض السيطرة الأمريكية على القطاع وإخضاعه إلى الإدارة الأمريكية المخطط لها منذ اليوم الأول لعودة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. الأمر الذى نددت به دول الاتحاد الأوروبى ومنظمات حقوقية دولية، محذرين من أزمة إنسانية كبيرة منتظرة فى القريب العاجل داخل قطاع غزة. وذكرت صحيفة "إسرائيل اليوم"، أن مؤسسة GHF ستقوم بمهمتها تحت غطاء شركات خاصة، فى إطار محاولات لإقصاء المؤسسات الأمنية والإغاثية، وعلى رأسها بالطبع الأونروا، التى يسعى الاحتلال إلى القضاء عليها منذ بدايات الحرب فى السابع من أكتوبر، مروجا لأكذوبة تعاونها مع قيادات حماس. وأضافت الصحيفة، أن المؤسسة ستتبع آليات جديدة لإدارة المساعدات، والتى ستكون عن طريق أربعة مراكز توزيع، كونها تساهم فى تقنين سياسة التجويع المتواصلة منذ 18 شهرا، فتصبح ذراعا أخرى بديلة لخطة الاحتلال السابقة لتهجير الفلسطينيين واقتلاعهم من أراضيهم، وفى الوقت نفسه تحاول أمريكا من خلالها تبييض الصورة المأخوذة عنها باعتبارها شريكة فى تجويع أهل غزة وإبادتهم. وتعتمد أعمال تلك المؤسسة على شركات أمنية أمريكية خاصة فى شمال قطاع غزة، إذ توظف جنودا سابقين من الجيوش الغربية، ليرافقوا قوافل الغذاء والدواء إلى المراكز السكانية، ومن ضمن مهامهم أيضاً تحرير جنود الاحتلال من يد حركة حماس. ومن بين الشركات التى تعتمد عليها مؤسسة GHF الأمريكية، الشركتان الأمريكيتان أوربيس وكونستاليس، وكانت الأخيرة قد استحوذت فى وقت سابق على عمليات شركة بلاك ووتر للأمن العسكرى الخاصة الأكثر شهرة فى الولاياتالمتحدة، والتى فازت بعقود كبيرة ومثيرة للجدل خلال حرب العراق الثانية. هناك كذلك شركة ثالثة تدعى "جى دى سى" وهى مملوكة لرجل الأعمال الإسرائيلى الأمريكى موتى كاهانا، وتعمل فى مجال الخدمات اللوجستية وإدارة توصيل الأغذية، وساهمت فى إحضار شركة كونستاليس- المذكورة سلفا – إلى غزة، بعد توظيف قدامى المحاربين فى وحدات قتالية من الجيوش الأمريكية والبريطانية والفرنسية، مع ضمان عدم وجود أى يهودى بينهم. وتقدر الميزانية اللازمة لإدارة مثل هذا المشروع المعقد بنحو 200 مليون دولار كل 6 أشهر، كما قدر كاهانا فى البداية، وتصل إلى مليارات الشواكل سنويا، وفقا لتقدير المقدم (احتياط) يوحنان تزوريف، الباحث فى معهد دراسات الأمن القومى والمستشار السابق للشئون العربية فى الإدارة المدنية فى قطاع غزة. ظهور مثل هذه المؤسسات فى القطاع الآن يدل على أن ترامب مازال يفكر فى مخططه الذى أعلنه فى فبراير 2025، والذى يتعلق بإعادة تشكيل قطاع غزة تحت الإدارة الأمريكية، ويتضمن تحويل القطاع –حسب زعمه- إلى "ريفيرا الشرق الأوسط" بعد إزالة الأنقاض وإعادة توطين السكان الفلسطينيين فى دول مجاورة، وهى الخطة التى قوبلت بانتقادات حادة ورفض من المجتمع الدولى، معتبرا إياها انتهاكًا للقانون الدولى وحقوق الإنسان. المخطط الأمريكى الإسرائيلى لإدارة غزة أمريكيا بعد الحرب، تطرق إليه أيضا موقع "إسرائيل هيوم"، نقلا عن وكالة "رويترز" للأنباء، وبحسب مصادر مطلعة، فإن الولاياتالمتحدة وإسرائيل ناقشتا إمكانية تشكيل حكومة مؤقتة فى قطاع غزة بقيادة واشنطن. وركزت المحادثات رفيعة المستوى على إنشاء إدارة انتقالية برئاسة مسئول أمريكى كبير يشرف على قطاع غزة حتى يتم استقراره، وحتى تشكيل "قيادة فلسطينية مستدامة". وبحسب التقرير، فإن المناقشات، التى لا تزال فى مراحلها الأولية، لن يكون لها جدول زمنى محدد طوال مدة ولاية هذه الإدارة، فهى ستعتمد على الوضع على الأرض، كما أن الولاياتالمتحدة ستدعو دولا إضافية للمشاركة فى الحكومة المؤقتة، التى ستستمر حتى يتم نزع السلاح بشكل دائم فى قطاع غزة. وتواجه ما تسمى "مؤسسة غزة الإنسانية" GHF، المدعومة من أمريكا والاحتلال، اتهامات من منظمات حقوقية وإنسانية باستخدام المساعدات الإنسانية كأداة للضغط والسيطرة على الفلسطينيين وتجويعهم، خاصة إذا تم توزيع المساعدات بطريقة تمييزية أو مشروطة، ما يثير مخاوف من استخدام المساعدات كأداة سياسية وعسكرية. وأعربت منظمات الإغاثة الدولية عن مخاوفها من أن يؤدى الاعتماد على شركات أمنية خاصة فى توزيع المساعدات إلى تسييس العمل الإنسانى وتقويض مبادئ الحياد والاستقلالية، محذرة من أن إنشاء مراكز توزيع محددة قد يُجبر السكان على النزوح قسرًا، خاصةً فى ظل استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية. كما حذرت منظمات فلسطينية ودولية، من أن خطة GHF قد تؤدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية فى غزة، خاصة فى ظل الحصار الإسرائيلى المستمر منذ مارس 2025. وعلى الرغم من أن الخطة تتضمن إنشاء أربعة مراكز توزيع آمنة، كل منها يخدم حوالى 300,000 شخص، مع خطط لتوسيع النطاق لتغطية ما يصل إلى مليونى شخص، فإن منظمات مثل مركز الميزان لحقوق الإنسان، ومركز الحق، والمركز الفلسطينى لحقوق الإنسان، أعربت عن مخاوفها من أن هذه الخطة قد تؤدى إلى نزوح قسرى للسكان، وتسييس المساعدات، وانتهاك مبادئ الحياد والاستقلالية التى تقوم عليها العمليات الإنسانية. وأعربت منظمة الأممالمتحدة للطفولة (اليونيسف)، عن قلقها من أن الخطة قد تزيد من معاناة الأطفال والعائلات فى غزة، خاصة إذا اضطرتهم إلى التنقل لمسافات طويلة للحصول على المساعدات، مما يعرضهم لمزيد من المخاطر. وفى ظل هذه الانتقادات، دعت منظمات حقوقية وإنسانية إلى إعادة النظر فى خطة GHF، والعودة إلى الأطر التقليدية التى تقودها الأممالمتحدة فى توزيع المساعدات، لضمان وصولها إلى جميع المحتاجين دون تمييز أو تسييس. كما طالبت برفع الحصار عن غزة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية بشكل فورى ودون عوائق. وحسب وكالة "رويترز"، قال الاتحاد الأوروبى: إن المساعدات الإنسانية "لا ينبغى تسييسها أو عسكرتها أبدا"، وهو ما يعكس المخاوف التى عبر عنها زعماء من بينهم المستشار الألمانى المنتخب حديثا فريدريش ميرتس والرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، الذى قال إن الوضع فى غزة "الأسوأ الذى رأيناه على الإطلاق". وقال يان إيجلاند، الأمين العام للمجلس النرويجى للاجئين، على منصة "إكس" إنه "من الخطأ تماما" أن يقوم أحد طرفى الصراع بتوزيع المساعدات. وأضاف أن "خطة المساعدات الإسرائيلية الجديدة غير كافية على الإطلاق لتلبية الاحتياجات فى غزة، وهى انتهاك كامل لكل المبادئ الإنسانية".