منذ أفلام المخرج والسيناريست العظيم الفريد هيتشكوك لم أشاهد أو أقرأ عملا يخلط الرعب بالتشويق السينمائى، مثلما قرأت رواية «كا» للكاتب والسيناريست عبد الفتاح البلتاجى..والرواية كانت فى الأساس سيناريو كتبه البلتاجى للسينما، ثم قام بتحويله إلى رواية بديعة لكى يصدره فى كتاب، ولذلك يظهر واضحا اهتمامه بالصورة والحركة والحوار السريع واللقطات اللاهثة التى يجمع فيها بين مواهبه المختلفة فى الكتابة. فالبلتاجى مؤلف مسرحى من الطراز الرفيع، صدرت له العام الماضى مسرحيتا «جزيرة القرع» و«مجنون واحد مش كفاية» فى كتاب حقق رواجًا كبيرًا، خاصة أن «جزيرة القرع» تم تقديمها على خشبة المسرح، أكثر من مرة، أهمها العرض الذى أخرجه رامى عادل إمام وحصد العديد من الجوائز. كما أن صاحب «كا» واحد من كتاب السينما القليلين الذين يقدمون كوميديا المواقف الراقية، وله العديد من الأفلام السينمائية الناجحة مثل «أمير الظلام» لزعيم الكوميديا عادل إمام والفنانة شيرين سيف النصر، وفيلم «جاى فى السريع» للكوميديان الرائع ماجد الكدوانى والنجمة ريهام عبد الغفور والمخضرم حسن حسنى، و«الغواص» آخر ما قدمه المطرب الراحل عامر منيب للسينما، فضلًا عن عشرات الأعمال للتليفزيون والإذاعة. وتدور أحداث رواية «كا» عن جريمة قتل وجثة مقطوعة الرأس والصحفى شريف يحارب الفساد ويكشف قضية يتورط فيها أسماء كبيرة من حيتان الانفتاح، وطبيبة شرعية تعلمت كيف تقرأ أكف الموتى وتتعرف من خلال كف الراقصة القتيلة أشجان على من قتلها وتعيش معنا لحظات الرعب والفزع من الشبح الذى يظهر لها فى غرفة المشرحة ثم يقودها ويقود رجال البحث الجنائى للكشف عن لغز كبير، ونكتشف مع الأحداث أن هذا الشبح هو ال «الكا» أو القرين باللغة الفرعونية الذى يتجسد لبطلة الرواية «هالة» فى صورة حبيبها القديم صاحب ورئيس تحرير جريدة المجنون. والحيرة التى يقع فيها قارئ تلك الرواية لا تنشأ فقط بسبب حالة التشويق والرغبة فى معرفة حقيقة الشبح طوال الأحداث، لكنك تستشعرها أيضا عند محاولتك جمع الخطوط المتشابكة والربط بين الشخصيات التى تبدو وكأنها لا علاقة بينها فى البداية ثم تكتشف فى النهاية أنها أضلاع لمثلث سيقودك فى النهاية للوصول إلى حل اللغز، وهى لذلك من نوعية الأعمال الأدبية والفنية التى تجبر المتلقى على التفاعل والاندماج معها بحيث يصبح هو شخصيًا جزءًا من الأحداث وليس مجرد متلقى سلبى، خاصة وأن أسلوب المشاهد المتتابعة الذى كتب به البلتاجى روايته يجعلك تقرأ وكأنك ترى.