موعد صلاة الجمعة بالتوقيت الشتوى الجديد 2025    محافظ المنيا يفتتح ميدان النيل بعد تطويره| صور    بيان مشترك بين البرلمان العربي وبرلمان أمريكا اللاتينية يطالب بمحاسبة قادة الاحتلال    منتخب مصر يهزم إسبانيا ويتأهل لنهائي مونديال اليد تحت 17 عاما    مقتل شخص بطلق ناري في الرأس بظروف غامضة بأسوان    مواعيد تشغيل المترو والقطار الكهربائي مع بدء تطبيق التوقيت الشتوي    عادل المصري: المتحف المصري الكبير مشروع قومي يعكس إبداع التصميم المرتبط بالتراث    أنظار العالم تتجه إلى مصر |ساحة المتحف الكبير خلية نحل قبل الافتتاح التاريخى    إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مهيبة.. تجسد روح مصر الخالدة في افتتاح المتحف المصري الكبير    نصائح لتجهيز الجسم للحمل بعد سن الخامسة والثلاثين    إسرائيل تدرس تكثيف هجماتها فى لبنان بعد تقارير عن تهريب مئات الصواريخ    إدارة ترامب تخفض عدد اللاجئين الذين يُسمح لهم بالدخول سنويا للولايات المتحدة    هنا الزاهد عن افتتاح المتحف الكبير: «مصرية وفخورة»    بتوجيهات شيخ الأزهر..انطلاقة جديدة وتوسُّع لمدرسة «الإمام الطيب» للقرآن الكريم للطلاب الوافدين    على طريقة نفرتيتي.. طلاب القليوبية يحتفلون ب المتحف المصري الكبير    من الطين بنبى أبرج للسماء.. صانع أبراج الحمام: مهنة متوارثة وهذه اسرارها    أشرف الشرقاوي: نتنياهو قضى على أي فرصة لظهور قيادات بديلة في إسرائيل    روبيو: مستعدون لتقديم مساعدات للشعب الكوبي بعد الدمار الذي أحدثه إعصار ميليسا    حصاد الرياضة المصرية اليوم الخميس 30-10-2025    أمين الفتوى يوضح حكم وثواب قيام الليل    من قلب التاريخ يبدأ المستقبل.. فودافون مصر الشريك التكنولوجي للمتحف المصري الكبير    تجهيزات شاملة لاستقبال الوفود الدولية بافتتاح المتحف المصري الكبير    الأوقاف تُطلق (1010) قوافل دعوية بمراكز الشباب على مستوى الجمهورية    موظف بالمعاش يتهم خادمته بسرقة مشغولات ذهبية من فيلته ب6 أكتوبر    تفاصيل تصميم الدعوات الخاصة باحتفالية المتحف المصرى الكبير.. صور    جيش الاحتلال يتسلم جثمانى أسيرين عبر الصليب الأحمر فى غزة    شاهد|«المجلس الصحي المصري»: إطلاق الدلائل الإرشادية خطوة تاريخية لحماية المريض والطبيب    تناولها بانتظام، أطعمة تغنيك عن المكملات الغذائية الكيميائية    رئيس جامعة سوهاج يلتقي طلابه ذوي الإعاقة ويشاركهم وجبة الغذاء    زاخاروفا: روسيا تدعم فنزويلا في الدفاع عن سيادتها    مصر تحقق نجاحا إفريقيا في اتفاقية التجارة الحرة القارية بعد أربع سنوات    إصابة 4 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة ملاكى بالطريق الزراعى فى البحيرة    لا فرق بين «الطلاق المبكر» والاستقالات السريعة داخل الأحزاب    ياسر عبد العزيز يكتب: مصر الكروية كاملة الأوصاف ولكن!    منتخب التايكوندو يحقق المركز الخامس في بطولة العالم بالصين    جماهير الزمالك تنفجر غضبًا بسبب مجلة الأهلي.. ما القصة؟    خالد الجندي: افتتاح المتحف الكبير إنجاز عظيم للرئيس السيسي    محافظ الغربية يرفع يوجه بسرعة تجهيز الشاشات في الميادين استعدادا لحفل افتتاح المتحف الكبير    بعد بيان الأهلي.. موقف إمام عاشور من السوبر المصري (خاص)    وزير الرياضة يصدر قراراً بتشكيل اللجنة المؤقتة لإدارة شئون الإسماعيلي    300 شاحنة مساعدات تغادر معبر رفح البري لدعم الشعب الفلسطيني بقطاع غزة    كواليس هزيمة برشلونة أمام ريال مدريد.. الصحافة الكتالونية تتحدث    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك» وبالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة.. الأوقاف تطلق (1010) قافلة دعوية بمراكز الشباب على مستوى الجمهورية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في محافظة الأقصر    مدمن مخدرات.. القبض علي مسجل اعتدى بالضرب علي شخص وزوجته بالعمرانية    تأجيل محاكمة البلوجر أم مكة بتهمة بث فيديوهات خادشة    تفاصيل قرار جديد للرئيس عبدالفتاح السيسي    تأجيل النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية 48 ساعة    عاجل الأحد المقبل بدء تسليم أراضي "بيت الوطن" للمصريين بالخارج بالقاهرة الجديدة    المشدد من 3 إلى 15 سنة ل4 متهمين بحيازة أسلحة نارية وذخائر بشبرا الخيمة    وزير الصحة: أصدرنا حتى الآن أكثر من 115 دليلًا إرشاديًا فى مختلف التخصصات الطبية    «نفسي أشتمنا».. يسري نصرالله ينعى المصورين ماجد هلال وكيرلس صلاح    «يوم الوفاء» محافظ أسيوط يكرم أسر الشهداء وقدامى المحاربين    ضبط 100533 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    الرئاسة تكشف تفاصيل لقاء السيسي ب رئيس مجلس الوزراء الكويتي    الرقابة المالية تلزم شركات التأمين بضوابط لسرعة حسم شكاوى العملاء    والد أطفال ضحايا جريمة فيصل: سأحاسب كل من أساء لسمعتنا    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في الشرقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حناجر السماء (مصرية)!
نشر في أكتوبر يوم 17 - 08 - 2018

قيثارة السماء، الحنجرة الذهبية، ساقى الأرواح، ريحانة المداحين، مداح العصر، سلطان المنشدين، وغيرهم الكثير من عظماء القراء اللذين كانوا ولازالوا ملوكا على الملوك وأصحاب سلطان على السلاطين، الحقيقة الأبدية التى لا يخالطها أدنى شك هو أن القرآن كما نزل بمكة المكرمة وكُتب بالعراق، حُفظ بمصر المحروسة كنانة الله فى أرضه، وكان الحفظ فى صدور المصريين ولازال يجرى ترتيلا على لسان المصريين ويملىء أسماع المصريين والعالم أجمع، والحقيقة الثانية (التاريخية) أن القراء المصريين كانوا بمثابة سفراء فى دول العالم يملكون من القوة المعنوية ما يدعم القوى الناعمة لمصر فكنا نسمع عن استضافة الملوك والأمراء والرؤساء للقراء المصريين لإحياء ثلاثين ليلة رمضانية بنفحات روحانية تهب نسماتها من بلد الألف مأذنة، والأمر الثانى هو تعلم قراء تلك الشعوب الآسيوية أو الأفريقية والأوربية أيضًا على يد العظماء المصريين حتى أن القارئ منهم كان يفتخر بإجازة التجويد والترتيل على يد الأساتذة من شيوخ القراء المصريين، ولأن الناس على دين ملوكهم فانسحب نفس السلوك على وجهاء المسلمين فكانوا يحيون ليالى الحزن والفرح بحناجر القراء المصريين، وحتى أن جموع الأسر الإسلامية كانت تتبارى فى اقتناء المكتبة الصوتية للقرآن الكريم بأصوات الطبلاوى والمنشاوى وعبد الباسط ونعينع والحُصرى وشيخهم الخالد محمد رفعت، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل تخطاه ليتسرب طواعيةً ليملىء وجدان الشعوب الإسلامية وتدين الأمة لحناجر المصريين بالصفاء الروحى والتعبد بالتلاوة، فكان تقليد أصوات العظماء المصريين بمثابة مبارة للألسن العربية والأعجمية لتشدو كما تصدح حناجر قراء مصر,ولم يكن الأمر بعيدًا فى مجال الإنشاد فتوج المُنشد المصرى وتقدم لإمامة المحبين المنشدين ومنهم النقشبندى وطوبار، فدانت لمصر القلوب والأسماع، كان هذا الحال خارج الحدود السياسية امتدادًا للأثر المصرى على صناع القرار السياسى والاقتصادى لتلك الشعوب والتجمعات الإسلامية.
على الرغم من إلمام الكثيرين من شباب العالم الإسلامى بسير قراء مصر إلا أن الأجيال الحديثة هنا لم تعرف الكثير عن قراء ومنشدين مصر العظام الذين استفتحوا القرن قبل الفائت على العالم الاسلامى بواحد من أهم عناصر القوى الناعمة والانتشار الثقافى ولم تكن البداية عام 1964 عندما بدأ البث الرسمى لإذاعة القرآن الكريم، والتى كان الغرض منها مواجهة الفكر المتطرف الذى بدت نذوره فى الأفق واقتراح عبد القادر حاتم وزير الإرشاد القومى على جمال عبد الناصر إنشاء إذاعة متخصصة للقرآن الكريم، إلا أن البدايات الفعلية كانت مع ظهور الإذاعة المصرية فى عام 1934عندما افتتح الشيخ محمد رفعت أول بث إذاعى بصوته بتلاوة صدر سورة الفتح «إنا فتحنا لك فتحا مبينا» وذلك بعد أن استفتى شيخ الأزهر محمد الأحمدى الظواهرى عن جواز إذاعة القرآن الكريم فأفتى له، وبادر أحد المنتجين للأسطوانات بالتعاقد مع الشيخ لتسجيل القرآن كاملا والحصول على الامتياز الحصرى للتسجيل الصوتى كأول تجربة فى العالم والمعروف أن الشيخ محمد رفعت درس علم القراءات وعلم التفسير ثم المقامات الموسيقية على أيدى شيوخ عصره، أما الشيخ الحصرى فهو أول من تلا القرآن الكريم فى الكونجرس الأمريكى وأذن لصلاة الظهر بمقر الأمم المتحدة، وكان بشكل غير رسمى سفيرًا فوق العادة زار العديد من الدول الأوروبية والأسيوية وقام بتلاوة القرآن الكريم فيها كإنجلترا وإندونيسيا والفلبين والصين والهند، ويرجع له أنه أول من تلى القرآن بقراءات عدة على الهواء مباشرة عام 1944، أما أصغر القراء سنا كان الشيخ محمود على البنا وتم اعتماده بالإذاعة عام 1948 وعمره عشرون عامًا وهو من قراء مسجدى الرفاعى وأحمد البدوى ثم مسجد الإمام الحسين، ومن صعيد مصر كان (الصوت الباكى) الشيخ محمد صديق المنشاوى، ومن دلتا النيل فى مطوبس بمحافظة كفر الشيخ خريج طب الإسكندرية الشيخ أحمد نعنينع الذى حفظ القرآن الكريم فى عمر الثامنة وهو أول من ختم التلاوة القرآنية ب«صدق الله العلى العظيم»، وفى سن الخامسة عشر قرأ الشيخ محمود الطبلاوى، ومن المراغة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد الذى مازال صوته يبهر المستمعين حتى الآن!
وعلى مأذنة الجامع الحسين كانت مقامات الشيخ على محمود التى لا تتكرر إلا بعد عام، وكما يذكر المؤرخون أنه المؤسس الأول لفن الإنشاد وتتلمذ على يده طه الفشنى، ومحمد الفيومى، وكامل يوسف البهتيمى، وإبراهيم المغربى وعبدالرحيم مسلوب، ونال الموسيقيون والمطربون حظا وافرًا من دراسة المقامات عنه وأشهرهم أم كلثوم وأسمهان، وبلغ من الأهمية فى زمانه أن رأس المؤتمر العربى لتوحيد المقامات الموسيقية تحت رعاية ملك مصر فؤاد الأول فى عام 1930 والذى أورث حب الإنشاد لابنه الملك فاروق الذى داوم على حضور جلسات الشيخ طه الفشنى صاحب المقدرة الفذة فى التنقل بين المقامات الموسيقية بطرب لا يضاهيه مثيل، والذى اختير رئيسًا لرابطة القراء والمنشدين خلفا للشيخ عبد الفتاح الشعشاعى، وهكذا كان السادات مفتونا بصوت النقشبندى حتى أنه افتعل موقفا ليقدم النقشبندى عملا مشتركا مع بليغ حمدى واستشعر الشيخ بعض الحرج وأوصى مسئول الإذاعة بتركه مع بليغ لمدة ربع ساعة وإن عاد ووجد الشيخ معتمرًا عمامته تحجج بعطل فنى وإلا فليكمل معهما العمل، وبالفعل عندما دخل مسئول الإذاعة ستوديو التسجيل وجد الشيخ تاركا لعمامته ونعليه ونظر إليه قائلا: «بليغ هذا عبقرى» وخرجت أنشودة (مولاى) إلى النور كأول عمل يجمع الإنشاد والموسيقى، وبعد تناول الصحف للخبر، يذكر أن أم كلثوم كانت عاشقة لصوت الشيخ وكانت تطمع أن تقوم بعمل فني مشترك لولا وفاته، وكرمه الرئيس السادات بمنحه وسام الدولة من الدرجة الأولى وبعد وفاته كرمه الرئيس مبارك، ولأن الإنشاد كان مظهرًا بارزًا فى الحياة المصرية على اختلاف تنوعاتها الطبقية، لذا لم تغب صورة المنشد عن الدراما المصرية فظهر الشيخ الفيومى فى أفلام عديدة منها رصيف نمرة 5، وعزيزة، وكذلك تقرب الملحنون من الشيخ عمران الذى قيل عنه إن سهمًا من الحسد أصاب بصره وهو صغير فعوضه الله حنجرة ولا مثيلا، وتعاون عمران مع كبار الملحنين أمثال عبدالوهاب، وزكريا أحمد، وسيد مكاوى وغيرهم ومرات عديدة كانت أم كلثوم تذهب إليه ليعملها أن تخرج أغنية جديدة من أحد المقامات الموسيقية، ويعتبر الشيخ الهلباوى آخر جيل العمالقة ويعد من أشهر محكمى مسابقات قراءة القرآن والإنشاد الدينى فى العالم.
واختير نصر الدين طوبار قائدًا لفرقة الإنشاد الدينى لأكاديمية الفنون، وأنشد فى قاعة «ألبرت هول» بلندن وكثير من الدول الأوروبية وكتبت عنه الصحافة الألمانية: «صوت الشيخ طوبار يضرب على أوتار القلوب»، كما شارك في احتفال مصر بعيد الفن والثقافة عندما كانت الثقافة مصدرًا للتأثير على المنطقة وسلاحًا مستنيرًا يواجه التشدد ويحفظ الدم ويصون الشخصية المصرية التى كانت تردد تواشيح طوبار والنقشبندى حتى فى جنبات الأسر المصرية القبطية والتى هى أيضاً كانت تقيم موائد الرحمن وتحيى الليالى باستضافة مشاهير القراء فى صعيد مصر الذى طاله التقصير حتى نسينا أنه (جغرافيًا وتاريخيًا) كان أصل الحضارة وعاصمتها حتى زمن قريب! وجن الليل (الطويل)على أجيال غُربت وعُزلت قسرًا حتى تستمع لقراءات الأنف وتواشيح العجم والسوق رائج ولا نعلم لماذا؟! إلا أن للفن جمال وحقيقة لا سلطان للمال والعوز عليهما، فبقيت حناجر السماء (مصرية) تأسر الوجدان الجمعى ولو سرًا إلى حين!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.