منذ اللحظة الأولى لتكليف المهندس شريف إسماعيل بتشكيل الحكومة الجديدة وهناك حالة من الترصد غير المبرر من بعض وسائل الإعلام محاولة إلصاق اتهامات بالفساد لرئيس الوزراء القادم، بأن هناك صداقة تربط بينه وبين محمد فودة المتهم فى قضية فساد وزارة الزراعة، واتهامات أخرى بتعيينه زوجته وعدد من أقاربه فى شركة إنبى عندما كان وزيرًا للبترول. لست أدرى هل تسابق هذه الوسائل الإعلامية فى الهجوم على رئيس الوزراء القادم تقف خلفه الإثارة الإعلامية فقط، أم هى ممارسة نوع من أنواع الإرهاب والتخويف وكما نقول «دبح القطة» لرئيس الوزراء، أم أنه نوع من تصفية الحسابات لا نعرف الدافع وراءها.. لكن الخلاصة أن فوضى الإعلام مازالت سيدة الموقف، وأن توجيه الاتهامات بلا دليل مازال أحد أسلحة الإعلام غير المسئول. المهندس شريف إسماعيل نفى ارتباطه بأية علاقة شخصية من قريب أو بعيد بمحمد فودة، كما نفى ما أثير عن تعيينه لزوجته وعدد من أقاربه فى شركة إنبى وأنه لا يمت للحقيقة بصلة، حيث إن زوجته تعمل مهندسة فى شركة إنبى منذ عام 1984. تضارب إعلامى كالعادة وخلال مشاورات أى تشكيل وزارى تتضارب وتتعدد الأقاويل حول من سيستمر فى الوزارة ومن سيرحل.. فكل الأخبار فى مرحلة المشاورات غير مؤكدة، وما تقدمه وسائل الإعلام يحتوى على قدر كبير من الاجتهادات والتخمينات المختلفة والمتضاربة حول ما يجرى وما سيتم. وعلى سبيل المثال كان أحد العناوين الرئيسية فى جريدة الأخبار فى عدد الثلاثاء الماضى «بقاء دميان وحنفى وعبد العزيز ومدبولى ومغازى وجمعة وغادة والدماطى»، أما جريدة الأهرام فى نفس اليوم «الشيخ أسامة الأزهرى لحقيبة الأوقاف والمؤشرات تؤكد تغيير وزير الآثار». تضارب واضح بين عناوين الجريدتين شبه الرسميتين الصادرتين فى نفس اليوم، وأعتقد أن التعتيم وغياب المعلومات والأخبار المدققة فتح الباب أمام هذا التناقض والتضارب الإعلامى الذى يدفع ثمنه القارئ والمشاهد، ووسائل الإعلام تدفع الثمن أيضًا خصمًا من مصداقيتها. اعتذارات عن المنصب كثير ممن وقع عليهم الاختيار - 21 مرشحًا - لتولى منصب فى الوزارة القادمة اعتذروا، ولهم فى ذلك أسباب يجب احترامها، ومنها حساسية المرحلة، والهجوم الذى يتعرض له الوزراء من وسائل الإعلام والذى تجاوز الحدود المقبولة، والاتهامات بالفساد التى قد تطول أى وزير، إضافة إلى كَمّ الأزمات والملفات الشائكة فى بعض الوزارات وبخاصة الصحة، التعليم، والزراعة. وأيضًا قصر عمر الوزارة الذى لن يتجاوز الثلاثة أشهر، عقب انتهاء انتخابات مجلس النواب كما نصت عليه مواد الدستور. وقد شهدت المشاورات اعتذار عدد من رؤساء الجامعات عن تولى أية حقائب وزارية، وكان رئيس جامعة بنها قد اعتذر عن تولى منصب وزير التعليم العالى. وهناك شخصيات من الصف الثانى فى بعض الوزارات اعتذرت عن المنصب رغم وجاهته، وذلك خوفًا من المساءلة القانونية والمهام الكبيرة التى سوف يتحملونها وهم يريدون أن يكونوا بعيدين عن الأضواء. «هو الخلل كان فين؟» بعد استقالة وزارة محلب اجتهد الكثير من المحللين والكُتّاب والسياسيين لشرح أسباب الإقالة، وكان منها ضعف أداء بعض الوزراء، وقضية فساد الزراعة، وانسحاب رئيس الوزراء من المؤتمر الصحفى أثناء زيارته لتونس، وتأخر تنفيذ بعض المشروعات القومية، وأن الوزارة تفتقد الرؤية الاقتصادية. رغم كل هذه التفسيرات سواء أصابت أم أخطأت، فإنه من الطبيعى أن تذهب وزارة وتجىء أخرى تكمل المسيرة وتواجه الملفات الصعبة وتكمل تنفيذ المشروعات القومية، وهذا ما ننتظره من الوزارة الجديدة.