فى وقت نحارب فيه أصحاب العقول المظلمة.. يتسلل إلى بيوتنا من يحارب عاداتنا وتقاليدنا فى الصميم.. وتجارتهم إشاعة الفواحش ما ظهر منها وما بطن باسم الفن وهو منهم برىء.. وكأننا بذلك بين فكى مؤامرة.. ذراعها الأول من حرموا علينا كل شىء.. وذراعها الآخرى من استحلوا كل المهازل باسم حرية الإبداع.. والحر الحقيقى منهجه لا ضرر ولا ضرار والمبدع الحقيقى لا يحتاج إلى رقيب لأن ضميره يحاسبه قبل رقابة المصنفات مهما كانت المغريات.وفى وقت يتساقط فيه شهداء الوطن.. ويتصدى خيرة شبابنا ورجالنا أبطال الشرطة والجيش لمافيا الظلام وإخوان الشياطين.. وفى وقت تحاول فيه قيادة البلاد إعادة صياغتها اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا.. والارتقاء بها بعد أن كادت أن تنزلق إلى بحر الظلمات مع فترة حكم أبالسة الإخوان. وفى وقت تتصاعد فيه المؤامرة الخارجة من هنا وهناك نجد هذه المؤامرة باسم الفن.. فهذا الحشد الهائل من برامج المقالب والسخافة والضحك على الناس.. والاستخفاف بعقولهم.. ومن مسلسلات لن تجد فى أغلبها سوى القبح والدم والانحلال والبلطجة والانحراف.. وكأننا أمة من المهاويس والملاحيس والدراما أساسها هى الصراع بين الخير والشر.. واللعب على وتر التناقض بين الشخصيات.. وبالتالى فإن التركيز على التوعيات الشيطانية دون غيرها.. هو الإفلاس الفنى والفكرى.. فالقصص فى أغلبها متشابهة.. وكأنها طالعة من دماغ مؤلف واحد رغم أن معظم الأعمال هى تأليف جماعى.. لكن الاستسهال.. والرغبة فى الإثارة للإثارة بصرف النظر عن الموضوع.. حولت معظم الأعمال إلى سباقات للجرى والمطاردة والقتل والخيانة انظر إلى مشاهد التدخين فى كافة المسلسلات بلا مبرر.. مع أن القاعدة الفنية تقول إننا فى الدراما لا نعيد تقديم الواقع كما هو وكما نعيشه.. ولكن نقدمه برؤية فنية.. إن قدمت لنا الشر فهى تجعلنا أكثر تمسكًا بالخير.. وإن كشفت القبح لا تفعل ذلك إلى لأجل أن نعرف قيمة الجمال.. وإن استعرضت الظلم فلا يكون لها من هدف إلا أن ندرك معنى العدل والحق وقد أصبح التدخين عادة فى أغلب المشاهد حتى إن منظمه أو مؤسسة رصدت 4 ساعات ونصف من تدخين المخدرات فى مسلسل واحد عمره 22 ساعة فى 30 حلقة.. وعن المخدرات والخمور ستجد أن أغلب بيوتهم فيها البودرة والبار والإكسسوارات العارية مثل براد الشاى وطبق الفول فى البيوت الأخرى.. أغلب صناع الدراما يعزفون فى دنيا غير دنيانا.. وفى عالم غير عالمنا.. فإذا ما قال قائل بإنها أموال مشبوهة.. يتم ضخها فى سوق الإنتاج الفنى عمومًا.. لإفساد أذواق الناس.. ونشر ثقافة الفظاعة والبلطجة.. والخيانة التى قالوا بأنها أصبحت مشروعة. ويتحجج صناع دراما المخدرات بأنهم يطرحون مشكلة قائمة وموجودة وهى كلام فى ظاهره شبه صحيح لكن تمرد شعبنا الطيب المكافح على لقمة عيشه.. سقط فى هذا المستنقع أو على شفا حفرة منه!. ومنذ سنوات وهم فى هذا المناخ الكباريهاتى. فماذا كانت نتيجة القشاش وعبده موته وإبراهيم الأبيض؟. والباشمهندس بوخارست.. إلى أن ارتفعت وتيرة العنف فى المجتمع.. وأصبحت المخدرات أكثر انتشارًا لأنهم يقدمون للمراهقين والشباب دروسًا مجانية فى التعامل معها.. حتى الصحفى فى أحد المسلسلات رأيناه يتحول إلى جيمس بوند يظهر ويختفى ويجرى ويضرب وينط ويفط.. حتى تاهت القضية التى يدافع عنها تحت سنابل الإثارة وهذه علامة أخرى من علامات الإفلاس الفنى والاستسهال فهم لا يقدمون جديدًا. فإذا رأيت أن الأخ رامز الذى كان فيما مضى هو قرش البحر وقد تحول إلى واكل الجو هذا العام.. بالفبركة والنصب والخداع.. رأيت هانى رمزى يقدم نفس الحدوتة وكأنهم صعدوا إلى الجو فجأة معا.. كما رأيناهم من قبل فى موجات سابقة وقد تسابقوا فى ارتداء ملابس النساء.. ثم فى حكاية التوأم.. وكانت الشطارة من يقدم العدد الأكبر من التوأم.. وهل لاحظت هذا العام التركيز على مسألة خطف الأطفال والمطالبة بفدية أو ابتزاز أهلهم.. فهل يعقل أن نجد نفس الحكاية فى أكثر من عمل.. إذا كان ما جرى فى الواقع فى الفترة الأخيرة.. فهل لم تشهد هذه الفترة من حكايات أبطالنا ورجالنا فى جبهة الحرب فى سيناء أو داخل محافظات مصر.. وكفاح الناس الشرفاء والبسطاء ومساندتهم لجيش بلادهم وشرطتهم.. هل لم يجدوا فى هذه القصص العظيمة الطاهرة ما يلفت الأنظار ألم يجدوا فى شهر الدين والصيام والقيام ما يستحق أن يقدمونه من مسلسل دينى تاريخى.. إلا ما قامت السعودية بإنتاجه وبتمثيل وتأليف وإخراج مصرى وهو المسلسل الوحيد «أوراق التوت». إن إصرار صناع الدراما على تقديم هذا الابتذال والعرى ومشاهد الانحلال فى شهر الله.. ليس له تعريف أو تعليل إلا إنها الحرب على الله فى شهر الرحمة والمغفرة وتحويله إلى شهر تسال للأكل والشرب والمسلسلات الهابطة والبرامج السمجة المستفذة.. إن كل من يشارك فى هدم قيم المجتمع وإفساد شبابه وأهله.. هو مجرم ويستحق المحاكمة.. وعندما وقف رئيس الجمهورية لكى يقول لهم: والله هاتتحاسبوا.. كان يعنى ما يقول فهل يمكن بعد ذلك أن نصدق هؤلاء إذا قالوا إن الفن رسالة وما قدموا لنا إلا «الرذالة». فهل تصدقنى إذا قلت لك بأن الشارع يطالب بمحاكمة كل فنان يشارك فى هذه المهازل الدرامية بتهمة إفساد الذوق العام وتعطيل نهضة البلاد والارتقاء بها خلقًا وعلمًا وعملًا..