بعد فترة عصيبة مرت بها تونس، نجحت قوات الأمن التونسية فى إحباط مخطط تنظيم داعش فى إقامة ولاية على أراضيه، وذلك بمنطقة بن قردان الحدودية مع ليبيا، وأعلنت السلطات التونسية فرض حظر للتجول فى بن قردان وإغلاق الحدود البرية المجاورة مع ليبيا. ولكن يبدو أن حرب تونس مع الإرهاب دخلت مرحلة جديدة تستهدف المواطنين والمؤسسات الحيوية وفى مقدمتها ثكنات الجيش ومراكز الشرطة. بداية الهجوم الداعشى انطلقت كما أكد رئيس الحكومة الحبيب الصيد حوالى 5 صباحا وكان الهدف من الهجوم احتلال ثكنة الجيش الوطنى فى يبن قردان ومنطقتى الأمن والحرس الوطنيين بالجهة وإشارة انطلاق العملية كانت من جامع متواجد إلى جانب ثكنة الأمن الوطنى وقد انطلق الهجوم بالتزامن. وأوضح رئيس الحكومة أن ردة الفعل للأمن والجيش كانت سريعة ونتائج هذه العملية كانت إيجابية فى مجملها، فتم قتل 36 إرهابيا وأسر 7 إرهابيين مشددا على أن أسّر 7 إرهابيين هو أمر هام جدا والبحث سيمكن من التعرف على عدة أشياء هامة بالنسبة للمستقبل، وبلغت خسائر صفوف الأمن التونسى 12 شهيدا. وقال الحبيب الصيد أن استنطاق الإرهابين مكن من الكشف عن ثلاثة مخازن أو مخابئ للأسلحة بها أسلحة هامة إضافة لحجز شاحنة مدججة بالسلاح فى منطقة العوينات. ووصف الرئيس التونسى الباجى قائد السبسى الهجوم الإرهابى بغير المسبوق والمنظم والمنسق، ورجح أن يكون القصد منه السيطرة على المنطقة وإعلان ولاية إسلامية جديدة، وأضاف أن قوات الأمن والجيش «كانت تترقب عملية مماثلة ربما ليس بمثل هذه الخطورة»، واعتبر أن التونسيين باتوا «فى حال حرب ضد الهمجية والجرذان الذين سنقضى عليهم نهائياً». وكشف وزير الدفاع التونسى فرحات الحرشانى عن وصول خبراء ألمان وأمريكيين إلى بلاده للمساعدة فى تركيب منظومة مراقبة إلكترونية للحدود مع ليبيا. وأشار الحرشانى إلى أن الحكومة ستناقش الإطار القانونى المتعلق بالتعاون التونسى - الألمانى - الأمريكى، وستقدمه لاحقاً إلى البرلمان على اعتبار أن تواجد قوات عسكرية أجنبية على التراب التونسى يستوجب إطاراً قانونياً. واعتبر وزير الدفاع التونسى خلال زيارته المناطق الحدودية فى جنوب البلاد، أن المنظومة الدفاعية فى الجنوبالتونسى كاملة ومتكاملة وتعتمد على ساتر ترابى وخنادق، إضافة إلى المراقبة الإلكترونية بطائرات من دون طيار. وربط المحللون فى قرائتهم للعملية بين الوضع الإقليمى المتوتر وانعكاسه على الوضع فى تونس ،بالإضافة إلى عقيدة هذه الجماعات المبنيّة على التوسع مشيرين إلى أن الإرهابيين استعدوا من خلال وجود خلايا نائمة ومتحركة ومخازن سلاح مما يؤكد على أن عملية بن قردان لم تأت بصفة عرضية حيث أن هناك تهيئة شاملة على مستوى التهديد والتنفيذ والدعم اللوجيستى. وبحسب المحللون فإن المخطط «الداعشى» يقوم على إقامة ولاية تونسية «داعشية»، ولن يتم ذلك إلا بالسيطرة على الجنوبالتونسى وقد برز هذا من خلال بياناتهم التى ينشرونها على مواقعهم ومن خلال اعترافات العناصر الإرهابية التى تم القبض عليها فى تونس وإحالتها إلى السلطة القضائية. ومن جهة أخرى، تمثل السيطرة على بن قردان المد نحو مناطق أخرى سواء من جهة تطاوين أو مدنين وقد دخلت العناصر الإرهابية حيّز التنفيذ من خلال العمليات التى تم إحباطها سابقا وضبط العديد فى العناصر وتحديد مواقع مخازن السلاح وحجزها بالإضافة إلى العملية الأخيرة التى تم خلالها القضاء على خمسة إرهابيين وكانت عملية استطلاعية ذات بعد استعلاماتى لاختبار مدى جاهزية قوات الأمن. ويشير المحللون إلى أن تلك الجماعات دخلت بن قردان منذ مدة فى شكل مجموعات وخلقت لنفسها بنية تجمّعت داخلها وتمركزت بقوة وتمكنت من خلق الأرضية والبنية اللازمة للقيام بهذه العملية، التى سبقها تخطيط محكم وهى ليست عرضية وهى موجهة نحو أهداف محددة وإذا ما نجح مخططها فسوف يكون أرضية لبث الفوضى والتوسع لأن النقاط التى حاولوا السيطرة عليها والتمركز فيها ستزيد من معنوياتهم وتكون لهم دفع جديد باعتبار أنها نقاط بها السلاح كمراكز الحرس الوطنى وثكنة الجيش وما تحتويه من عتاد ومعدات وأسلحة.