ضبط 45 طن دواجن ولحوم فاسدة ومذبوحة خارج المجازر بالجيزة    إحياء لأسطورة "علبة الزيت" المزعومة، المستوطنون يستعدون لاقتحام الأقصى لمدة 8 أيام    نائب وزير الدفاع البريطاني: الحرب تطرق مجددا أبواب أوروبا    تحذير من تسونامي في شمال وشمال شرقي اليابان بعد زلزال بقوة 6.7 درجات    مدرب برايتون: أتمنى مشاركة محمد صلاح غداً.. وأزمته مع ليفربول لا تهمنا    يورتشيتش: لاعبو بيراميدز قادرون على تخطي فلامنجو.. وهذه رسالتي للجالية المصرية    محمد صلاح يحصد جائزة لاعب شهر نوفمبر بالدوري الإنجليزي من "EA SPORTS"    الداخلية تضبط 11 متهما باستغلال الأطفال الأحداث في أعمال التسول بالجيزة    صور.. عمرو دياب يتألق في أحدث حفلاته بموسم الكويت    هيئة الرعاية الصحية تكشف حصاد 6 سنوات من التغطية الصحية الشاملة: 105 ملايين خدمة و6 ملايين منتفع حتى 2025    بريطانيا تفرض عقوبات على 4 من قادة الدعم السريع بسبب انتهاكات الفاشر    رابط التقديم والشروط.. خطوات دخول أمريكا ب«بطاقة ترامب الذهبية»    رئيس شعبة الكيماويات: صناعة البلاستيك تواجه تحديات عالمية    حملات ميدانية فى قطاعات الصحة والتعليم والنظافة ببنى سويف.. اعرف التفاصيل    كأس إنتركونتيننتال.. يورتشيتش يعاين ملعب "أحمد بن علي المونديالي" قبل مواجهة فلامنجو    مدرب برايتون عن إمكانية مشاركة صلاح: ليس لدي فكرة.. والأمر يتعلق بنا    مصر تعزز التحول الأخضر بإطلاق الاستراتيجية الوطنية للعمران والبناء المستدام    ضبط طرفي مشاجرة بالإسكندرية بسبب خلاف مالي    مصرع شخص صدمته سيارة أثناء عبور الطريق الصحراوي بالنوبارية    تعرف على خطوات دخول أمريكا ب«بطاقة ترامب الذهبية»    نجوم العالم في ختام مهرجان البحر الأحمر السينمائي 2025    الغارات الإسرائيلية على لبنان لم تُسجل خسائر بشرية    الصحة تعلن تقديم 7.8 مليون خدمة طبية بالقليوبية خلال 11 شهرًا ضمن خطط تطوير القطاع الطبي    «جينا الفقي»: معرض مخرجات البحوث منصة حيوية لربط العلم بالصناعة    بحضور نائب المحافظ.. افتتاح مسجد "السلام" بمدينة سوهاج الجديدة    عزاء الناشر محمد هاشم فى مسجد عمر مكرم بالتحرير.. الإثنين    ياسمين عبد العزيز عن فترة مرضها: شوفت الموت ورجعت    فصل سورة الكهف....لا تتركها يوم الجمعه وستنعم ب 3بركات    ضبط أكثر من 900 كيلو جرام مخدرات وتنفيذ 82 ألف حكم قضائي بحملة أمنية واسعة    لأسباب صحية.. الخطيب يعتذر عن المشاركة في المؤتمر العربي لجامعة هارفارد الأمريكية    «الرقابة الصحية» تعلن حصول دليل معايير مراكز العلاج الطبيعي على الاعتماد الدولي بنسبة 99.2%    تقارير إعلامية: 3 أندية أوروبية تهدد حلم برشلونة فى ضم جوهرة الأهلي    بالصور.. أحدث ظهور للفنان تامر حسني بعد وعكته الصحية الأخيرة    وزير المالية: مهتمون بتنمية الصناعة وفتح أسواق تصديرية للمنتجات المصرية    أحمد كريمة: «اللي عنده برد يصلي الجمعة في البيت»    خبير ضخ الفيدرالي الأميركي 40 مليار دولار شهريًا خطوة استباقية لضمان السيولة وتجنب اضطرابات السوق    مصر وقبرص تمضيان قدمًا في تعزيز التعاون الإستراتيجي بين البلدين في قطاع الطاقة    "قصة حقيقية عشتها بالكامل".. رامي عياش يكشف كواليس أغنية "وبترحل"    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : أنت صوفى ?!    وزارة التضامن تشارك بورشة عمل حول تعزيز إدماج ذوي الإعاقة في مصر    الحصر العددي لأصوات الناخبين في دائرة المنتزه بالإسكندرية    وزير الثقافة يعلن موعد انطلاق فعاليات المؤتمر العام لأدباء مصر ال37 بالعريش    «الصحة»: H1N1 وRhinovirus أكثر الفيروسات التنفسية إصابة للمصريين    وزيرة التنمية المحلية تناقش مع محافظ القاهرة مقترح تطوير المرحلة الثانية من سوق العتبة    رئيس جامعة العاصمة: تغيير الاسم لا يمس الهوية و«حلوان» تاريخ باق    انطلاق القافلة الدعوية بين الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء إلى مساجد شمال سيناء    منتدى الجامعات الروسية العربية شراكة في علوم الطيران والذكاء الاصطناعي    كأس العرب| الإمارات تصطدم بالجزائر في ربع النهائي    طريقة عمل الأرز بالخلطة والكبد والقوانص، يُقدم في العزومات    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 12 ديسمبر 2025 والقنوات الناقلة    كيف أصلي الجمعة إذا فاتتني الجماعة؟.. دار الإفتاء تجيب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 12-12-2025 في محافظة قنا    مصرع تاجر ماشية وإصابة نجله على أيدى 4 أشخاص بسبب خلافات في البحيرة    فيديو.. لحظة إعلان اللجنة العامة المشرفة على الانتخابات البرلمانية الجيزة    أعرف حالة الطقس اليوم الجمعة 12-12-2025 في بني سويف    رد مفاجئ من منى زكي على انتقادات دورها في فيلم الست    الحصري العددي لانتخابات مجلس النواب، منافسة محتدمة بين 4 مرشحين في دائرة الهرم    رئيس الطائفة الإنجيلية: التحول الرقمي فرصة لتجديد رسالة النشر المسيحي وتعزيز تأثيره في وعي الإنسان المعاصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نجيب محفوظ?.. موهبة أدبية ومنارة ثقافية لن تتكرر
نشر في أكتوبر يوم 20 - 12 - 2015

سيظل نجيب محفوظ عملاق الرواية العربية منارة مضيئة من منارات الثقافة الأدبية العربية فهو أحد أفذاذ كتاب هذه الأمة وقد تميز إنتاجه الفنى بالثراء والتنوع الواسع والألوان والواقعية ذات الرواية المباشرة فخاطبت أعمالة البشرية جمعاء كالثلاثية وغيرها مما أعطى دفعة كبيرة للرواية وللأدب العربى فساعد على تطوير لغة الأدب وكذلك الأدب الروائى الناطق بالعربية، وسيوافق هذا الشهر ذكرى مولد الأديب العالمى نجيب محفوظ والحاصل على نوبل فى الآداب عام 1988م والتى وصلت إلى 104 أعوام ومن منطلق الاحتفال بذكرى هذا الأديب الفذ القت أكتوبر الضوء على عدة جوانب بدءا بأسرته منذ الطفولة وانتهاء بالأقوال التى امتدحت أدبه مرورا بآرائه فى عدة مجالات».لم يتحدث نجيب محفوظ عن والدة كثيرا إلا أن والد نجيب محفوظ كان متشددا فى بيته وهو ما جعل أحد أصدقاء عمرى يقول: لم ندخل بيت نجيب فى طفولته ولا فى شبابه وقد مات الأب ومحفوظ فى سن الخامسة والعشرين وكانت تجربة أليمة للغاية فى حياة نجيب محفوظ وصدمة قوية لا تنسى، أما الأم فقد كانت سيدة معمرة لم ترحل عن العالم إلا عندما تجاوز عمر محفوظ سن الخمسين وكانت سيدة أمية لا تقرأ ولا تكتب ولكنها لم تكن أبدا مثل أمينة فى الثلاثية فكانت تصطحبه معها فى زيارة الآثار المصرية وعرف من خلالها أبو الهول والهرم والانتكخانة وكنيسة مارجرجس. وعندما اندلعت ثورة 1919م شاهد محفوظ من المشربية منظر المتظاهرين يحاولون اقتحام قسم البوليس الذى يقع أمام منزله ولكن بقوة السلاح يتغلب البوليس الإنجليزى على المتظاهرين.
وفى حى الجمالية شاهد محفوظ اشتباكا آخر بين الأزهريين والإيجليز حيث كان الأزهريون يقذفون الجنود الإنجليز بالطوب فيردون عليهم بالرصاص ومع الثورة ملأت شخصية سعد زغلول كل خيال محفوظ الذى ظل يرى فيه الزعيم العظيم، ومثالًا للوطنيه بل أنه تعلم القراءة بسرعة لمواظبتة على متابعة كلمة سعد زغلول فى البرلمان. وعندما انتقلت الأسرة من الجمالية إلى العباسية لم ينسى محفوظ القاهرة القديمة فكان يعود اليها دائما بصحبة شلة العباسية.
وفى بداية مرحلة الدراسة افتتن بالسينما والقصص البوليسية وبقصص الأنبياء وفى سن السابعة عشرة عاش محفوظ أزمة فكرية عاطفية بسبب حب فاشل لفتاة كان يلقاها فى حدائق العباسية.
بعد تخرجه سنة 1934م عاش محفوظ عامين كاملين فى حيرة بسبب اطلاعه على نماذج رائعة للأدب المصرى الحديث فكيف السبيل للتوفيق بين حبة للأدب وعشقه للفلسفة وأثناء اعداده للماجستير عن مفهوم الجمال توقف كل شىء فجأة فقد حسم محفوظ القضية واختار أن يكون أديبا. ولم تكن مصادفة أن يبدأ مسيرته الطويلة ذات الأبعاد المتناهية فى أرض الرواية بروايته عبث الاقدار ورادوبيس وكفاح طيبة أنها اذن بداية واعية لفنان يغوص فى أغوار مصر قبل أن يبدأ غوصة فى مكونات واقعها، ولم تكن قفزة عشوائية أن يقدم لنا القاهرة الجديدة ليبدأ رحلته داخل مصر، وليواجه الواقع الفاسد المتردى استشرافا لما سيكون بعد ذلك أو بعد سنوات عندما تنطلق العاصفة ويتصدى ثوار يوليو للتغيير، ولم يكن محرضا دائما بل كان موحيا بطريقة الفنان لا مقولة الداعية وقد تداعت فى رواياته خان الخليلى وزقاق المدق والسراب وبداية ونهاية.
وقد صمت محفوظ سبع سنوات منذ عام 1949م حتى عام 1956م بعد ما صدرت بداية ونهاية إلى أن جاءت الثلاثية الخالدة بين القصرين وقصر الشوق والسكرية، ثم توالت أعماله اللص والكلاب والسمان والخريف، ثم واجه الانحرافات بثرثرة فوق النيل وميرامار ويحدث الخطر، وتتوالى مجموعاته ورواياته خمارة القط الأسود وتحت المظلة وحكاية بلا بداية ولانهاية وشهر العسل والمرايا والحب تحت المطر والجريمة والكرنك وحكايات حارتنا وقلب الليل وحضرة المحترم.
كذلك لعبت السيدة عطية الله إبراهيم زوجة نجيب محفوظ دورا مهمًا فى حياته إذ تروى أنها تزوجت من محفوظ بعد قصة حب كبيرة وكان أول هداياه لها ساعة ذهب ظلت ترتديها حتى اعطتها لابنتيها أم كلثوم وهدى، وأضافت فى أحد لقاءاتها أنها لم تفاجأ بفوزه بجائزة نوبل فقد كانت واثقة من قيمة إنتاجه وأجمل رواياته إلى قلبها الثلاثية.
ويقول عبد المنعم الشويحى صديق الطفولة للأديب نجيب محفوظ، أنه تعرف عليه فى المرحلة الابتدائية وبالتحديد فى الصف الثانى بمدرسة الجمالية الابتدائية، فكان قادما من مدرسة الحسينية الابتدائية بالعباسية، ثم رسبت فى الصف الثالث ونجح هو لأنه كان متفوقا لكن استمرت العلاقة بيننا، والشىء الذى كان يتميز به أنه كان لاعب كرة قدم متميزا ومتفوقا على الجميع لكنه ابتعد عن لعب الكرة وهو فى «عزه» واتجه للأدب، ولكنه لم يعتزل اللعب نهائيا، وكان يمارسها معنا كل جمعة.
وكنا نجتمع فى مقهى عرابى بشارع «فاروق» - شارع الجيش الآن، وأذكر أنه كان من بين أعضاء «الشلة» مصطفى كاظم، الذى تربطه صلة نسب ب «جمال عبد الناصر» وفى إحدى المرات حضر
عبد الناصر إلى المقهى فوجد نجيب فقال له: «ماتحرمناش من كتاباتك يانجيب».
ويستمر عبد المنعم الشويخى فى الحديث قائلا: كان محفوظ كان يحب الضحك ويحب أم كلثوم ويحضر حفلاتها باستمرار، كان يهلل لها حتى نشأت علاقة قوية بينهما وكان نجيب تلميذًا فى كلية الأداب للإمام الشيخ مصطفى عبد الرازق أستاذ الفلسفة الإسلامية وشيخ الجامع الأزهر، ومن هنا اهتم نجيب بالدراسات الفلسفية الإسلامية وأصبح نجيب السكرتير البرلمانى للشيخ مصطفى.
كما يعد نجيب محفوظ كاتب غير عادى لسيناريوهات الأفلام المصرية فى عصرها الذهبى ففى البداية اكتشفه المخرج صلاح أبوسيف نبوغه فى هذا المجال، فأخرج أفلام ريا وسكينة والوحش ولك يوم يا ظالم والفتوة وبين السما والأرض.
وقد شارك محفوظ فى كتابة سيناريوهاتها جميعا وشخصيات نجيب محفوظ تبحث عن مؤلف يبرزها إلى الوجود، ولكن المؤلف هو الذى يبحث عنها بين أصدقاء المقهى وزملاء العمل وحوادث الجورنال وكان يلتقطها من قارعة الطريق ويصنع منها نماذج أدبية، ففى حواراته الطويلة مع رجاء النقاش وجمال الغيطانى وأفصح محفوظ بشكل صريح أحيانا وبالتلميح أحيانا أخرى عن أسماء بعينها مشهورين ومغمورين استلهمها أبطال وشخصيات لقصصه ورواياته، ففى الكرنك استلهم شيئا من سيرة صلاح نصر واللص والكلاب استلهم حكاية محمود أمين سليمان السفاح الذى شغلت أخبار حوادثة الناس لمدة من الزمن وفى رواية صباح الورد كتب عن ذكريات الصبا حيث جاور فى السكن ليلى مراد وأسرتها، وفى المرايا استلهم أحد أبطاله من صحفيين مشهورين فى زمنهما هما سلامة موسى ومحمود عزمى، وفى قشتمر كتب عن صديقة صلاح جاهين وفى إحدى قصصه عن الحرافيش استلهم الصراع بين روسيا وأمريكا وحوله إلى صراع بين اثنين من الفتوات، هذا بالإضافة إلى كتاباته عن الزعماء والسياسيين وأبرزهم سعد زغلول والنحاس وعبدالناصر والسادات والذى كان بذكاء يعكس على لسان شخصياته سلبيات وإيجابيات هؤلاء الحكام.
وترجع أهمية شخصيات محفوظ إلى انها جاءت من صميم الأزقة والأحياء الفقيرة وهو يعكس بعض المفاهيم والمبادئ التى تتضمنها الكتب السماوية وفى مقدمتها القرآن الكريم وبعضها يسير إلى أفكار ورد ذكرها فى الإنجيل وهى تعكس مشاعر رجال الدين وقد بلغت دقة نجيب محفوظ فى رسم الشخصيات وتجسيدها أنك تكاد تشعر بها تخرج من الصفحات وتجلس معك وكذلك دقتة فى تصوير جو الرواية والأماكن والعصر الذى حدثت فيه.
وقد عبر محفوظ عن عدد من آرائة فى جميع المجالات فيرى محفوظ «أن تأخر العرب عن التقدم يرجع إلى سببين، أولهما أن النهضة المصرية فى بدايتها لم تول القاعدة الشعبية ما تستحقه من الرعاية تشمل حقوقها المادية والروحية بحيث تجعل منها قاعدة صلبة ملتزمة متضامنة دائما بالصمود والعطاء والاستجابة المستنيرة لأى نداء قومى أو إنسانى وثانيهما أن موقعنا الجغرافى بين القارات الثلاث تجعلنا هدفا للقوى الطامحة للسيطرة على العالم».
وعن رأيه فى النهضة يقول محفوظ انه لا نهضة بلا علم ولا نهضة بلا خبراء وكوادر، ولكن ذلك كله قد يهدر أثره بلا عزيمة العمل المستوحاة من الأخوة الشرعية بين الشعب والحكومة وفى حقيقة الأمر أن النهضة لن تحقق إلا بمشروع قومى والمشروع القومى هو الشعب، وأنه لا تخلو حياة أمه من مشروع قومى إلا إذا بلغت الكمال فى كل شىء أو فقدت الإحساس بكل شىء ومن ثم يجب أن يتوافر لشعبها التجارب الحميمة مع الحكومة فيجب أن يشعر أنها حكومة وأن شعبها تجمعه آمال والآم ويستهدفان غاية واحدة هذا الشعور بالالتحام وهو أساس الشعور بالمسئولية وهو أساس الشعور بالانتماء.
وعندما سؤل نجيب محفوظ عن الإرهاب قال «لقد شغلنا الإرهاب حتى كاد يغطى على جميع مشكلنا فآراؤه غاية فى الغرابة وسلوكة لامثيل له فى الوحشية والخسائر التى أنزلها باقتصادنا ثقيلة فادحة لا تعوض فى الزمن القصير.
وأضاف محفوظ أن ظاهرة الإرهاب تتكرر وتعود مرة أخرى لأنه يوجد فكر إسلامى ذو طبيعة خاصة وأهداف معروفة ولهذا الفكر قاعدة فى الشعب لا يمكن تجاهلها وله ممثلوه ولكنهم لا ينالون حقهم من الاعتراف سواء كهيئة أو كحزب لذلك فهم محرومون من الممارسة المشروعة وينعكس ذلك وما يتبعه من ظروف اجتماعية وسياسية واقتصادية فى صورة آراء متطرفة عند بعض شبابه وسرعان ما يندفعون نحو العنف من جديد وتعود إلى التعامل بالعنف بما يستحقه متناسين ملابساته كلها وتعتبر مشكلة مفتعلة أو مستوردة وتحمل عليها بكل قوة حتى تسكت صوتها ومفعولها ولكن إلى حين ولا حل لتلك العقد الا بالديمقراطية فيتمتع كل تيار بحقوقه المشروعة.
ورحب نجيب محفوظ بعرض أعماله المسرحية على المسارح الإسرائيلية كما رحب بعرض اعمال الكتاب الإسرائيليين وأبدى موافقة على التطبيع الثقافى والفنى على اعتبار أن الفكر والفن لايخضعان لأى قيود فالمصرى يجب أن يكون على علم وبصيرة بما يدور فى إسرائيل من أفكار وأنشطة فنية.
كما قال محفوظ عن أسباب التدهور الثقافى إن السبب لم يعد لدينا المدرسة اللائقة ولا المدرس اللائق واكتظت الفصول بالتلاميذ واختلفت التربية أو كادت فلا مكتبة ولا مجلة ولا أنشطة لكشف المواهب، ولم تعد تهيىء الجو الصالح لاكتشاف المبدعين من ناحية وتدريب المتلقين من ناحية أخرى فضربنا الإبداع وتهاوت إلى الجفاف.
وفى سؤال عن كيف يكون التعليم وسيلة لتثقيف الفرد، رد الأديب نجيب محفوظ قائلا «أن هناك عيب مشترك بين الماضى والحاضر فى مسألة التعليم وهى أن التعليم قديما وحديثا هو تعليم تلقين وإنما فى الماضى كانت المرحلة الجامعية تربى الفكر وكان من الصعب أن ننتقل من مرحلة الحفظ إلى مرحلة التفكير والبحث وهذا ما يجب أن نحرص عليه وهو يحتاج إلى جهد ووقت، كما نحتاج أن نربى المدرس أولا حتى يستطيع أن يربى التلميذ، فكل ما نحتاجه ما هو إلا ناس متذوقون ولهم قدرة على المناقشة والمشكلة ليست مشكلة تعديل مقررات».
محفوظ بالعبرية: وقد ساهم البعد القومى لدى نجيب محفوظ فى جذب الباحثين اليهود لدراسة أنماط الواقع الاجتماعى المصرى من خلال صدق الصورة القصصية، وقد قام الأستاذ الإسرائيلى بجامعة كمبردج بدراسة قصة نجيب محفوظ رويد العلاء والتى تتبع فيها أعماق الكاتب ومعاجته لصورة من صور الحياة المصرية من زاويته الخاصة ووضعها فى ميزان النقد للوقوف على أصالة الفكر المصرى الذى يعالج قضايا الإنسان أما الجنرال الإسرائيلى ميتا هوبيليد أستاذ الدرسات العربية بالجامعة العبرية بالقدس فقد قام بعمل دراسة وكتابة رسالة علمية حول الرؤية المصرية فى أدب نجيب محفوظ، أما حاييم هيرتزوج والذى عكف على دراسة رواية زقاق المدق للنفاذ إلى أعماق الإنسان المصرى من حيث درجة النقاء الروحى والصفاء النفسى، كما برع فى دراسة مكونات الشخصية وسلوكها ووضعها الاستراتيجى من حيث التأثير والتاثر كما قام الكاتب والمفكر الإسرائيلى سومينج ببحث كامل عن نجيب محفوظ اسماه الإيقاع فى روايات نجيب محفوظ كما قام بمعالجة وعرض رواية ثرثرة فوق النيل والتى عرضت على مسرح حيفا القومى سنة 1982م كما اصدر نفس الكاتب كتابة بعنوان «دنيا نجيب محفوظ» وقام بعمل دراسة قيمة بعنوان «الإيقاع التغيير.. دراسة فى روايات نجيب محفوظ» وبالإضافة إلى الترجمة للعبرية فقد صدرت العديد من الترجمات لجميع روايات نجيب محفوظ للإنجليزية والفرنسية والألمانية.
قالوا قديما عن نجيب محفوظ ؟
ظل نجيب محفوظ وسيظل محط انظار العالم العربى وأنظار العالم اجمع فظهرت مقولات خلدت اسمه وفيما يلى أشهر مقولات المشاهير لمحفوظ.
فالملك الراحل حسين عاهل الأردن عبر عن سعادته لفوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل عام 1988م فقال أن فوز نجيب محفوظ يعبر عن التقدير الكبير لمصر ولأمتنا العربية ولأدبنا العربى المعاصر وللمكانة التى تتمتع بها لغتنا العربية.
وقال الكاتب الراحل أنيس منصور «نجيب محفوظ كاتب عظيم استطاع أن يصف مصر الشعب والطبقة المتوسطة وأنه مضى فى تقدم مستمر نحو هذه الغاية فى كل العصور وأنه كان يقف دائما وراء العدل والحرية وكرامة الإنسان».
وقال الشاعر الراحل صلاح جاهين «إن العظمة والخلود المصرية كلها صفات فيه إلى جانب الهزار الذى كان يقوم به فى قعداته الخاصة مع أصدقائه.
وقال الأديب الكبير توفيق الحكيم أنه يجب أن نكرم عملاق الرواية المصرية الحبيب إلى قلوبنا نجيب محفوظ.
وهنأ الكاتب الكبير مصطفى أمين نجيب محفوظ قائلًا أنه عملاق القصة فى مصر وفى البلاد العربية بل اعتقد أنه قصاص عالمى.
وقال د.رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب فى ذلك الوقت لقد صادقت هذه الجائزة اهلها وتوجت اعمال كاتبنا الكبير وإنجازاته التى شدت الانتباه العالمى للأدب العربى.
وقال الكاتب والأديب الراحل يحيى حقى لقد تحقق الأمل للأدب المصرى الحديث على يد نجيب محفوظ فهنيئا لمصر وهنيئا لنا بهذه المفخرة العظيمة.
وقال الفنان العالمى الراحل عمر الشريف لو حد ضمن لى أن اشتغل بس قصص من تأليف نجيب محفوظ أنا مستعد أقعد ولا أمشى أبدا.
وقالت الجارديان فى عددها الصادر فى أكتوبر 1988م إن روايات نجيب محفوظ تعتبر علامة دالة على تحول المجتمع المصرى من الأصالة إلى المعاصرة وقد عكست رواياته التضادات الموروثة فى هذا التحول مثل العلاقة بين الرجل والمرأة وبين الدين والدنيا وبين الأغنياء والفقراء.
وقالت مجلة لوموند الفرنسية فى أكتوبر 1988م إن نجيب محفوظ متواضع إلى حد مذهل مما يجعلك تشعر أن هذا الأديب الكبير شاب فى السابعة والسبعين حيث استقبل فى دهشة بالغة إعلان فوزه بجائزة نوبل.
أما جريدة نيوزويك الأمريكية فقالت عن روايات محفوظ إن أهمية روايات محفوظ تجىء من خلال رصدها لتسجيلها وتعبيرها عن واقع الحياة فى مصر إذ توغل وسط المجازات والمعانى السياسية والميتافيزيقا للفكر المصرى.
وقال المستشرق السوفيتى فاليراكير ستشانكو ان نجيب محفوظ فنان ذو عقلية فنية روائية أصلية كما أنه متميز عن المشاهير فى هذا المجال الروائى حيث يجمع بين شمولية الرؤية ورهافة الحس.
وتقول المستشرقة اليوغسلافية مبرة آجدورفيتش لو كان نجيب محفوظ عندنا لانفقنا عليه ملايين الجنيهات ليكون ثانى يوغسلافى يحصل على جائزة نوبل إنه أفضل عشرات المرات من كتابنا.
وتقول الأديبة الإسرائيلية شولابت هادأبين ان محفوظ فاز بالجائزة لأنه اديب غير عادى ولا لشىء آخر وانه حالة من الحالات النادرة فى الآونة الأخيرة التى يفوز فيها أديب بجائزة فقط لإبداعاته قولا وفعلا.
وقال الأديب يتسحاق رموشيه إن الروائى نجيب محفوظ وصل مثل متسلقى جبال الهيمالايا إلى قمة لم يصلها أحد قبله فى الأدب العربى وذلك عقب نشر الثلاثية وقال إن نجيب محفوظ ينتقل من قمة إلى أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.