اليوم.. الأوقاف تفتتح 17 مسجداً جديداً    توقعات مخيبة للأمال لشركة إنتل في البورصة الأمريكية    وزير المالية الإسرائيلي المتطرف يدعو الموساد لاغتيال قيادات حماس وإبادة قطاع غزة بالكامل    مسؤول أمريكي: واشنطن تستعد لإعلان عقود أسلحة بقيمة 6 مليارات دولار لأوكرانيا    قوات الاحتلال تعتقل شقيقين فلسطينيين بعد اقتحام منزلهما في المنطقة الجنوبية بالخليل    وزير الخارجية الصيني يلتقي بلينكن في العاصمة بكين    بداية موجة شتوية، درجات الحرارة اليوم الجمعة 26 - 4 - 2024 في مصر    الأسعار كلها ارتفعت إلا المخدرات.. أستاذ سموم يحذر من مخدر الأيس: يدمر 10 أسر    أعضاء من مجلس الشيوخ صوتوا لحظر «تيك توك» ولديهم حسابات عليه    إسرائيل تدرس اتفاقا محدودا بشأن المحتجزين مقابل عودة الفلسطينيين لشمال غزة    جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة للحرب على غزة    900 مليون جنيه|الداخلية تكشف أضخم عملية غسيل أموال في البلاد.. التفاصيل    طريقة تغيير الساعة في هواتف سامسونج مع بدء التوقيت الصيفي.. 5 خطوات مهمة    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الجمعة 26 أبريل 2024    شعبة أسماك بورسعيد: المقاطعة ظلمت البائع الغلبان.. وأصحاب المزارع يبيعون إنتاجهم لمحافظات أخرى    المستهدف أعضاء بريكس، فريق ترامب يدرس إجراءات ضد الدول التي تتخلى عن الدولار    «جريمة عابرة للحدود».. نص تحقيقات النيابة مع المتهم بقتل طفل شبرا الخيمة    ماجد المصري عن مشاركته في احتفالية عيد تحرير سيناء: من أجمل لحظات عمري    «الإفتاء» تعلن موعد صلاة الفجر بعد تغيير التوقيت الصيفي    أذكار وأدعية ليلة الجمعة.. اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا    بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024.. توجيهات الصحة بتجنُّب زيادة استهلالك الكافيين    مع بداية التوقيت الصيفي.. الصحة توجه منشور توعوي للمواطنين    جدعنة أهالي «المنيا» تنقذ «محمود» من خسارة شقى عمره: 8 سنين تعب    أحمد سليمان يزف بشرى سارة لجماهير الزمالك    إعلان نتيجة مسابقة المعلمة القدوة بمنطقة الإسكندرية الأزهرية    رئيس لجنة الخطة بالبرلمان: الموازنة الجديدة لمصر تُدعم مسار التنمية ومؤشرات إيجابية لإدارة الدين    نجم الأهلي السابق يوجه رسالة دعم للفريق قبل مواجهة مازيمبي    ناقد رياضي: الزمالك فرط في الفوز على دريمز الغاني    طارق السيد: ملف بوطيب كارثة داخل الزمالك.. وواثق في قدرات اللاعبين أمام دريمز    هيئة الغذاء والدواء بالمملكة: إلزام منتجات سعودية بهذا الاسم    إصابة 8 أشخاص في تصادم 3 سيارات فوق كوبري المندرة بأسيوط    أبرزها الاغتسال والتطيب.. سنن مستحبة يوم الجمعة (تعرف عليها)    عاجل.. رمضان صبحي يفجر مفاجأة عن عودته إلى منتخب مصر    انطلاق حفل افتتاح مهرجان الفيلم القصير في الإسكندرية    تشرفت بالمشاركة .. كريم فهمي يروج لفيلم السرب    بشرى سارة للموظفين.. عدد أيام إجازة شم النسيم بعد قرار ترحيل موعد عيد العمال رسميًا    ليلى زاهر: جالي تهديدات بسبب دوري في «أعلى نسبة مشاهدة» (فيديو)    «زي النهارده».. استقالة الشيخ محمد الأحمدي الظواهري من مشيخة الأزهر 26 أبريل 1935    رمضان صبحي يحسم الجدل بشأن تقديم اعتذار ل الأهلي    نقابة محاميين شمال أسيوط تدين مقتل اثنين من أبنائها    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميا    عاجل - محمد موسى يهاجم "الموسيقيين" بسبب بيكا وشاكوش (فيديو)    هاني حتحوت يكشف تشكيل الأهلي المتوقع أمام مازيمبي    عاجل - بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024 فعليًا.. انتبه هذه المواعيد يطرأ عليها التغيير    عاجل - تطورات جديدة في بلاغ اتهام بيكا وشاكوش بالتحريض على الفسق والفجور (فيديو)    "حزب الله" يعلن ضرب قافلة إسرائيلية في كمين مركب    مواقيت الصلاة بالتوقيت الصيفي .. في القاهرة والإسكندرية وباقي محافظات مصر    عيار 21 يسجل هذا الرقم.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 26 أبريل بالصاغة بعد آخر انخفاض    بالصور.. مصطفى عسل يتأهل إلى نهائي بطولة الجونة الدولية للاسكواش    هل العمل في بيع مستحضرات التجميل والميك آب حرام؟.. الإفتاء تحسم الجدل    أنغام تبدأ حفل عيد تحرير سيناء بأغنية «بلدي التاريخ»    القومي للأجور: قرار الحد الأدنى سيطبق على 95% من المنشآت في مصر    مصدر نهر النيل.. أمطار أعلى من معدلاتها على بحيرة فيكتوريا    برج العذراء.. حظك اليوم الجمعة 26 أبريل 2024 : روتين جديد    قيادي بفتح: عدد شهداء العدوان على غزة يتراوح بين 50 إلى 60 ألفا    «اللهم بشرى تشبه الغيث وسعادة تملأ القلب».. أفضل دعاء يوم الجمعة    أنغام باحتفالية مجلس القبائل: كل سنة وأحنا احرار بفضل القيادة العظيمة الرئيس السيسى    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نجيب محفوظ?.. موهبة أدبية ومنارة ثقافية لن تتكرر
نشر في أكتوبر يوم 20 - 12 - 2015

سيظل نجيب محفوظ عملاق الرواية العربية منارة مضيئة من منارات الثقافة الأدبية العربية فهو أحد أفذاذ كتاب هذه الأمة وقد تميز إنتاجه الفنى بالثراء والتنوع الواسع والألوان والواقعية ذات الرواية المباشرة فخاطبت أعمالة البشرية جمعاء كالثلاثية وغيرها مما أعطى دفعة كبيرة للرواية وللأدب العربى فساعد على تطوير لغة الأدب وكذلك الأدب الروائى الناطق بالعربية، وسيوافق هذا الشهر ذكرى مولد الأديب العالمى نجيب محفوظ والحاصل على نوبل فى الآداب عام 1988م والتى وصلت إلى 104 أعوام ومن منطلق الاحتفال بذكرى هذا الأديب الفذ القت أكتوبر الضوء على عدة جوانب بدءا بأسرته منذ الطفولة وانتهاء بالأقوال التى امتدحت أدبه مرورا بآرائه فى عدة مجالات».لم يتحدث نجيب محفوظ عن والدة كثيرا إلا أن والد نجيب محفوظ كان متشددا فى بيته وهو ما جعل أحد أصدقاء عمرى يقول: لم ندخل بيت نجيب فى طفولته ولا فى شبابه وقد مات الأب ومحفوظ فى سن الخامسة والعشرين وكانت تجربة أليمة للغاية فى حياة نجيب محفوظ وصدمة قوية لا تنسى، أما الأم فقد كانت سيدة معمرة لم ترحل عن العالم إلا عندما تجاوز عمر محفوظ سن الخمسين وكانت سيدة أمية لا تقرأ ولا تكتب ولكنها لم تكن أبدا مثل أمينة فى الثلاثية فكانت تصطحبه معها فى زيارة الآثار المصرية وعرف من خلالها أبو الهول والهرم والانتكخانة وكنيسة مارجرجس. وعندما اندلعت ثورة 1919م شاهد محفوظ من المشربية منظر المتظاهرين يحاولون اقتحام قسم البوليس الذى يقع أمام منزله ولكن بقوة السلاح يتغلب البوليس الإنجليزى على المتظاهرين.
وفى حى الجمالية شاهد محفوظ اشتباكا آخر بين الأزهريين والإيجليز حيث كان الأزهريون يقذفون الجنود الإنجليز بالطوب فيردون عليهم بالرصاص ومع الثورة ملأت شخصية سعد زغلول كل خيال محفوظ الذى ظل يرى فيه الزعيم العظيم، ومثالًا للوطنيه بل أنه تعلم القراءة بسرعة لمواظبتة على متابعة كلمة سعد زغلول فى البرلمان. وعندما انتقلت الأسرة من الجمالية إلى العباسية لم ينسى محفوظ القاهرة القديمة فكان يعود اليها دائما بصحبة شلة العباسية.
وفى بداية مرحلة الدراسة افتتن بالسينما والقصص البوليسية وبقصص الأنبياء وفى سن السابعة عشرة عاش محفوظ أزمة فكرية عاطفية بسبب حب فاشل لفتاة كان يلقاها فى حدائق العباسية.
بعد تخرجه سنة 1934م عاش محفوظ عامين كاملين فى حيرة بسبب اطلاعه على نماذج رائعة للأدب المصرى الحديث فكيف السبيل للتوفيق بين حبة للأدب وعشقه للفلسفة وأثناء اعداده للماجستير عن مفهوم الجمال توقف كل شىء فجأة فقد حسم محفوظ القضية واختار أن يكون أديبا. ولم تكن مصادفة أن يبدأ مسيرته الطويلة ذات الأبعاد المتناهية فى أرض الرواية بروايته عبث الاقدار ورادوبيس وكفاح طيبة أنها اذن بداية واعية لفنان يغوص فى أغوار مصر قبل أن يبدأ غوصة فى مكونات واقعها، ولم تكن قفزة عشوائية أن يقدم لنا القاهرة الجديدة ليبدأ رحلته داخل مصر، وليواجه الواقع الفاسد المتردى استشرافا لما سيكون بعد ذلك أو بعد سنوات عندما تنطلق العاصفة ويتصدى ثوار يوليو للتغيير، ولم يكن محرضا دائما بل كان موحيا بطريقة الفنان لا مقولة الداعية وقد تداعت فى رواياته خان الخليلى وزقاق المدق والسراب وبداية ونهاية.
وقد صمت محفوظ سبع سنوات منذ عام 1949م حتى عام 1956م بعد ما صدرت بداية ونهاية إلى أن جاءت الثلاثية الخالدة بين القصرين وقصر الشوق والسكرية، ثم توالت أعماله اللص والكلاب والسمان والخريف، ثم واجه الانحرافات بثرثرة فوق النيل وميرامار ويحدث الخطر، وتتوالى مجموعاته ورواياته خمارة القط الأسود وتحت المظلة وحكاية بلا بداية ولانهاية وشهر العسل والمرايا والحب تحت المطر والجريمة والكرنك وحكايات حارتنا وقلب الليل وحضرة المحترم.
كذلك لعبت السيدة عطية الله إبراهيم زوجة نجيب محفوظ دورا مهمًا فى حياته إذ تروى أنها تزوجت من محفوظ بعد قصة حب كبيرة وكان أول هداياه لها ساعة ذهب ظلت ترتديها حتى اعطتها لابنتيها أم كلثوم وهدى، وأضافت فى أحد لقاءاتها أنها لم تفاجأ بفوزه بجائزة نوبل فقد كانت واثقة من قيمة إنتاجه وأجمل رواياته إلى قلبها الثلاثية.
ويقول عبد المنعم الشويحى صديق الطفولة للأديب نجيب محفوظ، أنه تعرف عليه فى المرحلة الابتدائية وبالتحديد فى الصف الثانى بمدرسة الجمالية الابتدائية، فكان قادما من مدرسة الحسينية الابتدائية بالعباسية، ثم رسبت فى الصف الثالث ونجح هو لأنه كان متفوقا لكن استمرت العلاقة بيننا، والشىء الذى كان يتميز به أنه كان لاعب كرة قدم متميزا ومتفوقا على الجميع لكنه ابتعد عن لعب الكرة وهو فى «عزه» واتجه للأدب، ولكنه لم يعتزل اللعب نهائيا، وكان يمارسها معنا كل جمعة.
وكنا نجتمع فى مقهى عرابى بشارع «فاروق» - شارع الجيش الآن، وأذكر أنه كان من بين أعضاء «الشلة» مصطفى كاظم، الذى تربطه صلة نسب ب «جمال عبد الناصر» وفى إحدى المرات حضر
عبد الناصر إلى المقهى فوجد نجيب فقال له: «ماتحرمناش من كتاباتك يانجيب».
ويستمر عبد المنعم الشويخى فى الحديث قائلا: كان محفوظ كان يحب الضحك ويحب أم كلثوم ويحضر حفلاتها باستمرار، كان يهلل لها حتى نشأت علاقة قوية بينهما وكان نجيب تلميذًا فى كلية الأداب للإمام الشيخ مصطفى عبد الرازق أستاذ الفلسفة الإسلامية وشيخ الجامع الأزهر، ومن هنا اهتم نجيب بالدراسات الفلسفية الإسلامية وأصبح نجيب السكرتير البرلمانى للشيخ مصطفى.
كما يعد نجيب محفوظ كاتب غير عادى لسيناريوهات الأفلام المصرية فى عصرها الذهبى ففى البداية اكتشفه المخرج صلاح أبوسيف نبوغه فى هذا المجال، فأخرج أفلام ريا وسكينة والوحش ولك يوم يا ظالم والفتوة وبين السما والأرض.
وقد شارك محفوظ فى كتابة سيناريوهاتها جميعا وشخصيات نجيب محفوظ تبحث عن مؤلف يبرزها إلى الوجود، ولكن المؤلف هو الذى يبحث عنها بين أصدقاء المقهى وزملاء العمل وحوادث الجورنال وكان يلتقطها من قارعة الطريق ويصنع منها نماذج أدبية، ففى حواراته الطويلة مع رجاء النقاش وجمال الغيطانى وأفصح محفوظ بشكل صريح أحيانا وبالتلميح أحيانا أخرى عن أسماء بعينها مشهورين ومغمورين استلهمها أبطال وشخصيات لقصصه ورواياته، ففى الكرنك استلهم شيئا من سيرة صلاح نصر واللص والكلاب استلهم حكاية محمود أمين سليمان السفاح الذى شغلت أخبار حوادثة الناس لمدة من الزمن وفى رواية صباح الورد كتب عن ذكريات الصبا حيث جاور فى السكن ليلى مراد وأسرتها، وفى المرايا استلهم أحد أبطاله من صحفيين مشهورين فى زمنهما هما سلامة موسى ومحمود عزمى، وفى قشتمر كتب عن صديقة صلاح جاهين وفى إحدى قصصه عن الحرافيش استلهم الصراع بين روسيا وأمريكا وحوله إلى صراع بين اثنين من الفتوات، هذا بالإضافة إلى كتاباته عن الزعماء والسياسيين وأبرزهم سعد زغلول والنحاس وعبدالناصر والسادات والذى كان بذكاء يعكس على لسان شخصياته سلبيات وإيجابيات هؤلاء الحكام.
وترجع أهمية شخصيات محفوظ إلى انها جاءت من صميم الأزقة والأحياء الفقيرة وهو يعكس بعض المفاهيم والمبادئ التى تتضمنها الكتب السماوية وفى مقدمتها القرآن الكريم وبعضها يسير إلى أفكار ورد ذكرها فى الإنجيل وهى تعكس مشاعر رجال الدين وقد بلغت دقة نجيب محفوظ فى رسم الشخصيات وتجسيدها أنك تكاد تشعر بها تخرج من الصفحات وتجلس معك وكذلك دقتة فى تصوير جو الرواية والأماكن والعصر الذى حدثت فيه.
وقد عبر محفوظ عن عدد من آرائة فى جميع المجالات فيرى محفوظ «أن تأخر العرب عن التقدم يرجع إلى سببين، أولهما أن النهضة المصرية فى بدايتها لم تول القاعدة الشعبية ما تستحقه من الرعاية تشمل حقوقها المادية والروحية بحيث تجعل منها قاعدة صلبة ملتزمة متضامنة دائما بالصمود والعطاء والاستجابة المستنيرة لأى نداء قومى أو إنسانى وثانيهما أن موقعنا الجغرافى بين القارات الثلاث تجعلنا هدفا للقوى الطامحة للسيطرة على العالم».
وعن رأيه فى النهضة يقول محفوظ انه لا نهضة بلا علم ولا نهضة بلا خبراء وكوادر، ولكن ذلك كله قد يهدر أثره بلا عزيمة العمل المستوحاة من الأخوة الشرعية بين الشعب والحكومة وفى حقيقة الأمر أن النهضة لن تحقق إلا بمشروع قومى والمشروع القومى هو الشعب، وأنه لا تخلو حياة أمه من مشروع قومى إلا إذا بلغت الكمال فى كل شىء أو فقدت الإحساس بكل شىء ومن ثم يجب أن يتوافر لشعبها التجارب الحميمة مع الحكومة فيجب أن يشعر أنها حكومة وأن شعبها تجمعه آمال والآم ويستهدفان غاية واحدة هذا الشعور بالالتحام وهو أساس الشعور بالمسئولية وهو أساس الشعور بالانتماء.
وعندما سؤل نجيب محفوظ عن الإرهاب قال «لقد شغلنا الإرهاب حتى كاد يغطى على جميع مشكلنا فآراؤه غاية فى الغرابة وسلوكة لامثيل له فى الوحشية والخسائر التى أنزلها باقتصادنا ثقيلة فادحة لا تعوض فى الزمن القصير.
وأضاف محفوظ أن ظاهرة الإرهاب تتكرر وتعود مرة أخرى لأنه يوجد فكر إسلامى ذو طبيعة خاصة وأهداف معروفة ولهذا الفكر قاعدة فى الشعب لا يمكن تجاهلها وله ممثلوه ولكنهم لا ينالون حقهم من الاعتراف سواء كهيئة أو كحزب لذلك فهم محرومون من الممارسة المشروعة وينعكس ذلك وما يتبعه من ظروف اجتماعية وسياسية واقتصادية فى صورة آراء متطرفة عند بعض شبابه وسرعان ما يندفعون نحو العنف من جديد وتعود إلى التعامل بالعنف بما يستحقه متناسين ملابساته كلها وتعتبر مشكلة مفتعلة أو مستوردة وتحمل عليها بكل قوة حتى تسكت صوتها ومفعولها ولكن إلى حين ولا حل لتلك العقد الا بالديمقراطية فيتمتع كل تيار بحقوقه المشروعة.
ورحب نجيب محفوظ بعرض أعماله المسرحية على المسارح الإسرائيلية كما رحب بعرض اعمال الكتاب الإسرائيليين وأبدى موافقة على التطبيع الثقافى والفنى على اعتبار أن الفكر والفن لايخضعان لأى قيود فالمصرى يجب أن يكون على علم وبصيرة بما يدور فى إسرائيل من أفكار وأنشطة فنية.
كما قال محفوظ عن أسباب التدهور الثقافى إن السبب لم يعد لدينا المدرسة اللائقة ولا المدرس اللائق واكتظت الفصول بالتلاميذ واختلفت التربية أو كادت فلا مكتبة ولا مجلة ولا أنشطة لكشف المواهب، ولم تعد تهيىء الجو الصالح لاكتشاف المبدعين من ناحية وتدريب المتلقين من ناحية أخرى فضربنا الإبداع وتهاوت إلى الجفاف.
وفى سؤال عن كيف يكون التعليم وسيلة لتثقيف الفرد، رد الأديب نجيب محفوظ قائلا «أن هناك عيب مشترك بين الماضى والحاضر فى مسألة التعليم وهى أن التعليم قديما وحديثا هو تعليم تلقين وإنما فى الماضى كانت المرحلة الجامعية تربى الفكر وكان من الصعب أن ننتقل من مرحلة الحفظ إلى مرحلة التفكير والبحث وهذا ما يجب أن نحرص عليه وهو يحتاج إلى جهد ووقت، كما نحتاج أن نربى المدرس أولا حتى يستطيع أن يربى التلميذ، فكل ما نحتاجه ما هو إلا ناس متذوقون ولهم قدرة على المناقشة والمشكلة ليست مشكلة تعديل مقررات».
محفوظ بالعبرية: وقد ساهم البعد القومى لدى نجيب محفوظ فى جذب الباحثين اليهود لدراسة أنماط الواقع الاجتماعى المصرى من خلال صدق الصورة القصصية، وقد قام الأستاذ الإسرائيلى بجامعة كمبردج بدراسة قصة نجيب محفوظ رويد العلاء والتى تتبع فيها أعماق الكاتب ومعاجته لصورة من صور الحياة المصرية من زاويته الخاصة ووضعها فى ميزان النقد للوقوف على أصالة الفكر المصرى الذى يعالج قضايا الإنسان أما الجنرال الإسرائيلى ميتا هوبيليد أستاذ الدرسات العربية بالجامعة العبرية بالقدس فقد قام بعمل دراسة وكتابة رسالة علمية حول الرؤية المصرية فى أدب نجيب محفوظ، أما حاييم هيرتزوج والذى عكف على دراسة رواية زقاق المدق للنفاذ إلى أعماق الإنسان المصرى من حيث درجة النقاء الروحى والصفاء النفسى، كما برع فى دراسة مكونات الشخصية وسلوكها ووضعها الاستراتيجى من حيث التأثير والتاثر كما قام الكاتب والمفكر الإسرائيلى سومينج ببحث كامل عن نجيب محفوظ اسماه الإيقاع فى روايات نجيب محفوظ كما قام بمعالجة وعرض رواية ثرثرة فوق النيل والتى عرضت على مسرح حيفا القومى سنة 1982م كما اصدر نفس الكاتب كتابة بعنوان «دنيا نجيب محفوظ» وقام بعمل دراسة قيمة بعنوان «الإيقاع التغيير.. دراسة فى روايات نجيب محفوظ» وبالإضافة إلى الترجمة للعبرية فقد صدرت العديد من الترجمات لجميع روايات نجيب محفوظ للإنجليزية والفرنسية والألمانية.
قالوا قديما عن نجيب محفوظ ؟
ظل نجيب محفوظ وسيظل محط انظار العالم العربى وأنظار العالم اجمع فظهرت مقولات خلدت اسمه وفيما يلى أشهر مقولات المشاهير لمحفوظ.
فالملك الراحل حسين عاهل الأردن عبر عن سعادته لفوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل عام 1988م فقال أن فوز نجيب محفوظ يعبر عن التقدير الكبير لمصر ولأمتنا العربية ولأدبنا العربى المعاصر وللمكانة التى تتمتع بها لغتنا العربية.
وقال الكاتب الراحل أنيس منصور «نجيب محفوظ كاتب عظيم استطاع أن يصف مصر الشعب والطبقة المتوسطة وأنه مضى فى تقدم مستمر نحو هذه الغاية فى كل العصور وأنه كان يقف دائما وراء العدل والحرية وكرامة الإنسان».
وقال الشاعر الراحل صلاح جاهين «إن العظمة والخلود المصرية كلها صفات فيه إلى جانب الهزار الذى كان يقوم به فى قعداته الخاصة مع أصدقائه.
وقال الأديب الكبير توفيق الحكيم أنه يجب أن نكرم عملاق الرواية المصرية الحبيب إلى قلوبنا نجيب محفوظ.
وهنأ الكاتب الكبير مصطفى أمين نجيب محفوظ قائلًا أنه عملاق القصة فى مصر وفى البلاد العربية بل اعتقد أنه قصاص عالمى.
وقال د.رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب فى ذلك الوقت لقد صادقت هذه الجائزة اهلها وتوجت اعمال كاتبنا الكبير وإنجازاته التى شدت الانتباه العالمى للأدب العربى.
وقال الكاتب والأديب الراحل يحيى حقى لقد تحقق الأمل للأدب المصرى الحديث على يد نجيب محفوظ فهنيئا لمصر وهنيئا لنا بهذه المفخرة العظيمة.
وقال الفنان العالمى الراحل عمر الشريف لو حد ضمن لى أن اشتغل بس قصص من تأليف نجيب محفوظ أنا مستعد أقعد ولا أمشى أبدا.
وقالت الجارديان فى عددها الصادر فى أكتوبر 1988م إن روايات نجيب محفوظ تعتبر علامة دالة على تحول المجتمع المصرى من الأصالة إلى المعاصرة وقد عكست رواياته التضادات الموروثة فى هذا التحول مثل العلاقة بين الرجل والمرأة وبين الدين والدنيا وبين الأغنياء والفقراء.
وقالت مجلة لوموند الفرنسية فى أكتوبر 1988م إن نجيب محفوظ متواضع إلى حد مذهل مما يجعلك تشعر أن هذا الأديب الكبير شاب فى السابعة والسبعين حيث استقبل فى دهشة بالغة إعلان فوزه بجائزة نوبل.
أما جريدة نيوزويك الأمريكية فقالت عن روايات محفوظ إن أهمية روايات محفوظ تجىء من خلال رصدها لتسجيلها وتعبيرها عن واقع الحياة فى مصر إذ توغل وسط المجازات والمعانى السياسية والميتافيزيقا للفكر المصرى.
وقال المستشرق السوفيتى فاليراكير ستشانكو ان نجيب محفوظ فنان ذو عقلية فنية روائية أصلية كما أنه متميز عن المشاهير فى هذا المجال الروائى حيث يجمع بين شمولية الرؤية ورهافة الحس.
وتقول المستشرقة اليوغسلافية مبرة آجدورفيتش لو كان نجيب محفوظ عندنا لانفقنا عليه ملايين الجنيهات ليكون ثانى يوغسلافى يحصل على جائزة نوبل إنه أفضل عشرات المرات من كتابنا.
وتقول الأديبة الإسرائيلية شولابت هادأبين ان محفوظ فاز بالجائزة لأنه اديب غير عادى ولا لشىء آخر وانه حالة من الحالات النادرة فى الآونة الأخيرة التى يفوز فيها أديب بجائزة فقط لإبداعاته قولا وفعلا.
وقال الأديب يتسحاق رموشيه إن الروائى نجيب محفوظ وصل مثل متسلقى جبال الهيمالايا إلى قمة لم يصلها أحد قبله فى الأدب العربى وذلك عقب نشر الثلاثية وقال إن نجيب محفوظ ينتقل من قمة إلى أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.