لأول مرة وبهذه السرعة تتحرك كل المؤسسات فى مصر وعلى رأسها وزارة الخارجية ضد التقرير المزيف الذى أصدرته مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، والذى صدر على لسان رئيسة المفوضية «ميشيل باشليه» بشأن الأحكام التى اصدرها قضاء مصر المستقل يوم 8 سبتمبر الحالى والذى صدر عن محكمة جنايات القاهرة فى قضية «غرفة عمليات رابعة»، حيث أدانت وزارة الخارجية المصرية هذا التقرير، وأكدت أن ذلك يعتبر بداية غير موفقة للمفوضة الجديدة فى ممارسة مهام عملها، حيث خرجت عن الحياد وعن المعايير الموضوعية والمهنية وصلاحيات منصبها الأممى.. وأن مصر ترفض كل ما ورد فى البيان من إدعاءات مباشرة أو غير مباشرة تمس نزاهة القضاء المصرى والانسياق وراء أكاذيب جماعة الإخوان الإرهابية، غافلة تاريخها فى ممارسة الإرهاب وقتل المواطنين الأبرياء وأعضاء سلطات إنفاذ القانون واتهام السلطات المصرية بممارسة القمع ضدها فى أحداث فض اعتصام رابعة المسلح مع الاستهانة بخطورة الجرائم المنسوبة للمتهمين الإرهابيين، وأن هذا الأمر يؤثر إلى استمرار المفوضية السامية لحقوق الإنسان فى اتباع نفس المنهج المعتاد من حيث تجاوز صلاحيات المنصب والتشدق بعبارات وشعارات غير منضطبة، وإصدار أحكام تتعلق بالنظم القانونية والقضائية خارج صلاحيات المنصب الوظيفى دون امتلاك الولاية أو التخصص، وطالبت الخارجية المصرية المفوضية السامية بتوخى الحيادية والمهنية فى موقفها المستقبلية والتركيز على تعزيز بنية حقوق الإنسان من خلال بناء جسور التواصل والحوار ومراعاة الخصوصيات للشعوب وحترام إرادتها والالتزام بمسئولياتها باعتبار موظفة دولية تخضع فى ممارسة منصبها لقواعد ومبادئ ميثاق الأممالمتحدة التى لا يجب تجاوزها. أما الموقف المشرف لنادى قضاة مصر ضد المفوضة السامية لحقوق الإنسان أقصد حقوق الإخوان، فقد كان يتميز بالسرعة والرفض التام لتدخل هذه المفوضة فى أحكام القضاء المصرى وشئونه، حيث أعلن نادى القضاة برئاسة المستشار محمد عبد المحسن رئيس مجلس إدارة نادى قضاة مصر أن ما ورد فى تقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة تعليقًا على الأحكام الصادرة فى قضية «غرفة عمليات اعتصام رابعة» والتى تضمنت الحكم بإعدام 75 متهمًا والسجن للمئات من أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية، حيث وصف النادى نقض المفوضية لأحكام القضاء المصرى والتعليق عليها بأنه تدخل سافر غير مقبول، حيث تابع نادى قضاة مصر بمزيد من الأسف ما تناوله التقرير الصادر عن المفوضية السامية لحقوق الإنسان بشأن الأحكام الصادرة عن المحكمة بالنقض والتعليق، الأمر الذى يعد تدخلًا سافرًا وغير مقبول فى أعمال القضاء المصرى الشامخ والمستقل ومساسًا بضمانات استقلال القضاء المنصوص عليها فى المواثيق الدولية، وأن نادى قضاة مصر يؤكد استقلال القضاء المصرى وعدم قبوله على مدار تاريخه العريق أى تدخل من أى جهة كانت أم خارجية وأن القوانين والتقاليد القضائية والأعراف العلمية الراسخة تحظر التعليق على الأحكام القضائية والمساس بها، خاصة إذا تناول هذا التعليق حكمًا لم يستنفذ بعد طرق الطعن عليه، وذلك كله تفاديًا لمظنة التأثير على قضاء الطعن، وطالب نادى القضاة جميع المؤسسات الخارجية والداخلية بالامتثال للمواثيق الدولية والأعراف والتقاليد القضائية والانصياع لأحكام القانون وعدم تناول الأحكام القضائية بالتعليق أو النقد صونًا لمكانة القضاء وتوطيدًا لاستقلاله. والسؤال الذى يطرح نفسه: هل نستطيع أن نفضح دعم الإخوان لهذه الهيئات الدولية التى ترتمى فى حضن الإخوان الإرهابية وتخضع لوجهة نظرهم وتكون تحت تأثيرهم فى الخارج؟! وماذا نستطيع أن نفعل ولدينا المجلس القومى لحقوق الإنسان برئاسة الوزير محمد فائق؟ وماذا يفعل هذا المجلس تجاه هذه الهجمة الشرسة على مصر من جانب المفوضة الجديدة لحقوق الإنسان – أقصد حقوق الإخوان – التابعة للأمم المتحدة؟! وهل فعل المجلس القومى وأعضاؤه المدافعون عن حقوق السجناء ويقومون بزيارات تفتيش دورية للسجون وهم ينسون دورهم تجاه منظمات الخارج التى تهاجم مصر والدولة المصرية وقضاءها المستقل الشامخ؟! وحسنًا ما فعله د. على عبد العال رئيس مجلس النواب حينما أعلن أن مصر دولة قانون وأنه لا تدخل فى أحكام القضاء المصرى ردًا على تقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان، حيث أكد د. عبد العال أن مصر دولة تحترم الدستور والقانون، حيث انتقد د. عبد العال بعض الأصوات التى تنتقد حقوق الإنسان وأن هناك تناقضًا فى مواقف بعض الدول التى تطالب بعدم التدخل فى شئون القضاء وأحكامه، وفى نفس الوقت تنتقد بعض الأحكام الصادرة من قبل القضاء المصرى التى يرونها لا تتوافق مع إراداتهم وأن حق المواطن فى الأمن هو أول حقوق الإنسان، وأبدى تعجبه من دول تطالب مصر بمقاومة الإرهاب وتشيد بمجهودها، وفى نفس الوقت يطالبونها بتقديم الورود للإرهابيين تحت ستار حقوق الإنسان. ولكن ما استوقف انتباهى أن القوى والأحزاب المصرية انتفضت ضد بيان المفوضية السامية لحقوق الإنسان، حيث وجدنا الكثير من الأحزاب تصدر بياناتها تنتقد فيها تقرير وبيان هذه المفوضية فى عهد رئيستها الجديدة «ميشيل باشليه» التى أدعت فيه أن الأحكام التى صدرت بحق قادة ورموز جماعة الإخوان فى قضية «فض رابعة» لم تكن وفق لمحاكمة عادلة، داعية إلى إلغائها وفى دليل دامغ على جهل المفوضية بالقانون المصرى الذى يكفل درجات التقاضى المتعددة لصالح المتهمين، حيث إن القانون المصرى يكفل إعادة النظر فى الأحكام التى تصدرها محاكم الجنايات أمام محكمة النقض، وهى أعلى محكمة فى مصر تنظر فى القضايا الجنائية، حيث تناست المفوضية أن القانون والقضاء المصرى يكفل ذلك، بل نجد أنها طالبت محكمة النقض المصرية بإعادة النظر وكأنها تتعمد ذلك أو تتناسى عن عمد ما ينص عليه القانون المصرى، والحقيقة أن موقف الأحزاب المصرية كان موقفًا مشرفًا، فحزب «مستقبل وطن» وعلى لسان نائب رئيس الحزب ورئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب علاء عابد، حيث رفض الحزب بشدة بيان المفوضية السامية لكونه تطرق لأحكام القضاء المصرى وهذا شأن داخلى فى قضية متهم فيها عدد من أعضاء وقيادات جماعة الإخوان الإرهابية وهو بيان مرفوض جملة وتفصيلًا لأن أحكام القضاء المصرى تصدر باسم الشعب المصرى، وهى تمثل القصاص منهم للجرائم التى ارتكبوها فى حق شعب مصر، أما حزب الوفد فقد أعلن رفضه لهذا البيان واعتبر هذا تدخلًا فى الشئون الداخلية للدول وتدخل سافر فى أحكام القضاء، وأن بيان المفوضية مبنى على إدعاءات وأكاذيب جماعة الإخوان الإرهابية، أما حزب المصريين الأحرار فقد أعلن أن هذا البيان مستفز ويعد تدخلًا غير مقبول بالشأن الداخلى، حيث أكد عصام خليل رئيس الحزب أن القضاء المصرى مستقل ونزيه ولا تتدخل فيه أى سلطة، وأن قضاءنا يلتزم بالدستور والقانون وأن التعليق على الأحكام القضائية مرفوض تمامًا من الجميع، وفى النهاية لا يسعنى إلا أن أقدم كل التحية لمؤسسات الدولة وعلى رأسها الخارجية ومجلس النواب والأحزاب السياسية المصرية الوطنية التى تحركت على الفور، ولكنى أتساءل: أين دور المجلس القومى لحقوق الإنسان؟! هل هو فى إجازة صيفية حاليًا ولم يدر بهذا البيان الذى أصدرته المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة وأسألهم فى النهاية: ماذ تفعلون حاليًا.. فوقوا من غفلتكم وتحركوا يا أصحاب الاختصاص!