يبدو أن كل الأطراف المتحاربة تتمسك بمواقفها إلى النهاية، فتوقفت مباحثات السلام، وتراجعت الحلول السلمية، ولم يبق سوى الخيار العسكرى ليفرض نفسه على جميع الأطراف رغم مرور عشرة أشهر على بدء الحرب فى اليمن. وإلى الآن تبدو خريطة الواقع اليمنى منقسمة إلى ثلاث جبهات، الحكومة مع قوات التحالف العربى فى جبهة، والحوثيون والمعزول صالح فى جبهة، وتنظيم القاعدة فى جبهة ثالثة. وما زالت القوات الموالية للحكومة والمدعومة من التحالف تبحث عن نصر فى تعز، حيث تم تجنيد الآلاف، كما تم فتح جبهتين فى صنعاء لاستنزاف الحوثيين وقوات صالح، لاستعادة السيطرة على تعز. وكانت الأممالمتحدة قد علقت مباحثات السلام إلى أجل غير مسمى، فالحكومة تطلب الإفراج عن المعتقلين ويشترط الحوثيون وصالح وقف غارات طائرات التحالف للقبول بالمشاركة فى المباحثات. وعلى الرغم من استعادة القوات الحكومية السيطرة على أجزاء واسعة من اليمن، إلا أن الأهداف التى قصفتها طائرات التحالف مئات المرات عادت لقصفها من جديد، سواء فى صنعاء أو تعز والحديدة وحجة. ويبدو أن التحالف يريد من الطرف الآخر أن يقبل بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولى دون قيد أو شرط، فى حين يراهن الحوثيون وصالح على تغير فى الموقف الدولى، كما حدث فى سوريا، ليكون ذلك مقدمة لاتفاق سياسى لا يخرجون منه دون أى مكاسب. ويزداد القتال عنفًا، ويصبح كل شىء هدفًا لطائرات التحالف، بينما يكثف الحوثيون هجماتهم على الحدود السعودية، ويخوضون مواجهات عنيفة فى تعز، وهى مواقف تؤكد أن الجانبين يواصلان الرهان على الخيار العسكرى. ويحاول المبعوث الدولى الخاص باليمن إسماعيل ولد الشيخ تغيير المواقف المتصلبة للجانبين، لكنه لم يحقق نجاحًا يذكر حتى الآن. استعدادات لاقتحام صنعاء وفى تقدم استراتيجى سيطرت المقاومة والجيش اليمنى على معسكر رئيسى للحوثيين فى «فرضة نهم» البوابة الشمالية الشرقية للعاصمة صنعاء. وأكد المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية فى محافظة صنعاء، التوجه نحو فتح جبهات جديدة فى محيط العاصمة من الجبهتين الشرقية والشمالية الغربية إلى جانب جبهة «نهم». وقد شن طيران التحالف غارات مكثفة على مخازن أسلحة تابعة للمعزول صالح فى صنعاء. هذا وتستعد قوات الشرعية والمقاومة للتقدم عبر 4 محاور باتجاه العاصمة والمتمثلة فى محور نهم وطولان من الشرق، ومحور أرحب وهمدان عمران من الشمال، إلى جانب المحورين الغربى والجنوبى، حيث تمت السيطرة على الطرق التى تربط العاصمة بمنطقة الغرضة التى تمر منها إلى مأرب بالكامل، وقطعت بذلك جميع الإمدادات للمتمردين فى المنطقة. وتتعرض معسكرات صالح عند مداخل العاصمة لضربات جوية عنيفة فى محاولة لإخراجها عن معركة صنعاء الخاضعة لسلطة المتمردين منذ سبتمبر 2014. وتشهد صنعاء اختفاء غاز البوتاجاز وارتفاع أسعار البنزين نتيجة قطع طريق مأربصنعاء فى منطقة نهم، وارتفعت أسعار السلع وتوقفت حركة السيارات لاختفاء مشتقات البترول التى كانت ميليشيات الحوثيين تتاجر بها فى السوق السوداء خلال الأشهر الماضية، كما شهدت المدينة عجزًا فى الخزانة التى تسيطر عليها ميليشيات التمرد عن صرف مرتبات الموظفين لشهر يناير الماضى، وإعلانها العجز عن توفير السيولة لذلك رسميًا. وقد أشارت مصادر إلى وجود خلاف حول تولى قيادة الدفاع عن صنعاء بين صالح والحوثيين الذين سعوا مؤخرًَا لاستمالة قيادات فى الحرس الجمهورى الذى يتبع معسكر صالح ونجله، للاستحواذ على القرار العسكرى فى إدارة المعارك المقبلة فى المدينة، وهو الأمر الذى يرفضه صالح بقوة. القاعدة فى شبوة حرب من نوع آخر يشنها مسلحو تنظيم «القاعدة» فى جنوب شرق اليمن على مدينة عزان فى محافظة شبوة. وذكرت مصادر محلية أن 6 عربات عسكرية يستقلها العشرات من المسلحين داهموا المدينة فجرًا، وسيطروا على مبانى السلطة المحلية والأمن، وأقاموا نقاطًا أمنية فى وسط ومداخل ومخارج المدينة الصغيرة. وبعدها وصلت تعزيزات من الأطقم العسكرية لتنظيم «القاعدة» من حضرموت إلى مدينة عزان. كما أكد شهود أن طائرات بدون طيار حلقت فى سماء المدينة والمناطق الجبلية المحيطة بها. وتعد عزان ثانى أكبر مدينة تجارية فى محافظة شبوة الغنية بالنفط. وبذلك أعاد «القاعدة» السيطرة على عزان بعد فترة طويلة من مغادرتها، بعد أن تمكنوا من السيطرة على مدن سواحل حضرموت. هذا ويسيطر «القاعدة» على مدينة المكلا بحضرموت منذ إبريل الماضى، بعد انسحاب قوات المعزول صالح منها. ويعتقد مراقبون أن دوافع تحرك «القاعدة» فى محافظة شبوة بدأت بعد تحرك قوات التحالف بحرًا وجوًا لمحاولة إيقاف عمليات تهريب الأسلحة ومشتقات البترول عبر موانئ شبوة الرسمية وغير الرسمية إلى الميليشيات الحوثية. هزيمة التمرد ولا شك أن الحرب فى اليمن منعت سيطرة تحالف التمرد بين الحوثى وصالح الذى لو انتصر لحول اليمن إلى ساحة انتقام وصراعات قبلية وطائفية، يمكن أن تتحول بسببها اليمن إلى صومال أخرى تضربها الحروب الأهلية والمجاعات عشرات السنين. فالسعودية وبقية دول مجلس التعاون الخليجى مصلحتها الوحيدة فى الحرب تحقيق الاستقرار وإعادة الشرعية لليمن. لقد غامر المعزول صالح بمستقبل ومصير اليمن وقاد التمرد ضد الحكومة الشرعية متحالفًا مع الميليشيات الحوثية المدعومة إيرانيًا، لكنه فوجئ بأن السعودية تنتصر للشرعية وشكلت تحالفًا عربيًا لإعادة الاستقرار لليمن. ورغم طول أمد الحرب إلا أن مصير الميليشيات الحوثية وصالح محكوم عليه بالهزيمة، فالغارات الجوية والحصار والتحرك المدروس على الأرض، سيؤدى إلى تطهير اليمن من المتمردين وإعادة الاستقرار والشرعية إلى اليمن.