جاء إلقاء القبض على وزير الزراعة صلاح هلال عقب إجباره على تقديم استقالته بدقائق بناءً على تعليمات الرئيس عبد الفتاح السيسى ليؤكد أن الدولة المصرية بعد ثورة 30 يونيو وبعد تولى الرئيس السيسى مقاليد الحكم.. لن تتستر على فساد أو فاسدين مهما كانت مواقعهم ومناصبهم.. وأنه لن يفلت فاسد واحد من العقاب. ومن المؤكد أيضا أن الدولة سوف تستمر فى تعقب كل مظاهر وأوجه الفساد فى كافة المواقع والمؤسسات وسوف تقطع بكل حزم وحسم رؤوس الفساد دون هوادة.. وفى الحقيقة.. لن تكون قضية وزير الزراعة هى الأولى بل إن الأجهزة الرقابية وفى مقدمتها هيئة الرقابة الإدارية التى يتولى مسئوليتها رجل من أكفأ من تولوا إدارة الأجهزة الرقابية فى مصر وهو اللواء محمد عرفان، الذى لن يتوانى هو ورجاله فى الكشف عن أية قضايا للفساد داخل الدولة. وسيذكر التاريخ أن الدولة التى كشفت الفساد وحاكمت الفاسدين لا يعنيها منصب ولا جاه وأن القانون فوق الجميع وأن الدولة فى عصر الرئيس عبد الفتاح السيسى دولة قانون لا دولة مناصب وأن ما حدث وسوف يحدث من كشف لقضايا الفساد ما هو إلا تطبيق للقانون من رئيس دولة يعرف ويقدر معنى العدالة.ان إقالة وزير الزراعة والقبض عليه تمهيدًا لمحاكمته على كل ما سوف تسفر عنه التحقيقات من وقائع فساد وإهدار لأموال الشعب المصرى لدليل واضح على قوة الدولة المصرية باعتبار أنها قادرة على تطهير أى موقع من الفساد والفاسدين.. وفى حقيقة الأمر أن ما حدث فى قضية وزير الزراعة باعتباره مسئولا ورمزا من رموز الدولة داخل حكومتها لدليل قاطع - كما أشرت - على دور الأجهزة الرقابية فى مصر.. وعلى رأسها هيئة الرقابة الإدارية وقد أصبح دورها فاعلا وبقوة فى تتبع كل قضايا الفساد والعدوان على المال العام فى مجالات الرشوة واستغلال النفوذ والاستيلاء على المال العام، وهو الأمر الذى أعاد ذاكرتى إلى تصريحات اللواء محمد عرفان عقب توليه مهام منصبه كرئيس لهيئة الرقابة الإدارية فى أبريل الماضى.. إن الهيئة سوف تقوم بدورها المنوط بها فى الحفاظ على المال العام، مؤكدًا أن الهدف الأساسى لهيئة الرقابة الإدارية ورجالها هو الحفاظ على حقوق الدولة وصيانة المال العام ومصالح هذا الوطن بوجه عام.. مؤكدًا أيضا أنه سيتم التنسيق مع جميع الأجهزة الرقابية المختلفة بما يحقق هذه الأهداف. وعلى القدر الذى شعرنا به من مرارة حيال وقائع الفساد التى كشف عنها جهاز الرقابة الإدارية مؤخرًا.. إلا أن ما حدث قد أثار فى نفوس كل المصريين كل السعادة والأمل والتفاؤل بالعهد الجديد الذى نعيشه فى ظل الدولة المصرية الجديدة التى لن تقبل أى خروج عن القانون أو استغلال منصب أو تربح أو استيلاء على أموال الشعب. لا شك أن الدولة المصرية الجديدة التى يقودها رئيس قوى قد أفصحت عن عهد جديد، بكل شفافية من خلال توجه رئيسها وأنه لم ولن يقبل أى وجود لأى فاسد أو فساد داخل مصر.. وأنه مهما كانت المناصب فلا أحد فوق القانون أو المساءلة.. فهو بذلك يحفظ مصر وأموال المصريين من كل من تُسول له نفسه التفكير أو الاقتراب للعبث بقوت الشعب وأموال الدولة.. وفى حقيقة الأمر أيضا إننى أؤكد على أن الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ أن تولى مقاليد الحكم بعد ثورة 30 يونيو وبعد أن زكّاه جموع المصريين رئيسًا لهم وضع نصب عينيه هدفا استراتيجيا للداخل المصرى.. فكان ينظر بعين ثاقبة إلى حجم الإرث الذى حمله من تأصيل لجذور الفساد فى الدولة وتركة فاحت رائحتها العفنة وتلوثت بالكثير من أشكال الفساد ولم يكن أمام الرئيس السيسى وقت للانتظار، فقضايا الفساد الشائكة داخل الدولة لا تحتمل التأجيل ولا التأخير، فالرجل يتجه بمصر الحديثة نحو مرحلة اقتصادية جديدة تتحقق خلالها فرص الاستثمار والتنمية ودفع عجلة الاقتصاد نحو مستقبل أفضل لمصر من خلال مشاريع التنمية التى تتشكل حاليا حول قناة السويس الجديدة وغيرها من المناطق وكمّ الاتفاقيات التى تحققت وآخرها خلال زيارته التى حققت نجاحا غير مسبوق لموسكو والصين وسنغافورة وإندونيسيا، وكم الاستثمارات التى تم التعاقد عليها والتى سوف تنقل مصر لمرحلة اقتصادية غير مسبوقة أيضا. إن معركة الدولة مع الفساد هى معركة أمن قومى للدولة المصرية داخليا، وستكون معركة كبرى لن ينجو من أسلحتها الفتاكة أحد مهما كان قدره أو منصبه. فالرئيس السيسى قد أعطى الضوء الأخضر من فترة طويلة لكل الأجهزة الرقابية وفى مقدمتها هيئة الرقابة الإدارية لإجراء البحث والتحرى والتتبع الدقيق والمتواصل لكل أشكال وأنواع الفساد فى الدولة. فالرئيس يعرف جيدًا أن الفساد هو أكبر المعوقات التى تواجه المؤسسات الحكومية فى الدولة.. بل تواجه الدولة المصرية عموما وهى من أكبر أمراض ومعوقات التنمية التى تعوق تحقيق ثمار التنمية. واعتقد أن الرئيس السيسى قد رأى على مدار عقود ماضية أنه على الرغم من تعدد الأجهزة الرقابية وكثرتها فى مصر بدءًا من مجلس الشعب والرقابة الإدارية والجهاز المركزى للمحاسبات ومرورًا بمباحث الأموال العامة إلا أن قضايا الفساد تعددت حتى أنها تحولت من مجرد ظاهرة محدودة إلى جزء أصيل من آليات الأداء السياسى والاقتصادى للدولة.. وبعد أن كانت قضايا الرشوة واستغلال النفوذ تقام ضد صغار موظفى الدولة فقد تفاقمت الأمور لتصل إلى كبار موظفى الدولة ورجال السياسة والوزراء ورجال الأعمال، بل إنها طالت رئيس الجمهورية الأسبق حسنى مبارك وعائلته.. وهو الأمر الذى كان لابد أن يواجه من خلال الجهاز الرقابى الأول فى مصر وهو هيئة الرقابة الإدارية، ومن خلال تعليمات صريحة وفاعلة لمواجهة كل ألوان العبث بمقدرات الوطن والشعب. فمصر المستقبل لا يمكنها دفع عجلة التنمية الاقتصادية إلا بعد أن تتطهر من كل أشكال الفساد الإدارى والمالى أيضا داخل مؤسسات الدولة الحكومية، وهذه قضية أخرى تتعلق بالسير المنتظم لمنظومة عمل الجهاز الحكومى داخل قطاعات الدولة المختلفة، فالفساد فى منطوقه ومفهومه لا يعنى بالدرجة الأولى الفساد المالى أو التربح من الوظيفة أيًا كانت وإنما يعنى أيضا أن هناك أنواعًا متعددة من الفساد الإدارى لابد وأن تقع أيضا تحت طائلة القانون الذى لابد وألا يرحم كل أشكال الفساد المتعددة. فقد أصبح الأمر جد خطير ولا يحتمل السكوت.