تقف إسرائيل على أعتاب الهاوية بعد أن اشتعلت شوارع القدس والضفة الغربية فى الآونة الأخيرة بمجزرة قرية الدوما التى أحرق فيها مجموعة من الإرهابيين اليهود بيت أسرة دوابشة الفلسطينية، وراح ضحيتها طفل رضيع ووالده، وعلى الفور اعتقلت الشرطة الإسرائيلية تسعة من المشتبه بهم فى ارتكاب الجريمة «اعتقالا إداريا»، وهو الذى كانت اخترعته إسرائيل فى الأساس لتتمكن من القبض على الفلسطينيين بدون حق عندما لا تتوافر الأسباب القانونية للقبض عليهم. وأثبتت تحقيقات الشاباك الإسرائيلى التى أجريت بشأن الحادث، وجود تنظيم يهودى إرهابى هدفه العنف والتخريب وإثارة الغليان فى إسرائيل عن طريق إلحاق الضرر بالممتلكات الفلسطينية بالضفة الغربيةوالقدس، وإسقاط النظام فى إسرائيل. وفتح حادث الدوما النار على باقى اليهود المتطرفين فى إسرائيل بتهمة القيام بعمليات إرهابية تهدد الأمن الإسرائيلى، وأصدر وزير جيش الاحتلال موشى يعلون أوامر بحبس عدد كبير من الإرهابيين الإسرائيليين المتورطين فى أعمال إجرامية ضد الفلسطينيين، حسبما ذكرت الإذاعة الإسرائيلية. كما أصدر المستشار يهودا فانيشتاين بأمر من جهاز الشاباك الإسرائيلى قرارات باعتقالات إدارية ضد بعض المستوطنين اليهود الحريدييم «المتطرفين دينياً» الذين هددوا بحرق الكنائس والمساجد الفلسطينية بالضفة الغربيةوبالقدس. وذكرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن الإرهابيين اليهود المشتبه بهم قاموا بإحراق عدد كبير من الممتلكات الفلسطينية، كما أنهم متهمون بالضلوع فى إحراق كنائس بالقدس، وبالفعل نفذت أوامر الاعتقال الإدارى ضد ثلاثة منهم بتهمة التخطيط لعمليات العنف ضد الفلسطينيين. وأشارت هآرتس إلى أن أوامر الاعتقال الإدارى ضد الإرهابيين اليهود لاقت غضباً شديداً لدى المنظمات اليمينية المتطرفة وعلى رأسها منظمة حونينو، والتى اعتبرت اعتقالهم جنونا وفقدانا للوعى القضائى، وعلى الرغم من هذا قصدت الشرطة الإسرائيلية الجمهور الإسرائيلى لمساعدتهم فى القبض على باقى مرتكبى جريمة الدوما. وانتقد موقع كيكار هشابت الإسرائيلى اليمينى المتطرف، تحت عنوان «شعبى اختار الإرهاب وفقدان الإنسانية»، تصريحات للرئيس الإسرائيلى رئوبين ريفلين، إلى وسائل إعلام عربية وفلسطينية، حيث وصف ماحدث بالإرهاب والعنف، قائلاً إنه يشعر بالألم والخجل من شعبه زاعماً أن هذه ليست طريقة دولة إسرائيل فى المعاملة مع الشعوب الأخرى أو الديانات الأخرى، وأن حرق الكنائس والمساجد من شأنه أن يهدد الأمن الإسرائيلى ويزعزع النظام القائم بها، داعياً إلى بناء جسور التعايش بين الشعب الإسرائيلى والفلسطينى ليعم السلام بينهما، ومؤكدًا أن هذا سيأتى مع الالتزام بمكافحة العنف والعنصرية. كما هاجم رئيس الشاباك السابق يوفال ديسكين الإرهاب اليهودى قائلاً إن الخطأ يرجع إلى الحكومة الإسرائيلية وسياستها العنصرية التى تركت العنان لليهود المتطرفين لبناء دولة يهودية بحكم الأمر الواقع بجانب دولة إسرائيل وأطلقوا عليها «دولة يهودا»، فهى دولة لها معايير ونظم وقيم مختلفة، أدت إلى تزايد الأيديولوجيات الفوضوية ومناهضة الدولة والاتجاه أكثر إلى العنف والعنصرية، مما سمح بانتشار الحركات اليهودية المتطرفة ضد الفلسطينيين وعلى رأسها طائفة تاج ماحيير المتطرفة التى اعتدت وقتلت ودمرت بيوت الفلسطينيين، بل انتشر العنف بينهم وبين غيرهم من اليهود المعتدلين، واصفاً الإرهاب اليهودى بأنه سرطان على دولة إسرائيل. وتحت عنوان «نحن نكره الجريمة» نشر مقال رأى فى موقع القناة السابعة الإسرائيلى، حاول فيه الكاتب الإسرائيلى المتطرف رون بريمان، إظهار أنه مع النظام الإسرائيلى فى اعتبار جرائم الإرهاب اليهودى ظاهرة مشينة وخطيرة تتطلب حربا شاملة للقضاء عليها تماما سواء كان عن طريق الخطاب الإعلامى أو الدينى. كما شدد المقال على وسيلة الحظر التى يجب أن تتبعها الحكومة الإسرائيلية فى إجراءاتها تجاه الإرهاب اليهودى الفترة القادمة، ليتضمن هذا الحظر، منع اعتداء اليهود على منازل الفلسطينيين ومنع سرقتها من أيديهم، وكذلك حظر بناء منازل فى القدس ويهودا والسامرة، وحظر إطلاق أى تصريحات وألفاظ هجومية عنصرية ضد الفلسطينيين وعرب إسرائيل، ومن ناحية أخرى يجب أن تفكر الحكومه الإسرائيلية فى بناء مدينة جديدة للفلسطينيين للعيش فى سلام، كما يجب أن يقدم للمسلمين والمسيحيين الضمانات الممكنة لحرية العبادة لتوفير سبل العدالة والمساواة بينهم وبين اليهود. الجدير بالذكر أنه بعد وقوع حادث الدوما ومقتل عائلة دوابشة دعا عدد من رؤساء المجالس القرويه فى الضفة والقطاع لإقامة وحدات حراسة على القرى الفلسطينية القريبة من المستوطنات ووفقاً لهذه المبادرة قامت مجموعة من المتطوعين الفلسطينيين بتأمين القرى أربعا وعشرين ساعة يومياً، ومازالت التحقيقات مستمرة حول الحادث.